“وَسَوْفَ أَطْلُبُ مِنَ الآبِ أَنْ يُعْطِيَكُمْ مُعِيناً آخَرَ يَبْقَى مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ” (انجيل يوحنا 14 : 16).
البارقليط الكلمة اساساً ماخوذا ومقتبسة من اللغة اليونانية وتدل على المتهم الذي يدافع عن نفسه، “يَا أَوْلاَدِي الصِّغَارَ أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذِهِ الأُمُورَ لِكَيْ لَا تُخْطِئُوا وَلكِنْ إِنْ أَخْطَأَ أَحَدُكُمْ فَلَنَا عِنْدَ الآبِ شَفِيعٌ هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ” (رسالة يوحنا الاول 2 : 1).
المسيح هو الشفيع الوحيد لنا عند ابيه وهو الذي يكفر عن خطايانا في السماء وهكذا الروح القدس يحقق فعلياً حضور يسوع بين الرسل والتلاميذ والمؤمنين، “وَهُوَ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لَا يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يَتَقَبَّلَهُ لأَنَّهُ لَا يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ فِي وَسَطِكُمْ وَسَيَكُونُ فِي دَاخِلِكُمْ” (أنجيل يوحنا 14 : 17).
الروح القدس لن يتركنا بل يبقى معنا الى الابد ويقودنا الى الحق ولا يقدر العالم أن يقبله لانه لا يراه ولا يعرفه لكن فقط المؤمنين به يحيا فيهم ومعهم في داخلهم ووسطهم ويعلمهم كل شيء ويذكرهم بكل ما قاله يسوع لهم، الروح القدس هو مصدر الحق وروح الحق يعطينا بصيرة الى أحداث المستقبل ويبين مجد يسوع المسيح فينا فبعد يوم الخمسين سكن فينا والى الابد، “وَعِنْدَمَا يَأْتِي الْمُعِينُ الَّذِي سَأُرْسِلُهُ لَكُمْ مِنْ عِنْدِ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي يَنْبَثِقُ مِنَ الآبِ فَهُوَ يَشْهَد لِي وَتَشْهَدون لِي أَنْتُمْ أَيْضاً لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الْبَدَايَةِ” (أنجيل يوحنا 15 : 26 – 27).
الرب يسوع المسيح يرجع الينا الرجاء والامل من أرساله الروح القدس لنا لكي نتحمل البغضة والشر والكراهية في هذا العالم والعداء الذي يحمله الكثيرون ضد المسيح فهده كلها لها معزة خاصة للذين يتحملون ويواجهون الاضطهاد.
الروح القدس لنا الانارة والتعليم وروح الحق والتقوية الفكرية والجسدية والروحية والمنبثق من الاب والمرسل من قبل يسوع الممجد والمرتبط أرتباطاً وثيقاً كما هو الحال في قانون الايمان الروح القدس يرتبط به المسيح ارتباطاً حميماً فهذا الروح يشهد أمام التلاميذ وبالتلاميذ يشهد امام العالم والذين رافقوا يسوع منذ بداية رسالته وسمعوا تعالميه وشاهدوا مجده فمن يقدر أن يشهد كما شهد التلاميذ رسالة يسوع بعد أن طلب منه أن يصلوا بالبشارة الى أقاصي الآرض .
لكن البارقليط أو المؤيد الثاني يدل معناه على المحامي والمساعد والمعين والمعزي والشفيع والمدافع والمشورة والعزاء هذا الروح ليس معناه أنه يحل مكان يسوع الى أنقضاء الدهر “وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِكُلِّ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْتِهَاءِ الزَّمَانِ” (أنجيل متى 28 : 20 )، معنى الاية أن يسوع هو ملك العالم كله لكن لم يكن قائداً عسكرياً أو سياسياً كما كان يفكر اليهود والتلاميذ بل يسوع هو القائد الروحي الذي تغلب على الشر والمسيطر على كل قلب انسان أذن علينا نحن المؤمنين بيسوع يجب جعل يسوع أن يملك على حياتنا مخلصاً وملكاً ورباُ لنا وعبادته عبادة حقيقية فاذا رفضنا أن نخدمه بصدق وأمانة معناه أننا رعايا خونة غير صالحين بان ندعى أبنائه وعقابنا هو النفي والطرد من مملكة يسوع فعمل الروح القدس هو لتقديس الكنيسة وبدون حدود للمكان والزمان ، “وَأَمَّا الرُّوحُ الْقُدُسُ الْمُعِينُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَإِنَّهُ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ” (أنجيل يوحنا 14 : 26).
كل هذه العبارات تدل على الروح القدس وموجودة في العهد الجديد في مؤلفات يوحنا أذن الروح القدس هو بمثابة الشخص القوي الذي يقف بجانب الرسل والتلاميذ وبجانبنا نحن المؤمنين بيسوع المسيح ويعمل معنا ولاجلنا .“وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ مِنَ الأَفْضَلِ لَكُمْ أَنْ أَذْهَبَ لأَنِّي إِنْ كُنْتُ لَا أَذْهَبُ لَا يَأْتِيكُمُ الْمُعِينُ وَلكِنِّي إِذَا ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ” (أنجيل يوحنا 16 : 7).
يسوع المسيح أعطى وعداً لتلاميذه أن يرسل لهم الروح القدس ليعينهم ويتذكروا ما قال لهم من تعاليم ووصايا ويكونوا شهوداً من بعد صعوده الى السماء ويكرزوا ببشارته في العالم كله .
المسيح جاء الى العالم وتمم ما جاء من اجله محا عنا خطايانا ومات وقهر الموت فقام من بين الاموات ورجع الى الاب فارسل الروح القدس لتلاميذه فذهاب يسوع وصعوده معناه انه متواجد بيننا وفي كل العالم من خلال الروح القدس، “أَمَّا الآنَ فإِنِّي ذاهِبٌ إِلى الَّذي أَرسَلَني وما مِن أَحَدٍ مِنكُم يسأَلُني إِلى أَينَ تَذهَب؟ لا بل مَلأَ الحُزنُ قُلوبَكم لأَنِّي قُلتُ لَكم هذهِ الأَشياء غَيرَ أَنِّي أَقولُ لَكُمُ الحَقّ: إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَذهَب فَإِن لم أَذهَبْ لا يَأتِكُمُ المُؤيِّد أَمَّا إِذا ذَهَبتُ فأُرسِلُه إِلَيكُم وهو مَتى جاءَ أَخْزى العالَمَ على الخَطيئِة والبِرِّ والدَّينونَة أَمَّا على الخَطيئَة فَلأَنَّهم لا يُؤمِنونَ بي وأَمَّا على البِرّ فلأَنِّي ذاهِبٌ إِلى الآب فلَن تَرَوني وأَمَّا على الدَّينونة فَلأَنَّ سَيِّدَ هذا العالَمِ قد دِين لا يَزالُ عِنْدي أَشْياءُ كثيرةٌ أَقولُها لَكم ولكِنَّكُم لا تُطيقونَ الآنَ حَملَها فَمتى جاءَ هوَ أَي رُوحُ الحَقّ أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه لِأَنَّه لن يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث سيُمَجِّدُني لأَنَّه يَأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه جَميعُ ما هو لِلآب فهُو لي ولِذلكَ قُلتُ لَكم إِنَّه يأخُذُ مِمَّا لي ويُخبِرُكم بِه” (أنجيل يوحنا 16 : 5 – 15).
الروح القدس وحضور يسوع
البارقليط لا ياتي الى التلاميذ ان لم يصعد يسوع الى السماء ذهابه معناه تواجده في كل العالم من خلال الروح القدس، “غَيرَ أَنِّي أَقولُ لَكُمُ الحَقّ إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَذهَب فَإِن لم أَذهَبْ لا يَأتِكُمُ المُؤيِّد أَمَّا إِذا ذَهَبتُ فأُرسِلُه إِلَيكُم” (أنجيل يوحنا 16 : 7).
لكي ينشىء علاقة بين اللـه والبشر ويفتح مرحلة جديدة بحضور اللـه بعد أن كانت مقطوعة قبل مجيء يسوع المسيح الى عالمنا ففي خطابه بعد عشاء الفصح ليلة القبض عليه تحدث يسوع مع تلاميذه أنه سوف يعود لا فقط في نهاية الآزمنة، “وإِذا ذَهَبتُ وأَعددتُ لَكُم مُقاماً أَرجعُ فآخُذُكم إِلَيَّ لِتَكونوا أَنتُم أَيضاً حَيثُ أَنا أَكون” (أنجيل يوحنا 14 : 3).
يقول الرب يسوع أنه ذاهب ليعد لنا مكاناً معناه الرب يسوع المسيح وعد لكل مؤمن الحياة الابدية بالرغم أنم الابدية مجهولة لنا لكن لماذا الخوف يسوع يذهب ويعد لنا كل شيء وهناك نكون معه في الابدية وحين يعود يسوع إلى الآب يتّحد ببشريته بالآب وإذ يصبح في بيت الآب يضمّ إلى حياته البشر ولا سيما تلاميذه والمؤمنين علينا فقط الايمان من أن يسوع هو الطريق لآنه الـله وإنسان معاً وباتحاد حياتنا به نتحد بالـله ونثق بيسوع الاله أنه ياخذنا الى الاب ونستمتع في الحياة الابدية بكل مزايا البنوة لـله والفرح يغمر التلاميذ ويغمرنا نحن المؤمنين عندما نرى ونشاهد يسوع يظهر لنا من خلال ظهوراته الفصحية وقيامته من بين الاموات، “لن أَدَعَكم يَتامى فإِنِّي أَرجعُ إِلَيكم بَعدَ قَليلٍ لَن يَراني العالَم أَمَّا أَنتُم فسَتَرونَني لِأَنِّي حَيٌّ ولأنَّكُم أَنتُم أَيضاً سَتَحيَون إِنَّكم في ذلك اليَومِ تَعرِفونَ أَنِّي في أَبي وأَنَّكم فِيَّ وأَنِّي فِيكُم” (أنجيل يوحنا 14 : 18 – 20).
الرب يسوع لن يترك تلاميذه يتامى كمثل أولاد لا أب لهم يسندهم ويقف بجانبهم حين يقولون: يَقولُ الَّذي يَشهَدُ بِهذه الأَشياء أَجَل إِنِّي آت ٍعلى عَجَل آمين تَعالَ أَيُّها الرَّبُّ يَسوع . ( سفر رؤيا يوحنا 22 : 20).
الرب يسوع المسيح أعطى كل شيء بقيامته للتلاميذ من أكتشاف حقيقة العلاقة القائمة بين يسوع والاب، “بَعدَ قَليلٍ لا تَرَونَني ثُمَّ بَعدَ قَليلٍ تُشاهِدونَني فقالَ بَعضُ التَّلاميذِ لِبَعض ما هذا الَّذي يَقولُه لَنا بَعدَ قَليلٍ لا تَرَونَني ثُمَّ بَعدَ قَليلٍ تُشاهِدونَني وأَنا ذاهِبٌ إِلى الآب وقالوا ما مَعنى هذا القليل؟ لا نَدري ما يَقول فعَلِمَ يسوعُ أَنَّهم يُريدونَ أَن يَسأَلوه فقالَ لَهم تَتساءلونَ عن قَولي بَعدَ قَليلٍ لا تَرَونَني ثُمَّ بَعدَ قَليلٍ تُشاهِدونَني الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم ستَبكون وتَنتَحِبون وأَمَّا العاَلمُ فَيَفَرح ستَحزَنون ولكِنَّ حُزنكم سيَنقَلِبُ فَرَحاً” (أنجيل يوحنا 16 : 16 – 19).
التناقض واضح العالم يفرح والتلاميذ يبكون ولكنهم بعد ثلاثة ايام يفرحون بقيامته يسوع عندما نحيا بحسب ما يوصينا به لن يتركنا بل سيأتي إلينا ويكون بيننا ومعنا ويكشف عن ذاته لنا إن الـله يعرف ما سيحدث ولأنه سيكون معنا خلال ذلك فيجب ألا نخاف لا يلزم أن نعرف المستقبل لكي نؤمن باللـه بل يجب علينا أن نؤمن بالـله حتى نكون واثقين وآمنين بالنسبة لمستقبلنا، “فأَنتُم أَيضاً تَحزَنونَ الآن ولكِنِّي سأَعودُ فأَراكُم فتَفَرحُ قُلوبُكم وما مِن أَحَدٍ يسلُبُكم هذا الفَرَح” (أنجيل يوحنا 16 : 22).
الفرح الذي يحمله لنا يسوع بعد قيامته من بين الاموات ليس عابراً بل هو دائماً ويدوم الى الابد ولا يمكن لاحد أن ينتزعه من التلاميذ والمؤمنين كافة أذن الحضور بين يسوع والتلاميذ حضور روحاني وقبل صعود يسوع كان يقيم مع ذويه، “قُلتُ لَكُم هذه الأَشياءَ وأَنا مُقيمٌ عِندكم” (أنجيل يوحنا 14 : 25).
أما الان وبعد صعود يسوع الى السماء الاب يهب الروح القدس باسم يسوع للتلاميذ، “ولكِنَّ المُؤَيِّد الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِاسمي هو يُعَلِّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم” (أنجيل يوحنا 14 : 26).
أرسال الروح القدس من قبل الاب هو تلبية لطلب يسوع كي يساعدهم ويعينهم على تذكر كل تعاليم يسوه ويكونون شهوداً عيان على حياته فالروح القدس يجعلهم يتفهمون حقيقة يسوع ومعنى الآشياء في صلتها به تفهماً تدريجياُ فهذا الطلب وهذا الوعد يؤكد لنا صلاحية العهد الجديد باسفاره ويكون لنا الثقة الكاملة من أن الاناجيل هي سجلات دقيقة لآقوال الرب يسوع وأعماله ومن أجل صلاته يرسل مؤيداً أخر، “وَأَنا سأَسأَلُ الآب فيَهَبُ لَكم مُؤَيِّداً آخَرَ يَكونُ معَكم لِلأَبَ” (أنجيل يوحنا 14 : 16).
بارقليط المؤيد تعني ذاك الذي يقف قرب المتّهم ويدافع عنه هو المحامي والمعاون وبالتالي المعزيّ والمشجّع يسوع هو البارقليط الاول، “يا بَنِيَّ أَكتُبُ إِلَيكم بِهذا لِئَلاَّ تخطَأُوا وإِن خَطِئ أَحدٌ فهُناك شَفيعٌ لَنا عِندَ الآب وهو يسوعُ المَسيحُ البار” (رسالة يوحنا الاولى 2 : 1)، والبارقليط الثاني هو الروح القدس الذي يتابع عمل يسوع ويعاون التلاميذ في اتهام العالم لهم. هذا الروح يبقى معنا لا يحلّ محلّ يسوع الذي هو معنا حتى انقضاء الدهربل يعمل عمل التقديس في الكنيسة، دون أن يكون لعمله حدود في الزمان والمكان ويسوع نفسه يرسل الروح القدس بالرغم أن الروح غير يسوع ألا أنه يودي بحضور يسوع الى كماله، “ومَتى جاءَ المُؤَيِّدُ الَّذي أُرسِلُه إِلَيكُم مِن لَدُنِ الآب رُوحُ الحَقِّ المُنبَثِقُ مِنَ الآب فهُو يَشهَدُ لي” (أنجيل يوحنا 15 : 26).
“غَيرَ أَنِّي أَقولُ لَكُمُ الحَقّ إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَذهَب فَإِن لم أَذهَبْ لا يَأتِكُمُ المُؤيِّد أَمَّا إِذا ذَهَبتُ فأُرسِلُه إِلَيكُم” (أنجيل يوحنا 16 : 7).
يسوع يقيم في التلاميذ وفينا نحن المؤمنين، “رُوحَ الحَقِّ الَّذي لا يَستَطيعُ العالَمُ أَن يَتَلَقَّاه لأَنَّه لا يَراه ولا يَعرِفُه أَمَّا أَنتُم فتَعلَمون أَنَّه يُقيمُ عِندكم ويَكونُ فيكم” (أنجيل يوحنا 14 : 17).
“أَنا فيهِم وأَنتَ فِيَّ لِيَبلُغوا كَمالَ الوَحدَة ويَعرِفَ العالَمُ أَنَّكَ أَنتَ أَرسَلتَني وأَنَّكَ أَحبَبتَهم كَما أَحبَبتَني” (أنجيل يوحنا 17 : ).
يسوع يقيم في الذين يتبعونه ويمكث معنا الى الابد يسوع يذهب مسبقاً الى الاب كي يعد لنا منازل في بيت الاب، “في بَيتِ أَبي مَنازِلُ كثيرة ولَو لم تَكُنْ، أَتُراني قُلتُ لَكم إِنِّي ذاهِبٌ لأُعِدَّ لَكُم مُقاماً؟ وإِذا ذَهَبتُ وأَعددتُ لَكُم مُقاماً أَرجعُ فآخُذُكم إِلَيَّ لِتَكونوا أَنتُم أَيضاً حَيثُ أَنا أَكون” ( أنجيل يوحنا 14 : 2 – 3).
الروح القدس هو روح الحق والشفيع والمحامي، “فَمتى جاءَ هوَ أَي رُوحُ الحَقّ أَرشَدكم إِلى الحَقِّ كُلِّه لِأَنَّه لن يَتَكَلَّمَ مِن عِندِه بل يَتَكلَّمُ بِما يَسمَع ويُخبِرُكم بِما سيَحدُث” (أنجيل يوحنا 16 : 13).
الحق كلنا نعرف ونؤمن هما الاب والابن والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد، “قالَ له يسوع أَنا الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة لا يَمْضي أَحَدٌ إِلى الآبِ إِلاَّ بي” (أنجيل يوحنا 14 : 6).
الاب والابن والروح القدس هما ضد أبو الكذاب، “أَنتُم أَولادُ أَبيكُم إِبليس تُريدونَ إتمامَ شَهَواتِ أَبيكم كانَ مُنذُ البَدءِ قَتَّالاً لِلنَّاس ولَم يَثبُتْ على الحَقّ لأَنَّه ليسَ فيه شَيءٌ مِنَ الحقّ فَإِذا تكَلَّمَ بِالكَذِب تَكَلَّمَ بِما عِندَه لأَنَّه كذَّابٌ وأَبو الكَذِب” (أنجيل يحنا 8 : 44).
الروح القدس يميز المؤمنين من العبادة الصادقة لللاب والعبادة الكاذبة، “ولكِن تَأتي ساعةٌ وقد حَضَرتِ الآن فيها العِبادُ الصادِقون يَعبُدونَ الآبَ بِالرُّوحِ والحَقّ فمِثْلَ أُولِئكَ العِبادِ يُريدُ الآب إِنَّ اللـهَ رُوح فعَلَى العِبادِ أَن يَعبُدوهُ بِالرُّوحِ والحَقّ” (أنجيل يوحنا 4 : 23 – 24).
الرب يسوع المسيح استحق أن يقال له انت قدوس اللـه من كلام الرسول بطرس له قالاً: ونَحنُ آمَنَّا وعَرَفنا أَنَّكَ قُدُّوسُ اللـه” (أنجيل يوحنا 6 : 69).
أعتراف له بطرس دليل قاطع أن يسوع هو قدوس الـله وصورة الـله القدوس على الارض، هو صُورَةُ اللـهِ الَّذي لا يُرى وبِكْرُ كُلِّ خَليقَة” (رسالة قولسي 1 : 15).
الايمان الحقيقي هو الانضمام الى الشخص الذي اقوله تاتي بالحياة الابدية نعم يسوع المرسل المرسل من لدن الاب كرسه الـله لكي يخلص الانسان من الخطيئة فموت يسوع على الصليب فكرس ذاته لخدمة الـله فحمل الخلاص لنا مما يعني أن يسوع كرسنا نحن أيضاً للخدمة عينها وهي السير معه واتباعة الى الاب، “وأُكَرِّسُ نَفْسي مِن أَجلِهمِ لِيَكونوا هم أَيضاً مُكَرَّسينَ بِالحَقّ” (أنجيل يوحنا 17 : 19).
يسوع يبذل حياته برغبة منه وطوعاً فالتكريس يشمل هو بذل وتقدمة الحياة للـه وهكذا نحن أيضاً التضحية مطلوبة منا دائماً لاجل الاخرين وألأ لا يجوز أن نسمي أنفسنا أننا نحب يسوع ونحن نسير عكس ما يريده يسوع منا، الرب يسوع يعطي أتباعه الروح القدس وبقوته يعطيهم صلاحية غفران الخطايا للاخرين، “قالَ هذا ونَفَخَ فيهم وقالَ لَهم خُذوا الرُّوحَ القُدُس” (أنجيل يوحنا 20 : 22).
اللـه حين خلق أدم نفخ فيه الروح القدس والان يسوع يفعل مرة ثانية في الخلق الثاني ينفخ في وجوه التلاميذ ويعطيهم قوة الخلاص التي تحمل غفران الخطايا فنفخت يسوع ينال الانسان النسمة من الـله الحياة الروحية الابدية بقيامة يسوع الحقيقية وهذه النسمة جاءت القوة لتنفيد إرادة اللـه على الارض، “وأَرادَ بِقَولِه الرُّوحَ الَّذي سيَنالُه المؤمِنونَ بِه فلَم يكُنْ هُناكَ بَعدُ مِن رُوح لأَنَّ يسوعَ لم يَكُنْ قد مُجِّد” (أنجيل يوحنا 7 – 39).
مجد يسوع المرسل من الـله لا يناله من البشر بل من الاب منذ قبل أنشاء العالم والمجد هو ساعة موته وقيامته من بين الاموات، الروح القدس اعطاه يسوع في يوم العنصرة كما ورد في سفر أعمال الرسل لكن في أنجيل يوحنا الروح القدس يعطى للتلاميذ ويسوع مصلوب على الصليب ويقول يوحنا أسلم الروح، “فلَمَّا تَناوَلَ يسوعُ الخَلَّ قال تَمَّ كُلُّ شَيء ثُمَّ حَنى رأسَهُ وأَسلَمَ الرُّوح” (أنجيل يوحنا 19 : 30).
الرب يسوع حنى رأسه لكنه ظل سيد نفسه حتى نهاية العالم وأسلم الروح بمعنى مات لكنه في نفس الوقت سلم الروح القدس الى العالم في موته وبعدها يسلمه الى كنيسته في ظهوره الفصحي، “وأَرادَ بِقَولِه الرُّوحَ الَّذي سيَنالُه المؤمِنونَ بِه فلَم يكُنْ هُناكَ بَعدُ مِن رُوح لأَنَّ يسوعَ لم يَكُنْ قد مُجِّد” (أنجيل يوحنا 7 : 39).
“أَمَّا الآنَ فإِنِّي ذاهِبٌ إِلى الَّذي أَرسَلَني وما مِن أَحَدٍ مِنكُم يسأَلُني إِلى أَينَ تَذهَب؟ لا بل مَلأَ الحُزنُ قُلوبَكم لأَنِّي قُلتُ لَكم هذهِ الأَشياء غَيرَ أَنِّي أَقولُ لَكُمُ الحَقّ إِنَّه خَيرٌ لَكم أَن أَذهَب فَإِن لم أَذهَبْ لا يَأتِكُمُ المُؤيِّد أَمَّا إِذا ذَهَبتُ فأُرسِلُه إِلَيكُم” (أنجيل يوحنا 16 : 5 – 7). “قالَ هذا ونَفَخَ فيهم وقالَ لَهم خُذوا الرُّوحَ القُدُس” (أنجيل يوحنا 20 : 22).
يسوع يتمجد حين يتجلى كالابن الوحيد ومرسل الاب، “والكَلِمَةُ صارَ بَشَراً فسَكَنَ بَينَنا فرأَينا مَجدَه مَجداً مِن لَدُنِ الآبِ لابنٍ وَحيد مِلؤُه النِّعمَةُ والحَقّ” (أنجيل يوحنا 1 : 14).
الرب يسوع يقدس تلاميذه بالروح القدس ويقويهم بحيث لا يكونون بعد في العالم، “لَيسوا مَنَ العالَم كَمَا أَنِّي لَستُ مِنَ العالَم كَرِّسْهُم بالحَقّ إِنَّ كلِمَتَكَ حَقّ” (أنجيل يوحنا 17 : 16 – 17)
العالم يكره ويبغض يسوع وتلاميذه والمؤمنين به وعليه لا يظهر نفسه للعالم، “مَن تَلَقَّى وَصايايَ وحَفِظَها فذاكَ الَّذي يُحِبُّني والَّذي يُحِبُّني يُحِبُّه أَبي وأَنا أَيضاً أُحِبُّه فأُظهِرُ لَهُ نَفْسي قالَ له يَهوذا غَيرُ الإِسخَريوطيّ يا ربّ ما الأَمرُ حتَّى إِنَّكَ تُظِهرُ نَفْسَكَ لَنا ولا تُظهِرُها لِلعالَم؟” (أنجيل يوحنا 14 : 21 – 22).
“لا يَستَطيعُ العالَمُ أَن يُبغِضَكم، وأَمَّا أَنا فيُبغِضُني لأَنِّي أَشهَدُ علَيه بِأَنَّ أَعمالَهُ سَيَّئَة” (أنجيل يوحنا 7 : 7).
“إِذا أبغَضَكُمُ العالَمُ فَاعلَموا أَنَّه أَبغَضَني قَبلَ أَن يُبغِضَكم لو كُنتُم مِنَ العالَم لأَحَبَّ العالَمُ ما كانَ لَه ولكِن لأَنَّكم لَستُم مِنَ العالَم إِذ إِنِّي اختَرتُكم مِن بَينِ العالَم فلِذلِكَ يُبغِضُكُمُ العالَم” (أنجيل يوحنا 15 : 18 – 19).
في جماعة التلاميذ يصبح حضور البارقليط إيجابياً. فسيقوم بتمجيد يسوع ويكون ذلك أولاً بإحياء تعليمه سوف، “ولكِنَّ المُؤَيِّد الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِاسمي هو يُعَلِّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم” (أنجيل يوحنا 14 : 26).
ويتم هذا التعليم وهذا التذكير بالاتصال الوثيق بيسوع على نفس المنوال الذي به أنجز يسوع رسالته متحداً دائماً بأبيه وكما أن يسوع يتصرف بما هو للآب، “لم تَخْتاروني أَنتُم، بل أَنا اختَرتُكم وأَقمتُكُم لِتَذهَبوا فَتُثمِروا ويَبْقى ثَمَرُكم فيُعطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ ما تَسأَلونَهُ بِاسمي” (أنجيل يوحنا 16 : 15).
“وجَميعُ ما هو لي فهو لَكَ وما هو لَكَ فهو لي وقَد مُجِّدتُ فيهِم” (أنجيل يوحنا 17 : 10).
الروح القدس ياخذ ما عند يسوع ويطلع التلاميذ عليه ويذكرهم بكل ما قاله يسوع لآنه لا يتكلم بشيء من عنده ولكن يتكلم مما يسمع كما كان يسوع يأخذ كل شيء من عند أبيه، “أَنا لا أَستَطيعُ أَن أَفعَلَ شَيئاً مِن عِندي بل أَحكُمُ على ما أَسمَع وحُكمي عادِل لأَنِّي لا أَتَوَخَّى مَشيئَتي بل مَشيئَةَ الَّذي أَرسَلَني” (أنجيل يوحنا 5 : 30).
يسوع يشدد ويوكد أنه مرتبط بحسب اللاهوت مع الاب كما هو الحال بحسب الناسوت فهو كبشر طعامه كان أن يعمل مشيئة الاب وكاله يرتبط بالاب الذي منه تنطلق كل مبادرة خلاص، “قالَ لَهم يسوع طَعامي أَن أَعمَلَ بِمَشيئَةِ الَّذي أَرسَلَني وأَن أُتِمَّ عَمَلَه” (أنجيل يوحنا 4 : 34).
“ولكِنَّكُم تُريدونَ الآنَ قَتْلي أَنا الَّذي قالَ لكُمُ الحَقَّ الَّذي سَمِعَهُ مِنَ الـله وذلكَ عمَلٌ لم يَعمَلْهُ إِبْراهيم” (أنجيل يوحنا 8 : 40).
يسوع لم يكن تعليمه من عنده بل من الاب، “فقالَ لَهم يسوع متى رَفَعتُمُ ابْنَ الإِنسان عَرَفتُم أَنِّي أَنا هو وأَنِّي لا أَعمَلُ شَيئاً مِن عِندي بل أَقولُ ما علَّمَني الآب” (أنجيل يوحنا 8 : 28).
يسوع على الصليب ويتمجد فتظهر ألوهيّته كما تظهر صحّة أقواله أنا هو، ِأَنِّي لم أَتَكَلَّمْ مِن عِندي بلِ الآبُ الَّذي أَرسَلَني هو الَّذي أَوصاني بِما أَقولُ وأَتكَلَّم وأنا أَعلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَه حَياةٌ أَبَدِيَّة فما أَتَكَلَّمُ بِه أَنا أَتَكَلَّمُ بِه كما قالَه لِيَ الآب” (أنجيل يوحنا 12 : 49 – 50).
يسوع المسيح تعلم كل شيء من الاب أي أن الروح يرشد إلى الحق كله، أَمَّا أَنتُم فإِنَّ المِسْحَةَ الَّتي قَبِلتُموها مِنه مُقيمَةٌ فيكُم فلَيسَ بِكم حاجَةٌ إِلى مَن يُعَلِّمُكم ولَمَّا كانَت مِسْحَتُه تَتناوَلُ في تَعليمِها كُلَّ شَيء وهي حَقٌّ لا باطِل كما علَّمَتْكم فأثبُتوا أَنتُم فيه” (رسالة الاولى 2 : 27).
وكما أن من رأى يسوع قد رأى الآب هكذا الروح القدس يشهد للمسيح فيجعل التلاميذ أيضاً يشهدون معه وبه.
البارقليط الروح القدس لا يكشف فقط حقاً بنقص الباطل ولكنه يبرر الحق في مواجهة كذب العالم بصفته روح الحق فإنه يشهد للمسيح في الدعوى التي يقيمها العالم ضد يسوع داخل قلوب تلاميذه فبينما تقدم الأناجيل الازائية الروح كمدافع عن التلاميذ إذ يساقون للمحاكمة أمام الملوك، “فَإِذا ساقوكُم لِيُسلِموكم فلا تَهتَمُّوا مِن قَبلُ بِماذا تَتَكَلَّمون بل تَكَلَّموا بِما يُلقى إِلَيكُم في تلك السَّاعة لأَنَّكم لَستُم أَنتُمُ المُتَكَلِّمين بلِ الرُّوحُ القُدُس” (أنجيل مرقس 13 : 11).
نرى يوحنا يقدمه مدافعاً عن يسوع فبعد أن كان التلاميذ يقفون في صف المتهمين هاهم وقد أصبحوا يحكمون على قضاتهم على نحو ما كان عليه يسوع خلال حياته الأرضية فالبارقليط الروح القدس يخزي العالم على أمور ثلاثة: وهو مَتى جاءَ أَخْزى العالَمَ على الخَطيئِة والبِرِّ والدَّينونَة أَمَّا على الخَطيئَة فَلأَنَّهم لا يُؤمِنونَ بي وأَمَّا على البِرّ فلأَنِّي ذاهِبٌ إِلى الآب فلَن تَرَوني وأَمَّا على الدَّينونة فَلأَنَّ سَيِّدَ هذا العالَمِ قد دِين. (أنجيل يوحنا 16 : 8 – 11).
الخطيئة إذ هي تقوم على عدم الإيمان بيسوع والبر حيث يظهر برّ يسوع الذي يتمجد عند الآب والحكم لأن الإدانة صدرت ضد سيّد هذا العالم لذلك بفضل البارقليط الروح القدس الذي يتلقّاه المؤمن ويسمعه ها إن يقيناً يملأ قلبه ليس الحق من جانب العالم بل من جانب يسوع، “قُلتُ لَكم هذِه الأَشياء لِيكونَ لَكُم بيَ السَّلام. تُعانونَ الشِدَّةَ في العالَم ولكن ثِقوا إِنِّي قد غَلَبتُ العالَم” (أنجيل يوحنا 16 : 33).
المقابلة بدأت بين يسوع والعالم وبين السلام والشدة والمحن التي تسبق أنتصار يسوع ولكن في وقلب ووقت الشدة وقبل موت يسوع يعلن لتلاميذه ولنا وللعالم أجمع أنه غلب العالم فالمؤمن إذاً على حق هو أيضاً عندما يؤمن ويعاني الشدة من أجل معلمه فبالاشتراك معه قد غلبنا منذ الآن العالم وإبليس. والمجد لـله امين.
الشماس سمير كاكوز