Articles Arabic

الجزء الرابع من: كنيستي الكلدانية تفتقـر الـى رعـاة”، كيف تريد كنيستي ان يكـون رعاتهـا ؟ إنها تريد ان يكونوا على مثال راعيها الصالح: المسيح!

“انا الراعي الصالح، أعرف خرافي وخرافي تعرفني … وأبذل نفسي في سبيل الخراف …” ( يوحنـا 10 : 14 – 15).
وحبّـذا لو قرأ كل اسقف، مرة واحدة في الاسبوع في الأقـل، هذا الفصل العاشر من انجيل القديس يوحنا، وحاول التأمل في كلماته وتطبيقها في حياتها وعلاقاته بالمؤمنين!
 تريد كنيستي ان يّتسم رعاتها اولاً بالصفات الانسانية الأصيلة: دماثة الأخـلاق، مرونة الطبع، روح الحوار واحترام آراء الآخريـن. لا تريد كنيستي ان يكون الراعي امبراطورًا يرفل بالسعادة والهناء وينظر الى الناس من عليائـه، كما لا تريد ان يكون دكتاتورًا يفرض آراءَه على الجميع، ويعتبر نفسه مقياس الحقيقة ويفرضها على الآخرين، بدون ان يراعي مشاعر الشعب ويحترم آراءَهم وأفكارهـم وأمنياتهم واقتراحاتهم. فتريد كنيستي ان يكون قلب راعيها طافح بالمحبة والرحمة، فيحاول جمع شمل مؤمنيه بكل الوسائل، وان يفهم تصرفاتهم، وحتى بعض أخطائهـم، ويسعى ان يكتسبهم للمسيح، ليس بالعنف والتهديد والحرم، بل بلطف المسيح ومحبته ووداعته: “تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب”. وهذا لا يعني عدم الحزم والعزم في الإدارة ابـدًا. وتستنكر كنيستي استخدام القوة والعنف والخشونة لدى راعيها واستعمال الكلمات النابية، فان المحبة الأبوية تتجنب الألفاظ الجارحة والمهينـة التي تعمل على إبعاد الآخرين عن حظيرة المسيح.
اما الصفات الروحية التي تريدها كنيستي في راعيها، فقد ذكرَ القديس بطرس بعضًا منها في رسالته الاولى، حيث قال: “إرعوا قطيعَ الله الذي وُكـلَ اليكم، واحرسوه طوعًا لا كرهـًا، لوجـه الله لا رغبة في مكسب خسيس، بل لأِمـا فيكم من حميّـة، ولا تتسلطوا على الذين هم في رعيتكم، بـل كونوا قدوة للقطيـع …” ( 1 بطرس 5 : 2 – ). أما القديس بولس فيقول عن رعاة الكنيسة: “علـى الأسقف ان لا يناله لوم … وان يكون قنوعـًا رزينًا مهذّبـًا ومضيافـًا، أهـلاً للتعليم وغير مدمن للخمر ولا مشاجرًا، بل حليمًا لا يخاصم ولا يحب المال … وعليه ايضا ان يشهد له الذين خارج الكنيسة شهادة حسنة” (1 طيم 3: 2-7). ويحذّر القديس بولس تلميذه طيموتاوس من حب المال ويُطلعه على الدمار الذي يحدثه في قلب الراعي: “أما الذين يطلبون الغنى، فإنهم يقعون في التجربة والفـخ، وفي كثير من الشهوات العميّـة المشؤومة التي تغرق الناس في الدمار والهلاك، لأن حـب المال أصل كل شر” ( 1 طيم 6 : 9-10 ). وكان الرب قد سبقَ وأنـذرنا بخطر المال، وانه ما من أحد يستطيع ان يعمل لسيديـن … لا تستطيعون ان تعملوا لله وللمال” ( متى 6:24 ). ثم يعود القديس بولس فيوصي الأغنياء ويقول: “ألا يتعجرفوا ولا يجعلوا رجاءَهـم في الغنى الزائـل، بل في الله الذي يجود علينا بكل شيء نتمتـع به، وان يصنعوا الخير، فيغتنوا بالأعمال الصالحة، ويعطوا بسخاء ويشركوا غيؤهم في خيراتهم …” ( 1 طيم 6 : 17-18 ).
تقـول كنيستي: المـال، المـال! لقد اصبح الصنم الأكبر في حياة رعاتي. فإنهم يسعون بجميع الطرق وكل الوسائل ليجمعوا المزيد منه بذريعة احتياج كنائسهم اليه، في سبيل ترميمهـا وتوسيعها وتزيينها وتأثيثهـا، الخ … إلا ان الحصة الكبرى من هذه الأموال تنزل في جيوبهم، ويا ليتهم يصرفونها بصورة معقولة وفي مشاريع نافعـة! … وا أسفاه، لقد اصبح كثيرون من رعاتي عبيد المال، وهم بذلك لا يقدّمـون شهادة حسنة للعالم ولمؤمنيهـم الذين هم مظّلعـون على شؤون رعاتهم وعلى تهافتهم على جمع الأموال!
ان كنيستى تتمنى وتصلّـي لكي يتّصف رعاتها بصفات روحية أصيلة، منها:
 أن تكون سيرتهم نقية وطاهرة، لتكون مرآة صافية فيها يرى المؤمنون صورة المسيح. إلا ان حياة بعض رعاتي واخلاقهم تتناقض مع صورة المسيح البهية.
–  ان تتّسم حياتهم بروح التواضع والخدمة، على مثال المسيح الذي جاء ليَخدم وليس ليُخـدَم.
 روح التجرد والسخاء في العطاء ومساعدة الجميع ولا سيما الفقراء والمحتاجيـن.
الغيرة على خير المؤمنين والسهر على مصالحهم، ولاسيما الروحية، وعدم الاستسلام الى الراحة والكسل.
 الاهتمام بتعليم الشعب وتثقيفه بمختلف الوسائل، بدون التفكير بالمال قبل كل شيء.
 الإلتزام بإدارة حكيمة، والقيام بمبادرات جريئة وتنظيمات تسهم في مساعدة المؤمنيـن للقيام برسالة التبشير بالانجيل في مختلف الأمكنة والأوضاع التي يعيشونها.
–  ان يقدّم رعاتي شهادة حياة مبذولـة ونزيهة في خدمة الشعب بكل فئاته، بدون أنانية او مصلحة شخصية، او حب الظهور والسيطرة والشهرة، الخ ….
في هذا المقال الوجيز، لست ارمي الى إثارة حفيظة القاعدة على المسؤولين الذين أكـنُّ لهـم كل المحبة والاحترام وأودُّ ان يضطلعوا بمسؤولياتهم كاملة، بنزاهة وتجرّد وإخلاص وجرأة، حتى إذا كلّفهم ذلك الكثير من التضحيات الجسيمة والإصلاحات الجذرية في حياتهم الشخصية وفي علاقاتهم بمؤمنيهم وبرسالتهم. فالقضية مهمـة وتستحق كل التضحيات، وإلا فلمـاذا رضينا بأن نستلم هذه المسؤوليـة الخطيرة والخطِـرة. أجل، إنها تصبح خطِـرة جدًّا، لنا وللآخريـن، إذا لم نقـم بها كما يريد راعينـا الحبيب، يسوع المسيح.

ألبيـر أ بـو نــا
كركـوك، في 14 تموز 2009

Follow Us