Articles Arabic

قـصة حـقـيـقـية ، أعـجـبتـني …..وأكـيـد ستـعـجـبـكم !!!!!!

قال أحـد المعـلمين :

عـند تعـيـيني معـلما في 9 كانـون الثاني 1965 في إحـدى المدارس الإبتدائية ، أُسْـنِـدَ إليّ تـدريس الصف الأول الإبتدائي وكان النظامُ التربوي جادا وصارما فـضلا عـن قـدسية العـلم والمعلم (الذي كاد أن يكـون رسولا) وكـنت كعادتي وإلتـزامي بوقـت الدرس والمنهج والأسلوب التربوي الذي درسته وتعلمته من ذوي الخـبرة قـبلي ، أنْ أهتم بالطالب من جميع النواحي ولكـني بـين آونة وأخـرى أمازح طلبتي لأخـفـف عـنهم أعـباء الدرس فسألتهم يوما عـن رغـبة كل منهم ــ ماذا يتمنى أن يكـون في المستـقـبل ــ ؟

وما أن سألت أول تلميذ ، دخل عـليّ المفـتـش المرحـوم الأستاذ (قاسم خليل الهـيتي ) بعـد أن إستأذن مني بالدخـول بقـرع باب الصف وطلبت من تلاميذي القـيام إحـتراماً للمفـتـش، قال لي تـفـضل إستمر ، فأفصحت له بما أنا عـليه الآن وباشرت بالأسئلة وكان عـددهم ( 25 ) تلميذا كـنت حـفـظت أسماءهم بدقة . وسألت أحـدهم : ماذا تريد أن تكـون بالمستـقـبل ؟ فأجابني بصوتٍ عالٍ أصير ( مطي )!!!! لأول مرة أشاهد المشرف الوقـور يفـصح عن ضحكه ، لا تـزال ترن بمسمعي …. ثم أكـملت بعـضاً من الدرس .

إن هـذا التلميذ أتعـبني كـثيراً في إيصال المعـلومة وكـذلك في مسك الـقـلم أو الطباشير ، وظل فـترة شهر تـقـريبا يناديني ( عـمي ) ولم يعـرف كلمة ( أستاذ ) رغـم أني ركـزتُ إهـتمامي به .

ومرت الأيام …. ودارت الأيام وصادفـته في صيف عام 2008 وسألته : عـن شغـله ، لأن أهله إنـتـقـلـوا منذ عام ١٩٧٠ إلى الـديوانية !!!!

أجابني بزهـوّ وفخـر : أنا يا أستاذي ( عـضو مجلس النواب ) !

فـباركـت ( للمطي ) هذا المنصب المرموق الذي يسن القوانين لمعاقـبة المعـلم ….

فـلم ينـتابني الـدوار حـينها ، بل تـذكـرت قـول الشاعـر :

إذا كان ( الحـمارُ ) دليلَ قـومٍ …………. فـما للساكـنينَ سوى الرحـيلِ
******************
وما أكـثـر الحـمير الـيـوم … وسـبق أن كـتـبتُ مقالاً بهـذا المعـنى ، تـفـضـلـوا إقـرأوه  :

 

الجـحـش وبعـران الـوالي ..

بقـلم : مايكل سـيـﭙـي / سـدني ـ

من تراث جـريـــدة عـمّـا كـلدايا / سـدني ـ 2001

كان لأحـد الولاة بعـران في بادية نائية ، أوكـلَ أمرها إلى راعي ليَهـتم بها ، مرَّ زمان حـتى طالت قامتها وحـسُن مظهـرها …. وحـين تسَطـّحَ قـليلا سنامها من كـثرة سـمنها صار يـبخـل عـليها جَـمالها ، وعـنـدها قـرر أن يـنغّـص عـليها إنـتعاشها ورفاهـيتها ، فأوصى بتسيـيرها مربـوطة في قافـلة تـنـقـل الأمتعة وتـدرّ عـليه ربحا.

ظن الـوالي ــ الغـبي ــ أن البعـران لا تعـرف طرق الـقـوافـل في الصحـراء ، فـبعـث إليها جحشاً ( قـصير الـذيل ، طويل الأذنين ، أنكـرَ الصوتين ) يتـقـدّم القافـلة ، يمشي فـتـتبعه في طريق يعـرفها ، حـيث يعـتاش منها !.

كانت البعـران تـُحَـمَّـل أكـثر من طاقـتها ، تـُساق أياماً وليال لمسافات بعـيدة بلا ماء ولا عـلـف لها ، وهي تطيع دون تـذمّـر منها ، تمشي بصمت والتعـب لا يُـضنيها ، فـذاقـتْ الأمرَّين ثـقـلاً وجـوعاً وعـطشاً ولا تـفـتـح فاها .


ولما قـرب أجَـل ــ الوالي العـزيـز ــ تـذكــّـرَ أعـماله الظالمة وخاف من الآخـرة وعـواقـبها ، تحـرّكـتْ أحاسيس ــ الرحـمة ــ عـنـده فإستغـفـر ربه ، وطلب الغـفـران من أبناء جـلدته عـسى أن يرث ملكـوته ، وأخـيرا دعى بعـرانه التي فـنيتْ عـمرها في خـدمته ، وقال لها :

(( أقـرّ وأعـترف بأنني قـسيتُ عـليكم حملا وحـرمتكم مأكلاّ وإرتـواءاً ، في البارحة إستغـفـرتُ ربي لأني ظـلمتـكم ، واليوم جـئـتُ لأعـتـرف بآثامي أمامكم راجـياً صفحَـكم ، فهلاّ أحـظى بعَـفـوِكم لتمسَح عـني ذنـوبي بغـفـرانكم ، واللـه خـيراً يجازيكم )) ؟

 

سـكـتـتْ الـبعـران الـقـديـرة .. وبعـد بُـرهة قـصيرة إلتـفـتـتْ إليه مرفـوعة الرأس كأولاد الأميرة وقالـتْ :

يا مولانا ! كـنا نـنسى التعـب والإرهاق كـلما طرح الحمل عـن ظهـرنا أرضاً … ويغـيب الجـوع والعـطش عـن بالـنا كـلما شبعـنا شـوكاً وإرتـوَينا ماءاً … فهـذه كـلها معـفـية عـنـك مجاناً

ولكـنـنا لن نغـفـر لك حـيـن بعـثـتَ هـذا ــ الجُـحَـيـش ــ يتـقـدّمنا لـيقـودنا ويحـدو بنا نحـن البعـران.

Follow Us