قـراءة معـمقة للمشروع الخلاصي بناءاً عـلى نصوص الكتاب المقـدس
يعـقـوب بن إسحـق
الجـزء الثامن عشر
مقـدمة :
قـبل ان نبحث في موضوع يعـقـوب بن إسحق ، علينا ان نوجه أنظارنا الى كاتب وجامع كتاب سفر التكـوين بمجمل تقاليده الكـتابية ، بما يحتوي من شهادة تأريخ يستخـدمها الكاتب لخدمة هدف كتابه المقـدس ، الغاية منها إختيار إسرائيل بين شعـوب الارض ليكـون علامة رسالة إلهية للخلاص من خلال العهد المبرم بينهم وبين الـله ، مبني على الواقع التأريخي لتكـوين إسرائيل . وهـذا يعـني ان الكاتب يوظف التأريخ لمصلحة كـتابه ، وليس العكس ، انه يريد سرد تأريخ إسرائيل كما حـدث بالواقع .
إنّ كتابة التاريخ شيء ، وكتابة كتاب يتكلم عن علاقة اللـه مع شعب إسرائيل ، هـو شيء آخر كـلياً . لذا علينا ان نميّـز جـيداً فـيما سوف نطرحه في هذه المقالة والمقالات الاخرى القادمة عن المضمون التاريخي ، والنص الكتابي في سفر التكـوين عن يعـقـوب بن إسحق الذي سوف يصبح فـيما بعـد إسرائيل . فـعلى سبيل المثال ، أبراهيم في ارض كنعان وولد ابنه إسحق من إمرأته سارة ، وإسحق ولد عيسو ويعـقـوب من إمرأته رفـقة ، هذا واقع تاريخي ، أما الارض التي أُّريك ، وارض الموعـد ، فهي موضوع كتابي متعـلق بإيمان إسرائيل بالـله .
يعـقـوب:
شخصية يعـقـوب تلعب دوراً كبيراً في سفر التكـوين من الفـصل 25-50 ، ثاني أكبر شخصية بعـد أبراهيم . نلاحظه منذ الحـبل به وبأخيه عيسو وولادتهما يتصدر المقـدمة ، هذا دليل مِن قِـبَـل الكاتب لأهميته في تاريخ إسرائيل المقـدس . إنّ الطبـيعة البشرية لولادة المرأة طبـيعـياً لتوأمين تخـتـلـف عـمّا ذكِـرَ في نص تكـوين (25/26) ، فالطفل الاول يخرج بسبب قـربه من المهـبل ، وبعـد دقائق يخرج الثاني بعـد عملية مخاض أخرى للمرأة ، فـنسأل : كيف عـرف الكاتب ان يعـقـوب قـبض على يد أخيه عيسو وليس هناك جهاز سونار في ذلك الزمان ؟ الكاتب لا يعرف شيئاً عن عملية الولادة ، لكـنه منذ البداية يريد ان يجـلب النظر نحـو يعـقـوب وما سوف يطرحه عـن يعـقـوب .
خاتمة:
عـندما نقرأ الكتاب المقـدس ، أو أي كتاب أدبي آخر ، يجب علينا ان نعرف غاية الكاتب في طرحه لموضوعه ، وما يعـطيه من معـلـومات تجعـل القارئ يستـنير . إنّ قـيمة المعلومة تستـند إلى الدليل والحـقـيقة سواء كانت تاريخياً أو عـلمياً ، أي .. إثبات قـيمة المعـلومة بما يتـقـبله العـقل والمنطق البشري .
إنّ الكتاب المقـدس في عالم اليوم أصبح من كـتب الخـيال الادبي في عالم التكـنولوجيا ، بالرغم ممّا يحـويه من تاريخٍ بشري لأشخاص كان لهم تأثير على العالم بمجمله . الكـتاب المقـدس هـو كتاب اللـه مكـتوب بأيـدٍ بشرية ، لذا علينا ان نـتعامل معه كأي كتاب أدبي آخـر حتى نصل الى الحـقـيقة الموجودة فـيه بما يتـقبله العـقل والمنطق ، من خلال طرح الاسئلة وتحليلها والبحث في غايات الكتاب الى ان نحصل على الغِـنى الفكـري والروحي والإيماني بما يلائم عالم اليوم ، وإلّا سوف يصبح الكـتاب المقـدس مجرد كتاب ميثولوجي من التاريخ الـقـديم.