الكاتب: حمورابي الحفيد
وجد ملالي قم في بدونة المجتمعات المستهدفة من قبلهم لتجريدها من قيمها وقطع تواصلها مع تاريخها وجذورها كافضل وانجع وسيلة لهدم تلك المجتمعات والسيطرة عليها. مستثمرين المخزون العاطفي اللاعقلاني لدى تلك المجتمعات في حنينها الى البدونة كوسيلة لبلوغ اهدافا وغايات تعجز من تحقيقها باساليب عقلانية وجهد وعمل هادف لتحسين مستواها المعاشي والاجتماعي بعيدا عن كل توجه حضاري.
فلقد بدأوا بلبنان بذريعة تحرير فلسطين وعنتريات السيد حسن الذي تشرف بلقب بطل المقاومة والذي انهى لبنان كدولة وتحول الى محمية بادارة وكيل الولي الفقيه في طهران، وقضى على اي مستقبل لشعبها، ونفس المنهج عمل به في البحرين وجزيرة العرب واليمن والعراق وسوريا وبقية بلدان العالم بالاخص الاسلامية منها هذا من جهة.
اما المحور الثاني في توجههم هو استثمارهم بذكاء الجهل المستفحل في مجتمعات تلك البلدان وفقرها المعرفي والثقافي المقتصرعلى التعاليم الاسلامية التي لا تعدو ان تكون بالكامل تقديسا للقيم البدوية من غرائز وطبائع واعراف وكل ما يتحكم بالانسان البدوي.
طبق هذا النموذج على عموم الساحة الاسلامية في حربهم على الاغلبية السنية في العالم اينما تمكنوا من ذلك، ومن الطبيعي ان يكون العراق الهدف الاول في مرماهم كما كان يوم انفتحت شهية النبي العربي في التوسع بعد استكمال مشروعه في جزيرة العرب في تحقيق احلامه في السيطرة ونهب ما تيسر من العالم اينما تمكن سيفه من ذلك، وها هم سائرون على نفس النهج لتطبيق هذه الستراتيجية الغادرة والمخادعة، لهذا كل جهودهم منصبة في ترسيخ مفهوم ارتباطهم العضوي والمباشر بتلك الشخصية بتركيزهم على عبارة انهم من اهل البيت واحيائها في الوعي الجمعي، بهذا يمتلكون اهلية في التوريث التي تشمل كل الابعاد الزماني منها والمكاني والمادي والمعنوي.
ان احلى واغرب ما في الكذبة هذه ان يتحول هندي وفارسي وتركي الى انحدار وراثي من اصل بدوي، صبحان الذي صهرهم بغير ميعاد..
فمنذ تاريخ اسقاط الدولة العراقية بتاريخ 2003 المنهكة اصلا بسبب الكوارث والحماقات التي ارتكبها النظام الفردي البائس وهم يعملون بشكل مدروس على الغاء كل ما يؤشر على الهوية العراقية مدعومين بسياسات الغازي الاميركي للبلد حيث نجح الحاكم الامريكي على البلد في دفن العراق يوم عمل على ابراز المؤسسة الدينية في النجف كونها مركزا لكل السلطات ولا حاجة لايضاح كونها امتدادا و فرعا لمؤسسة الملالي في قم وطهران، وترك كل الابواب مفتوحة امام المليشيات الشيعية القادمة من ايران لفرض سيطرتها بالكامل على كل مرافق الحياة في البلد.
فبداؤا بتنفيذ مخططات حكام طهران حلقة بعد اخرى والى اليوم بعد التحكم بالانتخابات بفتاوي مضللة في كل مرة وكان اخطرها فتوى المرجعية بتشكيل ما سمي مؤخرا بالحشد الشعبي (والمقدس طبعا) حيث به تشكل جيش طائفي انهى كل امل في امكانية بقاء البلد موحدا، ويشكل هذا التنظيم سكينة في خاصرة الجيش العراقي هذا ان كتب للاخير ان يوجد.
لقد افلحوا في مساعيهم الشريرة وافرغوا كل احقادهم على كل ما هو عراقي فبداوا بمطاردة كل العناصر الفاعلة في المجتمع فدشنت الاحزاب المرتبطة بملالي قم وطهران بمحاربة التواجد الغير الاسلامي في العراق عامة بدا بالبصرة من المسيحيين والصابئة بالدرجة الاولى وباحقر الوسائل وقاموا بتصفية كل من تشم منه رائحة عراقية وعلى عموم الساحة الوطنية وركزوا جل جهدهم لتقزيم وجود المرأة كانسان، وعمموا ثقافة عبادة القبور والنواح على موتى مضى على وفاتهم قرونا علما انه ليس بين تلك الاسماء التي عملوا ويعملون على تاليهها ونشر قيم عبادتها وتقديسها اية علاقة لا من قريب او بعيد مع العراق لا انتماءا ولا تاريخا ولا ثقافة، كل ما عرف عنها هو حبها للسلطة والتسلط مسلحين بفكرة التوريث وبمجهولية علمية حد الامية وعديمي العطاء لدرجة الصفر او دونه.
بجانب كل هذا نظموا حملات تصفية طالت كل من يشتبه به انه يحمل صفات عراقية من علماء وادباء اساتذة ومفكرين ورجال دولة وحكام وعسكريين هذا والاخطر من كل هذا يتجلى في الهدم الثقافي الممنهج الذي عمت بركاته على كل مناحي الحياة المادية منها والمعنوية على السواء حيث اعلنت الحرب على الفنون بكل انواعها ودمرت المعالم المعمارية والحضارية في المدن العراقية ودمر النظام التعليمي والمؤسسات الصحية في البلد وحورب الاطباء فمنهم قتل ومنهم من نجى بجلده وهرب واعادوا احياء القيم العشائرية كانجع أداة لهدم الدولة.
لهذا لم يكن غريبا ما اعلنوه مؤخرا في محوا اكبر عنوان يعرف به البلد وهو الغاء اسم عاصمة البلد التاريخية والحضارية وتبديله بمنحه الى شخصية بدوية بامتياز ليس فيها شعرة واحدة تشيرعلى علاقة لها بالبلد لا عرقيا ولا اثنيا ولا ثقافيا ولا عرفيا، وهي شخصية تفتقر الى كل مؤهلات شخصنة التاريخ بها.
كل مبرر هذا التكريم يقتصر على انحدارها العائلي حيث ولدت من نسل فرد عانت ولا زالت البشرية كلها تعاني من افعاله واقواله وليس هناك من مؤشر واحد لانهاء ما ترتب ويترتب عليها من شقاء بشري لا حدود له.
المعيب في الامر ان الشخص المعني تكريمه لا يحمل متطلبات هذا التمجيد بالتضحية بالذاكرة التاريخية لاهل وادي الرافدين خاصة والعالم اجمع غير انحداره العائلي ومجرد ولادة شخص ما من عائلة معينة لا يبرر تقديسه وتخليده.
بهذه الضربة ها هم ايتام الخميني وعبيد خامنئي يدقون المسمار الاخير في نعش العراق تاريخا ووجودا واكتملت الحلقة والفصل الاخير في مساعيهم لمسح كل اثر لعراقية الشعب فى البلاد بالغاء اسم بابل وتبديله باسم حسن وليس للعراق كوطن واصول وتاريخ اية معرفة بمن هو هذا الحسن.
ومن خصائص هذه الفئة الباغية انها تتخذ من الكذب المعول الاول في عملية هدمها للوطن اذ انهم دوما يعملون عكس ما يعلنون وباساليب خبيثة وطرق ملتوية وخادعة لا تليق بمن يحترم نفسه.
فبعد ان وجدوا ردة الفعل العنيفة بمن تبقى من العراقيين، خرجوا باستحياء خجول لايضاح مقاصدهم المفضوحة بالادعاء انهم لا يقصدون محوا اسم بابل من الذاكرة العراقية، لكن لمن يفهم اساليب هذه الفئة الحاقدة يعلم ان توضيحهم المشؤوم لا يغير من قناعة الجميع ان المقصود باعلانهم هو الغاء لفظة بابل من الذاكرة العراقية على الاقل وتعميم النموذج البدوي للحياة بكل تفاصيلها وهذا ما يجعل اختفاء البلاد تاريخا ووجودا وثقافة من قائمة الامم بحكم المؤكد.