يوسف جريس شحادة
كفرياسيف _ www.almohales.org
مقدّمة:
الكسندر شميمن، كتاب الافخارستيا منشورات النور ص 21 _46 : “كل أسقف او كاهن او خادم يعلّم في الكنيسة هو مسؤول أمام الله عن التزامه بالتعليم الصحيح الذي استلمه من الآباء. فنحن كنيسة رسولية تلتزم بتعاليم الرسل، وكنيسة تقليدية أي تلتزم بالتقليد المُسلَّم والمُعاش جيلا بعد جيل وكنيسة اورثوذكسية، أي تحافظ على الإيمان الصّحيح بغير تغيير، لذلك لا يحقّ لأحد ان يضيف او يحذف او يغيّر العقيدة على حسب هواه. كذلك يجب المحافظة على احترام بيت الله فلا يليق، أبدا إلقاء النكات وقت العظة بمحبّة الترفيه عن الناس فنحن بهذا نهين الله فتصرّف وكأن الله أصبح غير قادر على إعطاءنا الفرح الروحي فنلجأ للفرح العالمي”.
الكنيسة هي المسيح فينا، {عب 6 :3 }: “وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَكَابْنٍ عَلَى بَيْتِهِ. وَبَيْتُهُ نَحْنُ إِنْ تَمَسَّكْنَا بِثِقَةِ الرَّجَاءِ وَافْتِخَارِهِ ثَابِتَةً إِلَى النِّهَايَةِ.” وبما أن المسيح يسكن فينا ونحن لبسناه: “أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم” { 1 كو 16 :3 }.
ويقول اثناسيوس: “الكنيسة هي بيت الله الرب، الذي تكرّس وتقدّس وتخصّص للصلاة ولتمجيده، فلا يمكننا أن نفرّق بين الكنيسة كبيت الله ومحلّ سكناه، وبين الكنيسة كأعضاء جسده ملتئمين حول الرأس المسيح. فإن اجتمع المؤمنون للصلاة في بيت الله يكمل معنى الكنيسة”.
وفي هذا المعنى يفيدنا أبو التقليد الكنسي { 130 _200 م}: “حيث تكون الكنيسة يوجد روح الله، وحيث يوجد روح الله توجد الكنيسة وتقوم كل نعمة”.
ففي خدمة تكريس كنيسة_مائدة_مذبح، يكون التقديس والتبريك والتطهير لتكون الكنيسة مجمعا للملائكة ميناءً للخلاص مذبحًا سماويًّا على الأرض لهذا حملت الكنيسة تقديسًا خاصًا حين يدخلون إليها يقبّلون أرضها وَلِأيْقُوناتها يسْجُدون أمام هيكلها كما أمام الرب فهو كائن هناك.
لا تعيش الكنيسة في العالم للعالم، لا بل تعيش فيه لأجله داخلها تعيش ملء الفرح والسرور. صليب وقيامة موت وحياة مجد وعزّة ومحور الكنيسة_المسيح الرب.
ويقول القديس اثناسيوس ص 13 : “ومعيار الكنيسة الحقيقي ليس في مقدار ما تملك من سطوة وشهرة وعلم، بل بما لها علاقة حيّة مع الله واستعلان أسرار ملكوته”.
الكنيسة هي فكر الله منذ الأزل، ولما حان وقت إعلانها للبشر، أراها الرب لموسى على الجبل بعد أن صام أربعين نهارا وأربعين ليلة، فالكنيسة هي من الله.
الله أسس عناصر أقسامها فهي عروس سكناه: “وَانْظُرْ فَاصْنَعْهَا عَلَى مِثَالِهَا الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ”. { خروج 40 :25 }.
يقول القديس ايريناوس { 200 _130 م }: “كنيسة العهد القديم هي ظل لكنيسة العهد الجديد. خيمة الاجتماع رمز لأورشليم السماوية مسكن الله مع الناس.عندما تزول هذه الأشياء عن الأرض، يقول يوحنا تلميذ الرب: إن اورشليم الجديدة العليا سوف تنزل من السماء تقبل موسى مثاله على الجبل” وفي سفر الرؤيا { 2 :21 }: “وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا”.
ونحن الكنيسة يقول الكتاب المقدّس: “فرحتُ بالقائلِين لي إلى بيت الربّ نذهب. مساكِنُك محبوبة يا ربّ إله القوّات تشتاق وتذوب نفسي للدخول إلى ديار الربّ. قلبي وجسمي قد ابتهجا بالإله الحيّ. كما تشتاق الأيّل إلى جداول المياه، تشتاق نفسي إليك يا ألله، عطِشت نفسي إلى الله”.
صحن الكنيسة
الأقباط يدعونه “صحن أو ساحة الكنيسة”، والسريان يسمونه “صحن هيكل الكنيسة”، وكان يُفصَل عن “النارثكس” أو الدهليز بدرابزين له باب في الوسط يُدعى الباب الجميل. وفي منتصف صحن الكنيسة ونحو القسم الأول منه يكون المنبر، وهو منصّة للقراءة والترتيل، ويكون الصعود إليه بدرجات. وفي صحن الكنيسة وقبل الوصول إلى المنبر وقرب الباب الجميل كان يقف الصف الثالث من التائبين، وهم الراكعون الخاشعون، لأنه كان يُسمح لهم بالبقاء والاشتراك في بعض الصلوات التي وُضعت من أجلهم، وكانوا قبل خروجهم يركعون وينكبّون على جباههم معفّرينها بتراب الأرض، إذ تُقام الصلاة من أجلهم، ويضع الأسقف يده عليهم، وكان يخرج هذا الصف أيضا عند خروج الموعوظين .
في الجزء المُتقدِّم من صحن الكنيسة كان يقف المؤمنون المسموح لهم بالشركة التامة، الرجال في ناحية والنساء في الناحية المقابلة، وخلفهم كان الصف الرابع من التائبين، وهم الذين يُسمح لهم بالبقاء والوقوف مع المؤمنين بعد خروج الموعوظين والصفوف الثلاثة الأخرى من التائبين، فالمؤمنين كانوا يقدّموا قرابينهم ويتناولون من الأسرار المقدّسة، أما التائبون فلا يُسمح لهم بالشركة، وكثيرًا ما دُعي هذا الصف في القوانين الرسولية “المشاركون في الصلاة”، أو الذين لا يُؤذَن لهم بتقديم القرابين، وكان هؤلاء عند انتهاء مدّة التوبة يُقبلون مع المؤمنين. ما نشاهده اليوم من مواظبة المؤمنين على حضور القداس الإلهي دون التناول من الأسرار المقدسة هي عادة نشأت في الكنيسة بوجود هذا الصف الرابع من التائبين .
في القرون الأولى لم تكن مقاعد أبدا في الكنيسة، ولكن مع ازدياد المسيحيين وكثرة المتواجدين في الكنائس من كبار السن، تمّ وضع الكراسي المتلاصقة على جانبي صحن الكنيسة، وهي ترمز لوحدة الجماعة واتحادهم بالمسيح يسوع.
مع الوقت ولحالات جسدية مرضية وعدم القدرة على الأغلبية من الوقوف خلال القداس الإلهي، وخصوصا في البدء، كانت خدمة باسيليوس الطويلة تم وضع المقاعد في الكنائس تسهيلا على الناس.
رتّب الآباء اوقاتا للجلوس واوقاتا للوقوف، والسؤال كيف تم ذلك ؟ ولماذا نقف عند العبارة هذه وتلك نجلس؟
نسرد بعض الحالات التي يجب ان نقف عند تلاوتها، مثل: مطلع القداس المجد لك يا مظهر النور.. التي هي نهاية خدمة صلاة السحر، لأنه لك ينبغي كل مجد وإكرام وسجود، لان لك العزّة، لأنك اله صالح ومحب للبشر، لأنك قدوس أنت يا إلهنا، الحكمة لنقف لنسمع الإنجيل المقدس، حتى إذا كنا محفوظين {مصونين} بعزّتك، برأفة ابنك الوحيد وأهلنا أيها السيد.
الوقوف لاستلام من الرب، {انظر لاحقا} ففي كل الحالات أعلاه التي نقف بها، هي نستلم من الرب، ننتظر النور المجد لك يا مظهر النور إجلالا لأنه لك ينبغي كل مجد ولك العزّة وأنت قدوس وسماع كلمة الحياة ننتظر ان تدخل قلوبنا وذهننا الخ.
الركوع والسجود
والوقوف والجلوس {مطّانيات}: دلالة لخضوعنا لله وسقوطنا في الخطايا وننهض بواسطة التوبة.
الدّورة: التطواف بالكنيسة متضرّعين دلالة لطردنا من الفردوس بسبب المعصية ونطوف متوسّلين لعزّته أن يدخلنا ويرجعنا لموضعنا القديم_الفردوس.
السجود في العهد القديم، في العدد 22 :16 : “فَخَرَّا عَلَى وَجْهَيْهِمَا وَقَالاَ: «اللّهُمَّ، إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ، هَلْ يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلَى كُلِّ الْجَمَاعَةِ”؟ والتثنية 25 :9 : “فَسَقَطْتُ أَمَامَ الرَّبِّ الأَرْبَعِينَ نَهَارًا وَالأَرْبَعِينَ لَيْلَةً الَّتِي سَقَطْتُهَا، لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ إِنَّهُ يُهْلِكُكُمْ “.
إنتبه أيها المؤمن،ان السجدة تكون مرّة واحدة في العنصرة على غرار نص النبي يهوشع 6 :7 : “وخرّ على وجهه أمام خيمة الاجتماع حتى المساء” ويفسّر الحاخام الرمبام {רמב“ם} يكون هذا السجود في مكان يوجد به “لفيف سفر التوراة” ومنها المسيحيون الأوائل أقاموا السجدة بعيد حلول الروح القدس في عيد الخمسين “العنصرة” مقابل نزول التوراة واستلام موسى الناموس _ الشريعة.
ونصوص عن السجود صموئيل الأول 19 _15 :1 : “فَأَجَابَتْ حَنَّةُ وَقَالت: «لاَ يَا سَيِّدِي. إِنِّي امْرَأَةٌ حَزِينَةُ الرُّوحِ وَلَمْ أَشْرَبْ خَمْرًا وَلاَ مُسْكِرًا، بَلْ أَسْكُبُ نَفْسِي أَمَامَ الرَّبِّ. لاَ تَحْسِبْ أَمَتَكَ ابْنَةَ بَلِيَّعَالَ، لأَنِّي مِنْ كَثْرَةِ كُرْبَتِي وَغَيْظِي قَدْ تَكَلَّمْتُ إِلَى الآنَ». فَأجَابَ عَالِي وَقَالَ: «اذْهَبِي بِسَلاَمٍ، وَإِلهُ إِسْرَائِيلَ يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ الَّذِي سَأَلْتِهِ مِنْ لَدُنْهُ». فَقَالَتْ: «لِتَجِدْ جَارِيَتُكَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ». ثُمَّ مَضَتِ الْمَرْأَةُ فِي طَرِيقِهَا وَأَكَلَتْ، وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُهَا بَعْدُ مُغَيَّرًا. وَبَكَّرُوا فِي الصَّبَاحِ وَسَجَدُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَرَجَعُوا وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِهِمْ فِي الرَّامَةِ. وَعَرَفَ أَلْقَانَةُ امْرَأَتَهُ حَنَّةَ، وَالرَّبُّ ذَكَرَهَا“. واشعياء 2 :38 : “فَوَجَّهَ حَزَقِيَّا وَجْهَهُ إِلَى الْحَائِطِ وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ“
الجلوس:
في القداس الإلهي اوقاتا نقف واوقاتا نجلس بها، نص التثنية 9:9 : “حِينَ صَعِدْتُ إِلَى الْجَبَلِ لِكَيْ آخُذَ لَوْحَيِ الْحَجَرِ، لَوْحَيِ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ، أقمتُ {جلست يجب ان تكون الترجمة} فِي الْجَبَلِ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً لاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً “الترجمة العربية لا توضح النص باللغة العبرية :” ואשב בהר“. ومعنى الجلوس في الصلاة مثلما فعل موسى “للسّمع” وكذلك إبراهيم جلس عند استلام تعليمات من الملائكة الثلاثة .
فنحن بسماعنا الطلبة السلامية الكبرى نجلس، فلو راجعنا كل الحالات التي نجلس بها تكون للإصغاء والسماع: “بسلام إلى الرب نطلب، لأجل سلام العالم اجمع… لأجل المسافرين في البحر والبر والجوّ، ان يكون نهارنا كله كاملا مقدّسا سلاميا….الخ.
الوقوف:
أيضا الترجمة العربية هنا للأسف غير صحيحة تستخدم مكث مقابل עמד، تثنية 10:10 : “«وَأَنَا مَكَثْتُ {يجب الترجمة وقفت بالنص العبري ואנכי עמדתי } فِي الْجَبَلِ كَالأَيَّامِ الأُولَى، أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. وَسَمِعَ الرَّبُّ لِي تِلْكَ الْمَرَّةَ أَيْضًا، وَلَمْ يَشَإِ الرَّبُّ أَنْ يُهْلِكَكَ”. ومعنى الوقوف بالصلاة المثول أمام الربّ لتقدمة الطلبات ونيل البركة. والخضوع أمام الرب كما في التثية 22 _17 :9 : “وَمَتَى ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الْخَيْمَةِ كَانَ بَعْدَ ذلِكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَرْتَحِلُونَ، وَفِي الْمَكَانِ حَيْثُ حَلَّتِ السَّحَابَةُ هُنَاكَ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَنْزِلُونَ. حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَرْتَحِلُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَنْزِلُونَ. جَمِيعَ أَيَّامِ حُلُولِ السَّحَابَةِ عَلَى الْمَسْكَنِ كَانُوا يَنْزِلُونَ. وَإِذَا تَمَادَتِ السَّحَابَةُ عَلَى الْمَسْكَنِ أَيَّامًا كَثِيرَةً كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ الرَّبِّ وَلاَ يَرْتَحِلُونَ. وَإِذَا كَانَتِ السَّحَابَةُ أَيَّامًا قَلِيلَةً عَلَى الْمَسْكَنِ، فَحَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَنْزِلُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ كَانُوا يَرْتَحِلُونَ. وَإِذَا كَانَتِ السَّحَابَةُ مِنَ الْمَسَاءِ إِلَى الصَّبَاحِ، ثُمَّ ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ فِي الصَّبَاحِ، كَانُوا يَرْتَحِلُونَ. أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ كَانُوا يَرْتَحِلُونَ. أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً، مَتَى تَمَادَتِ السَّحَابَةُ عَلَى الْمَسْكَنِ حَالَّةً عَلَيْهِ، كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَنْزِلُونَ وَلاَ يَرْتَحِلُونَ. وَمَتَى ارْتَفَعَتْ كَانُوا يَرْتَحِلُونَ”.
من المهم الإشارة إلى ان الصلاة تشمل الحالات الثلاث: وقوف المصلي وجلوس المصلي والسجود_الخضوع.
والجلوس الاستماع لكلمة الربّ، نجلس عند قدمي الرب مثل إبراهيم جلس واستمع لتعاليم الملائكة الثلاثة والوقوف أمام الرب لنقدّم طلباتنا ورجاؤنا وأمنياتنا من الربّ.
السجود، قمّة الارتباط بالرب عندما نسجد بكلّ حواسنا وجسدنا وخضوعنا بالكليّة للرب ونعبّر بسجودنا عن خضوعنا وتسليمنا لذاتنا للربّ وإذلال الروح واستعداد لتسليم النفس والتعبير عن مهابة السماء خروج 6 :3 : “ثُمَّ قَالَ: «أَنَا إِلهُ أَبِيكَ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللهِ” وخروج 30 :34 : “فَنَظَرَ هَارُونُ وَجَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَإِذَا جِلْدُ وَجْهِهِ يَلْمَعُ، فَخَافُوا أَنْ يَقْتَرِبُوا إِلَيْهِ.” والعدد 8 :12 : “فَمًا إِلَى فَمٍ وَعَيَانًا أَتَكَلَّمُ مَعَهُ، لاَ بِالأَلْغَازِ. وَشِبْهَ الرَّبِّ يُعَايِنُ. فَلِمَاذَا لاَ تَخْشَيَانِ أَنْ تَتَكَلَّمَا عَلَى عَبْدِي مُوسَى؟وأمثال 7 :1 : “مَخَافَةُ الرَّبِّ رَأْسُ الْمَعْرِفَةِ، أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ.” ومزمور 10 :111 : “رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. فِطْنَةٌ جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا. تَسْبِيحُهُ قَائِمٌ إِلَى الأَبَدِ” وخروج 23 :2 أعلاه توجه بني إسرائيل للرب وصموئيل الأول أعلاه أيضا.
في السجود تحرير الروح من الجسد لتصعد حرّة لعرش الربّ، مثل نصّ اشعياء النبيّ 14 :22 : “فَأَعْلَنَ فِي أُذُنَيَّ رَبُّ الْجُنُودِ: «لاَ يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هذَا الإِثْمُ حَتَّى تَمُوتُوا، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ». ومزمور 2_1 :25 : “إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي. يَا إِلهِي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، فَلاَ تَدَعْنِي أَخْزَى. لاَ تَشْمَتْ بِي أَعْدَائِي” .
+“لَحقّ وواجبٌ. ان نسجدَ للآب والابن والروح اٌلقُدس. الثالوث المتساوي في الجوهر والغير المنفصل”. {رؤيا 14 _8 :5 : “وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا أَمَامَ الْخَروفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ. وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِقٌ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، أَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ». وَنَظَرْتُ وَسَمِعْتُ صَوْتَ مَلاَئِكَةٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ، وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ، قَائِلِينَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مُسْتَحِقٌ هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ!». وَكُلُّ خَلِيقَةٍ مِمَّا فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ وَتَحْتَ الأَرْضِ، وَمَا عَلَى الْبَحْرِ، كُلُّ مَا فِيهَا، سَمِعْتُهَا قَائِلَةً: «لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ الْبَرَكَةُ وَالْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ». وَكَانَتِ الْحَيَوَانَاتُ الأَرْبَعَةُ تَقُولُ: «آمِينَ». وَالشُّيُوخُ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ خَرُّوا وَسَجَدُوا لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ}.
إظهار اٌتّفاق المُؤمنين، يقول القديس نيقولاوس كاباسيلاس: “عندما يتفق المؤمنون كلّهم ويهتفون “لحق وواجب”،عندها يُقَدّم الكاهن الإلهي لله”.
والذهبي الفم: “شكر الله مشترك، فالكاهن لا يشكر لوحده، لكنّ الشعب كلّه يشترك معه، وعندما يبدأ اٌلكاهن، يتّفق الجميع ان ما يحصل هو حقّ وواجب.عندها يبدأ الكاهن الشكر الإلهي. ويشترك الشعب بأسره في رفع الشكر، ويسير مع الكاهن مسيرة واحدة”. {راجع رؤيا يوحنا 14 _8 :5 أعلاه}.
احنوا رؤوسكم للربّ {ان أحناء {حنْي} الركب في الصلوات هو مقبول من الرسل والكنيسة، غير انه فقط في أيام معلومة حسب تحديد المجامع والتقليد المقدّس وبما ان الرأس أفضل من الركب، كانت العبادة به أليق وان المؤمنين جميعًا متى رُفع الخبز المقدس يجب ان يحنوا رؤوسهم إلى أسفل بخشوع، مُزيلين من عقولهم كل فكرٍ ارضي واهتمام عالمي. ويُخضعوا عقولهم وقلوبهم نحو الله لكي يقبلوا النعمة التي يتوسّل الكاهن إلى ان ينالها كل من أحنى هامته.}
لك يا ربّ.
+ نَشْكُرُكَ أيّها الملِكُ الغيرُ المنظورِ، يا من بقوِّتِكَ التي لا تُحْصَى خلقتَ كلّ اٌلبرايا وبكثرةِ رحمتكَ أخرجتَ الكلّ من العدم إلى الوجود. أنتَ أيّها اٌلسّيّد اٌطّلع منَ السماء {قارن مزمور 14 :80 “يَا إِلهَ الْجُنُودِ، ارْجِعَنَّ. اطَّلِعْ مِنَ السَّمَاءِ وَانْظُرْ وَتَعَهَّدْ هذِهِ الْكَرْمَةَ}، على الذين حَنَوا لك رؤوسهم لأنّهم ما حنَوْها للحمٍ ودمٍ بْل لكَ، أيّها الإله المرهوب. فأنتَ إذن أّيّها السيّد سهّل أن تكونَ هذه القدُسات لخيرنا جميعًا بحسبِ حاجةِ كلّ واحدٍ منّا. رافق اٌلمسافرين في البرّ والبحر والجوّ واٌشفِ المرضى يا طبيب النفوس والأجساد. بنعمة ورأفاتِ اٌبنِكَ الوحيد ومحبّته للبشر الذي أنت معه مباركٌ ومع روحِكَ الكلّي قدسُهُ الصالح والصانع الحياة، الآن وكل اوانٍ وإلى دهر الداهرين. آمين.
كلّ قدّاس إلهيّ هو ظهور للرب المسيح القائم من الأموات: “وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!» وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا». وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ» أَمَّا تُومَا، أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ حِينَ جَاءَ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُ التَّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ». وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!». ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا».{يوحنا 26 _19 :20 }.
القديس نيقولاوس كاباسيلاس: “إنّ المؤمنين يحنون رؤوسهم أمام الله ليس فقط أمام من هو مِن جهة الطبيعة سيّدهم وخالقهم، بل كعبيد مُفتَدين أمام من اٌشْتراهم بدم اٌبنهِ الوحيد نفسه”. {راجع إنجيل يوحنا 15 _13 :15 }: “لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ.أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ. لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي“. {الافشين انه لا يفيد لمن لم يحنوا هاماتهم فيقول القديس بروكلس بهذا : “ان الرسل الأطهار لما كانوا يحتمعون للصلاة كانوا يثابرون عليها مدّة النهار متّخذين قداس جسد السيد السري تعزية وغذاء وكانوا يواظبون على هذه التقدمة الإلهية دائما متذكّرين قول الرب هذا هو جسدي ويشاركون الخدمة بروح منسحق}.
الشعر الجاهلي:
يروي لنا العلّامة لويس في كتابه القيّم {النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية} انه في الصلاة أكثر ما تتمّ بالسجود والركوع والتسبيح. وقال الشاعر المضرّس الاسدي:
وسخالِ ساجِيةِ العُيون خواذِلٍ بجمادِ لينَه كالنصارى السُّجّدِ
{لينة ماء لبني غاضرة}
وكذلك في شعر لبيد مما قاله في الجاهلية يصف الثور فشبّهه عند اكبابه بالمصلّي الذي يقضي نذارا:
فباتَ كأنّه يقضي نُذورًا يلوذُ بغَرقَدٍ خضلٍ وضالِ
{يشرح لويس يطيف بغرقد وبات أي الثور أي بات مكبّا كأنه يصلي صلاة يقضي بها نذرا والغرقد والضال نباتان}
وفي بيت آخر يصف الراهب:
واشعثَ عُنْوانٌ بهِ من سجودِهِ كركْبة عنزٍ من عنوز بني صخر
وفي وصف للمرأة المسيحية التي تسجد:
فكلتاهما خرّت وأسجدَ رأسها كما سجدت نصرانةٌ لم تُحْنفِ
ومن عادة المسيحيين ان يحنوا رؤوسهم، قال حُميد بن ثور:
فضولُ أزمّتها أسجدت سجودَ النصارى لأربابها
ومن قبيل السجود “الركوع” وهو اخفاض المصلّي لرأسه وانكبابه لوجهه. وقد رد في شعر امية بن ابي الصلت قوله:
ملائِكَةٌ لا يَفترون عبادةً كروبيّةٌ منهم ركوعٌ وسجّدُ
فساجدُهم لا يرفعُ الدهرَ رأسَهُ يعظّم ربًّا فوقَهُ ويمجِّدُ
وراكعهم يحنو له الدهر خاشعا يردّد آلاء الإله ويحمِدً
كان الراهب لكثرة صلاته يدعى “راكعا”، والقول “ركع الى الله” تعني اطمأنّ وقال في ذلك النابغة الذبياني”
سيبلغ عُذرًا او نجاحًا من اُمرىْ الى ربّه ربّ البريّة راكعِ
ولكثير عزّة :
رهبان مَدينَ والذينَ عهدْتُهم يبكون من حذر العقاب قعودا
لو يسمعون كما سمعتُ كلامها خرّوا لعزّة رُكّعًا وسجودا
في ديوان اميّة بن أبي الصلت، في قافية الدال:
لكَ الحمدُ والنعماءُ والمُلكُ ربنا فلا شيء أعلى منكَ جدًّا ولا مجدُ
مليكٌ على عرشِ السماءِ مُهيمنٌ لعزّتهِ تعنو الوجوه وتسجدُ {تعنو تخضع}
ملائكةٌ لا يفترون عبادةً كروبيّة منهم ركوعٌ وسجدُ
فساجِدُهُم لا يرفَع الدهر رأسه يعظّم ربّا فوقه ويُمجّدُ
وراكِعُهُم يحنو له الظهر خاشعًا يُردّد آلاء الإله ويحمدُ
{لمن يرغب بالمزيد عليه مراجعة ديوان أمية بن أبي الصلت دار صادر بيروت}.