يوحنا الذهبي الفم
يوسف جريس شحادة
كفرياسيف _www.almohales.org
مقدمة:
وجّه هذا الكتاب لصديقه الحميم باسيليوس. ويعتبره بعض الآباء أعظم ما كتبه ذهبي الفم “ويصفه البعض الآخر” جوهر الكتابات المسيحية “وقال عنه ايسيدور: “ليس من يقرأ هذا المجلّد إلا ويشعر بقلبه يلتهب بحب اللـه…لان يوحنا .. المفسر الحكيم للأسرار الإلهية ونور الكنيسة كلها وضع هذا العمل بمهارة ودقّة” {تادرس يعقوب مالطي: مقدمات في علم الباترولوجي ص 117 وإذا رغب احد الخوارنة المحبة للقراءة يمكننا إعارته إياه لتوفره بمكتبتنا}.
ففي مجال الحديث عن مسؤولية الرعاية : “ليكن الفارق بين الراعي ورعيته بمقدار ما بين العاقل والمخلوقات غير الناطقة إن لم يزد …لانّ من يؤتمن على خراف المسيح الناطقة عليه أولا أن يحتمل عقوبة ضياع الخراف، عقوبة تفوق الأمور المادية، عقوبة تمس حتى نفسه.
إن الراعي في حاجة إلى التوفيق الكثير، وان تكون ربوة من العيون ليلاحظ كل نفس على سجيتها. ووجب أن يتمتع الراعي بروح عالية حتى لا يفشل أو ييأس من خلاص التائهين عن القطيع، بل يقول في نفسه دائمًا: عسى أن يعطيهم اللـه توبة لمعرفة الحق، فيستفيقوا من فخ إبليس”.
أما عن عمل الكاهن فيقول: “إن عمل الكاهن يسمو عن عمل العلماني بمقدار سمو الروح عن الجسد.. إذ قيل لهم من فم الرب نفسه: كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطًا في السماء، وكلّ ما تحلّونه على الأرض يكون محلولا في السماء” { متى 18:18 }.
قال يوحنا البشير { 16 -15 : 21 } : “.. قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بن يونا أتحبّني أكثر من هؤلاء. قال له نعم يا ربّ أنت تعلم أني احبّك. قال له إرعَ خرافي. قال له ايضًا ثانيةً يا سمعان بن يونا أتحبّني. قال له نعم يا ربّ أنت تعلم أني احبّك. قالً له ارعَ خرافي. قال له ثالثةً يا سمعان بن يونا اتحبّني. أنتَ تعرِفُ أني أُحبّكَ قال له يسوع إرعَ غنمي”. إنَّ سؤال الرب يسوع لبطرس لا لكي يعرف إن كان يحبّه أم لا لأنه فاحص قلوب جميع البشر، ولكن لكي يعلّمنا عظم اهتمامه بتدبير أمر هذه الخراف. لأننا عندما نرى أحدًا يهتمّ بأفراد بيتنا فإننا نعتبر اهتمامه بهم علامة محبّة لنا. ولذلك عندما قال التلميذ : “يا ربّ أنت تعلم أني أُحبّك” واٌستشهد في المحبوب نفسه كشاهد على حبّه، لم ينه المخلِّص حديثه بل أكمل موضحًا علامة الحبّ. لأنه في هذا الوقت لم يرد أن يبيّن مقدار حبّ بطرس الكثير ولكن مقدار حبّه هو لكنيسته، ويعلمنا أن نكون غيورين لنفس الهدف، لأنّه لماذا لم يشفق الربّ على ابنه الوحيد، {رو 32 :8 و يو 3 :16 } : “الذي لم يشفق على اٌبنه بل أسلمه عن جميعنا كيفَ لا يَهَبُنا أيضًا معه كلّ شيء. ويو”: لأنّه هكذا أحبّ اٌللـه اٌلعالم حتى إنّه بذل اٌبنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية “. لأنّه لماذا سفك دمه؟ لكي يربح هذه الخراف التي عهد بها إلى بطرس، ولذلك قال الربّ: “من ترى ذلك العبد الأمين الحكيم الذي أقامه سيده على أهل بيته ليعطيهم الطعام في حينه”.
إنّ اختيار الراعي للقطيع ليس بالأمر الهيّن، فلم يقل السيّد اعتن بالمظلومين واليتامى الخ بل “إرعَ غنمي “! وقطيع الرب ليس بالسهل إضاعته وليست عقوبته مادية وليست مصارعته مع ذئاب إذ مع من يتصارع ويحارب؟ ويقول بولس الرسول {أف 12 :6 }: ” فإنَّ مصارعتنا ليست ضِدَّ اللحم والدّم بل ضِدّ الرئاسات والسّلاطين وولاة هذا العالم عالم الظلمة والأرواح الشريرة في السماويات “. وفي نص آخر { غل 20 _19 :5 و 1 كو 20 :12 } : ” وأعمال الجسد واضحة وهي الزّنى والنجاسة والعهر. وعبادة الأوثان والسحر والعداوات والخصام والغيرة والمغاضبات والمنازعات والمشاقات والبدع. فإني أخشى إذا أتيتكم أن لا أجدكم على ما احبّ وان تجدوني على ما لا تحبّون. أن تكون بينكم خصومات وحسد ومغاضبات ومنازعات واغتيابات ونمائم وانتفاخات واٌضطراباتٌ “.
إنّ راعي القطيع الحيواني من السهل أن يعالج النعجة أو إيوائها أو بتر عضو أو إطعامها أما في حالة الأوجاع البشرية فانه ليس من السهل على الإنسان أن يشخّصها { 1 كو 11 :2 }: “فإنّه مَن مِن الناس يعرف ما في الإنسان إلاَّ روح الإنسان الذي فيه فهكذا لا يعلم احد ما في اللـه إلاَّ روح اللـه”. وقبول العلاج منوط برغبة المريض لا الطبيب وهذا ما أدركه القديس بولس { 2 كو 24 :1 }: ” وإنِّي أستشهد اللـه على نفسي أنّي لإشفاقي عليكم لم آتِ إلى كورنثوس. وليس ذلك لأنَّا نسود على إيمانكم بل نحنُ أعوان سروركم لأنّكم ثابتون في الإيمان”.
ففي حالتنا فان الخاطئ يجب أن يُصلح لا بالإرغام بل بالإقناع. اذًا ما على الراعي أن يفعل؟ فان تعامل بلطف مع من يحتاج إلى استعمال المبضع بعنف، ولم تجرح من تستدعي حالته ذلك ومن ناحية أخرى فانك إن قمت بالاستئصال المطلوب بلا شفقة تنتاب المريض آلام، وكما في ارميا النبي { 5:5 } : “فأنطلق إلى العظماء واكلّمهم لأنّهم يعرفون طريق الرب وحكم إلهنا. فإذا هؤلاء جميعا قد كسروا النير وقطعوا الرُّبط”. أو {3:3 } :”فامتنع رذاذ المطر ولم يكن وليَّة وصارت لكِ جبهةُ امرأةٍ زانيةٍ وأبيتِ أن تَسْتحيي”.
إذًا على الراعي أن يكون له ربوة من العيون كما أسلفنا، لأنّه كما أن كثيرين يتعاملون غرورا فيسقطون في اليأس من ناحية خلاصهم وكذلك يوجد آخرون يسقطون في الإهمال من جراء عدم تأديبهم لذلك ينبغي على الكاهن أن يلاحظ هذه الأمور بدقة، ويقدّم العلاج الذي يراه مناسبًا لئلا تضيع غيرته _ وان على الكاهن ايضًا أن يجاهد كثيرا في ضمّ أعضاء الكنيسة المفصولين لان راعي الخراف يجب أن يتبعه قطيعه حيثما ذهب.
ولكن إذا انحرف إنسان عن الإيمان الصحيح القويم فان هذا يتطلب الكثير من الجهد والمثابرة والصبر والعمل على عودته للحق الذي انحرف عنه بطريق الإقناع. ويقول دوما الكاهن { 2 ثيمو 26_25 :2 } : ” مُؤدِّبًا بوداعةٍ المُخالِفين عسى أن يُؤْتِيهُم اللـه التّوبة لمعرفة الحقّ. فيُفيقوا منْ فخّ إبليس الذي اصطادهم لقضاء مشيئتِهِ”.
وما أروع القول: “إن الغيرة على القطيع هي علاقة المحبة لشخصه” ومن تسلّم رعيّة المسيح وهي في تمام النمو والشبع ثم لعدم كفاءته يهلكها ويكون له شهادة من خارج كما في قول بولس الرسول {1 ثيمو 7 :3 }: “وينبغي أيضًا أن تكون في حقّه شهادة حسنة من الذين في الخارج لئلا يسقط في العار وفي فخّ إبليس”.
وعظمة الكهنوت من عظمة المحبة التي { يو 35: 13 }: “وبهذا يَعرِف الجميع أنّكم تلاميذي إذا كنتم تُحبّون بعضكم بعضًا”. وأيضًا { روم 10: 13 } : “إنّ المحبّة لا تصنَع شرًّا بالقريب فالمحبّةُ إذًا هي الناموس بتمامه” ويوحنا البشير { 13 :15 }: “هذه هي وصيّتي أن يحبّ بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم. ليس لأحدٍ حبّ أعظم من هذا أن يبذل نفسه عن أحبّائهِ”.
إن الأشياء التي كانت تستعمل قبل عهد النعمة، مثل الأجراس والرمّانات والأحجار على الصّدرة وعلى الافود _ ثوب كهنة والمنطقة والتاج والرداء الطويل وقسط الذهب وقدس الأقداس والسكون العميق في داخله {خر 4 :28 }: “وهذه الثياب التي يصنعونها. صُدرة وافودٌ وجبّة وقميصٌ مُضرَّبٌ وعِمامةٌ ومنطَقةٌ فيصنعون ثياب قُدْسٍ لهرون أخيك وبنيه ليكهن لي”.
ولكن إذا فحصنا الأشياء المختصّة بعهد النعمة ولكنها مخيفة ورهيبة { 2 كور 10 : 3 } : “بل لم يُمَجَّدِ المُمَجَّدُ من هذا القبيل بسبب المجد الفائق”.
فأنت عندما ترى الربّ ذبيحًا موضوعا فوق المذبح، والكاهن واقفًا يصلّي على الذبيحة، وكلّ المصلّين مصطبغون بذلك الدم الثمين، أتستطيع أن تقول انك لا زلت بين الناس وانك واقف على الأرض! ألست على النقيض! قد انتقلت مباشرة إلى السماء، وطرحت عنك كل الأفكار الجسدية؟ّ الست بروح متحررة من الجسد، وبفكر نقي تتأمل الأشياء التي في السماء! وما مقدار حب اللـه للإنسان! إن الساكن في الأعالي مع الآب هو في هذه الساعة في متناول الكل، يعطي ذاته لمن يريدون أن يحتووه ويمسكوا به وكل هذا يتم بعين الإيمان. هل يمكن لأي أحد أن يتساهل أو يتشامخ عليها.
انّ وقوف الكاهن لا كما وقف إيليا لينزل النار من السماء على الذبيحة إن وقوف الكاهن لينزل الروح القدس من السماء ويقدم طلبات لكي تضيء النعمة النازلة على الذبيحة نفوس الجميع، من يجرؤ أخي المؤمن أن يستهين بهذا السر الكلي الرهبة. وأي سلطان يمكن أن يكون أعظم مما أعطاه الرب { مت18:18 ويو 23 : 20 و 22 :5 }: “ألحقّ أقول لكم إنّ كلّ ما ربطْتُموه على الأرض يكون مربوطًا في السماء وكلّ ما حللتموه على الأرض يكون محلولا في السماء”.
إنَّ الكاهن في ديننا أخذوا سلطانا على نجاسة الروح لا ليعلنوا إنها طهرت بعد فحصها بل لينزعوها بالفعل { يعقوب 15 _14 : 5 } : “هل فيكم مريضٌ فليَدعُ كهنَةَ الكنيسة وليُصلّوا عليهِ ويمسحوه بالزيت باسمِ الربّ. فإنَّ صلاة الإيمان تُخلِّص المريض والربُّ يُنهِضُهُ وإن كان قد ارتكب خطايا تُغفر له”.
وهكذا فالكاهن يطلب نفع الذين يرعاهم وهذا نتيجة المحبّة { 2 كو 3 :11 و1كو 2_3 : 2 و 2كو 14 : 12 و 9 :11 }: “لكنّي أخاف أنها كما أغوت الحيّة حوّاء باحتيالها كذلك تُفسد بصائركم عن الخلوص الذي في المسيح”.
إنَّ الرجل الحكيم لا يتهم السيف بالقتل ولا الخمر بالسكر، ولا القوّة بالاغتصاب ولا الشجاعة بالتهور بل يلوم الذين يستخدمون مواهب اللـه استخداما سيئا فينجلبون على أنفسهم عقاب اللـه.
فليس الكهنوت سببًا في تلك الشرور ولكننا نحن الذين ندنسه ونحقّر من شأنه حين نعطيه لمن لا يستحقّه أو الذين يقبلونه سريعا دون أن يفحصوا ذواتهم ويدركوا جسامة هذه الرتبة. والسؤال: من أين نشأت هذه المتاعب الكثيرة في الكنائس؟
إنّ المصدر الوحيد لها هو الطريقة العشوائية في اختيار الرعاة فالرأس يجب أن يكون أكثر أعضاء الجسم قوة حتى يضبط النزوات الشريرة التي تصدر من سائر أعضاء الجسم. وإذا كان الرأس نفسه ضعيفا وعاجزا عن صدّ الهجمات الوبائية فانه يزداد ضعيفا فوق ضعف وبهلاكه يهلك الجسد كله. وهناك صفات أخرى كثيرة يجب أن يتحلّى بها الكاهن:
+ الكهنوت أمر رهيب، والخدمة في العهد الجديد أكثر رهبة منه في العهد القديم.
+ انّ شهوة الرياسة ينبغي أن تنزع من نفس الكاهن.
+ ينبغي أن يكون الكاهن حكيما جدًا.
+على الكاهن الذي يقدس أن يكون طاهرا كما لو كان واقفا في السموات عينها في وسط تلك القوات.
+ أن يطهّر نفسه تماما من شهوة الحصول على هذه الرتبة. هذا لا يعارض قول بولس الرسول، {1 ثيمو 1 :3 }: “ومِن أصدق ما يقال أنّه إن كان احدٌ يرغب في الأسقفية فقد اشتهى أمرًا عظيمًا” ومن رغب في التسلط وحبّ الرئاسة فهذا الأمر الرديء.
+ أن يكرّس حياته من اجل الكهنوت.
+ ينبغي أن يكون الكاهن سديد الرأي عميق الإفراز يمتد بصره الثاقب إلى كل جهة.
+ أن يتمتع الكاهن بقوّة الجلد والمثابرة.
+ قوّة احتمال الشتائم والإهانات والألفاظ الجارحة والكلمات النابية من الأدنياء.
+ على الكاهن أن يتزهّد ويتنسك ويتحكم بغضبه ويمسك نفسه في حواره مع الناس .
+ الامتناع من الغضب والاندفاع بلا تروّ {أم 1 :15 }: “ألجواب الليّن يردُّ الحَنَق والكلامُ المؤلِمُ يُثيرُ الغَضب “.
انه من شأن الرعية التشبه بالراعي والتمثل به ومحاكاته في تصرفاته، فكيف يمكن للراعي أن يوقف غضب الرعية إن كان هو يشتعل بنار الغضب.
فنقائص الرعاة بصعب إخفاؤها، بل حتى البسيط منها يظهر بوضوح والذين يشغلون مراكز ظاهرة فلأنّهم على مرأى من الجميع فأخطاؤهم لها أثر كبير مهما هان أمرها لأنّ الناس يحكمون على الخطية ليس بمقدارها بل بمنزلة مرتكبها.
لهذا ينبغي أن يتحصّن الكاهن تماما بسلاح متين من اليقظة وعدم التراخي والمراقبة الدائمة لأسلوب حياته حتى لا يجد فيه الراصد موضعًا ضعيفًا يطعنه فيه طعنة قاتلة. لذا فبقدر ما يدبّر الكاهن حياته تدبيرًا حسنًا في كل مجال، فإنّه يكون بعيدًا عن المكائد.
أما إن تهاون في أمر قد يبدو تافهًا {بما انه إنسان في هذا العالم الكثير الأخطار} فلن تعفيه فضائله وأعماله الطيبة الأخرى من ألسِنة الناقدين بل إن هذه الهفوة الصغيرة تطفي على كل ما سواها.
فكل الناس يتأهبون للحكم على الكاهن، ليس باعتباره بشرا بل كملاك تحرر من كل أسباب الضعف البشري. والحال مع الكاهن _ الأسقف كالحاكم _ إذا لمسوا فيه أي ضعف سارعوا إلى عزله. وهل يجوز ترشيح هذا الشخص لانتمائه العائلي؟! أو للتقوى التي يتحلى بها! أو منح درجة كهنوتية حتى لا ينضمون إلى صفوف الخصوم أو لآخرين اتّقاء لشرّهم! أيجوز لنا بعد هذا أن نتساءل عن سبب غضب الربّ ونحن نقلّد الدرجات المقدّسة الكريمة لغير صالحين فيفسّروها! وليس هذا فقط بل يبعدون أيضًا الأكفاء المستحقين للخدمة وان إبعاد الرجال النافعين لنقحم مكانهم غير المستحقين لهو شرّ كريم.
إن المنتمين إلى المسيح هم الذين يكسرون وصايا المسيح أكثر من أعدائه وخصومه _ ومع هذا فهو لعظم رحمته ومحبته ما زال يعاملهم بمحبة ويدعوهم إلى التوبة.
إن الرجال الذين أكرمتهم ورفعتهم من العدم والهوان إلى كراسي الكرامة يستخدمون ما أكرمتهم به في إهانتك!! ويتجاسرون على المقدسات ويرفضون الغيورين ليفسحوا للأشرار مجالا لإرضاء أهوائهم بغير خجل.
وأصل هذا “الحسد”، الذي يظهر في صور متعددة فيبعدون رجلا من قائمة المرشحين للكهنوت لأنه حديث السن وآخر لأنه لا يجيد المديح وثالثا لأنه اغضب هذا أو ذاك ورابعا لإرضاء شخصية كبيرة ومرموقة فما دور الأسقف، فأي نوع من الرجال ينبغي أن يكون ليواجه مثل هذه الأعاصير؟!
ينبغي أن يكون:
+ عزيز النفس في غير كبرياء.
+ حازما لكنه رحيم.
+ إداريا بغير دكتاتورية.
+ منصفا بغير مجاملة.
+متواضعا بغير خنوع.
+ صارما ورقيقا معًا.
+ يقدّم على الكهنوت بثقة من أهل له.
+وبإصرار ينبغي أن يبعد عنه غير المستحق.
+ هدفه الوحيد بناء الكنيسة بلا تحيز لصديق أو عدو.
+ يقظًا تماما غير متهاون في التعاليم لان الكاهن يتوقع حسابا ليس عن خطاياه التي ارتكبها بمعرفته فحسب بل عن الخطايا الأخرى التي سقط غيره فيها بسببه { عب 17 :13 }: “أطيعوا مدبريكم واخضعوا لهم فإنّهم يسهرون على نفوسكم سهر من سَيحاسَب حتى يفعلوا ذلك بسرور لا بِكربٍ لأنّ هذا غير نافع لكم”.
وهرون أول كاهن لليهود الذي من أجله كلم الرب موسى مرارا فلم يقدر أن ينهض بمفرده على إيقاف شر هذا الشعب { خر 11_10 : 32 } : والآن دعني يَضْطَرِمُ غضبي عليهم فأفْنِيهم وأجعلك أنت أمّة عظيمةً. فتضَرّع موسى إلى الربّ إلهه وقال يا رب لم يضْطَرم غضبك على شعبك الذين أخرجتهم من أرض مصر بقوّة عظيمة ويدٍ شديدة”. وموسى كم توسّل للـه بان يعفيه من قيادة الشعب {خر 13 :4 }: “قال رحماك يا ربّ أبعث مَن أنت باعثه”. أو تمنى الموت {عد 10 :11 }. وماذا حدث معه لما اخطأ في البرية بسبب عدم وجود الماء { عد 12 :20 }.
وهل نرى من يفلت مِن عقاب الرب وحتى ولو كان رسولا، فهذا يهوذا الذي اؤتمن على الصندوق {يو 6 : 12 }: “وإنّما قال هذا لا اهتمامًا منه بالمساكين بل لأنه كان سارقا وكان الكيس عنده وكان يحمل ما يلقى فيه”.
فخان سيده وأساء استخدام المال، أتراه افلت من العقاب لكونه رسولا؟ أما الذي ينتظر أن يفلت من العقاب العادل لكونه قد نال كرامة مضاعفة فانه يشبه قول الرب يسوع {يو 24_22 : 15 }: “لو لم آتِ وأكلمهم لم تكن لهم خطيئة وأما الآن فليس لهم حُجّة في خطيئتهم.من يُبغضني فإنّه يُبغض أبي أيضًا. لو لم اعمل بينهم أعمالا لم يعملها آخر لما كانت لهم خطيئة أمّا الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي”.
فالعقاب بعد نيل المواهب أشدّ لأن الذي لا يصلح بعد الخير يستحق عقابا أكبر.
العظة:
على الكاهن أن يتميّز بسمو الفكر ليقود الشعب إلى طريق أفضل للإصغاء ولبلوغ ذلك يجب الإزدراء بالمديح والقدرة على الوعظ الجيّد.
وإن افتقر الى احد هذين العنصرين أصبح العنصر الآخر غير نافع ولم يعلّم بحسب الكتاب { كول 6 :4 }: “وليكن كلامكم ذا لطفٍ كلَّ مُصلحًا بمِلحٍ حتّى تعلموا كيف ينبغي لكم أن تجاوبوا كلَّ إنسانٍ”.
وإن نجح كواعظٍ، لكن غلبه حبّ المديح فالضرر يلحقه كما يلحق بشعبه لأنه بسبب اهتمامه بالمديح فالضرر يلحقه كما يلحق بشعبه.
لذلك فإنّ أفضل الكهنة هو من تمكّن من الناحيتين بحيث لا تطغى احدهما على الأخرى. وحري بالكاهن أن يتصرّف نحو رعيّته كما الوالد نحو أصغر أطفاله، وكما أن الوالد يأبه لإهانات أطفاله أو ضربهم فهكذا الكاهن لا يعبأ بمديحهم ولا يكتئب إن لاموه بغير سبب.
إنّ الكاهن مهما تمتع بمقدرة عالية في الوعظ فإنه سيخسر هذه المقدرة إذا لم يعمل على نموها بالممارسة والتدريب المتصل والدراسة والبحث والتنقيب ويقال إنّ التعب الذي يبذله المثقّف أعظم من التعب الذي يبذله غير المتعلّم، لأن خسران المثقف أعظم بمقدار الفرق بين ثقافة كل منهما، فإن كان الكاهن لم يقدّم دوما مادة تفوق الظن بهم فما أكثر اللوم الذي يلحقهم من كل صوب.
يحتاج الكاهن أن يكون محنّكًا حكيما في أمور شتّى وان يكون خبيرا في شؤون العالم.
نورد القليل من الاقتباسات من الكتاب المقدس بخصوص هذا السر العظيم _ الكهنوت:
“واظِب على القراءة إلى حين قدومي وعلى الوعظ والتعليم. لاحِظ نفسك والتعليم واستمر على ذلك فإنّك إذا فعلته تخلِّص نفسك والذين يسمعونك. وعبد الرب يجب عليه أن لا يشاجر بل يكون ذا رفق نحو الجميع قادرا على التعليم صبورًا. لأنّ الأسقف ينبغي أن يكون بغير مشتكى بما انه وكيل اللـه غير معجب بنفسه ولا سريع الغضب ولا مدمن الخمر ولا سريع الضرب ولا ذي حرصٍ على المكسب الخسيس. بل مضيفا للغرباء محبا للخير عاقلا عادلا نقيا عفيفا. ملازما الكلام الصادق المختصّ بالتعليم لكي يقدر أن يعظَ بالتعليم الصحيح ويحاجَّ المناقضين. ولتحلّ كلمة المسيح فيكم بكثرة معلمين وناصحين بعضكم لبعض بكل حكمة وبمزامير وتسابيح وأغاني روحية مرنمين في قلوبكم بالنعمة للـه. وليكن كلامكم ذا لطفٍ كل حين مصلحا بملح حتى تعلموا كيف ينبغي لكم أن تجاوبوا كل إنسان. بل قدسوا الرب المسيح في قلوبكم وكونوا مستعدين دائما للاحتجاج لكل من يسألكم حجج الرجاء الذي فيكم. فاسهروا إذن وتذكروا أني مدة ثلاث سنين لم اكفف ليلا ونهارا عن أن انصح كل واحد منكم بالدموع” {1 ثيمو 16و 13 :4 و24 :2 و تيط 9_7 : 1 و كول 16 :3 و 6 :4 1 بط 15 :3 و أع 31 :20 }.
“أكثروا من عمل الرب كل حين”
“القافلة تسير والكلاب تنبح”
“ملعون ابن ملعون كل من ضل عن وصاياك يا رب من الاكليروس”