بقلم: مراد الغضبان…
رغم أن الكثيرين لا يصدقون أن في قدرة الولايات المتحدة إعادة تقسيم الشرق الأوسط بحلة جديدة غير التي عرفناها منذ مطلع القرن الماضي، ناهيك عمن يعتقد أن هذا المشروع مجرد ضجة إعلامية مبالغ فيها، إلا أن المشروع بدأ يتجسد بالفعل لتبرز ملامحه تدريجيا على أرض الواقع. ربما الاختلاف الوحيد الذي طرأ هو أن المشروع بدأ بخطوات حثيثة من العراق وليس من لبنان كما أعلنت غونداليزا رايس سابقا.
ويؤكد رالف بيترس في هذا الصدد أن الحرب وحمامات الدم في خضم إعادة تقسيم الشرق الأوسط لا يمكن تفاديها، لأن العدالة التي نصب نفسه قيما عليها، تتطلب ذلك.
وقد كشفت بالامس القريب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، خريطة في غاية الرهبة والخطورة لتقسيم الدول العربية وتظهر فيها تقسيم العراق وسوريا واليمن ولبيا والسعودية إلى عدة دول.
ووفقًا للخريطة التي نشرتها “النيويورك تايمز” في عددها الإثنين 30/سبتمبر/2013، فقد أكدت أن اليمن هو البلد العربي الأكثر فقرا ويمكن فصله مرة أخرى إلى قسمين بعد إجراء الاستفتاء في جنوب اليمن بنتيجة واحدة هي الاستقلال، لتعود دولة جنوب اليمن من جديد
وركز التقسيم الذي قدمه المحلل روبرت رايت عبر الصحيفة،. الأمريكية إلى أن السعودية سيتم تقسيمها إلى خمس دول، وفقا لاعتبارات قبلية وطائفية، ونتيجة خلافات الجيل الشاب من الأمراء، وستقسم السعودية إلى دول هي: شمال السعودية، غرب السعودية، جنوب السعودية، شرق السعودية، وفي الوسط العربية السعودية.
ووفقا لتوقعات “نيويورك تايمز” فسوف تنشأ دولة شمال العراق على أن يضم إليها شمال سوريا “الأكراد، كردستان”، كما تنشأ الدولة العلوية “علوي ستان”، وتدمج المناطق السنية في العراق وسوريا بدولة واحدة تدعى “سنة ستان”، وفي جنوب العراق تنشأ دولة شيعية، فيما تنشأ دولة جديدة غرب جنوب سوريا تسمى “جبل الدروز”
أما ليبيا، فيمكن تقسيم الأجزاء التاريخية “طرابلس وبرقة” وربما “فزان” دولة ثالثة في جنوب غرب البلاد.
بعد كل هذه الكوارث أصبحت اتفاقية سايكس-بيكو الآن طي النسيان بعد أن رسمت الحدود الجديدة للشرق الأوسط في أعقاب الحرب العالمية الأول. وكانت هذه الاتفاقية صفقة سرية بين فرنسا الممثلة بفرانسوا جورج بيكو وبريطانيا الممثلة بمارك سايكس، تقاصمتا فيها الشرق الاوسط
الشرق الأوسط الجديد حسب الرؤية الأمريكية؟
فى عام 1980 والحرب العراقية الإيرانية مستعرة صرح مستشار الأمن القومى الأمريكى بريجنسكى بقوله :“إن المعضلة التى ستعانى منها الولايات المتحدة من الآنهى كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى-التى حدثت بين العراق وإيران- تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس- بيكو+
وقبل ذالك وفى عهد جيمي كارتر الذى كان رئيساً لأمريكا فى الفترة من 1977- 1981 تم في عهده وضع مشروع التفكيك, الذى وضع فى عهده “برنارد لويس” المستشرق الأمريكي الجنسية, البريطاني الأصل، اليهودي الديانة، الصهيوني الانتماء الذى وصل إلي واشنطن ليكون مستشارًا لوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط. وهناك أسس فكرة تفكيك البلاد العربية والإسلامية, ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا، وهو الذى ابتدع مبررات غزو العراق وأفغانستان.+
وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع وفي جلسة سرية عام 1983م علي مشروع برنارد لويس، وتمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية المستقبلية وهى الاستراتيجية التى يتم تنفيذها وبدقة واصرار شديدين ولعل ما يحدث فى المنطقة من حروب وفتن يدلل على هذا الأمر.+
ومن أهم ما جاء علي لسان لويس يلخص موقفه ـ وبالتالي موقف الادارة الأمريكية ـ من المنطقة التي يريد تقسيمها: إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون, لا يمكن تحضرهم, وإذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات, ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم, وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية..+
الشرق الأوسط الجديد حسب الرؤية الاسرائيلية؟+
وسط الصراع السياسي الدائر وانشغال العرب بمستقبل البلاد في ظل الانهيار الاقتصادي، والاشتباك السياسي، والحروب المفتعلة؛ لاستنزاف الوطن العربي؛ تسير خطة تقسيم الشرق الاوسط حسب المخطط المعروف باسم المستشرق اليهودي الأمريكي برنارد لويس
(وأطروحات أخرى) 2013 – 2014
على مدى العامين الماضيين، تم عرض أطروحات أخرى لتقسيم المنطقة عبر مراكز الدراسات الاستراتيجية ومنابر الصحافة العالمية، لا ترقى هذه الأطروحات لتوصيفها بـ(المخططات) لأنها أولًا أقرب للتوقعات، وثانيًا، أنها قد جاءت في كتابات بعض المحللين، ولم تأتِ من دائرة صنع القرار، ثم أنها ثالثًا تخلو من هدف استراتيجي جامع يربط بينها.
ضمن تلك الأطروحات، أطروحة (الدولة المدينة)، النموذج الذي يُتوقع أن ينتشر في الشرق الأوسط خلال العقود القادمة:
القدس- الحجاز– دبي– بغداد- مصراته– جبل الدروز، كلها مدن مرشحة للاستقلال بذاتها كدويلات ذات طابع خاص. كذلك،.
كيف يسير بنا المخطط؟
إذا درسنا جيدا ما يتم منذ الثمانينيات وحتى اليوم لتأكدنا أن الخطة تسير كما هو موضوع فى الخطة الأمريكية وأن ما اسمته كونداليزا رايس حول الفوضى الخلاقة فى الدول العربية والإسلامية يتحقق بالفعل ويكفى أن ننظر إلى الاضطرابات الشعبية فى جميع البلدان العربية والإسلامية للتأكد أن الخطة تسير بنجاح ويكفى نظرة واحدة إلى الأحداث التى وقعت.
ومن الواضح أن أجزاء من ذلك المخطط قد بدأ تنفيذها بالفعل، وأجزاء أخرى يجري الإعداد لها، لتحقيق الهدف النهائي وهو تحويل المنطقة العربية إلى دويلات وإمارات صغيرة يسهل ضربها والتحكم فيها،
وفي المحصلة، أولئك الذين لا يرغبون في فهم ما يجري في المنطقة، تناسوا أن الحدود لم تكن أبدا ثابتة، وأن إحداث تغيرات فيها ليس أمرا مستحيلا، خاصة أن منطقة الشرق الأوسط تعاني من هشاشة لا مثيل لها، وإعادة رسم حدودها لا تحتاج إلا إلى وقت لتسريع “إنضاجها” وقد حان الوقت الآن تماما مع “ربيع” العرب العنيف والمدمر، والقادم للأسف، إذا لم يتغير الحال، سيكون أشد وأمر.