يوسف تيلجي
القضية الفلسطينية.. لا يجب أن تختطف دينيا، لأنها لا تحل ألا بفصل الدين كأيدولولوجية مأوروثة عن السياسة، وهذا لا يتم ألا بنخبة من العقلاء والحكماء العلمانيين ومن جميع الأطراف، وليس بثلة من السياسيين النرجسيين، المنطلقين من فكر نابع من المرجعية الدينية!).
سوف أتبع طريقة غير تقليدية، نوعا ما أكثر حداثة، ببحث هذا الموضوع الأهم ستراتيجيا وأيدولوجيا وعسكريا وأنسانيا وجغرافيا و..، الموضوع الذي حلحلته يعطي المنطقة أستقرارا سياسيا وأمنا دينيا وأجتماعيا.. سوف لن أخوض في وقائع وأحداث المشكلة لعدم وسع الكتب أستيعابها، ألا أنني سأذكر بعض الوقائع المختارة، دون تفصيل، ثم سأعرض رؤيتي الخاصة للموضوع.
1. العرب الفلسطينيين، وأسرائيل، حكام وقادة، لم يحققوا (ولن يستطيعوا ولم ينجزوا فعلا أستراتيجيا في سبيل شعبهم، وما أنجز هو أنجازات تكتيكية أنفرادية، كل على حساب الأخر، غير مستقبلية الهدف، لأن الأنجاز بأختصار هو “العيش أو التعايش المشترك”)، منذ وعد بلفور 1917 ولغاية التصعيد الدموي الأخير/ أيلول .2015، في فلسطين أو أسرائيل أو أورشليم، سمها ما شئت، أرض الميعاد، مهد المسيح، بلد المسجد الأقصى، ومن الجدير بالذكر أنه حتى جملة أن الأقصى “انه أولى القبلتين” و”ثالث الحرمين” ظهر أنه وهم، (فبالنسبة للقبلة، قال الشيخ بن عثيمين، هذا يوهم أن يكون هناك قبلتان أولى وثانيه وما من شك انه لا يوجد في الإسلام إلا قبله واحده ليس هناك قبلتان في الإسلام، وبالنسبة للحرم، قال شيخ الأسلام بن تيمية، وهذا يوهم أن المسجد الأقصى له حرم والمسجد الأقصى ليس له حرم بل هو كسائر المساجد لا حرم له وكذلك ما يسمى بالحرم الإبراهيمي ليس هناك حرم إبراهيمي وليس في الشرع إلا حرمان اثنان فقط أحدهما وهو أشرفهما وأعظمهما حرمه حرم المسجد الحرام في مكة المكرمة والثاني حرم المسجد النبوي في المدينة النبوية وليس هناك حرما ثالث..)/ نقل بتصرف من موقع الالوكة. أن القضية هي ليست فقط تأريخ وتسمية وحقائق ووقائع..، لأني أرى أنها مشكلة شعب يريد أن يعيش! بغض النظر أن كان هذا الشعب عربي أو أسرائيلي، يهود مسلمين مسيحيين.. بالنتيجة هم بشر يعيشون على هذه القطعة الجغرافية المسكونة بالألم والقهر، وبغض النظر أيضا، عن الأحقية التاريخية لمن يعيش عليها، لان هذا سيدخلنا في دوامة لا بداية ولا نهاية لها.. فمثلا، أين أحقية الهنود الحمر في اميركا، وأين أحقية الأشوريين في أرض الرافدين، وأين أحقية الماوري في أرض نيوزلندا، وأين أحقية الأبورجنيز سكان أستراليا الأصليين.. وهلم جرا. حتى أن الأحقية لها مفهوم نسبي وأخر مطلق! فليس في الأحقية فيما يخص الأرض من حق تام بالنسبة للأسرائيليين أو العرب!!.
2. الحل العسكري لم يحقق نصرا على أرض الواقع، حيث خاضت الدول العربية عدة حروب مع أسرائيل أهمها (حرب 1948، حرب 1967/ النكسة أو الهزيمة عنونها حسب قناعتك، حرب الأستنزاف، حرب 1973 العبور.. )، ولم تحرز أسرائيل أو العرب أي نتيجة فاصلة قاطعة، وهذا دليل على أن المشكلة هي ليس مبدأ القوة، قاصدا أن الوضع لا يحل بلغة السلاح، بل بلغة العقل!
3. كان هناك بعض المواقف للرؤساء العرب ذات الافق المستقبلي، منها على سبيل المثال وليس الحصر، موقف الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الذي كانت له رؤية مستقبلية، منطقية جريئة بالنسبة للصراع العربي الأسرائيلي، وموقفه يتمثل بقبول قرار التقسيم، مع أتباع سياسة المراحل، وملخص موقفه هو الأتي، وحسب ما جاء بمقال بموقع/ أعلام بلا حدود.. (أضحى موقف الزعيم الحبيب بورقيبة من القضية الفلسطينيّة معروفا اليوم من قبل كلّ العارفين بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وهو موقف يتجانس مع منهجه السياسي القاضي بضرورة اتباع سياسة المراحل وذلك منذ قيادته لحركة تحرير البلاد التونسيّة من الاحتلال الفرنسي. ويدعو موقف بورقيبة بشأن القضية الفلسطينيّة إلى قبول الفلسطينيين والعرب بقرار التقسيم رقم 181 وإنشاء دولة فلسطينيّة على جزء من أرض فلسطين على أساس قرار الأمم المتحدة المذكور. وهو الموقف الذي أعلنه الرئيس بورقيبة في خطابه المشهور في مدينة أريحا في 3 مارس 1965 أي بعد شهرين من إنشاء منظمة التحرير الفلسطينيّة وقبل 15 شهرا من قيام اسرائيل باحتلال كامل فلسطين والجولان وشبه جزيرة سيناء..).
4. وقعت عددا من الأتفاقيات، التي ساهمت بشكل أو بأخر بحل جوانب محددة من الصراع، ولكن لم تمنح الشعبين الفلسطيني والأسرائيلي، الأمن والأمان والأستقرار، منها.. أتفاقية كامب ديفيد 1979، التي علق عليها موقع قصة الأسلام ، بأشراف د. راغب السرجاتي بمقال بعنوان، ثلاثون عاما على كامب ديفيد ((.. يمر 30 عاما على توقيع مصر وإسرائيل معاهدة السلام التي مرت ذكراها البائسة يوم 26 مارس 1979، وبرغم السنوات الثلاثين إلا أنه لا السلام الشامل والعادل للصراع العربي الإسرائيلي قد تحقق، ولا السلام المصري الإسرائيلي البارد صار دافئا أتفاقة))، وهناك أتفاقية أوسلو 1993 التي نصت على ((إعلان المبادئ الفلسطيني– الإسرائيلي حول ترتيبات الحكومة الانتقالية الذاتية، أو سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني (السلطة الفلسطينية) وأطلق عليها الفلسطينيون (السلطة الوطنية الفلسطينية) كنواة لدولة فلسطين العتيدة، كما وقعت بواشنطن بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني بعد اتمام الاتفاق عليها في العاصمة النرويجية أوسلو، في 13 أيلول – سبتمبر 1993..))/ نقل بتصرف من موقع أسراج.. فحتى هذه الأتفاقيات لم تحقق هدف السلام للشعبين!
5. ثورة الحجارة، وملخصها ( .. البداية كانت في التاسع من كانون الأول عام 1987 عندما اصطدمت شاحنة إسرائيلية على أحد الحواجز في مخيم جباليا في قطاع غزة بحافلتين كانتا تقلان عمالاً فلسطينيين مما أدى إلى مقتل أربعة منهم . شيع أربعة آلاف فلسطينيي القتلى، وتحولت مراسم التشييع إلى موجة من الاحتجاجات انتشرت بسرعة عبر المخيمات والقرى في القطاع والضفة والقدس لتشكل إحدى الحلقات الملحمية لما سيسمى فيما بعد بالانتفاضة الفلسطينية الأولى. واجه الشباب الفلسطينيون العزل قوات الجيش الإسرائيلي المدججة بالسلاح وكانت أعداد المشاركين تزداد بشكل مضطرد وبدأ الحجر يصبح تدريجياً لغة جديدة لم يكن الكثيرون قد تعرفوا عليها بعد، وهو ما شكل في أوساط الإعلام مادة مغرية لجيش مجهز بأحدث الأسلحة يواجه سلاحاً على هذه الدرجة من التواضع، وتدفقت وسائل الإعلام العالمية إلى القدس وتل أبيب وحصدت التغطية الإعلامية بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الانتفاضة أكثر مما حصده اللقاء بين الرئيسين ريغان وغورباتشوف..)/ نقل بتصرف من موقع المندسة السورية … وأنا أقول ماذا حققت هذه الثورة من أنجاز ! سوى القتلى بالألاف من الطرفين ، أذن ليس من أنجاز سوى شعبا يقتل، وبقت المشكلة الرئيسية بلا حل! (فالانتفاضة الاولى: عام 1987 ، كان الشهداء الفلسطينيون: 1300، القتلى الاسرائيليون: 160، النسبة: اسرائيلي واحد مقابل 8 فلسطينيين، أما الانتفاضة الثانية: انتفاضة الاقصى: عام 2000 كان الشهداء الفلسطينيون: 4412 و القتلى الاسرائيليون: 1059، النسبة: اسرائيلي واحد مقابل اربعة فلسطينيين)/ نقل بتصرف من موقع الحرية الاعلامي. من هذا نرى أن ثورة الحجارة، قتلت أكثر من 5712 فلسطينيا و 1219 أسرائليا، لقاء حادث راح ضحيته 4 فلسطينيين!! أين الأنتصار وأين الحكمة وأين السياسة يا قادة العرب و الأسرائيليين!
6. لا زالت بعض الدول العربية لها علاقات رسمية مع أسرائيل، مصر والأردن، كذلك دولة قطر لها “علاقة رمادية” مع أسرائيل، لأن أسرائيل لها مكتب أقتصادي في قطر، وكذلك أسرائيل لها ممثلية في الأمارات العربية المتحدة (قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية صباح اليوم ان إسرائيل ستفتتح في الأسابيع القليلة المقبلة لأول مرة ممثلية دبلوماسية رسمية لها في الإمارات وبصورة واضحة)./ نقل من موقع RT، وهناك الكثير من الدول العربية تتغازل بعلاقات عذرية مع أسرائيل، فلم هذا الدور المتحايل على الشعوب، ولماذا الشفافية غائبة عن الشعوب دوما!
الرؤية الخاصة:
ماهو الواقع المجتمعي الأن، أسرائيليا الوضع الاقتصادي جيد، أما لو تكلمنا فلسطينيا، فأن معدل الفقر متنام، خاصة في غزة، التي تحكمها حماس، حيث تشير بعض التقارير الى ((.. وفقا ً للمفهوم الوطني للفقر والذي يستند إلى التعريف الرسمي للفقر الذي تم وضعه في العام 1997. ويضم التعريف ملامح مطلقة ونسبية تستند إلى موازنة الاحتياجات الأساسية لأسرة تتألف من خمس أفراد (بالغين اثنين وثلاثة أطفال)، هذا وقد تم إعداد خطي فقر وفقاً لأنماط الاستهلاك الحقيقية للأسر، فقد قدر معدل الفقر بين السكان وفقا لأنماط الاستهلاك الحقيقية25.8% خلال عام 2011، بواقع 17.8% في الضفة الغربية و38.8% في قطاع غزة. كما تبين أن حوالي 12.9% من الأفراد في فلسطين يعانون من الفقر المدقع، بواقع 7.8% في الضفة الغربية و21.1% في قطاع غزة. هذا مع العلم ان خط الفقر للاسرة المرجعية قد بلغ 2,293 شيكل اسرائيلي وخط الفقر المدقع قد بلغ 1,832 شيكل))، أما معدل الخصوبة والأنجاب فلسطينيا فهو مرتفع ، حيث يشير نفس المصدر الى ((استناداً إلى نتائج مسح الأسرة الفلسطيني 2010، فقد طرأ انخفاض على معدل الخصوبة الكلية في فلسطين، حيث بلغ 4.4 مولوداً للفترة (2008-2009) مقابل 6.0 مواليد في العام 1997. أما على مستوى المنطقة فيلاحظ استمرار ارتفاع معدل الخصوبة الكلية في قطاع غزة عنه في الضفة الغربية خلال الفترة (1997-2009) ، حيث بلغ 4.0 مواليد للفترة (2008-2009) في الضفة الغربية مقابل 5.6 مولوداً في العام 1997. أما في قطاع غزة فقد بلغ هذا المعدل 5.2 مولوداً للفترة (2008-2009) مقارنة 6.9 مولوداً في العام 1997.)) نقل بتصرف من
Palestinian Central Bureau of Statistics . www.pcbs.gov….
وهذا مؤشر خطير خاصة فيما يتعلق بالوضع المجتعي للفلسطينيين وتحديدا نسبة الفقر، وحتى أن ناتج معدل الخصوبة فهو مستهلك أو مستنفذ في ثغرة الخسائر البشرية ، مهما كان سببها، أن زخم التوالد غير مستغل بشكل أيجابي، وأنما خاضع الى سياسات خاطئة من قبل القادة والحكام. حيث أن القادة الفلسطينيين، وحسب أيدولوجيتهم أنهم على الطريق القويم ، في تحرير الأرض ، فالتحرير التام/ للعلم، أصبح ضربا من شبه الخيال مع حكومة أسرائيلية قائمة وشعب موجود على أرض ، يقول عنها أنها أرض الميعاد.. أننا أمام مفترق طرق تأريخي خطير، وهو الى متى الشعب الفلسطيني يضحي، وهو أصلا منهك ومحمل أكثر من طاقته هما وغما، شعبا لا يقدر الفرد فيه أن يلبي أحتياجات العائلة المادية، والحكام يريدون منه المقاومة والتضحية والأستشهاد والأستبسال والنضال، وهو شعب مشرد، فكيف لشعب يدافع والعائلة الفلسطينية لا تلقى رعاية صحية أو تعليمية أو أجتماعية..، أضافة الى أن رب الأسرة عاطل..
بنفس الوتيرة، الشعب الأسرائيلي، سوف لن يكون أمنا مع شعب يجاوره أو يعيش معه/ عرب 1948 وقطاع غزة و..، وهو يشعر بالظلم والجور ونقص الحقوق، وفوق هذا وذاك، غالبيته يعيش في فقر أو تحت خط الفقر/ أشارة للنسب الواردة في أعلاه، أن الشعب الأسرائيلي لا يمكنه العيش بأمان وأستقرار وهناء ورفيقه اللدود في الوطن والارض يحس أنه مظلوم مغدور! ف يا قادة أسرائيل أذا أردتم الخير لشعبكم، حاولوا أن تنصفوا الأخرين، وألا سوف تنتظرون بين الفينة والأخرى الى أنفجار أو الى طعن مواطن “أشارة الى تحريض رجال الدين الفلسطينيين ومنهم الشيخ محمد صلاح أبورجب – الذي يحرض في خطبه على طعن الأسرائيليين بالخناج”، وهذا من المؤكد سيقابله رد فعل عنيف أسرائيلي أكثر دموية.. وهكذا يتكرر عدم الأستقرار، والشعب هو الذي يدفع الثمن!، أن مبدأ التوافق والوسطية في الحلول هو الأنسب، في حل كل المشاكل على أرض الواقع، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الى متى الشعوب تدفع فاتورة الحكام، بقرارات غير حكيمة، الى متى الشعوب تتحمل أخطاء قادة نرجسيين/ من الطرفين، لا يهمهم سوى مصالح معينة بحد ذاتها يظنون أنها الحل السليم والأمثل لمشكلة شعوبهم، ومن المعروف أن الحل المقبول لك قد يكون غير مقبولا أو مرفوضا بالنسبة للطرف الأخر!
أنه من المؤكد أن الشعبين العربي والأسرائيلي، باقون على هذه الأرض، وهذه حقيقة يجب أن يفهمها الجميع، والكل يعرفها ويؤمن بها علنا أو ضمنا، عدا المتشددين دينيا وأيدولوجيا، لأن غالبية الشعبين، يريدون السلام والعيش الأمن، بعد تضحيات كبيرة قدمها الشعبين، خاصة الفلسطيني، ولكن متى تفقه الحكام أرادة الشعوب! والى متى يقتنع القادة وحتى الشعوب أن التعايش المشترك ، ليس ضرورة فقط، بل أنها حقيقة تأريخية حتمية! من كل ما سبق، أرى أن تحييد قدسية الأماكن الدينية من الصراع جانبا، هو أيضا ضرورة أخرى، لأن الحل يقوم على مبدأ التعايش على الأرض ، بعيدأ مفاهيم العزل ، بحكومة أو بحكومتين/ أسرائيلية وفلسطينية، مع أعتراف تام/ سياسي، من قبل الطرفين بحق الشعبين على هذه الأرض، وفق أسس متفق عليها من قبل لجنة أممية، مع وقف العمليات المسلحة، ووقف الردع الأسرائيلي العنيف، والأبتعاد عن الشحن الديني بخطابه المشجع للعنف، وأن يكون هناك سلاما حقيقيا وليس سلاما شكليا مزيفا! وأختم مقالي بقول السيد المسيح: “كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون”.