يوسف تيلجي
النص :
في عام 2013 أختطف مطرانين في الجمهورية العربية السورية / أثناء مهمة أنسانية ، وقد جاء في موقع / الجمهورية ، حول أختطافهما التالي – نقل بأختصار: ( صُعقت الطائفة المسيحية في لبنان وسوريا مساء امس بخبر اختطاف مطرانين من خيرة مطارينها بينما كانا يؤديان مهمة من أسمى مهمات رسائل الديانة المسيحية . فالمطرانان كانا في مهمّة إنقاذ في ريف حلب بهدف تحرير كهنة سريان أورثوذكس كانوا اختطفوا منذ أكثر من شهرين ، بعد مفاوضات كثيفة سرية بينهما وبين الجهة الخاطفة عشية عيد القديس جاورجيوس . إلّا أن مجموعة شيشانية اعترضت طريقهما ورمت بالمرافقَين المدنيَّين أرضاً وفرّت بالمطرانين الى جهة مجهولة المطرانان المختطفان هما المطران يوحنا ابراهيم متروبوليت حلب للسريان الأرثوذكس ، وبولس اليازجي مطران حلب والأسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس ، وشقيق بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي .. ) .
ومن جانب أخر / وبعد أكثر من خمس سنوات ، في أسطنبول / تركيا ، حدثت واقعة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده ، وقد جاء في شبكة ميديا نيوز حول عملية الأغتيال التالي : ( ميديا نيوز – انقرة – وكالات – اغتيل الإعلامي السعودي المعارض جمال خاشقجي في يوم 2.10.2018 ، في مدينة إسطنبول التركية ، عقب دخوله قنصلية بلاده لإنهاء بعض الأوراق الرسمية ، بجريمة وصفت ” الصادمة ” ، و” المروعة ” والتي ستسبب بأزمة دبلوماسية كبيرة بين تركيا والسعودية .. ) ..
هذه المقدمة هي مجرد ” أضاءة دخول ” للمقال .
القراءة :
سوف لن أتعرض لتفاصيل الحادثتين ، وذلك لأن الواقعتين تناولتهما الميديا بالكثير من الأسهاب ، وما سأعرضه في هذا المقال .. هو قراءة شخصية خاصة للواقعتين ومن عدة محاور !!!! .
* الولاء – يحسب ولاء جمال خاشقجي على التيار الأسلامي ، وهذا جلي منذ بداياته ، لأنه كلف بعمل لقاء صحفي لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن / قبل هجمات 11 سيبتمبر 2001 ، ولكن هل هذا اللقاء كان يتطلب من خاشقجي ظهوره بصور مرة يحمل ” رشاش كلاشنكوف ” وأخرى حاملا ” قاذفة بازوكا “ !! ، لولا أيمانه بتنظيم القاعدة !! ، فقد جاء في موقع / أمان ، التالي (يعتبر جمال خاشقجي أول من التقط صورة لأسامة بن لادن في أفغانستان ، وأول صحفي يجري مقابلة معه ، وقد نسق خاشقجي لإجراء حوار بين أسامة بن لادن والصحفي الأيرلندي “روبرت فيسك” المعروف بتأييده للجماعات المتطرفة ، واعترف خاشقجي ، في حوار صحفي أجرته معه صحيفة ” الجزيرة ” السعودية ، وقال : ” نعم كنت صديقا لأسامة بن لادن ” .. ) ، ويؤكد نفس الموقع نقلا عن خاشقجي ( إن منهج الإخوان هو منهج كل مسلم ، وكل حركة إحيائية ، وكان ذلك منطلقا للظهور بشكل المناضل الذي يدافع باستماتة عن الجماعة ، وعن سياستها وقياداتها المتهمين في قضايا إرهاب .. ) . مصادر أخرى كالويكيبيديا تقول أن خاشقجي كان ” ولاءه متذبذب ” ، فهو مرة مع آل سعود وأخرى ليبرالي وثالثة منتقدا للسلفيين ورابعا مع الأخوان !! . وبنفس الصدد، قد قال الأمير تركي الفيصل عن خاشقجي وولاؤه التالي ( وأشار الفيصل إلى أن خاشقجي سبق أن عمل معه كمتحدث إعلامي خلال توليه منصب السفير السعودي في لندن وفي واشنطن . وقال الأمير تركي الفيصل إن خاشقجي كان في وقت من الأوقات عضوا بجماعة الإخوان المسلمين في الثمانينات عندما كان طالبا / هذا حسب ما نقل من وكالة CNN في 24.11.2018 ) .
بينما ولاء المطرانين / يوحنا ابراهيم وبولس اليازجي ، كانا للمسيح وللكنيسة فقط ! ، وهذا فرق كبير من كان ولاءه لبشر وتنظيمات !! ، ومن كان ولاءه لرب المحبة والخير والتسامح والخلاص ! ، بالأضافة لكل هذا أن المطرانين كانا في مهمة عمل أنساني ، وهو أدارة عملية أنقاذ كهنة أرثوذكس وكاثوليك ، من أيدي الأرهابيين ، وليس لهما غاية في الشهرة والظهور ! ..
* التعامل الدولي مع الحدثين – لم يلق أي حدث من أهتمام دولي كما لقيه أغتيال خاشقجي ! ، على الصعيدين الأقليمي والدولي / مع شبه تعتيم عربي ، فكل وكالات الأنباء كانت مسخرة للحدث ليل نهار ! ، والتساؤل هنا هل كان الأمر مستحقا كل هذا الأهتمام ! أم كانت هناك غايات ومصالح أقتصادية وسياسية للأمر لجهات منها مستفيدة وأخرى خاسرة من الوضع .
بينما لم يلق أختطاف المطرانين الأهتمام المطلوب ، نعم شغلت بعض الأوساط بهما ، خاصة السورية اللبنانية ، ولكن الأمر بمرور الزمن ! ، أصبح من ضمن القبول بالأمر الواقع! ، حيث بين بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي ، أسفه ” لأن تصل الأمور في قضية المطرانين المخطوفين يوحنا ابرهيم وبولس يازجي إلى ما آلت إليه ” ، كما أسف أيضاً لـ ” التعتيم الذي يلفّ هذه القضية ، إن كان إقليميًا أو دولياً ، كأن الأرض إنشقت وإبتلعتهما ” ..
* كان هناك دورا رئيسيا لكل من أميركا وأوربا في أهتمام ومتابعة ” عملية أغتيال خاشقجي ” ، من قبل الرؤساء والطواقم الحكومية والميديا و .. ، هذا الدور أستمر منذ وقوع الحدث – 2.10.2018 ولغاية الأن ، تمثل هذا الدور بأنشغال وأهتمام رسمي للعملية على أعلى المستويات ، مما أثار أنتباه العالم ، علما أن المقتول جنسيته سعودية ! وليست أجنبية ! ، فقط مقيم في أميركا ! ، وشخصيا لا انتقد هذا الدور ، ولكني أرى هناك مبدأ ” الكيل بمكيالين ” ، بينما عملية أختطاف المطرانين لم تلق أي أهتمام من قبل المذكورين أعلاه ! ، وهنا لا بد أن نذكر عوامل ” المال والنفط والسلطة ” ، وتفاعلها مع عملية الأغتيال ، بينما حادثة الخطف ليس لها من رد فعل بهذا الخصوص ، أي لم تخلق رد فعل دولي مؤثر – هذا وفق فكر المصالح الدولية ! .
* الأهم من كل ما سبق غياب دور السلطة الدينية المسيحية ! / التي أصبحت سلطة رمزية غير مؤثرة ، حيث أن القيادات الكنسية لم يكن لها من دور فعال بهذا الجانب ! ، لأن هذه القيادات – أن كان البابا أو البطاركة ، تفتقد للقوة التأثيرية على المسرح الدولي ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر ، أن الدول الأوربية هي دولا علمانية لم تتأثر عقائديا بعملية الخطف / بالرغم من أن المخطوفين يمثلان رجالات كنسية على مستوى قيادي عال بالنسبة لسلم المسؤولية الكنسية ! ..
* وكان من الممكن أن يكون هناك دورا روسيا مؤثرا / لأن الخاطفين من الشيشان ، خاصة وأن الرئيس الروسي بوتين له تأثير كبير بالنسبة للشيشان ، ولكن لم يكن هناك من أهتمام في الأتصال به من قبل القيادات الكنسية !! . ولبوتين أيضا تأثير على أردوغان / الدولة التركية ، التي تعتبر ممرا للأرهابيين الذين يفدون من الشيشان ويدخلون عبر تركيا الى سوريا .
* وأرى أخيرا ، لم يعد للعقيدة المسيحية من دور مؤثر على الدول الأجنبية / العلمانية – التي قياداتها ” مسيحية بالأسم فقط ! “، وذلك لأن الدول العظمى تسعى من أجل مصالحها الأقتصادية والسياسية ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر “أتساءل” : لو كان المخطوفين شيوخ مسلمين .. لكانت الدنيا قامت ولم تقعد حتى قيام الساعة !!!! .