بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ
الإحـباط : هـو الشعـور بالفـشل والـتـدني ، يلحـقه الحـزن واليأس ، ثم الهـزيمة من الواقع .
الكآبة : هي إنكـسار الـنـفـس مع الإحساس بالضيق والوهـن ، فـيـقـود إلى العـزلة .
وهاتان الحالـتان ، نـتاج فـشل الفـرد في الوصول إلى هـدفه وعـدم تحـقـيقه الأماني التي في باله وذلك بسبـب عـوائق أو ظروف معاكسة متـوقعة أو مفاجـئة …
وعـنها قال المتـنبي : ما كـلّ ما يتمنى المرء يـدركه … تأتي الرياح بما لا تـشتهي السـفـنُ
مَن يكـونوا هـؤلاء ؟ قـد يكـون طفلاً مدللاً أهـملـته أمه لسبـب ما … شخـصاً مُـبدعاً لم يُـكـرّم بما يستحـقه … فـتاة ريفـية جـميلة إنـتـقـلـت إلى الحـضَر ولم يحالـفها الحـظ بما تـتـمناه … شابة حـسناء تـرمّـلت في عـزّ شـبابها في مجـتـمع ضيق لا يعـرف قـيمتها … شاباً بنى آماله عـلى بطاقة يانـصيـب ولم يحـصلها … إمرأة ثـكـلى فـقـدت إبنها … قائـداً منـتـصراً في الحـرب خُـيّـبَت آماله ولم يحـصل عـلى تـرقـية … طالباً في مدرسة لم يحـصل عـلى درجة تُـرضي والـديه ….. وقـس عـلى لك .
كـيـف نـتعامل مع الأفـراد المحـبَـطـين والكـئيـبـين ؟
إن تـوصية مار ﭘـولس في رسالته إلى رومية (( إفـرحـوا مع الـفـرحـين وأبكـوا مع الباكـين )) هي المشاركة في المشاعـر فـتـزيـد الـفـرحة عـنـد الـفـرحـين وتمـتـص بعـض الألم والحـزن من الحـزين . إن مشاركـتـنا بمشاعـرنا مع الآخـرين تـقـوّي الأواصر وتـزيد المحـبة ، كما تخـلـق الراحة والـقـناعة عـنـدهم . ولا نـنسى أن عـملية الـمـدح لها تأثير قـويّ يتـرك مفـعـوله الإيجابيّ في نـفـسية الشخـص .
إن هـذه الأفـكار والتحـليلات هي نـتاج تجارب شخـصية مـرّ بها أغـلـبنا أو سمعها وقـرأها في وسائل الإعلام . فالأم الثكـلى مثلاً يمكـنـنا مواساتها بكـلمات هادئة كأن نـقـول لها : يا أمّاه ! أنتِ لستِ الوحـيـدة فـنحـن حـزانى معـكِ وكـثيرون مثلكِ فـقـدوا أعـزاءهم ، فلا مـردّ لإرادة الله ، لأنه هـو الـذي أعـطى وهـو الـذي يأخـذ ، والحـزن الـدائم لـن يأتي بنـتيجة وإنما يضركِ أيضاً …..
والطالب الـذي كان مستـواه الإمتحاني مثلاّ 60 % يمكـن تـشجـيعه بالقـول إن نـتـيجـته لا بأس بها فالكـثيرون يتمنـون مثـلها ، ولكـن بالمثابرة والتـركـيـز ستـتحـسن درجاتـك حـتماً .
والشابة الريفـية أو الأرملة الوحـدانية في مجـتمع ضيق يمكـن زرع الـثـقة في نـفـسها لتـقـوية شخـصيتها ، مع مواصلة الحـديث معها بأنها فاتـنة جـذابة ولا تـزال في ريعان شـبابها وسيأتيها الرزق الحلال ، فكـثير من الشباب يتمنـون مثلها لـبـراءتها وطيـبتها وبساطـتها .
ولا نستغـرب من كلمات الإطراء والغـزل للجـميلات !!! أليس الأنبـياء كـتـبـوا أسفار العـهـد الـقـديم مسوقـين من الروح الـقـدس ؟ فها هـو سليمان كـتب سـفـر نـشيـد الأنـشاد ، يقـول فـيه :
( أنـتِ جـميلة حـبـيـبتي قامتـك شـبـيهة بالنخـلة ، حُـبّـكِ أطيـب من الخـمر شـفـتاكِ تـقـطران عـسلاً ، ما أجـمل خـدّيكِ بسُموط ، وعـيناكِ حـمامتان ، وثـدياكِ كـخـشـفـتي ظبـية تـوأمَين يـرعـيان بـين السوسن )
وإذا قـال المفـسّرون أن المقـصود بتلك الآيات هـو كـذا وكـذا ، نـقـول لهم : طالما نحـن هـياكل الروح الـقـدس فإنه يقـودنا إلى أنْ نـقـول كلاماً حـلـواً وغـزلياً ونـقـصد به كـيـت وكـيـت / هل مِن مانع ؟ .
ومن تجاربي الشخـصية :
1ــ في منـتـصف السبعـينات من القـرن الماضي وأنا مدرس أعـزب في معـهـد المعـلمات / محافـظة واسط / كـوت ، وأثـناء الإستـراحة طلبتُ من العاملة سُـكــّـر لزيادة حلاء الشاي ، فـقالت إحـدى المدرسات ( غـنـوجة وجـميلة ) : أستاذ ، إحـنا النـسوان ما نحـتاج شكـر زيادة لأنـنا حـلـوات !!! … فـسؤالي الآن ، هـل أتهـمها بأنها تغازلـني ؟ .
2ــ صادف أن إنـقـطعـت الكهـرباء في الصف فـقالت لي إحـدى الطالبات شقـراء عـيـونها زرقاء : أستاذ ، (( ما نحـتاج كهـرباء لأن إحـنا الضوا )) = نحـن الضوء !!! … فـهـل أقـول أن نياتها شـريرة ؟ .
3ــ كـثيراً ما نـصادف نساءاً أثـناء زياراتـنا العائلية أو سـفـراتـنا الإجـتـماعـية ، فـتحـلـو الأجـواء مع تجاذبات الكلام ، فـنـكـيل المدح والإطراء لطـفـلة كـتـكـوتة أو شابة تـسريحـتها رائعة أو إمرأة أنيقة القـوام ، فـنـبدي إعـجابنا بها عـلـناً وبحـضور الكـثيرين . … فهل فـيها ضرر ؟ .
4 ــ في إحـدى محاضرات الـﭘاﭘا شـنـودا ، شكـت إمرأة عـن عـدم إكـتـراث زوجها بها ، فأجابها مبتـسماً :
قـبل وصوله من العـمل ، تأنّـقي مع قـليل من المكـياج وإلبسي فـستاناً جـذاباً …. فهل كان سيء الـنية ؟ .
قـرأتُ في موقع إلكـتـروني عـن كـيـفـية مخاطبة فـتاة كأن نـقـول لها:
تألقي يا جـميلـتي فالكلمات يا سيدتي تعجـز عـن وصف جمالكِ الباهـر ، فأنـوثـتكِ طاغـية تـملأ الـنـفـس بعـطـركِ الـفـوّاح تـثـير كـل ساهـر ……… أو :
مدللتي ، أنت الحسناء ، بحـمرة ثـغـركِ ، بـرَشّة عـطركِ ، بتصفـيفة شعـركِ ، بكحـل عـينيكِ ، بفـتـنة قـوامكِ . تعـطّري تأنّـقي تجَـمّلي ، دعي الورود من جمالكِ تـذبل ، والـقـمر من فـتـنـتكِ يتأمّل ، دعـيني أغـرق بكِ ، فالموت بكِ حـياة أخـرى .
وفي موقع آخـر : أنـت جميلة أجمل من أن يتـشـوّه مزاجـكِ لسبب عابـر يتسبب فـيه كائن مغـفـل لا يـدركُ كم أنتِ جـميلة .
وماذا نـقـول عـن الـمـدح ؟ قـرأتُ عـن فـوائـده ما يلي
المدح في حـدود المعـقـول هـو دافع للممدوح يـزيـده إنجازاً وعـطاءاً . فـمثلاً حـين يفـعـل شخـص شـيئاً ويتعـب فـيه وينجـزه ، إذا إخـتـرع عالم إخـتـراعاً جـديداً ، إذا عالج طبـيب حالة مستعـصية ، إذا كسب محامي قـضية صعـبة ، إذا فعـل أي شخص شيئاً مفـيـداً ولم يـعِـرهُ أحـد إهـتماماً ولم يُشعِـره أحـد بأنه قام بإنجاز ( ولم يمدحه أحـد لِـما قام به ) فسوف يتخاذل ويُـحـبَـط ويشعـر بأن فعـلته لا قـيمة لها . … لـذا عـنـدما ينجـز أي شخص شيئاً متميـزاً يجـب أن يتلـقى الشكـرَ الجـزيل والمـدحَ المحـمود كي لا يكـتـئب .
وهـناك إحـتـمال نادر عـن ضرر المدح عـلى الشخـص الممدوح :
أن هذا المدح قـد يجعـله يحـسّ بالكُـبر أو الإعجاب بالنفس ثم يشعـر بأنه أفـضل من الناس وله فـضل عـليهم ، وبعـد ذلك ، إما يتجـبّر عـليهم لإعـتـقاده برُقِـيّه عـليهم أو يتراخى حـيث يشعـر بأنه يفعـل أكـثر من طاقـته وقـد يصل به الحال إلى الشعـور بالكمال .