يوسف يوسف
الموضوع :
في العقائد الدينية هناك محور قد يغيب عن ذهن البعض ، او قد يتجاهله البعض الأخر ، وهو حقيقة أنبياء / رسل ، أموات ووجود نبي حي ! ، نعم بعض الكتب تشير الى وجود أنبياء أحياء ، ومنها كتب الموروث الأسلامي ، فقد جاء في كتاب تبرئة الذمة فى نصح الأمة – للأمام محمدعثمان عبده البرهانى ، التالي : ( أن الأنبياء أدريس ، الخضر ، ألياس وعيسى ، هم أنبياء أحياء ) ، ولكن كنبي وله رسالة وأتباع فقط المسيح هو الحي ، وذلك بأعتراف أغلب الكتب ، التي تؤكد أن المسيح قام من بين الأموات وهو حي ، ففي موقع / الانبا تكلا هيمانوت ، أنقل التالي عن قيامة المسيح بعد الموت، فقد ورد في سفر هوشع النبي (( ” هَلُم نرجع إلى الرب لأنه هو افتَرَس فيشفينا، ضَرَب فيجْبرنا. يحيينا بعد يومين في اليوم الثالث يُقيمنا فنحيا أمامه ” (هو 6: 1، 2). والعجيب في هذه النبوة أنها قد أشارت إلى أن القيامة ستحدث في أول اليوم الثالث ، لأنها تقول “بعد يومين في اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه ” ، بمعنى أن اليوم الثالث لم يكتمل ، بل القيامة بعد يومين : أي بعد اكتمال يومين وفي بداية اليوم الثالث تحدث القيامة )) ، وكذلك تحدثت المزامير وبعض الأسفار عن قيامة المسيح ، منها ما ذكر في موقع / المعرفة ، ك (مزمور 16: 10، ومزمور 30: 3 ، ومزمور 41: 10 ، ومزمور 118: 17، وسِفر هوشع 6 : ) ، كما وردت الكثير من الأيات القرأنية التي تؤيد أن المسيح حي منها الأيات التالية : { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّـهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا . بَلْ رَفَعَهُ اللّـَهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا . / سورة النساء ، الآيتان : 157 ، 158 }، و قوله تعالى (… إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذِينَ كَفَرُوا …) سورة النساء من الآية 55 ، وفي الموقع الأسلامي المعروف / أسلام ويب ، يؤكد بأنفراد المسيح بهذه الصفة ، حيث يبين التالي ( فجميع الأنبياء عليهم السلام قد ماتوا إلا عيسى عليه السلام ، فقد رفعه اللـه إلى السماء حيا وسينزل إلى الأرض ، وسيموت ، ويصلي عليه المسلمون ) ، أما قيامة المسيح من بين الأموات فحسب العقيدة المسيحية مؤكدة وفق الأناجيل ، وأورد ملخصا لها من أنجيل لوقا : لوقا 24: 1 – 12 ( وجِئنَ عِندَ فَجرِ الأحَدِ إلى القَبرِ وهُنَّ يَحمِلْنَ الطِّيبَ الّذي هَيَّأنَهُ. فوَجَدْنَ الحجَرَ مُدَحرَجًا عَنِ القَبرِ. فدَخَلْنَ ، فما وَجَدْنَ جسَدَ الرَّبِّ يَسوعَ . وبَينَما هُنَّ في حَيرَةٍ ، ظهَرَ لَهُنَّ رَجُلانِ علَيهِما ثِـيابٌ بَرّاقَةٌ ، فاَرتَعَبْنَ ونكَّسنَ وجُوهَهُنَّ نحوَ الأرضِ ، فقالَ لهُنَّ الرَّجُلانِ : لِماذا تَطلُبْنَ الحَيَّ بَينَ الأمواتِ ؟ ما هوَ هُنا ، بل قامَ . أُذكُرنَ كلامَهُ لَكُنَّ وهوَ في الجَليلِ ، حينَ قالَ : يَجبُ أنْ يُسلَّمَ اَبنُ الإنسانِ إلى أيدي الخاطِئينَ ويُصلَبَ ، وفي اليومِ الثّـالِثِ يَقومُ .. ) .
القراءة :
ليس المراد من هذا المقال غاية عقائدية محددة أو الدفع نحو المسيحية أو غرض أخر كتفضيل كفة دين على أخر ! وذلك لأن هذا ليس من نهجي العلمي والعقلاني ، ولكن المقال هو مجرد أضاءة من الضروري طرحها ، وقد أخذت كمثال الرسول محمد !! ، كرسول ميت / على أعتبار أن الأسلام ثاني أكبر ديانة في العالم :
1 . مما سبق في أعلاه ، يتبين لنا وبشهادات موثقة / ومن مصادر مختلفة ، من أن المسيح هو الحي الوحيد ! ، والتساؤل هنا أن اللـه كان يخاطب الأنبياء والرسل وهم أحياء ، ولكن حين توفوا ، لم يعد اللـه مخاطبا أياهم لأنهم أموات ، واللـه لا يخاطب الموتى ! ، فهل هذا يعني أن الرسالة أو الدعوة أنتهت ! هذا تساؤل ! ، وهذا يذكرني ، من جانب أخر ، بخطبة أبي بكر الصديق حين وفاة محمد في ضحى يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشر للهجرة ، وقد كان عمره حين وفاته ثلاث وستين سنة ، حيث قال أبو بكر الصديق ( من كان يعبد محمداً فان محمداً قد مات ومن كان يعبد اللـه فإن الـله حي لايموت ) .
أرى أن الخطبة دلالة واضحة على أن محمدا كان يعبد دون الـله ! وألا لم الصديق قال هذا بعد وفاته ! ، كما أنها دليل على العودة لعبادة اللـه الواحد وليس عبادة رسول ميت قد أنتهت دعوته ! ، وأخيرا الصديق يعلن أنتهاء عهد محمد ! .
2 . ومحمد / قبل مماته ، بذاته لم يوصي أحدا أو يخلف أحدا بتكملة رسالته ، فهو مات والصحابة في سقيفة بني ساعدة – لثلاثة أيام وهو مسجي في بيت عائشة بنت أبي بكر / في ذلك الصيف ، والصحابة يتنافسون بل يتصارعون على السلطة والحكم من بعده ! ، هذا من جانب ، أما المسيح ، فبعد قيامته أوصى تلامذته / الحوارين ، بنشر الرسالة فقد جاء في أنجيل متى 28 / 18-20.. التالي (18 فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً : « دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ . 20 وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ . وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْر ِ». آمِينَ ) .
فهنا تأكيد على تكملة الرسالة من قبل تلامذته هذا أولا ، وهناك تأكيد أخر وهو الأهم حيث قال لهم ” وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْر ” ، وهذا أمر واضح على الأستمرارية والديمومة والحياة للمسيح وكلامه موجها الى رسله .
3 . الجانب الأهم أن الرسل الموتى / محمد ، لم يعهد بالرسالة لمن بعده ، بل أورث سلطة وحكم لمن بعده ، ولم يورث أي سلطة روحية أو معتقدية ، لأن أثر الدعوة كانت وسيلة للحكم ، فبعد موت الرسول ، تأسست دولة ، وأنشأ حكم وسلطة ، تحت مظلة الأسلام ، وسخر لها الحكام رجال ثبتوا السلطة بأسم الدين ، وهؤلاء / الرجال والشيوخ والفقهاء والعلماء .. ، أطلق عليهم ” وعاظ السلاطين ” وفق ما سماهم به خالد الذكر د . علي الوردي ، فهم يأتمرون بحكم السلطان ، ويقرون أن حرام السلطان حرام وحلال السلطان حلال ، فهم يكيفون الأمور وفق سلطة ورأي ومزاج ورؤى الحاكم ! حتى وأن خالفت سياساته ثوابت الدين ، فرجاله يجتهدون / فتاوى ، ليجدوا لها مخرجا ! .
خاتمة :
* أن المسيحية كعقيدة وكنيسة ورجال ، في تطور شفاف ، خاصة رجال الكنيسة فهم في نقد دائم ، من أجل تقويم بعض الممارسات ، أضافة الى مد الجسور فيما بين الطوائف !! ، مع أعطاء تفاسير حداثوية لبعض المفاهيم والمعتقدات .
* لهذا أرى أن كتب الرسل الأموات / ومنها القرأن ، قابلة أيضا للتحديث والتنقيح والتقويم ، بما يتفق والظروف الزمانية والمكانية والقيم المجتمعية ! ، خاصة أذا خالفت هذه الكتب القوانين الأنسانية الحالية !! ، أن التغيير بأي نصوص بما يخدم المسيرة البشرية ، يجعل من هذه الكتب أن تحافظ على ما تبقى بها من الثوابت الأساسية ! .