Articles Arabic

الجزء الثاني: القبلة هي المسيح، وهو أرض ميعاد المسيحيين

في الجزء الاول من هذا المقال فقط اردنا ان نوضح جانب من المجمع الفاتيكاني الثاني بخصوص ليتورجيا الكنائس الشرقية، على عكس ما ادعى به غبطة البطريرك ساكو في مقالته على العنوان اعلاه. اما هنا في هذا الجزء سوف نطرح موضوع كتابي ولاهوتي عميقين بهذا الخصوص لكي يستنير غبطته اولا والاساقفة والكهنة معه، من معرفة اباء كنيستنا الكلدانية في وضع ليتورجيا (طقوس) كنيستهم باسلوب متناسق مع مرحلة الخلاص لاله الاباء لابناء شعبه منذ البدء المتمثلة باسرائيل ومن بعده الشعب المسيحي.

وهنا اتسائل: هل يعلم غبطته ان الطقس الكلداني هو فريد ووحيد في توجهه الطقسي؟ مع خالص اعتزازنا وتقديرنا لطقوس الكنائس الاخرى من موروثات وحضارة تتناسب مع ثقافاتها في بناء طقوسها الجميلة. فالقضية ليست كما يدعي غبطته في فلسفته ان نعطي ظهورنا للشعب ولا نواجه الصليب، ويتحايل على الجميع في اقوال فارغة مثل: فصل الرجال عن النساء، واسترجاع سترة المذبح، والريازة القديمة للكنيسة، والى اخره من الشعارات الفارغة الاخرى. ولا يستطيع ولو بكلمة ان يقول ماهية الكنيسة الكلدانية في البنية الفلسفية التي تستند عليها، وكيفية ارتباطها بمنهج الكتاب المقدس واللاهوت المشرقي الذي من خلاله تم بناء هيكلية طقوسها الكنسية.

من هذا المنطلق في هذا المقال سوف نشرح لقرائنا الاعزاء ما هو المعنى الكتابي واللاهوتي لعنوان المقالة: القبلة هي المسيح، وهو أرض ميعاد المسيحيين .

جوهر الموضوع:

جوهر الموضوع هو متعلق باله الاباء ابراهيم واسحق ويعقوب، الذي اعطى الوعد لشعبه بالخلاص، اسرائيل تحت وطأة العبودية في مصر، الاهنا اختار موسى نبياً ليعلن من خلاله رسالة الخلاص من العبودية وموسى نفذ هذه الرسالة حسب خطة الله الخلاصية وقاد شعبه نحو الحرية، لكن الله هو قائد المشروع الخلاصي وليس موسى كما يدعي البعض، لان الله هو في المقدمة وليس موسى كما هو واضح في سفر الخروج (13/ 20- 22): (ثم رحل شعب اسرائيل من سكوت وخيموا في إيتام في طرف البرية. وكان الرب يسير أمامهم نهاراً في عمود من غمام ليهديهم الطريق، وليلاً في عمود من نار ليضئ لهم، وذلك لكي يسيروا نهاراً وليلاَ . ولم يبرح عمود الغمام نهاراً وعمود النار ليلاً من أمام الشعب).

نلاحظ في النص ان الله يقود شعبه نحو الخلاص نهاراً وليلاً، ويتبعه موسى الذي يمثل النبؤة ، وهارون الذي يمثل الكهنوت، وجميع شعب اسرائيل.

الله هو القائد والجميع من خلفه يتبعه ويتوجه نحوه ويقابله (هو قبلتهم). بعد خروج شعب اسرائيل واستقراره في ارض الميعاد شيد اسرائيل هيكل الله المقدس في اورشليم ووضعوا فيه قدس الاقداس ليكون مكان عرش الله وحضوره في هيكلهم وجعلوه قبلتهم وعلامة خلاصهم التي يتوجهون نحوه كما كان في عمود الغمام والنار عندما خلصهم من نير العبودية الى ارض الحرية والميعاد، ويعيدون فصحهم المقدس كل سنة ذكرى لخلاصهم واستمراره في ارض الميعاد .

في المسيحية نؤمن ايماناً مطلقاً ان يسوع المسيح هو الرب، وابن الله، وهو الله المتجسد، ومتساو معه في الجوهر. وهو قدم ذاته ذبيحة على الصليب لاجل خلاصنا، وتحريرنا من عبودية الخطيئة الى حياة الحرية، وهو الالف والياء كما يقول عنه القديس يوحنا الرسول، فهو قبلتنا الخلاصية في كنائسنا. نحن جميعاً ايضاً على مثال اسرائيل شعب الله، ونحن شعبه في العهد الجديد، نتوجه نحوه في هذه مسيرة الخلاص لانه هو عمود الغمام في النهار وعمود النار في الليل به نستنير وبه نخلص وهو قبلتنا.

آباء الكنيسة الكلدانية في ما يمتلكوه من فكر فلسفي عميق لمعنى الوجود وايماناً بربهم المخلص، وضعوا في طقس قداسهم هذه المسيرة الخلاصية كما خطط لها إله الخلاص منذ البدء، جعلوا من الصليب والمصلوب علامة خلاصنا في صدر قدس اقداسهم في كنائسهم، وتوجهوا نحوه في الذبيحة الالهية كهنة وشعباً على مثال موسى وهارون وشعب اسرائيل ليقودنا نحو الخلاص كما أوصى تلاميذه القديسين: (اصنعوا هذا لذكري).
خاتمة:

يا غبطة البطريرك ساكو والسادة الاساقفة الاجلاء وجميع الكهنة الافاضل من حولكم، نحن الكلدان لا نعطي ظهورنا للشعب، لكننا نواجه صليب مخلصنا علامة خلاصنا، وهو يقودنا في هذه مسيرة الخلاص، ونواجه تجليه المقدس عندما تفتح سترة المذبح (انها ليست بردة كما تقول)، ومنه نستنير بكلمته المقدسة، ونتحد به بجسده المقدس، ويصبح قرباننا عربون خلاص نفوسنا .

كلمة اخيرة اتوجه بها اليكم يا قادة الكنيسة الكلدانية: كونوا كلدان على مثال آبائكم، كفاكم كذباً وتحايلاً على ابناء شعبكم البسيط، كونوا متواضعين وتعلموا من ابنائكم الصغار ما لا تعرفوه. كل هذا نطلبه منكم لاجل كنيستنا الكلدانية لكي تبقى حية ومرتفعة في ميراثها واصالتها وطقوسها وحضارتها وثقافتها ضمن كنيسة المسيح الرب والمخلص، لانه هو قبلتنا وارض ميعادنا.

الاب بيتر لورنس

Follow Us