إن الخـطر الحـقـيقي الذي نواجهه في هـذا الزمن هـو إنطماس الملامح الشخـصية للـفـرد بسبب تبعـيته العـمياء لآخـرين يحـتكـرون لأنفسهم حق الفهم وقـيادة غـيرهم وتـقـريـر مصيرهم، كما أصبح جهـل الفـرد خـير ضمان لسطوة أولـئك المحـتـكِـرين.
يهـدف الـدين نحـو تـرقـية الإنـسان إلى قـيمته العـلـيا، ولكـنـنا نعاني بشدة من تحـويل الديانة إلى أقـنعة سياسية حـين يتخـذون من الـدين واجهة شرعـية تخـفي خـلـفها مطامع سياسية وسلطوية، وينسجـون مِن العـقـيدة والدين ثوباً فـضفاضاً يُـسَـخّـر لأغـراض متعـددة حسب الطلب، أحـياناً يكـون من الضروري إلـتـماس العـذر دائماً للآخـرين في تصرفاتهم التي تبدو لنا غـريـبة وغـير منطقـية، فخلف كل موقـف أو تصرف عُـقـدة ما، تدفعه إلى إنـتهاج ذلك السلوك. مِن هـنا كان تعـليم السيد المسيح لنا أن لا نـدين أحـداً لأنـنا لا نعـرف ما في الـقـلـوب ولا يمكـنـنا إخـتراق حـواجـز النفس البشرية، فلا إدانة لسلـوك دون النظر إلى دوافعه.
لعل أول طرق الإصلاح الديني هو تـنمية القـدرة الشخصية على التـفكـير وإتخاذ القـرار بهـدوء بعـيداً عن الإنفعالات وإستـثارة العاطفة الدينية، كي يكـون الموقـف الذي يتخـذه الفـرد موقـفاً شخصياً يتحمل تبعاته، ويتحـول الإنسان إلى قـوة دفع نحـو الصدق والرقي والتـقـدم بدلاً مِن أن يكـون أداة صماء في أيدي الآخـرين.
خالد مركـو