المقدمة
بداية اشكر جميع من شاركوني الموضوع السابق الذي قدمّنا فيه خلاصة فكر الرب يسوع المسيح في هذا المبدأ وهنا سنقدمه كرسالة لجميع القادة في العالم ( دينيين كانوا ام سياسيين او عاملين في حقل الخدمات المجتمعية كل قادة المؤسسات بمختلف مللهم ونحلهم اديانهم ومذاهبهم ). طارحين فيه فكر السيد المسيح للتطبيق العملي وتبنيه لبنيان المجتمع الفاضل الذي ننشده جميعاً لحل مشاكل العالم . وليكون مقدمة للموضوع القادم
الموضوع
لقد استخرج السيد المسيح مبدأ الحقوق من مبدأ الواجبات ( فلا واجبات من دون الحقوق اولاً ) . وهنا السيد المسيح عارض جميع القواعد التي تقوم عليها جميع المؤسسات الدينية وكذلك السلطات السياسية المبنيّة على مبدأ (استعباد البشر وفرض مبدأ الواجبات والزامها بدون النظر إلى الحقوق باستبعادها ) لقد فصّل السيد المسيح ذلك كما اشرنا له في متن الموضوع السابق واعطينا ادلة على ذلك من أقواله وتطبيقها على ارض الواقع . وهذا ما دعوناه بالخطوط الحمراء التي تجاوزها الرب يسوع المسيح وكانت هذه واحدة من كثيرات ( اصعدت الرب سلّم الصليب)، وهنا تجدر الإشارة إلى ان الفرص التي منحت له للخلاص من الصلب عديدة ابتداءً من محاكمته في ( مجلس الكهنة ” السنهدريم ” وانتهاءً بعرض الحاكم اليوناني ) لكنه بقى مصراً على منهجه ومبدئيته في (حرية الإنسان وانتمائه للرب الإله ” الإله الأخلاقي ” الذي لا يقبل المساومة على بناء المجتمع الفاضل ” مجتمع الله “). فمجتمعات العبودية والفساد ليست مجتمعات تتبع قداسة الـله وانما تتبع إله هذا العالم
لقد
فصّل السيد المسيح في أقواله وتطبيقها العملي ذلك بقوله لكل من طلب منه شفاء” خدمة “ان ينبهه بحقه في طلبها (من حقك ان تطلب من الـله ” مصدر القيادة المسؤول عن تطبيق
العدالة ” ومن واجبه ان يحققه لك .. وشرط القائد هنا” الولاء والتبعية “… ونستشهد بذلك بتعليم الرب: عندما أتاه عشرة محتاجين للشفاء فبرأهم
واطلقهم فعاد منهم واحد فقط ليشكره ويمتن له ويعلن ولائه … فسأله ..؟ : اين
التسعة الآخرين …؟ الذين قبلوا الشفاء ولم يقدّموا الولاء ) وهنا ينطبق عليهم القول (حقوقهم اخذوها وواجباتهم قصّروا فيها واهملوها ) وهذا اليوم ينطبق على كثيرين وكثيرون يبنون علاقتهم بالمجتمع
وبمؤسساتهم الدينية وبذات الوقت هذا شأن مؤسساتهم التي هي على شاكلتهم فيكونون
بهذا قد صنّفوا انفسهم في خانة (المرائين والانتهازيين) يطالبون بحقوقهم ويأطرونها
بإطار القداسة لكي لا تمس ويقصرون بواجباتهم مع التابعين.
إذاً
على المسؤول في أي مؤسسة كانت ( دينية او مجتمعية من ضمنها
السياسية) وقبل ان يطالب شعبه بالولاء ” حقوقه هو وواجبات الشعب
” ان يحقق ” حقوق الشعب وواجباته هو “لكي تتعادل كفتي الميزان بين ( الحقوق والواجبات) وهذا ايضاً ما أشار له
الرب يسوع المسيح بتبنيه مبدأ الرب الإله على لسان انبيائه( اريد رحمة لا ذبيحة) …
فالرحمة
أولاً وبعدها الذبيحة ( فالرحمة هنا تشير إلى ”
الحقوق ” والذبيحة تشير إلى الواجبات )..
لقد
ربط السيد المسيح ( الحقوق بالخدمة” الخدمة بتواضع العظماء “وهي واحدة من صفات القائد
الجماهيري الحقيقي …اعظمكم اكبر خادم فيكم… ) ولأفهام تلاميذه ذلك تأزر
بمئزرة وغسل ارجلهم ليبيّن لهم عظمة الخدمة وتأثيرها على ولاء الشعب للقائد… (( فقبل ان تطلب الولاء أيها القائد
المؤسساتي قدّم للشعب ما يستحق ليرفعك الشعب لما تستحق)) فمستحقات المرؤوس يجب ان
تكون غايات الرئيس واهم واجباته
لقد
اجتاز الفكر الغربي وصولاً لتحقيق هذا المفهوم انطلاقاً من تبني المجتمع الغربي
لعقيدة فكر المسيح في تناغم مبدأيّ ( الحقوق والواجبات ) انطلاقاً من عقيدة( قداسة الإنسان) التي جسدها الرب يسوع
المسيح … وكما نسف الرب يسوع المسيح تصريف موسى للشريعة ( البنود الخمسة الأخيرة التي تخص
علاقة الإنسان بأخيه الآخر ) باستخدامه عامل تطوّر
المجتمعات التي باتت ترفض التصريف الذي لا يواكب عملية تطوّرها بإعطائها تصريف
يتلاءم والتطوّر المجتمعي ( سمعتم انه قيل لكم … وانا
أقول لكم) وهنا
ايضاً ترك الرب يسوع المسيح النوافذ مفتوحة للتصريف على أساس عدم مساس ذلك ( بالمنظور الأخلاقي للأرث الإلهي)
من هنا نقول ان السيد المسيح نسف عقيدة ( قداسة المؤسسات ليحل بدلاً عنها عقيدة
قداسة الإنسان ) سيكون ذلك موضوعنا القادم بمشيئة الرب يسوع المسيح
الرب
يبارك حياتكم جميعاً
اخوكم
الخادم حسام سامي 27 / 7 / 2019