الحـلـقة الرابعة
يقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ
راقي هـو الإنـسان المتـواضع صفاته لا يتـصَنــّعها ، يكـتب بمهـنية ولا يـزيّن نـفـسه بألقاب يستحـقها ، يَكـبـر في نـظـر قـرّائه ــ وإنْ لـزموا الصمت تجاهها ــ … والعـكـس صحـيح فالإنـسان المتعالي ينـفخ نـفـسه بإبـتـذال مزركِـشاً ذاته بأنـواط فـيُـخـفـض قـيمة عُـملته في الأسواق أملاً في زيادة مبـيعاته ! وبالأخـص حـين يُـزيـد الآخـرون النـفـخَ فـيه رياءاً ونفاقاً ، لا حـباً بل نكاية بغـيره ( ﮔـوتـرا بـدون وزن ) ! وبصراحة إنهم يـذمونه بـذلك أكـثر مِن أن يُـكـرموه … إنّ أساتـذتـنا المربّـين المخـلصين لـنا عـلـّـمونـنا في مراحـلـنا الـدراسية أنْ لا نمتـدح أنـفـسنا كـثيراً ولا نبالغ في مـدح الآخـرين ، إنه تملـق ومراءاة ….
قـرأتُ للكاتب ( Husam Sami ) الموقـر مقالاً يـدل عـنـوانه عـلى محاورته المهمة لجـميع القـراء عـلى الرابط http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,826180.0.html
رأيته باحـثا جـديراً لا يتباهى بـوشاح الباحـثين ، أستاذا قـديراً يتجـنب التلـويح براية الأساتـذة الجامعـيّـيـن ، صادقاً لا يجامل الآخـرين ، يقـول الحـق كما يراه دون أنْ يـبالي بالزائغـين … ولا أعـلـق عـلى مقاله كـثيراً إلاّ الـقـليل ، فأقـول :
أجادَ في تحـليله سلوك رجل الـدين المسيحي عـنـد تـدخـله في السياسة وتعاطيه مع الحـكـومة ، مـوضّحاً أنّ السياسة هي فـن المـكـر ( وقـد قـيل سابقاً أنّ السياسة مُـفـسِـدة لكـل شيء ) ، والسياسي قائـد مخادع تـصب تـوجـيهاته بإتجاه ضمان تحـقـيق مَصالحه مِمّا يتـطلب منه الـتـرَبّع عـلى كـرسي السلطة مهما كـلـفه الأمر ، طريقاً للـوصول إلى أهـدافه معـتمـداً عـلى مـبـدأ الغاية تـبـرّر الـوسيلة ومتـسلحاً بشعارات ساطعة مثيرة ، كالعـدالة والحـرية والحـقـوق ، لكـسب تأيـيـد العـميان ….. وحـينما يُـسيّس الـدين ! لا يتـوانى عـن إرتـكاب جـرائم عـلنية بإسم الـقـداسة التي لا يمسّها حـتى المطهـرون ، فـيَستعـبـِد الإنـسان لـتـنـفـيـذ خـططه والوصول إلى مآربه والسـذج الطائـشـون يصفـقـون له .
إنّ رجـل الـدين المسيّس يتعاطى مع الحـكـومة بقاسم مشتـرك ( المصالح ) بـينهما … فـمن جانبه يتـشبّـث بقـميص عـثمان المقـدس موكلاً نـفـسه عـن ــ اللـه ــ بـديلاً يسعى لتحـقـيق المصلحة الـبشرية ، أما الطرف الثاني إنـسان الحـكـومة ! يناضل لتحـقـيق مصلحـته الخاصة … والـفـرق واسع بـيـن نـوعـية المَصلحـتين اللـتين تحـددان الهـدف والغاية .
يقـول الأخ حـسام : إنّ حـدود العلاقة بـين اللـه والإنـسان تكاد لا تـرى ، شأنها شأن حـدود علاقة الإنسان بقـريـبه الإنـسان ، تـفـرض ضبابـيتها عـلى أبصارنا وتجـعـلـنا لا نـراها أمامنا ، فـنـتخـبط تائهـين في إشكالات نحـن في غـنى عـنها …….. ولإيصال فـكـرته إلى القارىء أوردَ لـنا أمثلة قائلاً :
إن سقـوط آدم في الخـطيئة دليل عـلى جهله حـدوده مع اللـه ، تلك الخـطوط الرفـيعة التي صعّـبتْ عـليه الرؤية مما جعـلته يتخـبط ويقع في فخ إبليس عـنـد أول تجـربة …….
أما المثال الآخـر يتمثـل عـنـد يسوع في البـرية ، إنه عـرف حـدود اللـه ! ورأى ذلك الخـط الرفـيع فأصاب وتجـنــّـب الإنجـراف وراء مغـريات الشيطان لمرات عـديـدة حاسماً الموقـف .
ويضيف الكاتب حـسام : لو يحـصل هـذا الموقـف مع أحـد من بشر الـيـوم فإنه يسقـط عـنـد أول عـرض إغـرائي لا محالة ( مستـثـنين الـبعـض المعـروفـين ذوي الإرادة الصلبة أمثال الـﭘاﭘا فـرانسيس الرجـل الـفـقـير مُحِـب الفـقـراء … وهـكـذا مانـديلا والأم تيريزا الـذين عاينـوا خـط الحـدود هـذا وأجادوا الـتـصرّف ) .
ذكـرتُ في مقال سابق لي ، أن الشعـب ليس مُـلكاً لرجـل الـدين وإنما هـو شعـب اللـه ، أمانة عـنـد رجـل الـدين ، ليس من حـقه أن يضحي بها من أجـل تحـقـيق مآربه الـشخـصية ومصالحه ، وإنما عـليه أن يصونها بالإضافة إلى واجـبه الروحي حـتى إذا إقـتـضت الضرورة أن يضحي بحـياته مثل الراعي الصالح الـذي يـبـذل نـفـسه عـن الخـراف وهـو يمشي بساقـيه عـلى الأرض وليس داخـل سيارة مـدرعة ! وإذا قال ( أنا لا أستـطيع !! آنا لـيـبي ) فـلـيـتـنحَّ جانباً متـفـرّجاً فـقـط .
وخـير مثال عـلى ذلك وقـفة الـﭘـطرك الألقـوشي في عام 1933 وإستعـداد أهالي ألـقـوش للـدفاع عـن إخـوتهم الآثـوريـيـن اللاجـئين إليها ، من بطش وعـنجهـية الحـكـومة ، فـكان تـصرّفه في قـمة المسؤولية داركاً ذلك الفاصل الرفـيع ، حـدود علاقـته الروحـية باللـه وعلاقـته بالحـكـومة سياسياً ، ومحافـظاً عـلى هـيـبة مركـزه الـديني .
إن ( السلطة والمال ، ناهـيك عـن الآخـر ! ) أعـداء القائـد الروحي فإذا تحَـكــَّـما به ، حَـكـما عـليه ! وأفـقـداه حـكـمته ، لـذا عـليه أن يكـون نبهاً عارفاً حـدود منـصبه الـديني دون الـتـفـرّط بالتـواضع المؤمل فـيه والكـياسة المتـوقعة منه .
إن ما يتغـنى به دوما حـضرة الـبطرك لـويس ــ لـنا كـلمة في السياسة ــ هـو عـذر مخـدّر ومـبرّر خادع لإيهام شعـب اللـه فـيستعـبـِدهم لـيصل إلى أهـدافه التي هي مصلحـته الشخـصية لا أكـثر ….. بل وكما أكـد الكاتب حـسام ، أن رجل الـدين الـذي يقـف خارج إطار السلطة الحـكـومية ، يَحـتـرم مكانـته ويحافـظ عـلى هـيـبة كـرسيّه الروحي ، يكـون أعـظم تأثيراً عـلى قـرار الحكـومة السياسية مِن أن يكـون في داخـلها موظفاً ذي كـرسيّ حـكـومي ! ( البطرك شيخـو في زمن صدام خـير مثال ــ الكاتب ) .
أما الأحـزاب العـلمانية السياسية ومقاعـدها الـﭘـرلمانية وعلاقـتها بالـدولة ( الحـكـومة ) تـنـتـظر بتـلهـف قـطـف ثمار ومكـتـسبات مصلحـية شخـصية ….. ولهـذا فإن صاحـب الكـرسي الـديني حـين يؤسس الـيـوم تـنـظيماً ( نـداً لحـزب ) كي يمثـله في هـيكل الحـكـومة عاجلاً أم آجلاً بحجة الـدفاع عـن شعـب اللـه ، فإن ذلك يعـني زج الـدين بالسياسة ، ولـن تـُـقـنِع التـبريرات أياً كانت ! لأن هـكـذا سلوكـية لـرجـل دين ــ وكما ذكـرتُ في مقالات سابقة ــ تعـني تكـريس ولاية الـفـقـيه .
بتأريخ 16 أيلول 2013 ((( إقـتـرح البطرك لويس تـشكـيل ــ مجـلس سياسي مسيحي ــ كأن يتـسمى بالتجـمع المسيحي الوطني العـراقي ! يتعهـد بوثيقة شرف للإهتمام بشأن شعـبنا ومتابعة قـضاياه ، مؤكـداً في ذات الـوقـت أنه لا يـرغـب الـتـدخل في السياسة )))
فـكـتـبتُ عـنه المقال : تـناقـضات ربطة الـﭘـطـريرك الكـلـدانية ــ الحـلقة الثالـثة ــ جاء فـيه :
((( لماذا فـضـَّـلتَ أنْ تـكـتب رسالة للـنـشر وليس العـمل ؟ المفـروض أن تـدعـو قادة أحـزاب شعـبنا جـميعاً إلى إجـتماع عـنـدك ، وتـطلب منهم تـبـديل واجهاتها بكـوادر ذات كارزما وثـورية من أجـل جـذب الناس إليها وتـوحـيـدها أولاً ، كي يـقـوى عـودها لأي تـفاوض مستـقـبلي محـتـمل مع أية جهة كانـت ، ومِن ثم ثانياً تـوسّع تـفـكـيرك لمشروع أعـم وأشمل ، فإن رفـضوا عـنـدئـذ يكـون لكـل حادث حـديث ، كي لا نـتهـمك بميلك إلى إلغاء الكـلـداني بحجة المسيحي ))) .
وعـلى الغـرار ذاته يُـبـدي الكاتب حـسام فـكـرته في مقاله المشار إليه والمؤرخ في 18 تـشرين الثاني 2016 قائلاً :
1– ( الموقـف الصحـيح هـو إحـتضان جميع الأحزاب ودعـمها بما يساهم في تـقاربها من بعـضها لمصلحة الشعـب بكل طوائـفه ومذاهـبه ، لا إذكاء الـفـتـنة والـتـفـرقة بـينهم لتبرير طموحنا في القـيادة السياسية ) !
2– كما قال يضاً : ( السؤال المطروح …. ماذا تـتوقع لو عُـرض كـرسي ﭘـرلماني اليوم عـلى غـبطة البطريرك هل سيقـبله أم يرفـضه ) ؟ .
ويجـيـب في ذات الـوقـت قائلاً : أنا أعـرف الإجابة لكـنـني اليوم أتحـفـظ عـن الإدلاء بها .
إنّ الإجابة عـلى هـذ السؤال هي في غاية الـبـساطة ، كـيف ؟ :
الأخ وضاح دلـو الـذي كان قـريـباً من القس لـويس ساكـو ( قـبل أن يصبح بطركاً ) كـتب مقالاً بتأريخ 28 كانـون الثاني 2013 تحـت عـنـوان (عـضواً في مجـلس محافـظة نينوى ! أم پاطـريـركاً مقـبلاً عـلى الـكـلـدان ؟ ) … جاء فـيه :
http://www.karemlash4u.com/vb/archive/index.php/t-177237.html
(( أصرَّ سـيادته عـلى ذلك ونال مرامَه فأصبح عـضواً في مجـلس محافـظة نينوى رغـم الـطـلبات الـمتـكـرّرة مِن قِـبَل المواطـنين بالتـنحي عـن الـترشيح لهـذا المنـصب حـفاظاً عـلى هـيـبته الكـهـنوتية وسمعـته الإجـتـماعـية … إنّ سيادته لم يشعـر بالخـطأ الـذي إرتـكـبه ولم يتـنازل إلاّ حـين أتيحَـتْ له فـرصة ذهـبـية أكـبر وأثـمن والتي يطمح لها كـل كاهـن ــ بتـنـصيـبه رئيساً لأساقـفة كـركـوك وتـوابعـها
سـواءاً إعـتـرف أم لا ــ لا نـدري هـل تـذكـَّـرَ حـينها وعـدَه المـنـذور للرب فـتـنازل عـن تلك الأرضيات وقـبـِل بالسماويات برتبة كـهـنوتية أعـلى ، أم أن التـكـريم الجـديـد أوفـر حـظاً ، شُـهـرةً ، وإيراداً ، وعلاقات ؟ بالإضافة إلى طموحات مستـقـبلية يسيل لها لعاب الأكـثرية ، والتي يتـناسون فـيها نعـمة الروح الـقـدس الإلهـية … فـهل هـو أمين في تـصريحه للأخ ولسن يونان حـين قال أنه لا يطمح ولا يطـمع به وهـو الـذي تـناسى كـل تلك الـنعـم الإلهـية والمسميات التي كانت في حـوزته من أجـل عـضوية بسيطة في مجـلس محافـظة عـراقـية )) …. وعـليه عـزيزي القارىء أضحـتْ الإجابة عـلى السؤال المطروح في غاية الـوضوح ! …….. وفي حـينها وردَ التعـليق الآتي :
( ككاهن خـدمت مع المطران ساكـو فلا تستغـرب من مواقـفه هـذه ، وممكن أن يصبح محافـظ نينوى بذاته لويس ساكـو النجـيفي …… رجل الكـنيسة عليه ان يتـفـرغ للأمور الإيمانية وليس الدنيوية والسياسية التي هي دجـل وكـذب ونفاق والركض خلف المادة ) .
3– وأخـيراً ، كـتب الأخ حـسام عـن الكـرسي اللعـين ، فـقال :
*ــ الكـرسي الـديني هـو كـرسي روحي ، لا سياسي تـسلطي .
*ــ يجـلس عـلى الكـرسي الـديني الـذي يُـنـتـخـب من الروح الـقـدس وليس مَن يُـعَـيّـنـون سياسياً أو حـكـومياً ! ولهـذا نـتـوقع منه الإبتعاد عـن أساليب السياسة وأعـمالها .
*ــ الكـرسي الـديني لا يجامل ولا يحابي عـلى حـساب مبادىء السلام .. وهـو للخـدمة لا للـتـسلط .
*ــ الكـرسي الـديني مـتـواضع يسمع للإنـسان ويشاركه مشاكـله وبهـذا يـرسم عـظمته في عـين اللـه والناس .
*ــ ويخـتم مقاله بأن نـصلي كي لا يكـون بـيـنـنا شاذ ، متـذكــِّـراً قـول الرب يسوع لتلامـيـذه ( أما أنا الذي إخـترتكم ؟.. ألم يكـن بـينكم شيطان ؟ ) .
من مجمل ما اقرأه يظهر ان سياده البطرك يريد ان ينال منصب رئيس الجمهورية العراقيه .فاذا هو غيور على شعبه الكلداني فلماذا لا يعتني بهم ويحفظهم في الأديره بدلا من الشيوخ واالملالي ولما هذا الاهتمام بالسياسه والسياسيين .سياده البطرك المحترم اهتم باولادك الكهنه الذين ظلمتهم اعمل خيرا يلوق بمقامك ويرفع رءسك عاليا
أخـتي العـزيزة خالـدة …. قـلتُ في أكـثر من مقال ، أنه مكـلـف بهـدم تـراثـنا الكـنسي فـنـسف طخـس قـداسـنا وصار بـدون طعـم ولا رائحة ……كما يهـدف أيضا إلى محـو قـوميتـنا الكـلـدانية ، ولا نـصدقه حـين يقـول أحـيانا نحـن الكـلـدان ، لإن ذللك هـو تغـطية !! بسبب ضغـوطـنا ، إن لغـته سريانية فـكـيف يكـون كـلـداني ؟
بوركت اخي مايكل …ولكن الذنب ليس ذنب الباطريرك .وانما الذنب على البطاركة الذين انتخبوه . وستحملون مسؤلية تفتيت كنيسة الكلدان والقومية الكلدانية . اين كان الروح القدس من صلاتهم عندما اجتمعوا ليقيموا باطريرك ؟ هل حقا ان روح القدس اختاره ام روح شيئا اخر اختاره ؟ انا هنا احمل المطارنة كل المسؤلية وسنذكرهم على صفحة سوداء بشعة في تاريح كنيستنا الكلدانية . لم تصل الانتكاسة في كنيستنا مثلما اوصلها ساكو . الف رحمة على روح المرحوم الباطريرك بولس شيخو .هكذا يكون الباطريرك والا بلا .
عـزيزي خـوشابا
في فـتـرة إنـتـخاب البطرك ( بعـد المرحـوم دلي ) كـتـبتُ مقالاً بهـذا الشأن ، وأجـبتُ مقـدماً عـن سؤالك ( أين كان الروح الـقـدس ) وقـلــتُ :
http://kaldaya.net/2013/Articles/01/45_Jan21_MichaelCipi.html
(( نحـن من حـرارة إيمانـنا نـقـول أن نـتيجة العـملية الإنـتخابـية هي إيحاء وإخـتيار من الروح الـقـدس ولكـنـنا ومعـنا كـل أبناء الـرعـية عـلى عِـلم بماضي إنـتخابات الـﭙـطـركـية وحـين نـقـرأ تأريخ الـﭙاﭙـوية ونبحـث فـيه ونـناقـشه بـواقـعـية ! نرى أن الروح الـقـدس ــ إذا سُـمِح له بالحـضور ! ــ فإنه يحـضر بـينهم بصفة مراقـب عـن كـثب جالساً في الصفـوف الخـلفـية دون أن يحـق له الـنـقاش ولا الـتـصويت ولا تـتـوفـر له فـرصة الـتـدخـل في هـذه العـملية ، وفي الـوقـت الـذي يعـرف الـبعـض أنَّ قـول الحـق عـلى الـذات شجاعة ولكـنه لا يستـسيغه بل يريـدنا مغـمَّـضي العـينـين مقـفـلي الأفـواه وكأنـنا في عـصر الجاهـلية ، ولهـذا السبب نـقِـرُّ بأن بعـض الحـق مُـرٌ … حـين نـنادي به بـصراحة عـلـنية ))