يوسف تيلجي
موضوع :
* بين ليلة وضحاها .. أصبح الحرام حلالا ! ، هكذا هي دولة الأسلام ! ، ليس من حال دائم ! ، نهج الملك أو الحاكم فوق الدين والمذهب ، بنصوصه وأحاديث نبيه وحتى سننه ! ، وشيوخ الأسلام عبيد عند الحاكم ، يكيفون الأمر وفق هواه ، أليس الملك هو الحاكم الناهي بأمر شعبه ، أليس هو ظل الله على الأرض ، وفق حديث الرسول ( السُّلْطَانُ ظِلُّ اللهِ فِي الأَرْضِ ، فَمَنْ أَكْرَمَهُ أَكْرَمَهُ اللهُ ، وَمَنْ أَهَانَهُ أَهَانَهُ اللهُ / رواه الطبراني والبيهقي ) ، والرسول بذاته وضع الأسس والقواعد للسلطة المطلقة للحاكم ! ، وحكام اليوم يسيرون على خطاه ! ، أضف الى ذلك قوله : ” ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني / رواه البخاري (7131) ومسلم (1835) ” وحديث مرادف لسابقه : وعن ابن عمر أن رسول الله قال : ” على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أوجب وكره ، إلا أن يؤمر بمعصية… / رواه البخاري (2955) ومسلم ( (1839″ .
* والحاكم السعودي ، المتمثل بولي العهد محمد بن سلمان / الحاكم الفعلي للمملكة ، طبق حديث نبيه بحذافيرها ! ، ومن المؤكد أنه رأى من مصلحة الملكية لكي تستمر ! ، وأن يكون هو على قمتها ، أن يقوم بتغيير كل الثوابت الخاصة بالمذهب الوهابي ، أرضاءا للغرب – متمثلة بالولايات المتحدة الأميريكية ، فالمملكة التي كانت تحرم قيادة المرآة للسيارة ، أصبحت مرتعا لأقامة الحفلات الغنائية والموسيقية والراقصة ، مع أختلاط الجنسين ، وحضور المرأة للمباريات الرياضية ، مع فتح ” بارات الحلال ” ! الخالية من الكحول ، أضافة لمنح المرآة مساحة من الحرية في التنقل ، وفي تبوأ المراكز الحساسة .
* أين شيوخ الأسلام من حكم النص القرآني بخصوص الغناء ، حيث جاء في سورة لقمان : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ 8 ) ، وتفسير الأية ” ( قال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى .. عن أبي الصهباء البكري ، أنه سمع عبد الله بن مسعود – وهو يسأل عن هذه الآية : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله – فقال عبد الله : الغناء ، والله الذي لا إله إلا هو ، يرددها ثلاث مرات / نقل من الموقع quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura31-aya6.htm ” . أي الغناء تضليل عن سبيل الله ، والمملكة العربية السعودية الأن تضج بمواسم الحفلات والغناء والرقص ، أضافة الى المهرجانات السنوية ، أذن هي ضالة عن سبيل الله ! .
* ليس الغناء وحده لهو عن التعبد ، بل حتى الألات الموسيقية ، ومنها المزامير ، فقد جاء في سورة الأسراء ، التالي : ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ ، وتفسير الأية وفق موقع / الألوكة : ” ﴿ بِصَوْتِكَ ﴾ قال مُجاهدٌ والضَّحَّاك : هو الغناء والمَزامير واللَّهْو ، فتبَيَّن من الآية أنَّ مِن وسائل الشيطان لإضلال آدمَ الغناء والمزامير ، وهذا دليلٌ على تَحْريمه .
* خلاصة الأمر أن العزف والغناء كله حرام ، ومؤكد تحريمه وفق المذاهب الأربعة / أبو حذيفة النعمان ومالك بن أنس ومحمد الشافعي وأحمد بن حنبل ، حيث جاء في موقع الاسلام سؤال وجواب ، نقل بأختصار التالي : ” قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، .. ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا ) ، قال الألباني : اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها . ” .
وذكرت الأحاديث أن متعاطيها يمسخون لقردة وخنازير ، أذن من يفتي بعدم حرمتها من الشيوخ ورجال الدين أيضا مصيرهم مصير المتعاطين ! .
من محمد بن عبدالله الى محمد بن سلمان :
في حقبة رسول الأسلام ، لم تكن هناك دولة ، بل كان هناك نشر لدعوة محمد ، يرافقها غزوات – غنائم ونهب وسبي ، لذا كان لصحابة محمد دورا كبيرا في الدعوة وفي الغزوات ، وعند وفاة الرسول عام 632 ميلادي ، كان عدد صحابة الرسول يعدون بالألاف ، منهم قادة الغزوات ، فقد جاء في موقع موضوع ، التالي نقل بأختصار ( وذكر العُلماء أنّ عدد الصّحابة الذين توفي عنهم رسول الله قد بلغ مئةً وأربعة عشر ألفاً ، وقد نُقل عن الرّافعيّ : أنّه عند وفاة النبيّ ، كان الصّحابة ستين ألفاً ؛ ثلاثين ألفاً في المدينة المنوّرة ، وثلاثين ألفاً في قبائل العرب ، وقد قيل إنّ ما صنّفه العُلماء من أسماء وسِير الصّحابة ما يقارب العشرة آلاف ) ، ووجوه الصحابة المعروفين أجتمعوا في سقيفة بني ساعدة – والرسول مسجى في دار عائشة ! لمدة ثلاث أيام ، يتقدمهم ” سعد بن عبادة الخزرجي وبشير بن سعد والحباب بن المنذر ، ومن المهاجرين أبو بكر وعمر عبيدة بن الجراح .. / نقل بأختصار من موقع منشور ” ، لأختيار الخليفة – بل الحاكم ! .. ما أريد الوصول أليه ، أن الخلفاء ، كانوا على يقين بأن الدعوة أنتهت ! وبدأ عصر الحكم والسلطة ! ، وكان الحاكم هو الآمر الناهي دينا وسلطة ! ، فهذا عمر بن الخطاب ، في ” عام الرمادة ” أوقف نصا قرآنيا ، بخصوص قطع يد السارق ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 38 سورة المائدة ) ، نظرا لحدوث مجاعة في آخر سنة 17هـ، إلى أول سنة 18هـ ، وكذلك أوقف عمر نص المؤلفة قلوبهم ” إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) سورة التوبة ” ، وتفسيره وفق موقع quran.ksu.edu.sa ( وأما ” المؤلفة قلوبهم” فإنهم قوم كانوا يُتَألَّفون على الإسلام ، ممن لم تصحّ نصرته ، استصلاحًا به نفسَه وعشيرتَه ، كأبي سفيان بن حرب ، وعيينة بن بدر ، والأقرع بن حابس ، ونظرائهم من رؤساء القبائل ) . وقد أوقف عمر هذا النص في خلافة أبو بكر الصديق ” و قد منع عمر و أقره أبو بكر هؤلاء النفر الذين أعطاهم الرسول مثل الأقرع بن حابس و عيينة بن حصن عطائهم . و هذا الفعل مشهور بإسقاط سهم المؤلفة قلوبهم / نقل من https://mosafer-lantern.blogspot.com ” .
* أضاءة :
من كل ما سبق ، يتضح التالي : أن بعد وفاة رسول الأسلام لا وصاية على قرار ولا حدود لسلطة حاكم ، فهو ظل الله على الأرض ، وأخذ الحاكم يوظف شلة من الشيوخ ذات صفة رسمية ، من أجل كبح جماح المؤسسة الدينية ، ومحمد بن سلمان / ولي العهد السعودي ، أكبر مثال على هذا الواقع ، ومن المؤكد هناك تذمر بين المؤسسة الدينية ! ، ولكن من يجرؤ على تذمره علنا ، وقد جاء في موقع https://alkhaleejonline.ne : ( واشنطن بوست : محمد بن سلمان يقلب تقاليد الحكم السعودي ، رجل دين حكومي من بريدة ، بحسب ما وصفته الصحيفة ، قال لموفد الصحيفة إن سير الأمور لا يجعله مرتاحاً ” القبول بالموسيقى في المناسبات العامة والعديد من التغييرات أمور تغضب الله ، إنها مشكلة “) . أن محمد بن سلمان وشيوخه وأعوانه يستخدمون نصوصا ك ( السُّلْطَانُ ظِلُّ اللهِ فِي الأَرْضِ .. ) وغيرها لتمرير نهجه الذي يبرره على أساس أنه من ضرورات العصر والتمدن والأنفتاح ، ضد نصوص أخرى ك ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ .. ) وغيرها ، وكما أوقف عمر بن الخطاب نصوصا قرآنية من قبله ، كقطع يد السارق وسهم المؤلفة قلوبهم ، أن محمد بن سلمان ، لا حدود توقفه ولا خط أحمر ألا وتخطاه ، يطبق ما يشاء من أمور بتكييف فقهي من قبل شيوخ السلطة المنفذين لأمره حتى وأن كان الأمر مخافا للدين والمذهب ، فهو الملك غير المتوج ! ، وأقواله أخذت تصاغ على أنها بدائل للدين والمذهب ! .