يوسف تيلجي
الموضوع
وفق النص القرأني أن ” اللـه تكفل بحفظ القرأن ” ، وذلك كما جاء في الأية التالية ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ – الحجر/9 ) ، وقال ابن جرير الطبري في تفسيره (14/8) : ” يقول تعالى ذكره إنا نحن نزلنا الذكر وهو القرآن وإنا له لحافظون قال وإنا للقرآن لحافظون من أن يزاد فيه باطل ما ليس منه أو ينقص منه ما هو منه من أحكامه وحدوده وفرائضه ، وقال السعدي في تفسيره (ص : 696) إنا نحن نزلنا الذكر أي : القرآن الذي فيه ذكرى لكل شيء من المسائل والدلائل الواضحة ، وفيه يتذكر من أراد التذكر
القراءة
أولا – تساؤلي في هذا الصدد / موضوعة حفظ القرأن : ” كيف للـه أن يحفظ القرأن ! ، واللـه روح ، وما هي الوسائل الخاصة لحفظه ! وهل لـله أجهزة ومعدات معينة لحفظ القرأن ! ” ، فلم يوضح لنا النص القرأني هذا الأمر ! ، علما أن أكثر حفظة القرأن قد قتلوا في حروب الردة عامي 11 – 12 هجرية الموافق 632 – 633 ميلادية / خلال خلافة أبي بكر الصديق . أذن الأية التي تنص على ” بل هو ايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم – سورة العنكبوت 49 ” ، ولكن صدور الصحابة الذين كانوا يحفظون القرأن قد قتل أغلبهم / ولنقل بعضهم ، فكيف ستكون فيما بعد محاولات كتابة القرأن ، أستكون دقيقة ! ، وأساس النصوص قد فقد بعضها ! ، والسؤال الأهم : هل كل حفظة القرأن يحفظون نفس السور والأيات ! ، فمن المؤكد هناك صحابة تحفظ نصوص مغايرة للأخرين ! ، فكيف الأمر لو قتل الذين يحفظون سور أو أيات غير محفوظة بصدور ممن بقى منهم أحياء ! هذا من جانب ، ومن جانب أخر أن النصوص كانت تدون على وسائل جدا بدائية وفق تلك الحقبة ، فقد جاء في موقع أهل التفسير ، التالي ( وعن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قال : فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ. وفي رواية : فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ وَالرِّقَاعِ وَاللِّخَافِ. وفي رواية ومن الأضلاع ، وفي رواية : والأقتاب ) ، كل هذه الوسائل المذكورة قابلة للتلف والأضمحلال ، وقد تتغير المادة المكتوبة عليها بمرور الزمن ، خاصة بعدم وجود أماكن مناسبة للخزن والحفظ وذلك في طقس صحراوي جاف مغبر ! ، وأرجع الى ما بدأت به كيف لـله أن يحفظ القرأن ! ، فوفق البنية العقلانية للنص لم يوضح القرأن ” ماهية أو كنه حفظ اللـه للقرأن
ثانيا – القرأن الحالي على أي مخطوطة من المخطوطات قد أستند ! فالمراجع تذكر لنا عدة مخطوطات منها
أ . هل أستند القرأن الحالي على ” مخطوطة برمنغام البريطانية التي تعود الى عصر الخليفة أبوبكر الصديق ، والذي أثبت فحص بالكربون المشع الذي أُجري في تموز/ يوليو الماضي ، أنها تعود إلى ما قبل ألف و370 عاماً على الأقل .. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية قد ذكرت أن الباحثة الإنجليزية ألبا فيديل ، هي التي عثرت على المخطوطة في جامعة برمنغهام ، قد أكدت أنها جزء من المخطوطة غير الكاملة للقرآن الكريم الموجودة في مكتبة باريس الوطنية ، وهو ما أكده الخبير الفرنسي المتخصص ، الدكتور فرنسوا ديروشي ، الذي قال إنه بعد تفحص المخطوطتين تبين أنهما مكتوبتان على ورق واحد ، وبخط حجازي واحد / نقل بأختصار من موقع أرم
ب . أم أستند القرأن الحالي على مخطوطة صنعاء ” مخطوطات صنعاء هي مجموعة من المخطوطات والرقائق القرآنية تبلغ حوالي 4500 مخطوطة ، كتبت بالخط الكوفي والحجازي وغيرها من الخطوط غير المنقوطة ، تعد بعضها من أقدم النصوص القرآنية الموجودة ، اِكْتٌشِفَتْ مع عدد من المخطوطات التاريخية في الجامع الكبير بصنعاء القديمة عام 1972 على طرس وتعود للعصور الأولى للإسلام ، ويُعتقد أن بعضها كتبت بخط علي بن أبي طالب ، النص الظاهر من المخطوطة يتطابق مع النص القياسي للقرآن مصحف عثمان ، بينما النص السفلي ( الخلفي غير الظاهر ) يحوي العديد من الاختلافات عن النص القياسي ، نٌشرت نسخة من النص السفلي في 2012، وتحليل الكربون الإشعاعي أرجع تاريخ الرق الأثري إلى 671 ميلادية بدقة 99% .. / نقل مما أدلى به عالم المخطوطات الأستاذ محمد المسيح في أحاديثه المتعددة
ج . وهناك مخطوطات أخرى من الممكن أن يكون القران قد أستند عليها ، منها : “المخطوطة الأندلسية التايلندية ، مخطوطة كهوف الضالع باليمن وعمرها 1236 ، مخطوطة ولاية بادن الألمانية وعمرها 1366 .. / نقل بأختصار من موقع
Arabia Tops
* وأرجع الى تساؤلي .. القرأن الحالي على أي مخطوطة من المخطوطات قد أعتمد ، يقول المؤرخون أن مصحف الخليفة عثمان بن عثمان ، هو الأساس المعتمد عليه ، ولكن الخليفة عثمان قد حرق الصحف الاخرى ( ثم عهد عثمان إلى زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوا الصحف في مصاحف .. معتمدين على مصحف حفصة بنت عمر بن الخطاب .. وأمر بما سواها من المصاحف أن يحرق ، أو يخرق .. / نقل بأختصار من موقع نداء الأيمان ) ، والتساؤل هنا من يقول أن مصحف حفصة هو الأصح والأدق . علما أن حتى مصحف حفصة بنت عمر قد حرق أيضا (وقد ثبت أن الصحف التي كانت عند حفصة لم يحرقها عثمان ولكن أحرقها مروان بعد وفاة حفصة .. / نقل من موقع مركز الفتوى ) ! ، نتيجة لكل ما سبق نستنتج أن الأصل الأساس وحتى الصحف الاخرى كلها قد حرق !! فكيف يمكن ان نتحرى من أن ما بين أيدينا هو مصحف حفصة بنت عمر أو غير ذلك
ثالثا – أن القرأن في أوله كان غير منقطا وغير مشكلا ، و ( تذهب الروايات الى أن اللحن في قراءة القرءان انتشر بانتشار الاسلام ودخول الأعاجم في الدين الجديد ، فقام زياد بن أبيه المتوفي 673 م ، بطلب حل هذه المشكلة من أبي الأسود الدؤلي 603 – 688 م ، فقام الأخير بنقط المصحف ” إضافة الضمة والكسرة والفتحة والتنوين ” إلى أواخر الكلمات ، ثم قام نصر بن عاصم / المتوفي 708 م ، ويحيى بن يعمر بإعجام الكلمات ” وضع النقاط على الحروف المتشابهة للتمييز بينها ” ثم تابع الخليل بن أحمد الفراهيدي 718 – 786 م بوضع الشكل النهائي لتشكيل المصحف ) ، نقل النص السابق من موقع أهل القرأن مع أضافات للكاتب ، علما أن الدكتور أحمد صبحي منصور ينتقد فكرة التنقيط والتشكيل ! . والأمر لا يحتاج الى تفصيل أو أيضاح من أن التنقيط والتشكيل وأضافة الألف الممدودة وغير ذلك يغير من المعنى والمضمون ، بل يقلب الأمور واطيها عاليها
رابعا – أن الحجاج بن يوسف الثقفي 660 – 714 م ، قد غير بالقرأن ، فقد جاء في كتاب ” المصاحف ” لابن أبي داود : عن عبَّاد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً ، قال : كانت في البقرة : 259 { لم يتسن وانظر } بغير هاء ، فغيرها ” لَم يَتَسَنه
وكانت في المائدة : 48 { شريعة ومنهاجاً } ، فغيّرها ” شِرعَةً وَمِنهاجَاً
وكانت في يونس : 22 { هو الذي ينشركم } ، فغيَّرها ”
يُسَيّرُكُم
وكانت في يوسف : 45 { أنا آتيكم
بتأويله } ، فغيَّرها ” أنا أُنَبِئُكُم بِتَأوِيلِهِ
وكانت في الزخرف : 32 { نحن قسمنا
بينهم معايشهم } ، فغيّرها ” مَعِيشَتَهُم
وكانت في التكوير : 24 { وما هو على
الغيب بظنين } ، فغيّرها { بِضَنينٍ }… الخ
.
هذا ما ذكرته المراجع ، ومن المؤكد هناك الكثير ممن لم يذكر !! ، والتأريخ كما هو معلوم يكتب تحت سيف الحاكم أو الخليفة وبأمره ! . فكيف لله أن يحفظ القرأن !! بوجود الحكام والقادة .
خامسا – كما هو معلوم أن القرأن في أول عهده كان على سبعة أحرف ! ، فقد بين أبن باز التالي ( ثبت عن النبي أن القرآن نزل من عند الله على سبعة أحرف ، أي لغات من لغات العرب ولهجاتها ؛ تيسيرًا لتلاوته عليهم ، ورحمة من الله بهم ، ونقل ذلك نقلًا متواترًا ، وصدق ذلك واقع القرآن ، وما وجد فيه من القراءات فهي كلها تنزيل من حكيم حميد . ) ، ولكن أبن باز / كعادة شيوخ الأسلام ، لم يبين الكم الهائل من التحريف أو التبديل أواللبس في المعاني والتناقض في المقاصد والأضطراب بالمضمون الذي من الممكن أن يحدث نتيجة لهذه البدايات المتواضعة لغة وكتابة وقراءة .. والمفاجأة أن المؤلف ” حي خليفة ” له كتاب اسمه ( كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ) ، ويقول فيه إن عدد القراءات للنص القرآني وصل إلى 11 ألف قراءة هي عدد المدن والنواحي العربية .. وأني أرى أن هذا الوضع مخيف جدا للنص القراني الحالي !! بالنسبة للمعنى والمضمون
خاتمة
ليس كل ما نقرأ
اليوم من نصوص هو ذات الذي كتب قبل أكثر من 1400 عاما ! فالذين كتبوا القرأن على
أختلاف مراحله ، كان له عهده وظروفه
الزمانية والمكانية ، وأني أرى أن القرأن كأي نص تأريخي يتأثر بمحيطه من الناحية
السلطوية والمجتمعية والمعتقدية وكذلك من ناحية التقاليد والأعراف والظروف أيضا ،
وقد قال الشاعر الفرنسي بول فاليري ( أننا لانزال من التاريخ في حالة الاعتبار
النظري ، والمراقبة المضطربة … التاريخ يبرر ما نريد ، إنه لا يعلم شيئا بدقة
وحزم لأنه يشمل على كل شيء ، و يقدم المثل على كل شيء … التاريخ أخطر محصول
أنتجته كيمياء الفكر ) . في جانب أخر نحن دائما نردد كالببغاوات دون أي دراية أو
فهم ، فالكل يقول القرأن
العثماني / نسبة للخليفة الثالث عثمان بن عثمان ، بينما النسب الصحيح أن الرسم القرأني هو
نسبة للخطاط التركي عثمان ، قبل 200 سنة ، وهذا ما صرح به المفكر الدكتور يوسف
زيدان في برنامج ” كل يوم ” مع عمرو أديب .. نحن لا زلنا في تيه لم نؤطر
ما نحن نبحث فيه ، فالحكام المسلمين من بعد حقبة موت الرسول / الذي تركه أصحابه مسجى
دون دفن لمدة ثلاثة أيام في ذلك القيظ من أجل السيطرة على السلطة ! ، التي تؤشر
الى أنتهاء الدعوة المحمدية وبدأ عهد السلطة والحكم بسقف أسلامي ، منذ ذلك العهد
يمكن أن يتصور الباحث أن الخليفة أو السلطان أو الأمير يمكن أن يغير أو يبدل كل شي
في سبيل بقاءه على كرسي الحكم ! ، وهذا المنتج العقائدي / القران ، هو أحد هذه
الموضوعات التي خضعت نصا وبنية الى سلطة الحكام عن طريق وعاظ السلاطين من فقهاء
وشيوخ وعلماء