ثائر الربيعي
يقول سيد الحكمة علي بن ابي طالب (ع) {جزى الله الشدائد كل خيرٍ عرفت بها صديقي من عدوي} يحتاج المرء للمحن والتحديات خلال مسيرة حياته، ليس لأجل أن يعرف مدى تحمله للأزمة التي تعصف به، بل لأن يعرف معادن الرجال من حوله ومصداقيتهم وما يضمروا في جلبابهم منه، هل سيتركونه عند أول الطريق ويرحلون؟ أم سيصعدون للتل ويطيلوا النظر من بعيد وينزلون بعد انتهاء المعركة والوطيس؟ ابتلى الاحرار والثائرين على مدار التأريخ بأقوام سفهاء وزعاطيط لا يعرف لهم منهج وموقف ولا يمتلكون أية ثوابت، يلجئون الى منحدر دنيء ليس لهم اي رادع اخلاقي وهو تشويه السمعة والتسقيط، هنالك من الرجال يثبتون مع اشتداد المواقف ولا تأخذهم ريح خوف أو تهديد مؤمنين بما يعملون به بسبب قضيتهم التي يضحون من أجلها، أذكر جيداً موقف سعيد بن عبد الله الحنفي عندما أخبرهم الامام الحسين (ع) ليلة العاشر من محرم قبل المعركة {إن هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وانجوا من الهلاك} فكان رده {لا والله لا نخلّيك حتى يعلم الله أنّا قد حفظنا غيبة رسول الله فيك والله لو أعلم أنّي أُقتل ثم أُحيا ثم أُذرى.يُفعل ذلك بي سبعين مرة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك وكيف أفعل ذلك إنما موتة او قتلة واحدة ثم بعدها الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً} تلك النهضة التي قام بها الحسين وخلدت على مدار الدهر أفرزت اشباه الرجال وإنصافهم من اصحاب المواقف، سعيد وغيره من الصحابة ثبتوا مع الحق ورفضوا الانطواء تحت مظلة الباطل، في حياتنا ما أن تظهر مشكلة لدى إنسان معروف بنزاهته ومصداقيته سرعان ما نجد هنالك عناوين متعددة ملؤه التجني على عليه بدون وجه حق، ففريقٌ شامتٍ يشفي غليله ليُعبر عن نقصٍ ذاتي في تركيبته، وفريق يريد فقط الحديث دون معرفة ما هي المشكلة ومن يقف ورائها كأنه ببغاء يقول ويردد ما يسمعه المهم أنه يتحدث، وهناك من يثير الاشاعات والفوضى لأنه يجد في الفوضى وإثارة المشاكل طريقاً مختصر لتحقيق نزواته الرخيصة، عاش سيد الحكمة والصبر اصعب حياته وهو يمتحن في كل يوم مع السفهاء لا يعرف ماذا يريدون وعن أي شيء يبحثون، يجادلونه في كل مسألة ليس حباً بالعالم والمعرفة وإنما مضيعة للوقت، كانوا اصدقاؤه على عدد الاصابع الذين يعتمد عليهم لم تغرهم مغريات السلطة ووجاهة المنصب والكرسي، حتى أن في حادثة تروى سأل حجر بن عدي في مجلس فقالوا له ما صنع علي بالطرفات اولادك وهم طرفة وطريف وطرفات فقال خير ما صنع، التأريخ يعيد نفسه فاليوم هنالك من قدم اولاده دفاعاً عن الوطن ضد العصابات الارهابية ويتمنى ان يجود بروحه معهم ليلتحق بركب الشهداء الابرار، لكن علينا أن نصرخ بصوت عالي امام الانتهازيين الذين يريدون المشاركة بالنصر وهم لم يقدموا أي شيء سوى أنهم يحبون الظهور والبريق، لقد جلس العديد وراء الجدران وكانوا فرحين جداً بأن داعش ستتقدم لبغداد وستكون اسيرة بيدهم، خيب الله سعيهم ورجائهم لأنهم يسعون في خراب الدولة والأمة.