الحلقة الأولى
المقدمة
اخوتي الأعزاء في المسيح كان لابد لنا ان نقدم هذا الموضوع وان نصهب فيه لخطورته ليس اليوم بل في المستقبل ايضاً فتحملونا وأقرأوا هذا التأمل للآخر لكي تكتشفوا لماذا قال البابا ( ارجوكم لا تبشروا ) ولمن قالها وهو الذي يعرف ان المسيحية لم تقم إلاّ على البشارة وان المبدأ الأساس لها هو البشارة ( نلت كل سلطان في السماء والأرض . فاذهبوا وتلمذوا ( بشروا ) جميع الأمم ، وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح القدس ، وعلموهم ان يعملوا بكل ما اوصيتكم به ، وها انا معكم ( الروح القدس ) طول الأيام ، إلى انقضاء الدهر … هكذا قال الرب ) فلا تسمحوا للتأويل الباطل ان يغزوكم ولا للتبرير الضعيف ان يمتلككم … انما اتركوا لأرواحكم ان تتأمل حسب الروح القدس الذي فيكم من الرب يسوع المسيح ليسكن فيكم فيبكتكم في حالة سهوكم وتقصيركم ويشجعكم في حالة قمتم بواجباتكم باتجاه فكر الله ومشيئته
كذلك من اجل ان لا نعطي فرصة للمرائين الذين يتصّيدون خدام الرب من اجل الإيقاع بهم وتشويه إيمانهم لأن ذلك من اعمال ( الشرير ) وهذا هو الصليب الذي يحمله رجال الله من اجل كلام الله ( احمل صليبك واتبعني … هذه وصيّة الرب لرجاله )
القى البابا فرنسيس خطاباً مهماً جداً في زيارته إلى المغرب وكان من ضمن كلماته ( ارجوكم لا تبشروا ) استغربت كثيراً واندهشت من هذه الدعوة في البداية وصليت كثيراً طمعاً في ان اصل إلى غاية البابا وهدفه من تلك الكلمة فكان لي هذا التأمل فيها … فكتبت مقالاً في 4 / 4 / 2019 بعنوان ( عذراً حبيبي البابا ويل لي ان لم ابشر ) لهذا المقال علاقة وثيقة لما قاله البابا لأنه يحتوي على مقطعين الأول ( للتعزية ) والثاني ( للتذكير وسنأتي لشرحه لاحقاً
لم تكن صدفة ان يختار البابا لموعظته نص الإنجيل ( الأبن الضال ) بل كان مقصوداً لأرسال رسالة ( لهؤلاء الذين يستخدمون البشارة ومشيئة الله ليلوونها لتوافق أهدافهم وغاياتهم ) عنوانها ( رجاءً لا تبشروا ) كنّا نرجو ان يفهمها من أرسلت لهم تلك الرسالة لكن للأسف الشديد ، أصبحت الرسالة تلك مثار تأويلات وتصريحات وتفسيرات لا تمت بصلة لروح رسالته وغايتها وهذه التأويلات والتفسيرات استخدمها المراقبون في المجتمع الدولي بحرفيتها كونهم لا يمتلكون روح الإيمان التي يتمتع بها البابا لقد تعدّت هذه التفسيرات فوصلت إلى الدعاة الإسلامويون الذين شغلهم الشاغل تأجيج الصراع الديني لأنه اهم مصادر عيشهم ( للاستمرار في تغييب اتباعهم ) لقد وصلت تلك الحمّه إلى المؤسسات الكنسيّة فبدلاً ان تؤكد الكلمة وتعطيها بعدها الروحي ذهبت إلى تبريرها على مواقعها فكان الذي رأيناه وسمعناه هو ( للتبرير والدفاع وليس للتأكيد والاقناع ) مبتعدين عن الهدف ، هناك مَنْ قال ( لا يقصد البابا التبشير انما يقصد الاقتناص .. وذاك يقول كذا وآخر يقول ألا تفهموا وكأنه هو الفاهم ) مما جعلنا نوّضح معنى التبشير ( وهو الخبر السار ) ومعنى الاقتناص ( وهو الصيد ) وهو بالفعل ما كان يعمله الرب يسوع المسيح ( اتبعني يا شمعون بطرس لأجعلك ” صياد ” بشر لا اسماك ) الفرق هنا ان المسيح كان من خلال بشارته يقتنص ويصطاد ( احتياج الإنسان ) وهذه هي غاية الله اما من لا يعرف المسيح او ( المسيحي بالاسم وغيره ) والذي تلتقي أهدافه مع مصالحه التي لا تلتقي واهداف الرب فيقوم باقتناص ( الإنسان ) من خلال ( احتياجاته ) والفرق هنا ( إيماني ) فيلبيها له مقابل ( اخضاع روحه ) وهذا هو عمل ( الشرير ) … ( فالله يقتنص حاجة الإنسان فيحققها له اما الشرير فيقتنص الإنسان ليشتري باحتياجاته روحه )
عرفنا البابا مذ توليه كرسي روما انه امتلك شيء من صفات الرب يسوع وجسّدها بأمانة وهي ( التواضع ) اليوم يضيف لتلك الصفة صفة أخرى وهي ( الحكمة ) كما كان لسلفيه ( البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بندكتس ) هؤلاء الذين شكلوا ثالوث بداية عصر جديد للانفتاح على العالم من اجل سلام العالم
إذاً هل قال البابا ( رجاءً لا تبشروا …! ) نعم قالها وحسب مصادر ترجمة خطابه ونحن ايضاً نقول مع حبيبنا البابا ( رجاءً لا تبشروا ) وهنا كان لا بد لنا ان نتأمل اين قالها ولماذا ولمن وماذا قصد منها ولأهمية هذا الموضوع الخطير دعونا نسافر في تأمل إيماني مع هذه الكلمة التي قالها قداسة البابا اخينا وحبيبنا في المسيح يسوع
انتظرونا في الحلقة الثانية التي لن تكون بعيدة للإجابة على الأسئلة التي وضعناها لكي نصل إلى قصد البابا من كلمته … بركة الرب يسوع المسيح تكون معكم جميعاً
خادم كلمة الرب يسوع المسيح حسام سامي 10 / 4 / 2019