يوسف تيلجي
أستهلال :
أذا كان القرأن هو كلام الـله ، فهذه الأحجية يترتب عليها ما يلي ، فبما أن المسيح عقائديا هو كلمة الـله حسب المعتقدات المسيحية والأسلامية ، فبالنتيجة أذن .. ” أن القران هو كلام المسيح ” ، وهذا المستحيل بعينه ، والدليل على ذلك النصوص الأنجيلية التي تؤرخ حياة المسيح ، سيرة وفعلا وقولا وحكما ومواعظا و.. ، والتي تخالف وتناقض عقيدة القرأن ، وهذا ما سنتطرق أليه في المحور الثالث الوارد بهذا البحث المختصر .
المقدمة :
في هذا الموضوع ، سأعتمد المحاور التالية ، المحور الأول – القرأن كلام الـله ، حسب المعتقد الأسلامي ، ونقلت ما جاء بهذا الصدد وفق بعض المراجع الأسلامية ، المحور الثاني – المسيح كلمة الـله وفق ما جاء في النصوص المسيحية والأسلامية ، المحور الثالث – ويضم قراءتي الخاصة للموضوع ، ثم خاتمة للبحث .
المحور الأول :
حسب المعتقد الأسلامي ، أن القرأن هو كلام الـله ، ولا يأتيه التحريف أو الشك أو الخطأ أو.. ، لأنه محفوظ من قبل الـله نفسه ، وقد جاء في موقعي / مركز الفتوى و الأسلام سؤال وجواب – أجمالا ونقل بتصرف ، الأتي حول هذا الموضوع : (( وأما كون القرآن كلام اللـه حقًّا فهذا مما لا شك ولا ريب فيه ، وإن الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على ذلك كثيرة جدًّا ، منها : 1- أن اللـه تعالى تحدَّى الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن فعجزوا قال الـله تعالى : “قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظهيرا {الإسراء:88} ” ، وقال أيضًا : ” أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللـَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ{هود:13} ” ، وقال سبحانه : “وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّـهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ{البقرة:23} ” . 2- أن الـله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ كتابه عن التحريف والتبديل والزيادة والنقصان ، فقال عزَّ من قائل : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ/ سورة الحجر . ” 3- أن البشر مهما أوتوا من العلم والفهم وقوة الإدراك ، فلا بد أن يقع منهم الخطأ والسهو والنسيان ، قال عزَّ من قائل : “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كثيرا {النساء:82} ” ، وقال أيضًا : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ*لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ{فصلت : 41 ، 42} ” . 4- بلوغ القرآن الغاية في البلاغة من أوله إلى آخره بلا تفاوت ، حتى في ذكره للأحكام والحدود ؛ مما يدل على أنه ليس بكلام البشر . 5– الإعجاز الباهر الذي اشتمل عليه القرآن في أمر التشريع . 6– إخبار القرآن بأمور غيبية لا يمكن للعقل أن يستقل بإدراكها ، 7– ما حكاه القرآن عن أخبار الأمم الماضية وتفاصيل ما حصل لهم مما لم يكن الوقوف عليه لولا ذِكره في القرآن ... )) ، هذا ملخص ما ورد في هذين الموقعين بهذا الخصوص !! ، وسوف لن أناقشها ولن أحاججها لأن هذا ليس موضوعنا الذي نحن بصدده .
المحور الثاني :
المسيح كلمة الـله حسب المعتقد الأسلامي : فقد جاء في lkalema.net/alahwahedfisalos/1×36.ht
((يشهد القرآن بكل وضوح أن المسيح هو كلمة الـله . يتضح ذلك مما يلي : 1_سورة النساء آية 171: ” إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول اللـه وكلمته. 2_سورة آل عمران آية 39: ( إن اللـه يبشرك بيحيى / أي يوحنا المعمدان ، ( …مصدقاً بكلمة من الـله ) . 3- وقد فسر الإمام أبو السعود ذلك بقوله ( مصدقاً بكلمة الـله أي بعيسى عليه إذ قيل إنه أول من آمن به وصدق بأنه كلمة الـله وروح منه . 4- وقال السدى : لقيت أم يحيى أم عيسى فقالت يا مريم أشعرت بحبلى ، فقالت مريم وأنا أيضاً حبلى ، قالت ( أم يحيى ) إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك فذلك قوله تعالى ( مصدقاً بكلمة من الـله ) . ( تفسير أبى السعود محمد بن محمد العمادي ص 233 ) . 5_ سورة آل عمران آيه 45 “ إذ قالت الملائكة يا مريم إن الـله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم ” ولعلك تلاحظ إشارته إلى الكلمة “ بضمير مذكر في قوله بكلمة منه اسمه ” ولم يقل “بكلمة منه اسمها “. أليس في ذلك دلالة واضحة على أنه لا يقصد بها مجرد كلمة عادية بل إن كلمة اللـه الذي لا تنفصل عنه قد تجلى في جسد المسيح وهذا ما يؤكده أحد علماء المسلمين وهو : 6- الشيخ محي الدين العربي ، إذ قال : الكلمة هي اللـه متجلياً وهي عين الذات الإلهية لا غيرها . ( كتاب فصوص الحكم الجزء الثاني صفحة 35 ) . وقال أيضاً “ الكلمة هي اللاهوت ” / صفحة 13 . )) .. أما في موقع ” أتباع المرسلين ” فقد جاء التالي / نقل بتصرف (( فقد لقب إبراهيم خليل الـله ، وموسى كليم الـله ، أما المسيح فافضل من كل هؤلاء…إنه الكلمة لا الكليم . يؤمن المسلمون أن القرى كلمة الـله مسطور فى معانى ويؤمن المسيحيون أن المسيح كلمة الـله متجسدا فى بشريتنا والمسيح هو الوحيد الذى لقب باسم كلمة اللـه فى الأنجيل والقرآن . لذا فموسى كلم اللـه فما لأذن ، وسمع صوته ذاته فى عوسجة تحترق ، وأخبر بنى إسرائيل بما سمع وبما رأى . ومحمد كان يخبر شعبه بما يأتيه من الـله عن طريق جبريل ، أما المسيح فنطق من ذاته ، لا عن طريق جبريل كمحمد ولا بما سمعه كموسى . لكن ليس المسيح كلمة اللـه لأنه نطق بكلمة الـله أو لأنه خلق بمنطوق كن من اللـه. إنما المسيح كلمة الـله لأنه عقل الـله الناطق ونطق الـله العاقل . وكعدم انفصال العقل عن صاحبه وكان أرتباط المسيح باللـه الآب فى وحدة ثالوثية “ وهؤلاء الثلاثة هم واحد” (1يو5: 7). يرى القرى فى السيد المسيح أنه ( كلمة الـله وروح منه ) . )) .
** المسيح كلمة اللـه حسب المعتقد المسيحي : أعتقد أن أنجيل يوحنا يعطينا ملخصا ونتيجة لكل تساؤلاتنا ، فالأية التالية ، هي الجواب (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللـهِ ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ الـله .أنجيل يوحنا 1:1 ) ، أما في موقع www.thegrace.com/magazine/issue01/a_quira.htm – نقل بتصرف ، فيعطي شهادة يوحنا المعمدان / يحيى ، حول الموضوع .. ((في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الـله وكان الكلمة الـله . هذا كان في البدء عند الـله . كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان . فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس . والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه كان انسان مرسل من الـله اسمه يوحنا . هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل بواسطته . لم يكن هو النور بل ليشهد للنور . كان النور الحقيقي الذي ينير كل انسان آتيا الى العالم . كان في العالم وكوّن العالم به ولم يعرفه العالم . الى خاصته جاء وخاصته لم تقبله . واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد اللـه اي المؤمنون باسمه . الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من اللـه والكلمة صار جسدا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا . يوحنا شهد له ونادى قائلا هذا هو الذي قلت عنه ان الذي يأتي بعدي صار قدامي لانه كان قبلي . ومن ملئه نحن جميعا اخذنا . ونعمة فوق نعمة . لان الناموس بموسى اعطي . اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا . اللـه لم يره احد قط . الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر .. )) .
المحور الثالث
قراءتي الخاصة :
بالرغم من كون أن ” المسيح هو كلمة الـله ” حسب النصوص المسيحية والأسلامية ، والمفروض أن يكون هو العقل الناطق لـله تعالى ، وهو أيضا / أي المسيح ” كلمة الـله لأنه عقل الـله الناطق ونطق الـله العاقل . وكعدم انفصال العقل عن صاحبه ” ، فكان من الطبيعي أن يكون المسيح كلمة الـله في القرأن أيضا ، ولكن المسيح كطريق وحياة وممارسة ونهج وسيرة ، تختلف بل على طرفي نقيض مع القرأن نصا وعقيدة وفكرا وفعلا ، لأسباب كثيرة منها:
أولا – هناك الموعظة على الجبل / من أنجيل متى الأصحاح الخامس ، أرى انها تلخص بشكل أو بأخر ، المسيح فكرا وعقيدة ، التي لا تلتقي مع العقائد الأسلامية ، نصوصا وسنة وأحاديث ، فمن الموقع التالي أنقل فقراتا مختارة منها www.marnarsay.com/Salawat/mawitha.html : الموعظة على الجبل (( 1لَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى الْجَبَلِ ، فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ . 2 فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً : 3 « طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ . 4 طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ . 5 طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ . 6 طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7 طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8 طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ الـلهَ . 9 طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَم ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللـهِ يُدْعَوْنَ. 10 طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11 طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ . 12 اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا ، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُم . «)) .
ثانيا – في أنجيل متى ، يسرد لنا أية تستوجب الوقوف عندها وهي ( أما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشرير ، بل من لطمك على خدك الأيمن ، فأعرض له الآخر . ومن أراد أن يحاكمك ليأخذ قميصك فاترك له رداءك أيضاً ومن سخرك أن تسير معه ميلاً واحداً فسر معه ميلين ( متى 5 :37 -41) ، وهي أيضا تعطي مؤشرات سلمية لا عنفية بعيدة عن الانتقام والتوحش ، والأية بها كما كبيرا وهائلا من التسامح يكاد أن يكون معدوما في عصرنا الحالي ، ولكن هذه هي المسيحية في فكر وسيرة المسيح ، وأذا قورنت مثلا بالأية التالية من سورة البقرة ( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ /191 ) ، نلاحظ تباعدا فكريا لا يمكن وصفه في الفعل والقول والوعيد ، وبالرغم مما قيل من قبل الكثير من المفسرين في تفسير هاتين الأيتين مسيحيا وأسلاميا ، ولكني في هذا لبحث أنظر فقط الى التباين المتناقض في النبع الفكري للأيتين ! .
ثالثا – يوجد بعضا من النصوص ، بينة واضحة لا تقبل النقاش أو التفسير والأجتهاد ، والتي تؤكد أن القران ليس من كلام اللـه ، أي كلمة الـله ” المسيح ” ، فمن موقع الحياة – التجريبي ، أنقل التالي: ( يروى أن جماعة متعصبة من الكتبة قبضوا على امرأة متلبسة بخطيئة ، فأحضروها إلى المسيح عليه السلام ليروا حكمه عليها ، وكان في حكم الشريعة يجب رجمها ، لكن المسيح قال لهم : «من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر» ، وعندما خرجوا وبقي يسوع قال لها: «أما أدانك أحد» ، فقالت : «لا يا سيد»، فقال لها: «ولا أنا أدينك ، اذهبي بسلام ولا تخطئي أيضاً». ) ، ولكن النص القراني يذهب الى منحى أخر في معالجة هذه القضية ! ، وفق الأية التالية : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ/ سورة النور: 2 ) ، فهل يعقل أن يكون كلمة اللـه / المسيح ، هو الذي صاغ النص القرأني المتباين فكرا مع ما يؤمن به المسيح فعلا وحقيقة ، ومع ما وعظ به وعلم بموجبه المسيح لتلاميذه !! .
رابعا – أما الأية التالية ، من سورة التوبة ، ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّـَهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ / 29 ) ، فهذه الأية تخلق مساحة موعلة من الجدل ، فكيف لكلمة الـله / المسيح ، أن يجعل من أتباعه الموصوفون بالكفر ، أن يدفعوا الجزية ، مقهورون ذليلون و محتقرون !! ، هذه أشكالية أخرى تستحق التفكير العقلاني بين الكلمة والقرأن ! .
خامسا – أما النص القرأني الذي يؤكد على ( إن الدين عند الـله الإسلام ) ، فهو يخلق عدة أشكاليات ألغائية للأخر ! فقد جاء في موقع / صيد الفوائد ، الأتي (( فإن الإسلام هو الدين الحق الذي يطلبه الـله من عباده ولا يقبل منهم سواه ؛ إذ ما عداه من الدين باطل وضلال كما قال الـله تعالى : ( إن الدين عند اللـه الإسلام ) وقال : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) وهذا من حقائق الدين الواضحة الجلية التي يؤمن بها كل من شهد أن لا إله إلا الـله وأن محمدا رسول الـله .. )) ، وسائل يسأل ما هو موقف كلمة الـله / المسيح ، الذي جاء بالمسيحية ! الذي ألغي دينه عقائدا وفكرا وطقوسا حسب النص القرأني ، ومن جهة أخرى ، كيف للمسيح / كلمة لـله ، أن يقرر على ألغاء نفسه بنفسه !! .
سادسا – عندما يكون العقل الناطق لـله / المسيح ، أن ينطق بموضوع ، فأرى أن يمثل عقلانية الناطق بأسم الـله نفسه ، وأرى عامة ، هناك خلاف عقائدي بين القرأن وعقل الـله / المسيح ، وهذا الموضوع واسع جدا ، وأنا سأختار موضوعا محددا يتعلق بالمرأة ، وأرى في طرحه كنموذج يكرز في أختلاف الفكر والنهج والعقيدة بين القرأن وكلمة اللـه / المسيح ، ففي سورة النساء ، تشير الى تعدد الزوجات / وطأ النساء ، بشكل مطلق (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا /( 3 ، وبعد ذلك أية أخرى تشير الى الطلاق ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بأحسان / سورة البقرة: 229 ) ، إلى قوله : (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ/ سورة البقرة:230 ) ، بينما كلمة الـله / المسيح ، في هذه العقيدة ، لا يوجد في نهجه ، لا تعدد للزوجات ولا طلاق ، وهذا موضح في الآية (مت 18:18: “ كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ قد تم ربطه ( قبلاً ) فِي السَّمَاءِ وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ قد تم حله ( قبلاً ) فِي السَّمَاءِ“ ) ، ويجيب المسيح حول موضوع الطلاق بما يلي ( إنجيل متى 19: 8 قَالَ لَهُمْ : «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا ) ، لأجله أرى ، أستحالة كون المسيح كلمة الـله أن يكون هو الكلام المثبت في القرأن !!.
الخاتمة :
أخيرا ، اذا كان المسيح وهو كلمة الـله ، وعقل الـله الناطق ، بكل فكره وكلامه ، لا يتفق سيرة ونهجا وعقائدا مع النص القراني ، أذن القرأن من أي كلمة لـله كتب أو أوحي به !! ، ويجيب أخر ، من الممكن أن يكون كلام اللـه هو المنقول من ” جبريل “ ، وهنا نجيب ، هل للـه كلمتين أي ” المسيح وجبريل ” ، أو لدى الـله كلمة واحدة وهي المسيح فقط ، الذي قال عنه النص القرأني في سورة النساء آية 171: ” إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الـله وكلمته ” ، فالقرأن لم يقل ” أحد كلمتيه “ / أي المسيح وجبريل ، بل قال ” كلمته ” أي المسيح فقط ، وهنا نحن أيضا أمام أشكالية كبرى ، بل كارثية ، وهي كيف أن القرأن كلام الـله !! وفكر نصوصه وتفسيرها لا ينطبق على فكر وحياة وفعل المسيح الذي هو كلمة الـله !! وهو عقل الـله الناطق ، الذي كان من المفروض أن يسطر به القرأن ، وهنا تأخذنا التساؤلات الى البداية مرة أخرى ، والى نفس السؤال والجواب التقليدي ، الحاضر دائما في الذهن ، أذا ألغيت كل هذه الأحتمالات والتساؤلات والافتراضات والنظريات ، فمن أي كلام كتب القرأن !!! .