Articles Arabic

” منكِ قطرَ النّدى الذي أخمد لهيب عبادة الأوثان”.

يوسف جريس شحادة

كفرياسيف _ منتدى أبناء المخلّص

مقدمة

في رتبة صلاة “المدائح _ الاكاثستس” التي تقام كل يوم جمعة في أسابيع الصوم الأربعيني المقدّس، نقرأ في الطروبارية الثانية من الاوذية السادسة:” منكِ قَطَر النّدى الذي أخمد لهيب عبادة الأوثان، أيّتها العذراء”.

نقف هنا على معنى اللفظة “النّدى” في الكتاب المقدّس، إيمانا منّا ان اختيار الآباء لهذه الألفاظ ليس صدفة، بل بوحي إلهي لما في المعاني العميقة العقائدية لهذه الألفاظ.

نقف أولا على المعاني التوراتية وفي الصلوات اليهودية للكلمة.

النّدى

في أوّل يوم من الفصح العبري في الصلاة لا يُقال: “مُنزل المطر” بل يُقال:” مُنزل الطلّ _ النّدى”. وفيي اليوم الثامن من “العنصرة” نرفع الطلبة للرب ونقول: “مُنزل المطر” {راجع، רמב”ם, הלכות תפילה הט”ו טור או”ח סי’ קיד,שו”ע סעי”א} بالرغم من ذكر “المطر _ الندى” في طلبة الصلاة، إلا انه هناك فرق شاسع بين “المطر _ الندى”.

الطلّ _ الندى في التوراة

هطول المطر يمكن ان يتوقّف او ينحبس {التثنية 17 :11 :”  וְחָרָה אַף-יְהוָה בָּכֶם, וְעָצַר אֶת-הַשָּׁמַיִם וְלֹא-יִהְיֶה מָטָר, וְהָאֲדָמָה, לֹא תִתֵּן אֶת-יְבוּלָהּ; וַאֲבַדְתֶּם מְהֵרָה, מֵעַל הָאָרֶץ הַטֹּבָה, אֲשֶׁר יְהוָה, נֹתֵן לָכֶם. فَيَحْمَى غَضَبُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ، وَيُغْلِقُ السَّمَاءَ فَلاَ يَكُونُ مَطَرٌ، وَلاَ تُعْطِي الأَرْضُ غَلَّتَهَا، فَتَبِيدُونَ سَرِيعًا عَنِ الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ الَّتِي يُعْطِيكُمُ الرَّبُّ.} لكن الطلّ لا يتوقّف بتاتا {ילקוט שמעוני,מיכה:” אין שליט בטל } وحسب المفسر الكبير {רש”י ، תענית ג’ ע”א ד”ה לפי שאינן נעצרים} أي : “لا يتوقّف الندى” .

في لفيفة الصوم “תענית , תענית ג’ ע”א וע”ב ” تَذْكر عن الملوك قَسَم النبي إيليا لأحآب : “אם יהיה בימים האלה טל ומטר כי אם לפי דברי ” راجع الملوك الأول 1 :18 : “وَبَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى إِيلِيَّا فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ قَائِلًا: «اذْهَبْ وَتَرَاءَ لأَخْآبَ فَأُعْطِيَ مَطَرًا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ».

“ولننتبه انه لم يقل: “أعطي المطر والطل”، لان الطلّ لا يتوقف أبدا {ירושלמי,תענית פ”א ה”א } وقول قسَم إيليا لاحآب بحبس الندى قصده عن” حبْس وانقطاع “ندى البركة”.

طل _ ندى البركة

معنى عدم توقّف الندى _ بركة الله، لأنه لا يمكن توقُّف النّدى وندى البركة، ينمّي نِتاج الأرض كما يقول حجّاي النبي 10 :1 : “لِذلِكَ مَنَعَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقِكُمُ النَّدَى، وَمَنَعَتِ الأَرْضُ غَلَّتَهَا.

“وفي لفيفة {סוטה,פ”ט מ”א } عن خراب الهيكل، لم يهطل طلّ البركة بل اللعنة، وفي لفيفة ” סוכה ל”ז ע”ב ” ورد: ” يرفعون وينزلون سعف النخيل للجهات الأربع” والمعنى من ذلك، ليرفع وينزل ليوقف الطلّ الضّار” .

كذلك الأمر عند تحريك ورفع الغمار ليُبطِل الطل القاسي الضارّ {ויקרא רבה פרשת כח פיסקה ה’ } لذا قول المُصلّي الدعاء للندى : ” للبركة وليس للعنة”.

التشبيه للطل

في هوشع 6 :14 :” אֶהְיֶה כַטַּל לְיִשְׂרָאֵל יִפְרַח כַּשּֽׁוֹשַׁנָּה וְיַךְ שָׁרָשׁיו כַּלְּבָנֽוֹן أَكُونُ لإِسْرَائِيلَ كَالنَّدَى. يُزْهِرُ كَالسَّوْسَنِ، وَيَضْرِبُ أُصُولَهُ كَلُبْنَانَ”.

“وفسّر ” רד”ק ” : ” لا تتوقف محبتي لإسرائيل مثل عدم توقف الطلّ”. ودوما الطلّ أفضل من المطر حسب ” מדרש שיר השירים רבה פר’ ח פיסקה ר ” .

في كتاب ” ספרי האזינו פיסקה שו :” תזל כטל אמרתי ” تشبيه التوراة بالطّل، التشبيهات في التوراة واسعة هي وايجابية ” נתן שלם : הטל במקרא ובתלמוד “.

الطل هو الانتعاش والنشاط والأمل، مزمور 3 :110 : ” شَعْبُكَ مُنْتَدَبٌ فِي يَوْمِ قُوَّتِكَ، فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ مِنْ رَحِمِ الْفَجْرِ، لَكَ طَلُّ حَدَاثَتِكَ. “

الطل مثل “زيت مسحة الملوك والكهنة” و ” التقاء الإخوة معا” ندى حرمون ، مزمور 3 :133 : ” مِثْلُ نَدَى حَرْمُونَ النَّازِلِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ. لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ، حَيَاةٍ إِلَى الأَبَدِ. “

يرمز الطل لوجود الشعب الإسرائيلي بين الشعوب مثل “ندى الله ” : “وَتَكُونُ بَقِيَّةُ يَعْقُوبَ فِي وَسَطِ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ كَالنَّدَى مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، كَالْوَابِلِ عَلَى الْعُشْبِ الَّذِي لاَ يَنْتَظِرُ إِنْسَانًا وَلاَ يَصْبِرُ لِبَنِي الْبَشَرِ.

“الندى من عند الرب، ميخا 7 :5 وقيامة الموتى ” طل الأنوار” : ” تَحْيَا أَمْوَاتُكَ، تَقُومُ الْجُثَثُ. اسْتَيْقِظُوا، تَرَنَّمُوا يَا سُكَّانَ التُّرَابِ. لأَنَّ طَلَّكَ طَلُّ أَعْشَابٍ، وَالأَرْضُ تُسْقِطُ الأَخْيِلَةَ.

“ومن جهة أخرى يعتبر أحيانا كمثل سلبي لمعروف وحسنة فانية، هوشع 4 :6 : ” «مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ يَا أَفْرَايِمُ؟ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ يَا يَهُوذَا؟ فَإِنَّ إِحْسَانَكُمْ كَسَحَابِ الصُّبْحِ، وَكَالنَّدَى الْمَاضِي بَاكِرًا. מָה אֶעֱשֶׂה-לְּךָ אֶפְרַיִם, מָה אֶעֱשֶׂה-לְּךָ יְהוּדָה; וְחַסְדְּכֶם, כַּעֲנַן-בֹּקֶר, וְכַטַּל, מַשְׁכִּים הֹלֵךְ. “

الطل في الصلاة

في صلاة “الثماني عشر” يذكر الطلّ، لان نزول الطل قوّة، {אבודרהם השלם סדר שחרית של חול ופירושה,שמונה עשרה עמ’ קח } وفي التلمود الأورشليمي ورد عدم ذكر الطل حتى اليوم الأخير لعيد المظال، وفي صلاة ” الغروب والسحر” نطلب : ” مُنزل الطل” لينبت كل شيء ويحلّ كل موعد بموعده، لانّ النّدى علامة الخير للكون {ירושלמי פ”א ה”ב }.

القول “مُنزل الندى” في الفصح العبري، لأنه يكون نهاية الشتاء مع ان الندى على مدار السنة هو {נתן שלם: הטל במקרא ובתלמוד עמ’ קכב }.

والقول بالشتاء: ” أعط الندى والمطر للبركة”.

يعتبر الندى من المطهّر للنجس، وهو واحد من سبع: ” النبيذ والعسل والزيت والحليب والطل الدم والماء” {י”ד שח”ט ד”ם יין דבש שמן חלב טל דם מים}:” וכל משקה אשר יפול מהם מה מים מיוחדים”” ספרא שמיני פרשה ח’“.

أهمية مفهوم الندى حسب تفسير عاموس 14 :5: ” اُطْلُبُوا الْخَيْرَ لاَ الشَّرَّ لِكَيْ تَحْيَوْا، فَعَلَى هذَا يَكُونُ الرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ مَعَكُمْ كَمَا قُلْتُمْ.

“مثل الفرق بين الخوف والمحبة، الخوف من الشتاء الغزير المؤذي وبينما الندى النازل بهدوء كبركة ونعمة وهو لا يتوقف مثل نعمة الرب.

نذكر الندى في صلوات الفصح العبري، لأنها من لدن الرب الفصح للخلاص والإنقاذ كرغبة الله وتجاوز عن الخطية والندى يرمز للخلاص أيضا.

علاقة الندى والقيامة، يفسّر الراب الحكيم {הרב אוריאל עיטם : טל שעתיד להחיות בו את המתים” צהר כ”א תשס”ה   } نظرة إلى الأبدية، الحياة الأبدية كما في اشعياء 19 :26 : ” تَحْيَا أَمْوَاتُكَ، تَقُومُ الْجُثَثُ. اسْتَيْقِظُوا، تَرَنَّمُوا يَا سُكَّانَ التُّرَابِ. لأَنَّ طَلَّكَ طَلُّ أَعْشَابٍ، وَالأَرْضُ تُسْقِطُ الأَخْيِلَةَ”.

“كذلك داوود في المزمور 3 :133: ” مِثْلُ نَدَى حَرْمُونَ النَّازِلِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ. لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ، حَيَاةٍ إِلَى الأَبَدِ. כְּטַל-חֶרְמוֹן–שֶׁיֹּרֵד, עַל-הַרְרֵי צִיּוֹן:

כִּי שָׁם צִוָּה יְהוָה, אֶת-הַבְּרָכָה–חַיִּים, עַד-הָעוֹלָם. “يشبّه الأبرار بالندى.

نوجز ونقول ان رموز “الطلّ _ النّدى” كثيرة هي حسب الكتاب المقدّس، الطل مستمرّ على الدوام دون انقطاع ابدًا ودلالة لبركة الله، والطلّ يُزهر كالسوسن على الدوام ويدل ” الطل الندى” على استمرارية محبّة الله لشعبه وهكذا العذراء مريم والدة الاله.

يرمز الطل للانتعاش والامل والفرح، والطلّ كزيت مسح الملوك، والندى مثل إسرائيل بين الأمم والطلّ حسب ” ميخا”:” قيامة الموتى”.

Follow Us