ملاحـظة : في 3 آذار 2019 كان الراهـب الكلداني قـد بعـث بهـذا المقال إلى موقع ــ كـلـدايا . مي ــ في زمن الصوم الكـبير وبـقـيت محـفـوظة في الأرشيـف ، وهـناك كـثير من المقالات والـفـيـديوهات والـوثائـق سوف تنشر في حينها
بدأت الرهـبانية بحـياة العـزلة عـن الناس في خـلـوة فـردية تامة بقـصد العـبادة ونـبـذ مباهج الـدنيا ومغـرياتها، فكانت نسكـية فـردية فـدُعـيَـت ــ الرهـبانية الـتـوَحّـدية ــ لـتـوَحّـد النسّاك ، أي بإقامة كل واحـد من الرهـبان لوحـده إنطلاقاً من شعـوره بوجـوب التجـرّد عـن كل شيء في هـذه الدنيا الفانية، والإبتعاد عـن كل التجـمعات البشرية أو الفـردية وعـلى قـدر الإمكان ، للإخـتلاء بربه صلاةً وصياماً في سـبـيل الـفـوز بالحـياة الأبدية ، إنه إخـتـيار شـخـصي بحـت بكامل الحـرية
إن الـتـنسّك والـتـقـشف الرهـباني ، ينطلق من ترويض الجسد لضبط نـزواته ، عـن طريق الصوم والصلاة ، وإجهاده بالعـمل الشاق لـتستـنير الروح وتـتـنـقى. يُـذكـر من هـذا الصنف الذين هـربوا إلى البراري خوفاً من الإستـشهاد في سبيل الإيمان أو من ظلم البشر فإنعـزلوا عـن الناس وواظبوا عـلى أعـمال الزهـد والـتـقـشُّف والصوم والسهـر للصلاة ، وبلغ بعـضهم درجة الكمال المسيحي ، وصاروا قـدوة صالحة للآخـرين
إستمدّت الرهـبانية المسيحـية مبادئها من الإقـتـداء بحـياة الرب يسوع عـلى الأرض والعمل بحسب تعاليمه السامية . فـقـد عاش الرب يسوع حياة الوحـدة في البرية وصام مدة أربعـين يوما وأربعـين ليلة . وكـتب عـنه أنه « جالَ يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عـليهم إبليس لأن اللـّه كان معه » (أع 10: 38) وعاش فـقـيراً بإخـتياره . وبهـذا الصدد يقـول الرسول بولس : « فإنكم تعـرفـون نعـمة ربنا يسوع المسيح أنه من أجلكم إفـتـقـر وهـو غـني لكي تستغنوا بفـقـره » ( 2 كو 8: 9) فـلم يكـن له مكان معـيّن يأوي إليه
كان الأنبا جـبرائيل دنبو مؤسس ومجـدد رهـبانيتـنا الهـرمزدية الكـلدانية مثالاً للنسّاك المتوحّـدين الزاهـدين العازفـين عـن الـدنيا وما فـيها من مغريات
إنّ الرئيس العام الحالي للرهـبانية الهـرمزدية الكلدانية ، الأنبا سامر صوريشو الراهـب ، قـد أجـرى في لبنان عـملية التجـميل ( قـص وتكـميم المعـدة للتخسيس ) قـبل بضعة أشهـر الماضية . وكانت تكـلفة العـملية ما يقارب (10000 $ عشرة آلاف دولار أميركي ) ما عـدا تكاليف تـذكـرة السفر والإقامة طيلة فـترة العلاج في بـيروت عـلى حساب الرهـبنة . وقـد تم جمع هـذه الأموال من تبرعات ونذور المؤمنين للدير ــ وإلاّ مِن أين لك هـذا ؟؟؟
إرتأينا نحـن بعـض الإخـوة الرهـبان ، أن نـنـشـر هـذا الخـبر الذي يعـود بالفائدة الروحـية لـرهـبانـنا، وإلى تـقـدم وتطوّر الحـياة الرهـبانية في رهـبنـتـنا الكلدانية أثـناء عـهـد الأنبا سامر صوريشو
حـقاً إنـنا في القـرن الحادي والعـشرين وعـصر المادية والتـكـنـولـوجـيا، ليس بالضرورة أن يمارس الراهـب الصوم والـتـزهّـد والـتـقـشف الذاتي ، فالسفـرات بالطائرات مضمونة والعـمليات التجـميلية متـوفـرة ، سـهـلة ، وسريعة الـنـتائج لـتـقـليص حجم المعـدة من أجـل تجـنـب الإفـراط بالأكـل وبالتالي الحفاظ عـلى رشاقة الجـسم
لـقـد تساءلنا ، ما هي المنافع الروحـية والخلاصية من عـملية التجـميل التي أجـراها الرئيس العام للرهـبنة الكلدانية الأنبا سامر صوريشو ؟ هـل أن حـرس الملكـوت السماوي لا يقـبل إلاّ رشـيقي الأجـسام؟ ولكـنـنا لم نحـظ منه بأية إجابة وافـية وشافـية حـتى الآن
ونستغـل الفرصة ونحـن عـلى أبواب الصوم الكـبـير ، لـنـقـول لـرجال الدين : أنـتم أبناء جـيل المركـبات الفـضائية والسهـرات الليلية ، وشرب المياه المعـدنية من القـناني الزجاجـية، لـذا أنـتم لستم بحاجة إلى ترويض النفس وكـبح جـماح رغـباتكم من خلال الإنـقـطاع عـن الطعام وتعـذيب النفس حسب المبادىء الرهـبانية!! بل إنّ ما يجـب أنْ تـفـعـلوه هو إجـراء عـملية التجـميل من أجل تـقـليص حجـم المعـدة ، وبهـذا ستمضون طيلة العـمر صائمين تائـبـين بموجـب التـقالـيـد المسيحـية العـصرية، فهـنيئاً لكم حـياتكم الأرضية وصولاً إلى السماوية
الراهـب الكلداني