يوسف تليجي
رجال الأسلام الجدد أوجدوا أسلاما جديدا ألا وهو، الأسلام السياسي، وأدخلوه عنوة وفق “فورما” معينة في العملية السياسية، وهذا أشكال كبير، حيث أن العلمنة وجهات متعددة أخرى ترفض هذا النهج، وتؤكد على أبعاد الدين عن المعترك الساسي، و ترى أيضا أن الأسلام مكانه الجامع أو الحسينية، وذلك لأن الدين هو علاقة أيمانية بين الفرد وربه، ليس مكانه أروقة السياسة ودواوين الدولة والحكم، ويشددون أيضا على الأبتعاد عن الدولة السيوقراطية/ الحكم الديني، الذي كان سائدا في القرون الوسطى، فالتأريخ أثبت فشلها لأنها ضد التطور والتقدم والعلم، ولكن لولا هذا المفصل / السيوقراطية، لما تطور وتقدم الغرب، لأن القفزة الحضارية كانت رد فعل لهذه الحكم، من جانب أخر يركز الأسلاميون الجدد من مفكرين وشيوخ ودعاة .. وأحزاب أسلامية مختلقة على أن الأسلام صالح لأي زمان ومكان، ويؤكدون أن الحاكمية لله، ويركزون على قال الله وقال الرسول، ولكن هذا الأمر غير عملي في مفهوم الدولة الحديثة التي تستوجب النقاش والأعتراض والتغيير والأحلال والتبديل، لأن دينيا، النص الأسلامي، غير خاضع للمناقشة والحوار والجدل، لعدم أحتمالية النص / أسلاميا، للخطأ والصواب، وكيف لنص تأريخي نزل على سقف زمني أمده 23 عاما قبل 1400 عاما أن يطبق على مجتمع القرن الواحد والعشرين بكل متغيراته الأجتماعية والثقافية والسياسية والحضارية، كيف ينطبق نص كان يعالج العقلية البدوية العصبية الذكورية المنغلقة على مجتمع ليس به أي متشابهات أو أي تقارب عقلاني أو أجتماعي، أضافة الى أختلاف التقاليد والأعراف والعادات، فهناك أختلاف تام مطلق زمكاني للظروف عامة بين الحقبتين، فمبدأ الخلافة وأدارة الحكم والتوريث والحلال والحرام وملك اليمين والسبايا والعبيد والغزو والغنائم والخراج .. أين منها من عالم اليوم، وتطبيق هكذا دولة بهذه المفاهيم الأسلامية سيكون أمرا مصيره كارثيا على الدولة والمجتمع / الشعب، وهذا الذي كان سيحصل في مصر أبان حكم محمد مرسي الرجل الأخواني لولا مبادرة الجيش للسيطرة على الموقف.
أن أبتعاد الدين عن السياسة هو أكرام للدين ورفع لشأنه وترسيخ للمفهوم الحضاري للسياسة والدولة بنفس الوقت، أما الكلام المنمق اللبق الشيق لرجال الدين / وهذا ما يتميزون به، بأنه في ظل الدولة المدنية التي مرجعيتها الأسلام (وهذا السبق الجديد لهم، فهم خرجوا من ثوب الدولة الدينية الى ثوب جديد بمفهوم عصري وهو الدولة المدنية ذات المرجعية الدينية الأسلامية) ستكون دولة متقدمة يسودها العدل والمساوات، وتنعم بها كل الأقليات بالخير .. فهذا كلام خطابي سهل، ولكن لا يمكن تطبيقه عمليا، لعدم وجود قواعد وأليات لهكذا دولة هجينة مدنية أسلامية، لأن المنطق يقول أما دولة دينية أسلامية، كالسعودية وأيران، وهذا يعني أرجاعنا الى عصر الدعوة المحمدية، بكل أرهاصاتها، أو دولة مدنية يحكمها القانون المدني الوضعي، دولة المؤسسات، دولة الحقوق والواجبات، لا مرجعية لها سوى العقل والمنطق والواقع المتحضر .. فأيها الأسلاميون أفتوا في مجالكم كيفما تشاؤون وأبتعدوا عن قطاع الحكم والدولة العصرية، فقد حكمتم كفاية، وفتحتم الكثير من الأمصار، وقطعتم رؤوس وأيادي الكثير، وجلبتم الكثير من السبايا والغلمان، آن لكم الأن أن تتنحوا جانبا في زوايا مساجدكم، لأن زمن الحاكمية لله قد ولى وأنتهى مأثور قال الله ورسوله! وحان الأن عصر دولة القانون.