20 mins ago
89 Views شاهد
بقلم حسيب عم بولص
كنا سابقاً قد انتقدنا البطريرك ساكو لما قدمه من معلومات غير دقيقة او مضللة في كتابه “خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية” وبالتحديد الفقرة التي يقول فيها: “وجد المبشرون الاوائل مناخاً معداً لغوياً ودينياً، بين الجاليات اليهودية المتواجدة في سهل نينوى واربيل وبابل من الاسباط الذين سباهم ملوك الاشوريين: تغلت فلاسر وشلمناصر ثم نبوخذ نصر الملك البابلي، (انتهى الاقتباس)، وطرحنا عليه حينها سؤالين يتطلبان توضيحاً منه حول ما جاء في هذه الفقرة ولكنه لم يرد عليهما، وكذلك تهرب البطريرك زاخونايا من الأجابة عليهما، وهذان السؤالان هما كالآتي ، السؤال الأول : بشرفك مار زاخونايا هل كان هناك جاليات يهودية في سهل نينوى؟ والسؤال الثاني : هل ان نبوخذنصر هو آشوري ؟
هناك ملاحظة: نود ان نقول لصاحب الغبطة بانه يتوجب عليه لا يخلط ما بين القوش الجبلية وسهل نينوى، حيث كان هناك يهود قد قدموا الى بلدة القوش الكلدانية الجبلية واقاموا فيها بسبب وجود قبر ناحوم فيها والذين لا تتجاوز نسبتهم ال 5% من سكانها الكلدان
وطالما تهرب البطريرك ولم يرد على اسئلتنا، سنقوم نحن بالرد عليها، وسوف نسرد بعض الحقائق المهمة التي تفند ما يدعي به في وجود جاليات يهودية في سهل نينوى وفي كون نبوخذ نصر اشورياً وعلى النحو التالي:
ان المؤرخ الدكتور أحمد سوسة، الذي ولد في مدينة الحلة بالعراق عام 1900م من اسرة يهودية، وكان يهودي الديانة، ومن ثم اعتنق الديانة الاسلامية، تكلم عن التواجد اليهودي في احد احياء مدينة الموصل في كتابه “ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق”، ولو كان هناك جاليات يهودية في سهل نينوى لكان بالتأكيد وهو مؤرخ ويهودي ويعيش معهم في نفس البلد، قد قام بزيارتهم وتحدث عنهم أيضاً بكل حماس وسرور في كتابه هذا لكونهم اهله وبني قومه، او لكان هناك على اقل تقدير اتصالات او زيارات متبادلة بينهم وبين الجالية اليهودية المقيمة في الموصل باعتبارهم اهل واقرباء ومن جنس واحد، ويعيشون في محافظة واحدة، الا ان أي شيء من هذا القبيل لم يحدث، اي لا اتصالات ولا زيارات، مما يؤكد عدم وجود علاقة قرابة تربط المؤرخ اليهودي والجالية اليهودية في الموصل بالسكان المقيمين في سهل نينوى، وهذا يؤكد عدم وجود جاليات يهودية في هذا السهل.
ان الدكتور وليم ويكرام رئيس أساقفة كاونتربري الذي قضى ستة سنوات يتجول في منطقة كردستان التابعة للعراق وايران وتركيا وايضاً في نينوى وسهلها والشمال العراقي باحثاً عن اليهود احفاد الأسباط العشرة المفقودة من اسرائيل، والذي منح لهؤلاء اليهود التسمية الأشورية في القرن التاسع عشر، تحدث في كتابه “مهد البشرية” ايضاً عن وجود جالية يهودية في احد احياء مدينة الموصل، لكنه لم يتطرق الى وجود جاليات يهودية في سهل نينوى، ويعود السبب في ذلك لمعرفته بعدم وجود جاليات يهودية في سهل نينوى، وان الذين يقطنون هذا السهل هم من الكلدان الذين سباهم الملوك الأشوريين من بابل، بالاضافة الى السريان والايزيديين، ولو كان هناك فعلاً جاليات يهودية فيها لكان الشرق الأوسط برمته قد سمع الخبر من الأعلام الغربي قبل ان ينشره ويكرام في كتابه.
من المعروف ان اليهود لا ينسون اصلهم، ولا يتخلون عن قوميتهم ابداً حتى لو كلفهم ذلك حياتهم، ولا يقبلون بكائن من يكون ان يفرض عليهم هوية قومية غير اليهودية، فهناك البعض من اليهود اعتنقوا الاسلام او ربما تم فرضه عليهم في العراق او في تركيا، وهناك البعض الأخر الذين اعتنقوا المسيحية او ربما فرضت عليهم في اوروبا، ولكنهم جميعاً لم يتخلوا عن هويتهم القومية اليهودية ولغتهم وتقاليدهم وعاداتهم القديمة، وهكذا هو الحال مع الكلدان (المسيحيين حالياً) الذين سباهم الملوك الأشوريين اثناء غزواتهم المتكررة على بلاد بابل واسكنوهم في سهل نينوى ومناطق اخرى من الشمال العراقي وفي جنوب شرق تركيا، حيث احتفظوا ولا زالوا يحتفظون بقوميتهم ولغتهم الكلدانية وعاداتهم وتقاليدهم التي انتقلت اليهم من الأباء والأجداد، وبنفس الوقت يؤكدها المؤرخون والعلماء والباحثون، ولم يكونوا بحاجة الى قداسة البابا اوجين الرابع عام 1445 لكي يذكرهم بها او يطلق التسمية الكلدانية عليهم، لأن البطاركة اليهود من بيت ابونا في كنيسة المشرق النسطورية استخدموا الختم البطريركي الذي كان يحمل العبارة محيلا شمعون بطرك دكلدايي (المتواضع شمعون بطريرك الكلدان) منذ جلوسهم على سدة البطريركية الشرقية عام 1318، وهناك نقطة اخرى في غاية الأهمية وهي أن جميع يهود العراق كانوا قد رجعوا الى اسرائيل بعد اعدام تسعة تجار يهود بعد اتهامهم بالتجسس لصالح اسرائيل عام 1969 م، ولو كان هناك تواجد للجاليات اليهودية في سهل نينوى كما يقول البطريرك، لكانوا جميعاً قد هاجروا ايضاً خوفا من الاضطهادات وحفاظاً على حياتهم، اذن غادر اليهود جميعاً ارض العراق بعد عام 1969 ولم يبقى فيه سوى الذين اعتنقوا الاسلام وبعدد لا يتجاوز اصابع اليدين، وان أدعاء البطريرك ساكو بوجود جاليات يهودية في سهل نينوى هو مضلل ولا اساس له من الصحة، ويهدف الى تهويد الكلدان والسريان، واشورتهم وابعادهم عن الكنيسة الكاثوليكية الأم من خلال تشويه سمعتها ونعتها بالكنيسة الوثنية، والحاقهم بكنيسة المشرق النسطورية الأشورية.
اما بالنسبة لموضوع نبوخذ نصر الذي يدعي مار ساكو في كتابه بأنه آشوري، ولتوضيح الحقيقة نقول بأن نبوخذ نصر الملك البابلي هو الذي قضى على امبراطورية آشور، وحطم الأله الصنم آشور، وأباد الشعب الآشوري عن بكرة ابيه، وهو ابن نبوبيلاصر الكلداني الذي كتب عنه البطريرك ساكو نفسه في مقال له عن الكلدان تم نشره في الموقع البطريركي حيث قال “وقد أسس الكلدان مملكة عظيمة، عاصمتها بابل، أسسها نبوبلاصر سنة 627 ق.م” (انتهى الاقتباس)، وهذه هي الحقيقة التي يعترف بها التاريخ والعالم وجميع المؤرخين والعلماء والباحثين. واذا كان غبطته قد قرأ في الكتاب المقدس سفر يهوديت عن نبوخذ نصر كملك نينوى وآشور، فربما هذه غلطة مطبعية من الكاتب، لأنه ليس من المعقول ان ينسب نبوخذ نصر الى الأشوريين ويعتبره ملكاً على نينوى وأشور وهو بنفس الوقت يذكر ولعشرات المرات بانه كلداني وابن كلداني وقائد كلداني وملك كلدان بابل في صفحات الكتاب المقدس الأخرى مع قضائه على الأشوريين، او ربما كان هو الملك البابلي الكلداني نبوخذ نصر بن نبو بيلاصر الكلداني نفسه بعدما اصبحت اشور خاضعة له ومن ضمن الدولة الكلدانية، بعد القضاء على الامبراطورية الاشورية وابادة شعبها الاشوري عن بكرة ابيه عام 612 ق.م، والاحتمال الثالث هو ربما ان الاشوريين في فترة زمنية معينة كان ملكهم ضعيفاً فاستخدموا اسم نبوخذ نصر عوضاً عن اسمه في حروبهم من اجل أثارة الرعب والهلع بين صفوف القوات والشعوب المعادية من اجل السيطرة عليها واخضاعها لهم.
وهنا يتبين بانه على الرغم من ان البطريرك ساكو يعرف حقيقة نبوخذ نصر في كونه كلداني الأصل وابن نبوبيلاصر الكلداني، الا انه يحاول اللجوء الى المناورة وتضليل الشعب الكلداني وتشويه الحقيقة لكي يحقق اهدافه، فهو يريد ان يقول للكلدان من خلال استغلاله وطرحه لهذا الموضوع بانه طالما ذكرت يهوديت بأن نبوخذ نصر هو اشوري فان قوات الجيش وابناء الشعب الذين كانوا يتبعوه ويدافعون عنه ويحاربون معه كانوا ايضاً أشوريين وليس هناك وجود للكلدانيين في بلاد ما بين النهرين، اي بمعنى اخر يريد ان ينكر وجود القومية الكلدانية مثلما انكر اللغة الكلدانية ويحقق اهدافه الخبيثة اللعينة.