الاب پـيتر لورنس
قـبل أن نستعـرض في هذا المقال قـداسنا الكلداني ، يجـب عـلينا أن نوضح لكم أيها الـقـراء الأعـزاء مفهـوم إيماني ولاهـوتي عـن سبب الذبـيحة الإلهية وهـو : في العهـد الـقـديم يقـدم الإنسان ذبـيحـته وبشكل طقسي على مذبح الرب في الهيكل كـفارةً عـن خـطاياه التي إقـتـرفها ضد اللـه ، والـقـريب ، ونفسه ، تعـبـيراً عـن نـدامته على خـطيئـته وإعـترافه بنـقـص إنسانيته التي لا تكـتمل إلّا بقـربه من الـله الخالق بواسطة الذبائح التي يقـربها ويشكـره على إنعاماته التي لا توصف . أما في العهـد الجـديد أصبح ربنا يسوع المسيح هو الذبـيحة التي قـربها على الصليب فـداءاً عـنا ، ولهـذا فإن يسوع المسيح لم يستخـدم في فـصحه الأخـير مع تلاميذه ــ الحمل ــ كـقـربان يقـدمه للـه ، لكـنه أعـطى مقـدماً جسده ودمه لغـفـران الخطايا
إذن سبب الذبـيحة هـو خـطيئة الإنسان والإقـرار بالـله الخالق والشكـر للـه على تخـليصه الإنسان بفـداء المسيح . والإنسان الخاطيء بدوره يتـقـدم أمام اللـه ويقـرب قـربانه لـينال خلاصه وكماله به . من هذا المنطلق الكـتابي نلاحـظ أن الإنسان يقـف أمام عـرش اللـه بكل درجاته الإجـتماعية والكهنوتية ، سواء كان هـذا الإنسان حَـبراً أو كاهناً ، شماساً أو مؤمناً
في الـقـداس الساكـوي المؤوّن نلاحظ الآية إنـقـلـبت ، الشمامسة والشعـب المؤمن يقـف أمام اللـه بوقـوفه أمام أيقـونة المصلـوب بضعـفهم وخـطيئـتهم ، أما الأسقـف والكاهـن يعـطي ظهـره لأيقـونة المصلوب التي تمثل المسيح الفادي كأنه بلا خطيئة ، بما معـناه هـو أصبح بـدل المسيح . في الحـقـيقة إن الأسقـف والكاهـن يقـرب ذبـيحـته لـله نيابةً عـن نـفسه وعـن شعـبه ، لـذا يجـب عـليه أن يقـف أمامه بكل خشوع وورع ، ويقـدم قـربانه وذبـيحـته لصاحـب الخلاص
في العهـد الـقـديم كان القـربان المقـدم هـو الحمل (الخـروف) . أما في العهـد الجـديد القـربان المقـدم هو الخـبز والخمر اللذين يصبحان في رتبة الـذبيحة جسد ودم ربنا يسوع المسيح الذي قـدمه عـوضاً عـنا على الصليب ، إذن الذبيحة التأريخـية هي متمثلة في الذبيحة الإلهية ، والسؤال هنا : إنْ لم يكـن وجـود للذبـيحة التأريخـية في وجـود المصلوب على الصليب والتوجه نحـوه ، فما هو معـنى الذبيحة الإلهـية المقـدمة في الـقـداس . هنا الحـدث التأريخي والحـدث الحالي في الذبيحة مرتبطان مع بعضهما البعـض ، لأن بدون الحـدث التأريخي لا معـنى للحـدث الحالي . فإذا رفع المصلوب من الصليب يصبح الحـدث الحالي فارغاً وغـير مكـتمل فعـلياً . في الـقـداس الساكـوي نلاحظ مفهوم الـقـرابين أخـذ منحى آخـر ، يقـدم مع الخبز والخمر (الذي إستخـدمه ربنا يسوع المسيح في خميس الـفـصح فـقـط لا غـير) الـنـفـط ، والعـلم العـراقي ، والفـواكه …إلخ . لا أعـرف هل إنها هرطقة جـديدة بإسم التجـدد والتأوين ؟ يا أبـينا البطريرك أنت خادم لربنا يسوع المسيح ، يجـب عـليك أن تكـون أميناً لعمله الخلاصي وتـقـدّمه للناس كما هـو عـمل وأوصى ، لأنـنا في كـنيسته المقـدسة ، وليس في محـفـل إجـتماعي أو سياسي وتـقـدم فـيه عـرضك المبهج . لكـن أسفي يقع عـلى الأساقـفة والكهنة اللذين يقـبلون على أنـفسهم مثل هكـذا مهـزلة إيمانية وروحـية دون مبالات ولا وخـزة ضميـر
تـقـدمة الـقـرابـين
في العهـد الـقـديم : الكاهـن يقـدم الـقـرابين عـوض شعـبه كـفارةً عـن خـطاياهم ، إذاً الكاهن هـنا هو الوسيط بين المؤمنين واللـه .
أما في العهـد الجـديد
أولاً : ربنا يسوع المسيح هـو الحـبر الأعظم الذي يـقـدم ذاته ذبيحة عـوضاً عـنا ، أي يقـدم جسده ودمه على الصليب في عـيد الفـصح ويَعـبر بنا إلى المجـد السماوي بالـقـيامة . ورسم رسله كهنة كي يصنعـوا على مثاله ذبـيحـته المستمرة في التأريخ البشري
ثانياً : أما الأساقـفة والكهـنة المرسومين مِن قِـبَل المسيح بواسطة الكـنيسة ، فإنهم أيضاً وسطاء لشعـبهم ، يقـدمون الـقـربان في الذبـيحة الإلهـية للمسيح وهو بدوره يقـدمها لأبـيه السماوي . لـذا على الكاهـن أن يقـف متـقـدماً شعـبه نحـو الصليب والمصلـوب وأمام المذبح الذي سوف يقـدم ذبـيحـته عـليه ويوجه كلامه له مباشرةً ( المسيح الذي ذبح لأجل خلاصنا ، وأمرنا …) ، بهـذه الطريقة البليغة يرتبط الحـدث التأريخي مع الحـدث الطقسي فعـلياً . والمذبح فـيما بعـد يصبح ذاك الـقـبر الفارغ الذي تعـلن منه الـقـيامة لرب المجـد كما بشرت المجـدلية في أحـد الـقـيامة