يوسف تيلجي
أن وجود الأمير محمد بن سلمان كولي للعهد / على رأس السلطة – وبوضع شكلي وصوري لوالده سلمان بن عبد العزيز كملك ، أعتقد أنه يشكل فاصلا مركزيا بالنسبة لمستقبل المملكة العربية السعودية كمملكة! ، وحتى نضع النقاط على الحروف لهذا المستقبل المجهول ، لا بد لي من سرد قراءتي الخاصة لهذا المفصل الأشكالي للمملكة كعائلة وكسلطة !:
تمهيد :
1 . أرى أن وضع المملكة على المستوى الدولي يمر بأسوأ أحواله – منذ أحداث سيتمبر 11 / 2001 ، وذلك لأن السعودية كمملكة قد سقطت في فخ الجريمة / مع سبق الأصرار والترصد ، بالنسبة لمقتل الصحفي جمال خاشقجي . خاصة بعد أن صرح مسوؤل تركي بأن جثة خاشقجي قد قطعت (قال ياسين أقطاي مستشار للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يعتقد أن جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي قد أذيبت في الحمض بعد تقطيعها. / نقل من موقع BBC في 2.11.2018 ) ، وأن الجريمة قد نفذت بتعمد والأوامر صدرت من أعلى مستوى حكومي سعودي ، ويمكن أن يكون الملك سلمان ليس على علم بالأمر ( أفادت ” واشنطن بوست ” عن أن ” معلومات استخباراتية أميركية تظهر أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو من أمر بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي”، وفق ما نقلت ” الجزيرة ” . / نقل من موقع الخبر اليقين ) ، وبغض النظر عن كل الأخبار أن خاشقجي وعملية قتله تدلل وتوضح بالوقت نفسه أن الأمر بالتنفيذ هو على رأس هرم السلطة ” طائرات خاصة وفريق منظم للأغتيال وطبيب وخبراء كيميائيين لرفع أثار الجريمة .. ” ، أنها ليست عملية عادية ، أنها عملية تحتاج الى موافقات أمنية وأستخبارية لا يمكن ان تتم دون علم مسوؤل رفيع ، والأمر واضح أن الأمر هو ولي العهد ، وهذا ما أكده أيضا جون ساوروز ، ( لندن – “ القدس العربي ” : أكد السير جون ساورز ، الرئيس السابق للمخابرات الخارجية البريطانية أنه على يقين بأن جمال خاشقجي قتل بأمر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ) . وهذا ما اكده الرئيس التركي أيضا رجب طيب أردوغان / بشكل غير مباشر ( وكتب أردوغان ، في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست: “ نعرف أن الأمر بقتل خاشقجي صدر من أعلى المستويات في الحكومة السعودية“. / BBC 3.11.2018 ) ، وبالرغم من الجريمة هي جريمة ! ولكنها كانت تنم عن غباء وسذاجة في التخطيط بالرغم من فضاعتها.
2 . أن عودة الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود ( ولد في/5 سبتمبر1942وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية للفترة من18 يونيو2012 حتى5 نوفمبر2012، هو الابن الحادي والثلاثون من أبناء الملك عبد العزيز وهو أصغر أبناءه من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري ، وهو ممن يطلق عليهم لقب السديريون السبعة .. ) ، وذلك في أكتوبر 2018 ، يشكل محورا مهما في سير السلطة الحالي ، وفي عملية أنتقال الحكم في حال وفاة الملك سلمان / المريض وبات وجوده صوري ! ، وأرى ان عودة الأمير أحمد في هذا الوقت بالتحديد ، ليس أعتباطيا ، انه أمرا مدروسا ومسنودا دوليا خاصة من قبل بريطانيا الذي كان يقضي فيها فترة نفيه ! ، وبهذا الصدد قال موقع / عرب بوست ، التالي ( واعتبر الموقع البريطاني أن عودة وزير الداخلية السعودي الأسبق ، يعد ضربة لولي العهد محمد بن سلمان ، بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في مقرِّ قنصلية بلاده في تركيا . ونقل الموقع البريطاني عن مصدر خاص مقرب من الأمير أحمد قوله إن « الأمير أحمد وغيره من أمراء العائلة المالكة باتوا مدركين أن محمد بن سلمان أصبح سامّاً » ، حسب تعبيره ، وأضاف المصدر أن « الأمير أحمد يريد لعب دور في إجراء التغييرات داخل مؤسسة الحكم في العائلة المالكة ، وقد يكون هذا الدور رئيسياً في أي ترتيب جديد ، أو للمساعدة في اختيار بديل لمحمد بن سلمان ». ) ، أذن هذه العودة للأمير أحمد بن عبد العزيز تمثل ضغطا مضافا لوضع محمد بن سلمان من حيث أستمراره كوليا للعهد ! .
القراءة :
ما قدم هو مجرد تمهيد للقراءة الخاصة ، وذلك لأني أرى أن قتل خاشقجي وعودة الأمير المنفي احمد بن عبد العزيز هما المحرك الرئيس لما سيترتب عليه من أوضاع للحكم ، والسلطة داخل المملكة!!:
أولا – أن ولي العهد محمد بن سلمان بات غير مسيطر عليه / خاصة في غياب أبيه عن متابعة أمور المملكة ، فهو أدخل المملكة في دوامة صراعات وأزمات لا حصر لها ، منها ( حرب اليمن ، أعتقال أمراء ورجال أعمال وسلطة وأحتجازهم في فندق الريتزكارلتون ، حجز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ، خلافه مع المؤسسة الدينية .. وأخيرا قتله خاشقجي بطريقة شنيعة لا ينفذها سوى مبتدئ متهور .. ) ، فشاب في مقتبل العمر لا يمكنه من حكم مملكة كالسعودية ، ويحضرني في هذا المقام ما قاله د . سعد الفقيه – أحد المعارضين السعوديين ، عن شخصية محمد بن سلمان ، بوصفه شخصية معتلة نفسيًا، التي هي باختصار من أكثر الشخصيات تعقيداً وصعوبة في التعرف على صاحبها ، ووصفه ب (الاندفاعية والنرجسية الحقيقة المطلقة لا يثق ألا بنفسه حساس .. لا نية حسنة .. ليس لديه عواطف سامية / الحب التسامح الرحمة القيم التي يحترمها القوة التفوق والأمتلاك والأنفراد العلاقة مع الأخرين التنافس والصراع ، الأنتقام والتشفي يحط من قيمة الاخرين يغوص بالأنانية ، مغامرة غير محسوبة العواقب ، الانطلاق بهذه الصفات من عمر صغير نشأوا في بيئة ملك صراع منافسة قاسية ، وخاصة كالذين أستلموا السلطة بسن صغير )
ثانيا – أول سيناريو : من الممكن أن يعتلي محمد بن سلمان العرش بعد وفاة أبيه الملك سلمان ، وبهذا ، سيستلم مملكة أمرائها حانقين عليه ، غير راضين على أنتقال السلطة أليه ! هذا داخليا ، أضافة الى عدم رضى دولي ، وذلك لدوره في قتل خاشقجي ، فكيف لقاتل أو أمر بالقتل ان يصير ملكا !! وأن يتصرف كملك بين الحكام الأخرين !! .
ثالثا – ثاني سيناريو : من الممكن أن يستبدل ولي العهد محمد بن سلمان بأحد أخوته ، مثلا الأمير خالد بن سلمان / سفير المملكة في الولايات المتحدة ، وهذا أحتمال غير موضوعي ، لأنه لا زال لم ينهي الثلاثين من عمره ! ، ولا يعتقد أن يوافق عليه من قبل مجلس العائلة ! .
رابعا – ثالث سيناريو : أن يخلع محمد بن سلمان وأن يعين بدله الأمير العائد من لندن – أحمد بن عبد العزيز أو الأمير محمد بن نايف / المخلوع ، أو الأمير المخلوع / أيضا ، مقرن بن عبد العزيز ، وهنا نتساءل كيف سيرضى محمد بن سلمان بعد أن قبض على الحكم / العرش ، بكلتا يديه ! . هذا السيناريو بالرغم من عقلانيته ، ولكني أراه دموي ، لسبب رئيسي ، أذا كان محمد بن سلمان لم يسيطر على أعصابه وأنفعالاته بمجرد صحفي نقده نقدا ذاتيا ، أقصد جمال خاشقجي ! ، فقطعه وأذابه بالأسيد ، فكيف الحال بمن يأخذ الحكم منه !!!! .
السعودية الى أين :
أرى أن مفاتيح الحل بيد هيئةا لبيعة ( وهي هيئة سعودية تعنى باختيار الملك وولي العهد وولي ولي العهد ، وتتكون من أبناء وأحفاد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود ، ولقد أسست الهيئة في 18 أكتوبر 2006 ، بالأمر الملكي رقم أ / 135 وتاريخ 26 / 9 / 1427هـ ، وكان يرأس الهيئة الأمير مشعل بن عبد العزيز آل سعود حتى وفاته في 3 مايو 2017 ) ، وهذه الهيئة سيطر عليها الملك سلمان عندما أستلم الحكم من أخيه الملك الراحل عبدالله في يناير 2015 ، ولكن الملك سلمان الأن هو ليس ذاك الملك بعد أن أنهكه المرض ( كشفت صحيفة “ ديلي ميرور” البريطانية في تقرير نشرته مؤخرا حول التطورات الأخيرة التي تشهدها السعودية ، كاشفة الستار عن أن الملك سلمان يعاني من “ مرض عقلي ” ولا يقوى على التركيز أو استيعاب ما يدور حوله لمدد طويلة ، ويقول التقرير أن “ الملك سلمان البالغ من العمر 81 عاما يعاني حاليا من مرض عقلي ولا يستطيع التركيز وإدراك ما يدور حوله إلا لساعات قليلة ومحدودة في اليوم”. / نقل من موقع السودان اليوم ) ، فقرار هذه الهيئة لو كان مستقلا لأطيح بولي العهد منذ زمان ، بل لكان محمد بن سلمان بعيدا كل البعد من ولاية العهد أصلا ، ولكن السيطرة من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز ورجاله على الهيئة بدأ منذ سيناريو أبعاد الأمير مقرن ثم تلاه أبعاد الأمير محمد بن نايف !! ، أرى أن السعودية في طريق مظلم ! ، خاصة أن ولي العهد بنى دائرة علاقات داخلية / ولكن أراها متهرئة أمام ما خلقه من أعداء من قبل أبناء عمومته ومن قبل رجال الدولة والأعمال والمؤسسة الدينية ، وطور بعض العلاقات الدولية بعقود تقف في مقدمتها عقود مع الولايات المتحدة ، ولكن الضغوط الدولية قوية / بالرغم من أن عقود الأسلحة على الأكثر سوف لن تتأثر ! .. فالأطاحة بهكذا رجل ، أراه يحفظ السلم القطري / السعودية ، والأقليمي / قطر و اليمن وأيران وسوريا ، والأمن الدولي / مثلا موقفه اللاعقلاني من كندا .
الموروث الأسلامي والحاكم الظالم :
أن الموروث الأسلامي يشجع على بقاء الحاكم في السلطة وأن كان ظالما ” قال صاحب الطحاوية ( ولا نرى الخروج على أاِمتنا وولاة أمورنا وإن جارو …) ، والجمهور من علماء السنة يعتنقون هذا الرأي ويقبلونه ودليلهم النقلي على ذلك حديث منسوب للرسول ( أطيعوهم ما أقاموا الصلاة فيكم ) ، وحديث آخر نسبوه أيضا للرسول ( من جائكم وأمركم على رجل واحد أراد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه ) / نقل بأختصار وتصرف من موقع / أهل القرأن ” ، أذن لا عجبا أن يظلم الحاكم المسلم ويطاع ! ، ويقتل الحاكم المسلم ويطاع ! ، ويجوع الحاكم المسلم الشعب ويطاع ! ، ولا نتعجب من كل هذا أذا كان القرأن نفسه يأمر بذلك ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ..(59) ﴾ / سورة النساء ) !! .