يوسف جريس شحادة
منتدى أبناء المخلص _ كفرياسيف
مُقدمة
بعد اعلان الكاهن: “لأجل رافات ابنك الوحيد الذي انت مبارك معه ومع روحك الكلي قدسه الصالح والصانع الحياة، الان وكل أوان، والى دهر الداهرين”. يعلن الكاهن والتي تُسمَّى “قبلة السلام والمصالحة” وتكون بإعلان: “لِنُحبّ بعضُنا بعضًا لكي نَعترفَ بعزمٍ واحد مُقرّين”.
المعاني الروحية والعقائدية تنسكب في “طقس القداس الإلهي”، والطقس لفظة يونانية تعني: النظام والترتيب، هذا “النظام والترتيب” مبنيّ على الايمان بالتقليد والتسليم المقدّس.
يعلّمنا الكتاب عن التسليم “Paradocic “2 تس 15 :2 وفي 9 :4 واع 27 :15 و1 كو 26 _23 :11 وتي 1 :5 و2 يو 12 :1 و 3 يو 14 ويو 25 :21.
“وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ بِلِيَاقَةٍ وَبِحَسَبِ تَرْتِيبٍ {1 كو 40 :14}المسيح ربّنا مؤسّس ومتمّم الطقس كما يقول بولس 1 كو 25 _23 :1، والطقس يتماشى ومشيئة الله الذي يحبّ النظام والترتيب، 1 كو 40 ،33 :14 .
“قدّاس” أي تقديس النفس بالمقدسات الإلهية التي نتناولها “الجسد والدم” و “الليترجيا” كلمة يونانية منحوتة تعني “خدمة شعبية _ عمل عام” أي بمعنى اشتراك الكاهن والشعب، واستعملها اليهود للخدمات التي يقوم بها الكاهن في الهيكل على المذبح، كما ورد عن زكريا الكاهن، لو 23 :1. واُسْتُخدمت في الأجيال الأولى لتدلّ على الصلوات والطقوس، اع 2 :13 وللمزيد لو 23 :1 ورو 6 :13 اذ هم خدام الله ورو 16 :15 و 2 كو 12 :9 في 17 :2 ذبيحة وخدمة وفي 25 :2 رسولكم والخادم وفي 30 :2 لكي يجبر خدمتكم وعب 2 :8 خادما للأقداس وعب 21 :9 وجميع آنية الخدمة الخ.القداس الإلهي، هو سر المسيح والكنيسة وحضور المسيح الدائم فيها وبالتالي حضور الآب والابن والروح القدس ومن هنا نفهم مطلع القداس الإلهي بإعلان الثالوث:”مباركة مملكة الاب والابن والروح القدس”.
هذا يعرّفنا معرفة الخبرة والاتّحاد بالمسيح والحياة الأبدية: “أَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ،” {فيلبي}.
القداس الإلهي هو الخروج من العالم الأرضي للارتقاء للسّماء والقداس الإلهي ليس معدودا ضِمن ساعات الزمن، انه من الأبدية، نعيشها وما زلنا في الجسد. نخرج من حدود الزمن الفاني ونعيش حياتنا الأبدية. ومن بين هذه الحركات الطقسية السامية:” القبلة المقدسة”.
القبلة في مفهوم الكنيسة
“سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الإِخْوَةُ أَجْمَعُونَ. سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ.”{رومية و1كو و2كو}.
ونرى كذلك “الكهنة” تقبّل بعضها بعضا في حال مشاركة لأكثر من كاهن، هذا يعود لنص الخروج: “وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «اذْهَبْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لاسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَهُ.” {27 :4} إضافة للاقتداء بالرسل {اع 37 :20}: “وَكَانَ بُكَاءٌ عَظِيمٌ مِنَ الْجَمِيعِ، وَوَقَعُوا عَلَى عُنُقِ بُولُسَ يُقَبِّلُونَهُ” والاباء {2 صم 33 :14}: “فَجَاءَ يُوآبُ إِلَى الْمَلِكِ وَأَخْبَرَهُ. وَدَعَا أَبْشَالُومَ، فَأَتَى إِلَى الْمَلِكِ وَسَجَدَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ قُدَّامَ الْمَلِكِ، فَقَبَّلَ الْمَلِكُ أَبْشَالُومَ.” وقبلة يعقوب ليوسف {تك 29 :46 و10 :48}”: فَشَدَّ يُوسُفُ مَرْكَبَتَهُ وَصَعِدَ لاسْتِقْبَالِ إِسْرَائِيلَ أَبِيهِ إِلَى جَاسَانَ. وَلَمَّا ظَهَرَ لَهُ وَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَبَكَى عَلَى عُنُقِهِ زَمَانًا. وَأَمَّا عَيْنَا إِسْرَائِيلَ فَكَانَتَا قَدْ ثَقُلَتَا مِنَ الشَّيْخُوخَةِ، لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُبْصِرَ، فَقَرَّبَهُمَا إِلَيْهِ فَقَبَّلَهُمَا وَاحْتَضَنَهُمَا”.
وقبلة “الابن الضال” ووالده، {لو 20 :15}: “فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ” والابناء آبائهم، {تك 55 ،28 :31}: “وَلَمْ تَدَعْنِي أُقَبِّلُ بَنِيَّ وَبَنَاتِي؟ الآنَ بِغَبَاوَةٍ فَعَلْتَ! ثُمَّ بَكَّرَ لاَبَانُ صَبَاحًا وَقَبَّلَ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَبَارَكَهُمْ وَمَضَى. وَرَجَعَ لاَبَانُ إِلَى مَكَانِهِ.” والاخ اخوته {تك 15 _14 :45}: “ثُمَّ وَقَعَ عَلَى عُنُقِ بَنْيَامِينَ أَخِيهِ وَبَكَى، وَبَكَى بَنْيَامِينُ عَلَى عُنُقِهِ. وَقَبَّلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ وَبَكَى عَلَيْهِمْ. وَبَعْدَ ذلِكَ تَكَلَّمَ إِخْوَتُهُ مَعَهُ”. وقبلة المحب لصديقه {1 صم 41 :20 و2صم 39 :19}: “اَلْغُلاَمُ ذَهَبَ وَدَاوُدُ قَامَ مِنْ جَانِبِ الْجَنُوبِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. وَقَبَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ حَتَّى زَادَ دَاوُدُ. فَعَبَرَ جَمِيعُ الشَّعْبِ الأُرْدُنَّ، وَالْمَلِكُ عَبَرَ. وَقَبَّلَ الْمَلِكُ بَرْزِلاَّيَ وَبَارَكَهُ، فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ. “.
يقول القديس دينوسيوس: “قبلة القداس” قبلة الهية” تنفيذا للمسيح وهي بمثابة وعد للرب ” {مت 24 _23 :5 و20 :18 واع 14 :1 و1 :2 “فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلًا اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ. لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وسطهم”. هؤلاء كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ. وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، “.
تُشير القبلة المقدسة “غير الشهوانية الجسدية” لنقاوة القلوب 1 كو 17 :10: “فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ.” ولاتحادنا برباط السلام {اف 3 :4 مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ.} وكذلك تعبيرا للإيمان الواحد {اف 5 :4}:” رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ،”.
تُعلّمنا النصوص الكتابية عن أنواع “للقبلة” منها:
1 _ قبلة الاخوّة المسيحية، رو 16 :16 و1 كو 20 :16: “سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ.”.
2 _ قبلة الوداع، تك 55 :31 و1صم 41 :20 واع 37 :20: “ثُمَّ بَكَّرَ لاَبَانُ صَبَاحًا وَقَبَّلَ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَبَارَكَهُمْ وَمَضَى. وَرَجَعَ لاَبَانُ إِلَى مَكَانِهِ. اَلْغُلاَمُ ذَهَبَ وَدَاوُدُ قَامَ مِنْ جَانِبِ الْجَنُوبِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. وَقَبَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ حَتَّى زَادَ دَاوُدُ. وَكَانَ بُكَاءٌ عَظِيمٌ مِنَ الْجَمِيعِ، وَوَقَعُوا عَلَى عُنُقِ بُولُسَ يُقَبِّلُونَهُ”.
3 _ قبلة السجود، مز 12 :2: “قَبِّلُوا الابْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيل يَتَّقِدُ غَضَبُهُ. طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ.”.
4 _ قبلة العبادة، 1 مل 18 :19 وهو 2 :13: “وَقَدْ أَبْقَيْتُ فِي إِسْرَائِيلَ سَبْعَةَ آلاَفٍ، كُلَّ الرُّكَبِ الَّتِي لَمْ تَجْثُ لِلْبَعْلِ وَكُلَّ فَمٍ لَمْ يقبله”. والآن يَزْدَادُونَ خَطِيَّةً، وَيَصْنَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ تَمَاثِيلَ مَسْبُوكَةً مِنْ فِضَّتِهِمْ، أَصْنَامًا بِحَذَاقَتِهِمْ، كُلُّهَا عَمَلُ الصُّنَّاعِ. عَنْهَا هُمْ يَقُولُونَ: «ذَابِحُو النَّاسِ يُقَبِّلُونَ الْعُجُولَ».”.
5 _ قبلة المصالحة، تك 4 :33 و2صم 33 :14: “فَرَكَضَ عِيسُو لِلِقَائِهِ وَعَانَقَهُ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ، وَبَكَيَا. فَجَاءَ يُوآبُ إِلَى الْمَلِكِ وَأَخْبَرَهُ. وَدَعَا أَبْشَالُومَ، فَأَتَى إِلَى الْمَلِكِ وَسَجَدَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ قُدَّامَ الْمَلِكِ، فَقَبَّلَ الْمَلِكُ أَبْشَالُومَ. “
6_ قبلة الاستحسان، ام 26 _25 :24 : “أَمَّا الَّذِينَ يُؤَدِّبُونَ فَيَنْعَمُونَ، وَبَرَكَةُ خَيْرٍ تَأْتِي عَلَيْهِمْ تُقَبَّلُ شَفَتَا مَنْ يُجَاوِبُ بِكَلاَمٍ مُسْتَقِيمٍ.”.
7 _ قبلة الخيانة، ام 6 :27 قارن مت 49 _48: 26: “أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ الْمُحِبِّ، وَغَاشَّةٌ هِيَ قُبْلاَتُ الْعَدُوِّ. وَالَّذِي أَسْلَمَهُ أَعْطَاهُمْ عَلاَمَةً قَائِلًا: «الَّذِي أُقَبِّلُهُ هُوَ هُوَ. أَمْسِكُوهُ».فَلِلْوَقْتِ تَقَدَّمَ إِلَى يَسُوعَ وَقَالَ: «السَّلاَمُ يَا سَيِّدِي!» وَقَبَّلَهُ.”.
8 _ قبلة المحبة، تك 13 :29 و15 :45: “فَكَانَ حِينَ سَمِعَ لاَبَانُ خَبَرَ يَعْقُوبَ ابْنِ أُخْتِهِ أَنَّهُ رَكَضَ لِلِقَائِهِ وَعَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ وَأَتَى بِهِ إِلَى بَيْتِهِ. فَحَدَّثَ لاَبَانَ بِجَمِيعِ هذِهِ الأُمُورِ. وَقَبَّلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ وَبَكَى عَلَيْهِمْ. وَبَعْدَ ذلِكَ تَكَلَّمَ إِخْوَتُهُ مَعَهُ.”.
9 _ قبلة الوقار، 1 صم 1 :10 و2صم 5 :15 و39 :19 ولو 38 :7: “فَأَخَذَ صَمُوئِيلُ قِنِّينَةَ الدُّهْنِ وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَقَبَّلَهُ وَقَالَ: «أَلَيْسَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ مَسَحَكَ عَلَى مِيرَاثِهِ رَئِيسًا؟”.
10 _ قبلة الطاعة بالمعنى المجازي، تك 40 :41: “أَنْتَ تَكُونُ عَلَى بَيْتِي، وَعَلَى فَمِكَ يُقَبِّلُ جَمِيعُ شَعْبِي إِلاَّ إِنَّ الْكُرْسِيَّ أَكُونُ فِيهِ أَعْظَمَ مِنْكَ»”.
تقبيل الانجيل المقدس
يقبّل الكاهن الانجيل المقدس قبل قراءة النص وكذلك كل من يقف “تحت الانجيل” يقوم بتقبيل الانجيل بعد ان ينتهي الكاهن من القراءة للفصل المحدّد، كذلك في خِدمة سحر القداس الإلهي وبعد قراءة الانجيل يقبل الحضور الانجيل المقدس عند قراءة المزمور : “ارحمني يا الله”.ان تقبيل الانجيل يعني قبول قول الله {راجع كتاب سر الثالوث في خدمة الكهنوت} والكثير من الكنائس ما زالت تحافظ على هذه العادة الحسنة، وخصوصا الكنيسة الام الأرثوذكسية، يشير ابن بكر {1324 م} في كتابه “مصباح الظلمة وايضاح الخدمة”: “وكانت العادة في المعلّقة {المقصود كنيسة السيدة العذراء المعلقة، هكذا بالنص لكن نظن ان المقصود المغلقة استنادا لنص نشيد الانشاد 4 لان المعنى العذراء المغلقة والحديث عون والدة الاله البتول} انه عند فراغ قراءة الانجيل، يقبّله الشعب والرجال ثم النساء، فأشار الاب البطريرك الان باعتماد عادة الرهبان تأخير تقبيله الى انتهاء الصلاة فيقبل الانجيل مع الصليب”.