تقرير من صحيفة وول ستريت جورنل – The Wall Street Journal
http://www.wsj.com/articles/iraqi-catholic-church-in-u-s-torn-by-immigration-efforts-1474587489
كمعارضة لمسؤولي الكنيسة، بعض العراقيين في الولايات المتحدة يساعدون المسيحيين بالفرار من العراق
الأب نوئيل كوركيس يحتفل بالقداس في دار في الكهون، كالليفورنيا، في أواخر آب. الأب كوركيس يحاول ان يجلب المزيد من المسيحيين العراقيين المعروفين بالكلدان، في الولايات المتحدة، وكان قد فُصِل من منصبه في الكنيسة في تموز. تصوير: ساندي هَفكر من صحيفة وول ستريت جورنل
تقرير: إيان لوفيت
22 أيلول 2016
الكهون كاليفورنيا – كان التجمع في حديقة الدار وجزء قداس كاثوليكي، جزء معارضة.
القس، وهو مهاجر عراقي، كان قد فُصِل من الكنيسة المحلية. وتم تحذير المؤمنين من قبل رؤساء الكنيسة المحلية بعدم الصلاة معه. ومع ذلك جلس 50 شخصا في مقاعد متحولة خلف منزل في شرقي سان دييكو لإظهار معارضتهم لمسؤولي الكنيسة الذين يحرضون المسيحيين للبقاء في العراق، حيث أعدادهم هي في تضاءل.
“ليس هناك مستقبل للمسيحيين في العراق” قال بهاء كلندور، وعمره 31 سنة والذي كان قد ترك البلد في 2010 “يجب ان نجلبهم هنا”.
ان الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية التي هي فرع من المسيحية بعمر ما يقارب 2000 سنة ومقرّها في العراق، هي في صراع مع ذاتها حول تأمين بقائها، وان الخلاف يهدد الى تمزيق هذه الكنيسة القديمة.
هناك قسم من الكلدان في الولايات المتحدة يندفعون لمساعدة المسيحيين للهروب من العراق، حيث التهديد والقتل من الولاية الاسلامية. ان هذه المحاولات وضعتهم في خلاف مع كبار مسؤولي الكنيسة في بغداد والذين يقولون بأن على الكلدان البقاء والمحافظة على المسيحية في الشرق الأوسط.
ان التوتر بين بغداد والكلدان المشتتون في العالم قد وصل الى مرحلة الانقسام في مدينة الكهون حيث يسكن غالبية الكلدان.
ان الأب نوئيل كوركيس كاهن قضى غالب السنتين الأخيرتين بمطالبة الولايات المتحدة لقبول عدد أكبر من اللاجئين المسيحيين العراقيين، كان قد فُصِل من منصبه في الكنيسة هنا في تموز. وان المطران لفترة طويلة، مؤازراً آخراً لللاجئين العراقيين، كان أيضاً قد أُجبر على التقاعد.
ان هذه التغييرات هزت المجتمع الكلداني بأوسعه في الكهون، والبعض هنا باشروا بثورة هادئة ضد رئاسة الكنيسة.
لقد بدأوا بإقامة ما يسمى بـ “القداديس السرية” مع الأب كوركيس في بيوت في المنطقة. حتى ان البعض بدأ بالتلويح بأنشاء كنيسة خاصة بهم في الولايات المتحدة، حيثما يقولون ان بإمكانهم المحافظة على لغتهم وعاداتهم أفضل عما في العراق.
“ما هي علاقتنا مع العراق؟ نحن أمريكان”، قال الأب كوركيس الذي غادر العراق في بداية 1990 خلال حرب الخليج. “نحن بإمكاننا ان يكون لنا كنيستنا هنا”.
وأضاف سريعاً: “هذا ليس هدفنا. اننا نريد ان نحافظ على تراثنا”.
منذ ان غزت الولايات المتحدة العراق في 2003، بدأ السكان الكلدان يتحولون باستمرار بعيداً عن وطنهم. ويوجد الآن بحدود 400 ألف مسيحي في العراق مقارنة بـ 1,4 مليون ما قبل الغزو، وذلك طبقاً لمسؤولي الكنيسة. لقد عدّ وزير الخارجية جون كيري بان الهجمات على المسيحيين في العراق بأنها ابداة جماعية.
ومن ناحية اخرى فقد ازداد عدد السكان الكلدان في الولايات المتحدة الى اكثر من 250 ألف، أغلبهم في أنحاء ديترويت وسان دييكو.
الأب كوركيس، الثاني من اليسار، يتكلم مع المؤمنين بعد القداس. بعدسة ساندي هفكر لصحيفة وول ستريت جورنل.
ان الهجرة الجماعية كانت مبعث اهتمام كبير للبطريرك لويس روفائيل الأول ساكو، المسؤول الأول في الكنيسة الكلدانية، وهي كنيسة كاثوليكية ذات طقس شرقي وتتبع البابا في روما.
“هذه هي أرضنا” قال غبطته في رسالة الكترونية لجريدة وول ستريت جورنل من العراق. “اذا رحلنا، سيرحل كل شئ معنا، وشيئا فشيئاً سنذوب بالإستيعاب في المجتمعات الجديدة”.
وفي رسالة للمطارنة في آيار، والتي حصلت عليها الصحيفة، كتب البطريرك ساكو “لا يجب السماح للقسان باعطاء اي تصريحات رسمية تشجع القسان الآخرين على الهجرة”.
“علينا بالتضحية ببعض القسان للمحافظة على البقية” كتب غبطته. “نحن وقبل الآن في نقص بعدد القسان”.
وقال عبر الإيميل بأن الأب كوركيس قد تم فصله لأنه إنتقد رؤساءه والكنيسة بذاتها.
اما مساندي الأب كوركيس فقالوا بأن السبب الحقيقي لفصله من الكنيسة هو واضح.
“لقد كان بسبب اللاجئين”، هذا ما قاله مارك عربو، ناشط في المجتمع الكلداني هنا والذي عمل مع الأب كوركيس من اجل الحصول على فيز للمسيحيين العراقيين، من خلال منظمتهم: المؤسسة الإنسانية للأقليات، وهي مجموعة غير ربحية محامية لللاجئين المسيحيين. “ولقد كان بسبب مساعدته للشريحة الأكثر ضعفاً في العراق”.
في الأشهر الأخيرة لا تزال القداديس في كاتدرائية مار بطرس الكلدانية هنا عموماً مليئة بالمؤمنين، لكن الإحباط منتشر، هذا ما قاله الأب ميخائيل ج. بزي والذي لا يزال في الكنيسة.
لقد أصبح الأب كوركيس رمزاً لذلك الامتعاض مع بغداد، تلك التي فرضت أيضاً تغييرات على الطقس في الكنيسة هنا.
ان القداديس الأخيرة في حديقة دار الأب كوركيس تشابه الى حد كبير الطقس الكلداني التقليدي: حيث تكلم باللهجة الآرامية، اللغة التي استعملها الكلدان من ألفي عام، وقدم التناول بإستعماله رقائق البرشان التي جلبها شخصاً ما من الكنيسة.
وسن جربوع، التي غادرت العراق منذ 40 عاماً، قالت انها لا تريد الإنفصال عن الكنيسة الكلدانية في العراق – وانها مستمرة بحضور القداس في الكاتدرائية – لكنها لا تستبعد الإنقسام.
“هنا هو المكان الذي فيه علينا ان نحافظ على هويتنا، وطقسنا، ولغتنا”، قالت السيدة جربوع 56 سنة، مشيرة الى ان الجماعة الكلدانية قد أنشأت مدرسة لللغة، ومعهداً كهنوتياً وديراً للرهبان هنا. “أنا احب بلدي، لكننا لا نستطيع ممارسة ايماننا بحرية هناك. هناك يوجد إبادة”.
ومع ذلك، أجزاء بطابع أمريكي كانت واضحة في قداس الأب كوركيس. حيث تحدث الشباب الحاضرين بينهم بالإنكليزية قبل القداس – اذ ليس بإمكان جميع مهاجري الجيل الثاني من التكلم بالآرامية. هذا وتمت قراءة مقاطع من الانجيل بالإنكليزية أيضاً. وكانت الثلاجة معبئة بعلب البدوايزر المرموز عليها “أميركا”.
مايكل و. أمِرسون، بروفسور في علم الإجتماع في جامعة رايس والذي يدرس الدين والعرق، قال بأنه من الممكن الحفاظ على ممارسة الديانات المتميزة في بلدان الشتات. لكن التقاليد تتغير – واللغة تضمحل – في البيئة الجديدة.
وقال “ان الدين والعادات تتأثر جداً بالبيئة المحيطة”. “والى الجيل الثالث، فانه من الصعب جداً الحفاظ على ما كان عليه في بيئة مختلفة.
“ان المطران إبراهيم ن. ابراهيم، وهو مطران كلداني متقاعد مقره في منطقة ديترويت، كان قد عمل أحياناً كمتحدث بأسم البطريرك ساكو في الولايات المتحدة، بما في ذلك عن أهمية الحفاظ على المسيحية في العراق. ولكن المطران ابراهيم الآن يؤمن بأن بقاء الكلدان هو في الولايات المتحدة فقط.
وقال “حتى ان الكلدان في العراق يشعرون بذلك” وأضاف “إن كنا نقول ذلك، فهذا لأننا نسمع منهم “.
ترجمة: كادر الموقع