بغداد ــ أكثم سيف الدين
يثير ملف الأزمة بين بغداد وأربيل واستمرار الخلافات بينهما حتى الآن، مخاوف من عدم التوصل إلى حلول خلال الفترة القريبة، فعلى الرغم من الضغوط والوساطات مع الحكومة العراقية، لا يزال باب الحوار مع إقليم كردستان مغلقاً. إلا أنّ بغداد التي لم تبدِ مرونة إزاء ذلك، بدأت العمل على حوارات غير معلنة مع أطراف حزبية كردية، في خطوة فُسرت على أنّها سعي لعزل حكومة إقليم كردستان التي يقودها حزب مسعود البارزاني (الديمقراطي الكردستاني). وبررت بغداد تلك اللقاءات بأنّها تمهد لخلق ظرف مناسب للحوار، فيما لم تعلن عن زيارة يقوم بها وفد من حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني”، (حزب جلال الطالباني).
وقال مسؤول سياسي مطلع، لـ”العربي الجديد”، إنّ “الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي، تحاول الاستفادة قدر المستطاع من الأزمة مع أربيل، وقد رفضت فتح حوار في الوقت الحالي”، موضحاً أنّ “الحكومة وفي الوقت الذي رفضت فيه الحوار مع حكومة كردستان، فتحت الباب أمام حوارات غير معلنة مع بعض الأحزاب الكردية”.
وأوضح أنّ “وفداً من حزب الطالباني وصل أخيراً إلى بغداد، وهو يُجري حوارات فردية مع الحكومة بخصوص الأزمة وتداعياتها”، مشيراً إلى أنّ “الوفد بحث مع الحكومة تطورات الأزمة وإمكانية حلها، وأنّ الحوارات مستمرة معه بهذا الصدد”. وأكد أنّ “هذه الحوارات الفردية ستستمر، وأنّ وفداً حزبياً آخر من عدد من الأحزاب الكردية عدا حزب البارزاني، سيأتي إلى بغداد، بعد أن تتم مناقشة مخرجات هذه اللقاءات”.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، في تصريح صحافي، إنّ “وجود قنوات للحوار والتواصل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، أمر مهم، وهو بداية للتوجه الصحيح لتجاوز آثار الأزمة التي نجمت عن الاستفتاء”، معلناً أنّه “من المفترض أن يزور بغداد وفد كردي لا يمثّل الحكومة بل قوى سياسية كردية لبحث القضايا العالقة”. وأضاف أنّ “العمل جارٍ لإنضاج الحوار السياسي من خلال البدء بحوارات من هذا النوع بين الكتل وبين الأحزاب وبين القوى الكردية، على اعتبار أن ملف الخلاف بين بغداد وأربيل هو ملف يعني جميع هذه الأطراف، ولا يعني جهة كردية واحدة”.
وعدّ الحديثي هذه اللقاءات بأنها “تمهيد وخطوة مهمة لخلق أجواء وظروف مناسبة لتدعيم توجّه الحكومة الاتحادية للبدء بحوارات فنية وميدانية على مستوى ملفات الخلاف العالقة”، مضيفاً: “بطبيعة الحال نركز على البدء بلجان متخصصة، وملفات الحدود والمنافذ والنفط والموارد المائية ورواتب الموظفين، كخطوة أولى”.
وأكد الحديثي أنّ “هذه الحوارات هي الأساس خلال الوقت الحالي”، مشيراً إلى أنّ “حكومة كردستان ما زالت تصدّر النفط من الحقول داخل الإقليم، من دون علم الحكومة المركزية وبغياب واضح للشفافية، مع عدم إعلان الأرقام والكميات المصدّرة، وتحديد أوجه صرف موارد النفط”. وأعرب عن استغرابه “من عدم تسليم رواتب موظفي كردستان، على الرغم من كل هذا التصدير للنفط”، مشدداً على “ضرورة أن تخضع تلك الصادرات إلى الحكومة الاتحادية، وبالتالي فإنّ الحكومة الاتحادية هي التي تلتزم بإعطاء رواتب الإقليم”، داعياً رئيس حكومة كردستان، إلى أن “يبادر بهكذا خطوة، ويدرأ عن نفسه شبهة التصدير والتحكم بواردات النفط ويسهم في حل المشكلة”.
ولا يبدو الحزب “الديمقراطي الكردستاني” مطمئناً لخطوات بغداد، إذ يعتبر أنّها تتلاعب بخيوط الأزمة، محاولة تحقيق المكاسب السياسية منها. وقال القيادي في الحزب، حسن الجاف، لـ”العربي الجديد”، إنّ “بغداد تلعب لعبة غير مقبولة، وهي لا تريد تفكيك الأزمة، بل تسعى لتحقيق المكاسب منها، وإشعال الفتنة بين الأحزاب الكردية”، معتبراً أنّ “هذا التوجه لا يُعد توجهاً لبناء دولة، ولا يمكن لحكومة مركزية تمثل الشعب العراقي أن تخطو خطوات كهذه”.
وأوضح أنّ “حزب الطالباني وأي حزب كردي آخر، لا يمثل منفرداً شعب كردستان، بل يمثّل نفسه، وأنّ أي حوار مع الأحزاب الكردية منفردة هو محاولة لعزل الحكومة الممثلة للشعب، ومحاولة لإقصاء حزب بعينه، الأمر الذي يعني بالتالي سعي بغداد لخلق أزمات داخل الإقليم، ولا يعني أي خطوة للحل”، داعياً الأحزاب الكردية إلى “عدم الانجرار وراء وعود حكومة بغداد، وأن تُفكر بمصلحة الشعب الكردي على مصالحها الخاصة، وتتجنّب أي حوار منفرد مع بغداد”، مؤكداً أن “مشاركة أي حزب منفرد بهذه الحوارات، يعني قبوله بخلق أزمات على حساب مصلحة الشعب الكردي”.
https://www.alaraby.co.uk/politics/2017/12/30/بغداد-تعمق-الخلاف-الكردي-بحوارات-تقصي-حزب-البارزاني