سعد توما عليبك
ملبورن/ استراليا
نسمع ونقرأ بين الفينة والأخرى، وعبر وسائل الإعلام المختلفة آراء متضاربة حول ما يؤول اليه مصير سهل نينوى وبلداته المسيحية الأيزيدية الشبكية، فالأكراد يعتبرون سهل نينوى منطقة متنازع عليها بين اكراد الإقليم وعرب المركز من حيث تبعيتها الجغرافية، الأكراد يعتبرونها جزءاً مستقطعاً من جغرافية كردستان الجنوبية، والحكومة المركزية تعتبرها جزء من الأراضي العراقية ويجب ان تبقى تحت حكم المركز بغداد. والغريب في هذا الصراع غياب الإحترام لأصحاب المنطقة الشرعيين والتاريخيين من الكلدان والسريان والأيزيديين والشبك والعمل على السيطرة على مقدراتهم عن طريق شراء ذمم من يدعي تمثيلهم من الراكضين وراء مصالحهم ومناصبهم الخاصة.
الوعود التي يطلقها المسؤوليين الحزبيين في اقليم كوردستان حول تحسين أوضاع سكان وبلدات سهل نينوى بعد الحاقهم بالإقليم ليست كافية ولا مضمونة، فليس هناك ضمان لوعود السياسيين، ولا يمكن لشعب أن يعتمد على الوعود فقط، ولو الحقت منطقة سهل نينوى بالإقليم فسيبقى مصيره خاضع لحكومة الإقليم، ولو سارت الأمور بهذه الطريقة الساذجة ودون وثبة حقيقية لسكان سهل نينوى من أجل تقرير مصيرهم، فإن مصير أراضي بلداتهم لن يكون بأحسن من مصير اراضي المناطق المسيحية الموجودة ضمن اقليم كوردستان كعنكاوا وشقلاوا وغيرهما، حيث تم التصرف بها بأوامر من السلطات العليا في الإقليم وبسرعة فائقة وبإسلوب عشوائي غير منصف لأصحابها بالرغم من الدعوات والمحاولات السلمية المستمرة لسكانها لوقف التصرف الإنتقامي لأراضيهم التي ورثوها عن أجدادهم، لكن دون جدوى، الى ان فقدت تلك البلدات خصوصياتها القومية والدينية، ونجد اليوم بأن خير ما يفكر به شبابها هو الهجرة بإتجاه الغرب أملاً في أيجاد مستقبل أفضل وأأمن له.
ما هو الحل:
إن محاولات بعض الجهات السياسية في فرض عملية الإستفتاء على سكان بلدات سهل نينوى من الآن يعتبر تجنياً وتجاوزاً صارخاً على حقوقهم في تقرير مصيرهم، لأن وضعهم الغير مستقر كمهجّرين لا يساعد على ذلك وهم يعانون من شتى انواع العوز، ويمرّون بحالة نفسية صعبة وخاصة عندما يفكرون بالعودة الى مناطقهم ويرون بيوتهم وذكرياتهم أصبحت أطلال بيد عصابات الدواعش. وعليه فإن أية عملية استفتاء لو فرضت عليهم الآن ستكون ناقصة للشرعية.
وفي الوقت عينه يفترض بأن يقوم الخيرين والمثقفين من أصحاب الشأن ومن كافة الفئات من سكان سهل نينوى بتأسيس (مجلس سهل نينوى) متكون من كل مكونات المنطقة على ان يتم استبعاد السياسيين المرتبطين باجندات الأحزاب الكبيرة سواءً في الإقليم أو في المركز، ويركز هذا المجلس في عمله الجاد حول النقاط التالية:
1/ أن يبقى سهل نينوى تحت الحماية الدولية لمدة لا تقل عن خمسة سنوات، الى ان تستقر امور سكانه بعد تعمير بلداته وعودة سكانها الى أعمالهم ووظائفهم، عندها يكون قرارهم صائباً ودون ضغوط خارجية عندما يستفتون على خيارات كيفية ادارة مناطقهم، سواءاً بتبعيتها للمركز، او لإقليم كوردستان وفق شروط محددة، أو ابقائها كإقليم قائم بذاته.
2/ تسليم ادارة سهل نينوى الى (مجلس سهل نينوى المؤقت) ومن ثم اجراء انتخابات نزيهة لإنتخاب (مجلس سهل نينوى) وبنفس طريقة وتوقيت مجالس المحافظات العراقية.
3/ مطالبة الأمم المتحدة والدول المانحة للمساعدات والحكومة المركزية على دعم بلدات سهل نينوى من أجل تنفيذ مشاريع انتاجية وخدمية وسياحية فيه.
4/ انشاء مطار خاص في احدى بلدات سهل نينوى لتأثيره الإيجابي في سرعة تطور المنطقة ودعم اقتصادها.
5/ الإستعانة بالخبرات الجيولوجية العالمية والمحلية من أجل اجراء مسح شامل للمنطقة والتعرف على ما موجود فيها من خيرات طبيعية كالنفط والمعادن.
6/ تشجيع الإستثمار الخارجي في بلدات سهل نينوى والذي يؤدي الى تقليل البطالة فيها وتقوية اقتصادها.
وعندما تسير الأمور بهذا الإتجاه فحتماً ستبقى المنطقة محل أنظار المسيحين المهاجرين من اجل التواصل معها، او حتى للرجوع والعيش فيها.
أني أرى لو كانت هناك همّة ونشاط في العمل الجاد بهذا الإتجاه بعيداً عن المصالح الشخصية والفئوية، فإن المرحلة الحالية مواتية جداً لبداية موفقة في الطريق الصحيح، فالمسيحيين بكافة تسمياتهم القومية والأيزيديين ليسوا بأقل من بقية مكونات الشعب العراقي الأخرى لينعموا بحقهم في تقرير مصيرهم كما يريدون.