هذا الموضوع نقدمه حسب قراءاتنا المتواضعة ودراستنا وتحليلنا لذلك فنحن المسؤولون عن كل ما يرد فيه
المقدمة
الجزء الأول من مفهوم المقارنة بين قداسة السيد المسيح والمؤسسات الدينية وهنا
نقارن بين ( واضع القداسة
الحقيقي وبين من يدعون القداسة وهذا يشمل ليس فقط المؤسسات المسيحية بل يتعداها
إلى جميع المؤسسات الدينية بمذاهبها وفرقها واديانها ). نقولها
صراحة ان السيد المسيح لم يكن غرضه انشاء ( ديانة خاصة لذلك فهو شمولي عالمي
انساني ) انما كان
الغرض انشائه ( منظومة أخلاقية تسموا بالإنسان إلى الله القيمة الأخلاقية العليا
المتّسمة بالفضيلة ” الإنسانية ” ) فالإنسان مميّز عن باقي الخلق بصفة ( الإنسانية ) من هنا كان
موضوعنا المقارن … ( المسيح أيديولوجية لبناء الإنسان الجديد المنتمي إلى الله …
انه ثورة الله على فساد الإنسان العتيق )
السؤال المهم : لماذا استثنينا اليوم المؤسسة الدينية ( الشيعية ) وعلاقتها
بفكر السيد المسيح … ؟
الجواب : لأن الفكر
الشيعي بشقه العراقي العربي” الأصل “ يلتقي مع المسيحية بأيديولوجية ( الفداء على الرغم من اختلاف وتباين
الفكر في مفهوم تأسيس الدولة الفاضلة التي يكون رأسها الله ) ، كذلك لأن
العراق اليوم يمر بمخاضات كبيرة يشكل فيها الشيعة العراقية ( كمؤسسة ) مصير هذا
البلد وشعبه . اليوم ستختبر المؤسسة الشيعة العراقية هل هي حقاً مع منظومة الفداء
من اجل إنسان حر يرفض الذل والمهانة ام انها دعاة لإعادة مجد امبراطورية انتهت
صلاحيتها بسقوطها على يد الدولة الفتية ” الإسلامية ” حالها حال
جميع الإمبراطوريات القديمة ” الرومانية الإغريقية والفرعونية … الخ
” راجع (( سقوط الإمبراطورية الفارسية : تحالف عرب الجزيرة ” المسلمين
” مع مملكة المناذرة العربية ” المسيحية ” وعاصمتها ” الحيرة
” ))
ملاحظة مهمة جداً
: بداية قبل
الخوض في موضوعنا المهم هذا لابد ان ننوّه بأننا عشنا طفولتنا وشبابنا كلّه في
منطقة ( تل محمد
” الجديدة ” ) منذ انتقالنا لها في ( بداية خمسينات القرن الماضي وحتى
أواخر ثمانينياتها ) وهذه المنطقة يشكل فيها المكوّن الشيعي نسبة ( 90 % ) والمكوّن
السني يشكل النسبة الباقية اما المسيحيين فكان يقتصر وجودهم على دارين او ثلاث
وكان لنا مذ ذاك الحين تأثير واضح في التعايش الإنساني ساعدنا في ذلك الحكومات
العلمانية التي كانت سمتها ” عدم زج الدين في بناء العلاقات الإنسانية وكانت تعاقب بشدّة
ذلك التطرف “
اولاً : التقاء
الشيعة العراقية مع المسيحية في أيديولوجية الفداء من اجل حرية الإنسان
تأسست الشيعة العراقية في بدايتها لا على أساس تنظيم ديني او مذهبي بل على أساس
المظلومية حيث كانت ( ردّة فعل ) لعملية الغدر والخيانة لشخص ( الحسين بن علي ) الذي حضر
بناءً لطلب مظلومين من الشعب لممارسات الحكومة ( الإمبراطورية الفتيّة بقيادة بني
أميّة ) فكانت
النتيجة انفكاك المنافقين عنه بعد ان غلظت يد الدولة عليهم من ممارسات اضطهاد
وتلويح بالقتل واعتقالات ” وهذا ما نشهده اليوم “… النتيجة الحتمية كانت استشهاد الحسين
ومجموعة من رفاقه الذين آلوا على انفسهم تركه وحيداً للمصير المشؤوم الذي كان
مقرراً عليه مسبقاً وكان من بينهم ( وهب النصراني وأمه ) قناعةً منهم لتوافق هدف الاستشهاد
مع السيد المسيح وهو ( حريّة الإنسان وكرامته ) فأصبح ( الحسين رمزاً اسلامياً
لحرية الإنسان المستعبد من السلطة الخاضع لنير العبودية )
ثانياً : لماذا
التركيز على الحسين وما علاقة الفرس بالحسين ولماذا تبنوا قضيته … ؟
المقدمة : بعد سقوط
الإمبراطورية الفارسية تم جلب بنات الإمبراطور كسرى وهن ثلاث إلى الجزيرة العربية
كسبايا وتكريماً لموقعهن الاجتماعي تم توزيعهن على أبناء الخلفاء ” أبو بكر
وعمر وعلي ” فوهب الحسين احداهن … وبما ان الخلافة الإسلامية عانت صراعات
على السلطة مباشرة بعد وفاة النبي محمد وظهور مبدأ حكم جديد ( الخلفاء
الراشدين ) تأججت
صراعات سياسية وخاصة بين ” علياً ومعاوية ” وبعد اغتيال امير المؤمنين علي
استلم معاوية بن ابي سفيان الخلافة واسس المملكة العربية ونقل عاصمتها إلى دمشق
فوسع من فتوحات المملكة ، بعد معاوية تولى يزيد ابنه الإدارة وكان من شروطها ان
يتم مبايعته من قبل اقطاب
الصحابة في مكة ، لقد شهدت مكّة العديد من الصراعات مما أدى إلى تهديم الكعبة
وضربها بالمنجنيق وحرقها مرات عديدة وذلك كان تعبيراً عن عدم الاتفاق وان هناك
حقاً مسلوباً بالإرث الخلافي .. ( الحسين كان يشكل أحدى القوى التي لم تبايع يزيد على خلافته
للمسلمين ) وكان هذا
بداية المشكلة التي أدت بالتالي إلى استقدامه إلى العراق ( الحيرة عاصمة
مملكة المناذرة سابقاً ) بعد ان كانت حليفة للمسلمين في اسقاط الإمبراطورية الفارسية
وان تستقل تلك المملكة لكن هذا الحلف لم يصمد امام جحافل وطموح المملكة الجديدة
القادمة من جزيرة العرب حيث تم الالتفاف عليه واسقاطه وتخيير المسيحيين المناذرة
ثلاث خيارات ( الجزية ،
اعتناق الإسلام ، الذبح ) وكانت تلك فاتحة توسع الجيش الإسلامي شمالاً وغرباً لإخضاع
الممالك والمدن الأخرى حيث اصبحت بعدها مملكة الغساسنة ” المسيحية ”
وعاصمتها ” دمشق ” الخاضعة للاحتلال الروماني الهدف الثاني فأسقطت دمشق السريانية
وبنيت فيها المملكة الجديدة ( المملكة الأموية )
بعد هذا الاستعراض السريع نعود فنذكّر ان ( الحسين بن علي ) لم يبايع
يزيد بن معاوية على الرغم من ان أخيه الحسن قد بايعه وهذا ما شكل خطورة على دولة
الخلافة الأموية فكان لابد من إيجاد حل لتلك المعضلة التي تتكرر كلما كان هناك
خليفة جديد هو ( الخلاص من الخصوم السياسيين نهائياً ) وآخرهم هو الحسين لذلك استوجب
إخراجه من حصنه في مكّة للانفراد به والتخلّص منه وكان افضل مكان هو ( الحيرة عاصمة
دولة المناذرة المسيحية كربلاء حالياً ).. ان عملية ( الغدر ) المتوارثة
أدت إلى تعاطف شعبي عربي من أبناء الحيرة فتجانس البعض منهم مع ثورة الحسين
ومثالهم ( وهب النصراني
وامه ) فتأسست شيعة
له ( جماعة مؤمنة
بحقه المشروع في خلافة المسلمين بعد ابيه ” علي بن ابي طالب ” ابن عم
النبي وفتاه وزوج ابنته وفقيه الأمة ) والتي كانت سرّية نتيجة القمع
والاضطهاد … هذه الشيعة كانت من أبناء الحيرة ذاتها وهي ( الشيعة
العربية ) والتي بعدها
استقطبت الكثيرين ممن كانوا مضطهدين من نظام السلطة وبذلك نستطيع ان نقول ان تأسيس
شيعة ( آل البيت ) لم يكن على
أساس مذهبي ديني وانما على أساس المشروعية في قيادة الدولة وبناء دولة عدالة. وبعد
اغتيال الحسين اتجهت انظار تلك الشيعة إلى أبنائه على أساس الميراث الشرعي لقيادة
الدولة . من هنا ارتبط مبدأ قيادة الدولة على وجود آخر أبنائه وهو المهدي الذي
ينتظره شيعة الأمام علي وابنه الحسين … من هنا كان ارتباط ( دولة الشيعة
بظهور المهدي صاحب الزمان ) والذي يؤسس لتلك الدولة وهذا هو مفهوم ( شيعة الأمام
علي وابنه الحسين )
الشيعة الفارسية
جذورها وعلاقتها بالحسين بن علي
لقد مرّت الإمبراطورية الفارسية حالها حال أي امبراطورية بعصور ذهبية كذلك
بانتكاسات كبيرة إلى ان انتهى عهدها بسقوطها على يد ( التحالف العربي ) الإسلامي
والمسيحي والذي أدى إلى تغيير عقائدي فكري ( مرتبط بمفهوم القداسة ) جعلها تخضع
لذلك التغيير وبخضوعها القداسي قسراً تم ضمها إلى مصدر القداسة ودولة القداسة… التسمية
الحديثة لذلك التغيير ما يدعى اليوم ( الاستعمار الفكري )… وبما ان تلك الثقافة آتية من
خارج الحدود كان لا بد من ان يكون لها معارضين من أصحاب التراث القديم والمبادئ
القديمة في مقاومة ذلك المد الفكري من هنا نلاحظ ظهور حركات لأعاده مجد تلك
الإمبراطورية من جديد ولو على أساس ( الفكر العقائدي الجديد ) كونه قد تأصل في المجتمع الفارسي
وبنى ركائزه فيه … إذاً من هنا نستطيع ان نقول ان النهضة الجديدة بنيت على أساس ( المفهوم
القومي – إعادة مجد الأمة الفارسية بفكرها الجديد ). لقد اوحت ثورة الحسين لأصحاب
المفهوم القومي الفارسي أطار جديد من إعادة مجد الإمبراطورية الفارسية نسبة لما
يشكله الحسين من توافق مع مبادئهم في
1 ) معارضته لنظام الدولة العربية التي كان يحكمها الأمويين ( أبناء خالة
النبي محمد )
2 ) لارتباطه بالإمبراطورية الفارسية عن طريق زواجه لأحدى بنات ( كسرى ) وبالتالي
فهم يعتبرون أولاده هم الشرعيون في قيادة السلطة وبناء الإمبراطورية الجديدة
ولكونه ابن ( فقيه الأمة
الإسلامية علي بن ابي طالب ) لذلك كان المفهوم الفكري لبناء ( ولاية الفقيه ودولة الفقيه ) وهذه الدولة
وتلك الولاية لا تعتمد على ( حضور آخر أبناء الحسين ” المهدي ” ) انما تعتمد
على الفقهاء الذين اطلقوا على انفسهم ( آيات الله ) فنسبت لهم ( القداسة ) لضمان تبعية الشعب لهم
ان المحاولات الكثيرة التي قام بها هذا الرهط من القوميين الفرس في سبيل الاستيلاء
على السلطة وإدارة البلاد الإسلامية وكان اخطرها في عهد الخليفة ( هارون الرشيد
وزوجتيه العربية زبيدة ” ام الأمين ” والفارسية ” ام المأمون
” ) وشلّة ( البرامكة –
جعفر البرمكي وأولاده ) التي كادت ان تغيّر مسار الإمبراطورية وكيف تم كشفهم والتنكيل
بهم … والقصة كانت تدور في الكواليس بين الوجه العربي والفارسي والذي تم فيه
ابعاد ابن هارون الكبير ( المأمون ) لتسليم السلطة إلى ( الأمين ) وبالتالي
اغتيال الأمين لتعود السلطة إلى المأمون ثم اغتياله ايضاً ليستلم ( المهدي او
الهادي ) السلطة
بعدهما ( دائماً كان
الغدر سيد الموقف )
لم تتوقّف محاولات القوميين الفرس حتى بعد سقوط بغداد على أيدي المغول وتغيير
أيديولوجية الحكم بعد اعتناق قائدهم الإسلام ليضمن ( ولاء القداسة ) وترنح بغداد
من حكم إلى حكم وصولاً لانفصال واستقلال العديد من الأقاليم ولذلك كان لهم حصة في
بناء دولتهم ( الصفوية ) وصراعاتهم
المستمرة مع الدولة العثمانية للاستيلاء على بغداد فتارةً كانت لهم واخريات
للعثمانيين وهنا لا بد ان نؤشر على موضوع ( صناعة المذهب وقدسيته ) ليكون هناك
وازع للاختلاف والحروب
من هنا لابد ان نفهم ان ذلك كلّه لم يكن إلاّ في سبيل تحقيق المصالح والجلوس على
الكراسي للتسيّد على الشعب للحصول على ( الشهوات – النساء والمال ) كل ذلك لم يتم
إلاّ عن طريق ( القداسة ) التي فيها ومن خلالها يتم استعباد الإنسان
تحياتي الرب يبارك
حياتكم جميعاً
اخوكم الخادم حسام سامي
7 / 11 / 2019