ما أن تشتد الحِبال على رقبة المسلم وتلتف الجرائم التي يرتكبها المسلم بحق اخيه المسلم قبل البعيد وبحق الإنسانية بصورة عامة حول عنقه حتى يقوم المسلم برمي الحبل في سلة الإسلام المعتدل . إنه المبرر الوحيد الذي يتحجج به المسلم ويواجه بها معضلة تلك الجرائم ناكراً ونافياً إنتساب تلك الجماعات للإسلام لا بل حتى يتبرأ منها ( حتى لو بشكل وقتي ) .
الإسلام المعتدل والإدعاء فيه هي الوسيلة التبريرية الوحيدة التي يواجه بها المسلم خصومه وضحاياه محاولاً في التهرب من ذلك الاستحقاق المذهبي ضارباً عرض الحائط كل التفسيرات والمرجعيات التي يستند اليها المتشدد في افعاله وجرائمه .
الإسلام المعتدل هي العصى السحرية الوقتية التي يحاول فيها المسلم التأثير على الآخرين لا بل حتى تغطية وتبرير كل ما يحصل وإنسابه الى اطراف خارجة عن التعاليم الإسلامية ( يا ريت ) ! .
هنا سوف لا ندخل الى العمق والتفاصيل التاريخية لأنها لست من اختصاصنا وهناك مَن هو اكثر اكاديمية ودراية منا فيها ولكن سنحاول في تسهيل وتسليس القضية وسنقبل من المعتدل ذلك الإدعاء والنفي والإنكار ولكن عليه إثبات ذلك التهرب والنفي .
الكل يعي ويدرك بأن اغلب قادة الإسلام المتشدد الذين ظهروا على الساحة الإسلامية في النصف القرن الاخير كانوا من وسط الاسلام المعتدل .
فرأس تلك الجماعات ( اكو قَبلَ بَس راح نبدأ من هنا ) المرحوم بن لادن كان من عائلة مليونيرية وذو نفوذ تجاري عالمي وبالتالي كان من وسط معتدل .
مساعده الدكتور أيمن الظواهري طبيب وجراح وخريج جامعات عالمية وهذا يعني وسطي لا بل اخفف من الوسطية إن لم نقل متحررة . وهذا الشيء يسري على مساعده الزرقاوي ( كافي شنو خُما راح تذكر واحد واحد ) ! أغلب القادة الذين رحلوا والمتواجدين الى الآن كانوا وهُم من وسط الإسلام المعتدل . حتى اغلب المنتسبين الى صفوف تلك الجماعات خرجوا من رحم عوائل معتدلة ولم يكونوا إرهابيين أباً عن جد او قبل الولادة فأين تُكمن المشلكة إذاً !
لماذا تحولوا الى متشددين وعلى ماذا استندوا في تحولهم هذا ! ومَن الذي سيَمنع استمرار ذلك التحول والتوجه والإنتقال من الوسطية الى التشددية ! . لا ننسى الذكر هنا بأن اغلب او القسم الاكبر من ضحاياهم كانوا من الاخوة لهم في نفس الإسلام ( حكمة ربك ) وهذا يقودنا الى تساؤل آخر لا يقل اهمية عن الذي سبقته : لماذا وعلى ماذا يستندون في تشريع ذلك الارهاب ضد اخوة لهم في نفس الدين ( هسة غريب انكول فيها سيم وجيم ) ؟ جماعات تخرج من وسط معتدل فتقوم بنحر المعتدل الآخر الذي لم تتسنى له الفرصة في التحول هو الآخر ( واللـه فكرة ) ! .
أين يُكمن السر في هذا المخطط والتحول والتصرف ؟ سوف نترك الإجابة على هذه الفقرة للأخوة الذين يدعون الوسطية ناكرين ورافضين وحدوية الفكر والتوجه الإسلامي .
سنأتي مع الاخوة المعتدلين ونضع يدنا بيدهم ( خُما حرام ) ! وسنتطرق هنا عن الإسلام المعتدل وشروطه ! مَن هو المعتدل ! ماهي شروطه ! كيف يجب أن يكون ! وووووو الخ ! .
الإنسان المعتدل عليه أن يكون وسطي ، حيادي ، عادل في كل شيء وخاصة فيما يتعلق بخصوصية الآخرين . أي عليه ان يحترم خصوصية وقرارات ورغبات الآخرين وعدم التدخل او التأثير عليه ( بشكل مبسط ومختصر ) ! رغبات الآخرين المذهبية والفكرية والسياسية والاجتماعية وهذه العناصر الاربعة هي الرئيسة في حياة اي إنسان إذا كان معتدل ( قبل ان يتحول ) او متشدد بعد التحول . وهنا سنقوم بإختبار بسيط وسلس على تلك العناصر ونواجه فيه المسلم المعتدل ولننتظر نتائج الفحص السنوي . هي ستكون مقياس المعتدل من الوسط الوسطي .
حرية الإنتماء المذهبي . في كل الزوايا من هذا الكوكب هناك تحولات وإنتمائات وإنتساب الى اديان ومذاهب مختلفة دون حتى الشعور بذلك . أي لكل إنسان بالغ وراشد حرية إختيار المذهب الذي يبغي الإنتماء اليه وهذا حق مشروع لكل عضو ولا آثار تُذكر في هذا الشأن في كل العالم . فمن حق اي شخص ذو مذهب مختلف أن ينتمي دون إكراه او ضغوط او اي تبعات الى مذهب إسلامي وهذا الشيء ينطبق على المسلم ايضاً .
فهل الإسلام المعتدل والوسطي قادر في منح تلك الحرية الشخصية لأي منتسب اليه دون تطبيقات شرائعية وحقوق الإزدرائات الإهتزازية ؟ سنسمع الجواب من الوسطي .
الحرية الفكرية : هي من اهم اسباب وأساسيات تقدم وتطور الشعوب في المعمورة ( هسة عرفت السر ) ! في كل العالم المختلف هناك الحرية الفكرية مكفولة للجميع ، فمن حق أي إنسان أن يكون رياضي ، مؤمن ، ماركسي ، غير مؤمن ، وسطي ، خالي ، علماني ، راديكالي ( لا هاي ما ترهم ) وهكذا . فللإنسان مطلق الحرية في التوجه الفكري فهل الإسلام والوسطي قادر على منح تلك الحرية الفكرية لجماعته دون إكراه او شروط قاتلة ! يعني هل يقدر الوسطي أن يعطي حرية الإنسان في الرمضان مثلاً ! هذا يصوم والآخر يفطر ! هذا يشرب والآخر يمتنع ! هذا يفتح مطعمه والآخر يقفل ! هذا يُدخّن ويشرب ( بكيفة ) والآخر يمتنع على الاقل لمدة شهر ! وووووووووووووووو الخ دون ظهور فاتورات المنع والرد والتصدي وووو الخ ! سنترك الإجابة للصائم من المعتدلين !
الحرية السياسية : في اغلب دول العالم الحرية السياسية مكفولة للجميع شرط أن لا يصحبه ذلك أي تأثير او ضغوط على الآخرين بإستثناء العالم الإسلامي ، فهذا الشرط هو الاول في تطبيقاته ومطالباته ! شعوب بأكملها مضغوطة في سجون تلك الحرية السياسية ( الوسطية ) . من حق اي إنسان أن يلحق أفكاره السياسية وتوجهاته الفكرية والتي يكتسبها هو نفسه من وسط تلك الظروف التي يمر بها فهل الإسلام الوسطي قادر على منح تلك الحرية السياسية لكل مَن يرغب في ذلك دون العودة الى الآيات التحريمية والضغوطات القسرية ؟ سنترك الجواب للسَوي !.
الحرية الإجتماعية : هذه من اقدس حقوق الإنسان والتي يحضى بها في اغلب مناطق العالم في حرية الإختيار والتشارك . فمن حق اي إنسان أن يميل وينجذب نحو الشريك الذي يدق له فؤاده ومن اي لون كان . فمئات الآلاف ومن مذاهب مختلفة يقترون بشريك مسلم لهم سنوياً في العالم دون حتى الشعور برنة صغيرة في ذلك الكون فهل الوسطي قادر على مواكبة ذلك قبل ان يجبر منتسبيه الذين يرغبون في ذلك التوجه إحضار جواز السفر والهجرة الى ابعد نقطة حتى قبل البوح بفكرته او دقات قلبه ( هذا إذا لحق في الحصول على تأشيرة الهروب ) ! فهل للإسلام المعتدل القدرة في تحقيق ذلك المطلب الإنساني لجماعته دون حضور منظر الردة والتكفير وغيرها من الأحاديث الملتهبة ( بس لاتقولون حصول اول إمرأة سعودية في التاريخ على رخصة السياقة يفي بالغرض ) ! سنترك الجواب للإنسان القويم .
نحن تطرقنا الى اربعة شروط إنساية ضرورية بسيطة ( قبل أن يجي واحد ويتفلسف ويُغرسُنا في دهاليز وهمية عقيمة ) يحق لأي شخص في العالم أن يحضى بها دون حضور لأي شروط قسرية او آيات او أحاديث او ردات فعلية او إزدرائات وهمية او صفحات من كتب مقدسة او غيرها من الشروط التعجيزية المتخلفة . هذه هي من ابسط الحقوق الإنسانية التي يجب أن يتمتع بها كل إنسان أينما كان وتواجد واختلف لونه او كتابه .
فهل للإسلام المعتدل القدرة على التوحد والموافقة على التعامل معها وبشكل كامل وفي كل الارجاء دون شروط قاتلة ! إذا كان الجواب بالنفي فلا حديث عن الوسطية ولا هُم يحزنون ولا تصدعوا رؤوسنا بعد الآن . أما إذا كان الجواب بالإيجاب والقدرة على التوحد والموافقة والتطبيق فسأكون انا من اول المنتسبين الى الوسط الجديد ( والـله فكرة ! راح يذكر التاريخ بعد الف سنة اول شخص انتقل الى الوسطية كان المرحوم السخري ) ! .. نقطة .
لا يمكن للشعوب المتخلفة أن تتقدم دون الإنتقال الى الوسطية !
نيسان سمو الهوزي 09/06/2018