يوسف تيلجي
المقدمة :
جاء في النص القرأني ( وللـه على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن اللـه غني عن العالمين / آل عمران : 97 ) ، وجاء في الصحيحين / البخاري ومسلم ( عن ابن عمر رضي اللـه عنهما قال : سمعت رسول اللـه يقول : بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا اللـه وأن محمداً رسول الـله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان ) ، أذن الحج ورد ذكر في النصوص والأحاديث ، وما ورد أنفا نماذج لبعض النصوص فقط .
النص :
1 – التساؤل .. هل الحج يعتبر فريضة ملزمة وواجبة وفرض ، أي في حالة عدم أدائها تنتفي صفة الأسلام عن المسلم ، أم هي غير فرض ، فأذا أخذنا طريقة ونهج تفسير القرأنيون (*1) ، في الأعتماد على مصدر وحيد للتفسير وهو القرأن ، أرى بكل بساطة ووضوح ، أن الحج وفق أية أل عمران 97 ، لا يعتبر الحج ملزما لأقترانه مباشرة بجملة مسببة ( من استطاع إليه سبيلا ) – ولا تعليق لدي أكثر من هذا ، لأنه لو كان الحج ملزما لما ربط بالجملة المذكورة أنفا .
2 – أما العمرة فالحديث بشأنها متضارب ومختلف عليه وليس من أتفاق بشأنه ، أولا : البعض يقول مستحبة ، فقد جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب التالي ( أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها .واختلفوا في وجوبها ، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك – واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية – إلى أنها سنة مستحبة وليست واجبة ، واستدلوا بما رواه الترمذي (931) ” عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ ؟ قَالَ : لا ، وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ ” .) ، ثانيا : وقد أختلف الصحابة في موضوعة العمرة ، فمنهم من قال أنها واجبة أو هي سنة ، فقد جاء في موقع / أسلام ويب التالي ( اختلف أهل العلم في العمرة هل هي واجبة أم سنة ؟ فقال بعضهم هي واجبة ، وهذا قول جماعة من الصحابة ، منهم عمر وابن عباس وزيد بن ثابت . ومن التابعين سعيد بن جبير وعطاء وطاووس ومجاهد والحسن وابن سيرين وهو مذهب الحنابلة والشافعية ، وقال بعض العلماء هي سنة .. ) ، ثالثا : ومنهم من قال العمرة مرة واحدة بالعمر ، وورد هذا وفق موقع / بن باز ، فقد جاء الاتي ( الأدلة متنوعة وهذا في الحج ، والعمرة لها أدلتها ، والصواب أنها “واجبة مرة في العمر” كالحج وما زاد فهو تطوع ؛ لقوله الرسول في الحديث الصحيح لعائشة لما سألته هل على النساء جهاد ؟ قال : نعم . جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة ) ، ولكن من قارءة الحديث نرى أن الأمر مخصص للنساء وليس للرجال !! ، أذن الأستشهاد بحديث عائشة غير دقيق .
حقائق :
ومن أجل قراءة منطقية للبحث ، أود أشير الى الحقائق التالية :
1 – أن عدد أولاد وبنات الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية / عبدالعزيز أل سعود ، هو 70 ولدا وبنتا ، وعشرات الزوجات ( *2) ، ومئات الأحفاد وأولاد الأحفاد ، ومن المؤكد أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك .
2 – أما بخصوص واردات الحج و العمرة ، فأورد بعض الأحصائيات ، للأعوام 2012 ، 2013 و 2014 ، على سبيل المثال وليس الحصر ، فقد ورد في CNN ، الأحد 05 أكتوبر/ تشرين الأول 2014 ( قد بلغت واردات السعودية من موسم الحج والعمرة للعام 2012 أكثر من 62 مليار ريال ” 16.5 مليار دولار” مع زيارة أكثر من 12 مليون حاج ومعتمر للمملكة ، وفقا لما نقلته عنه صحيفة “اليوم” السعودية في عدد سابق. ) ، أما واردات عام 2013 ، ففي موقع / هسبريس الاثنين 14 أكتوبر 2013 – 17:26 ، أنقل التالي ( ذكرت مجلة البريطانية الإيكونوميست ، أن موسم الحج يجلب للسعودية حاليا 16.5 مليار دولار أي حوالي 3٪ من إجمالي الناتج المحلي ) ، أما موقع / المرصد العربي للحقوق والحريات ، فقد ذكر الأتي بخصوص عائدات 2014 ( .. وكانت الغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة قد أعدت دراسة حديثة قدرت فيها أن إجمالي أرباح موسم الحج لعام 2014 ، سوف تبلغ 20 مليار دولار. ) .
3 – بالنسبة لثروات الملوك والأمراء السعوديين ، أنقل التالي على سبيل المثال ، نقل الـ CNN عن المصدر المذكور أن ثروة الأمير سلطان بن عبدالعزيز ( .. تقدر ثروة وتركة سلطان بن عبدالعزيز والتي وزعت على ابناءه تقريبا 270 مليار دولار، ويقول المصدر أن الاموال وزعت لكي يستطيع ابناءه المنافسه على المناصب.
المصدر http://globalpublicsquare.blogs.cnn….me-grows-older ) ، أما موقع بالعربي ، فقد قدر ثروة الملك عبداللـه بن عبد العزيز ( تحدث المغرد السعودي المعروف بـ “مجتهد” عبر تويتر اليوم عن التركة التي تركها الملك السعودي الراحل عبد اللـه وكيف قسمت قائلا : “استكمال تقسيم “ السيولة ” من تركة الملك عبداللـه حيث كان نصيب الذكور والزوجات ٨ مليارات ونصف تقريبا بينما نصيب الإناث ٤ مليارات وربع” واضاف ذاكرا عدد ابناء وبنات الملك وعدد زوجاته قائلا : “واذا كان عدد الأولاد ١٥ والبنات ١٩ وزوجتان فمجموع السيولة الذي في التركة ٢٢٥ مليار ريال وتقدرالأموال غير السائلة ولم توزع في حدود نفس المبلغ ) ، أما ثروة الملك فهد بن عبد العزيز ، فقد تحدث موقع الحجاز عن هذا ( وتضيف المصادر ، بأن ما تركه الملك من ثروة أكبر بكثير مما كان متوقعاً . فقد قيل أن الملك فهد كان أحد أكبر أثرياء العالم وأنه يمتلك نحو أربعين مليار دولار ؛ لكن الذي ثبت بعد موته أن الأموال فقط تصل الى نحو 190 مليار دولار .. ) .
القراءة :
1 – أن الحج تمام أنه من أركان الأسلام (*3) ولكنه غير لازم ولا يعتبر واجب ، لأن وروده بأركان الأسلام الخمسة ، جاء غير عاما وغير مطلقا ، بل جاء مقيدا ب ( من أستطاع أليه سبيلا ) ، أما العمرة ، وكما رأينا أنفا ، أنه هناك أختلاف كبير بين كل من بحث فيها ، من صحابة وأئمة وفقهاء وشيوخ وعلماء ، تراوح هذا الأختلاف بين ” الأعتمار مرة واحدة في العمر ، أعتبارها سنة مستحبة ، ولكنها غير واجبة ، الى تفضيلها ، الى مشروعيتها . ” ، كما أن الأختلاف والتضادد في وجوب العمرة من عدمها يصب في مصلحة عدم الألزام بها .. أذن أرى أن ” الحج والعمرة ” خيار للمسلم ، ولو كانت غير ذلك لألزمت عليه ، ولأعتبرت فرضا واجبا في أركان الأسلام .
2 – تساؤلات .. أين تصب الواردات المتأتية من الحج والعمرة ! ، أتصب في قضايا أنسانية ، أتنفق في دعم المحتاجين من المسلمين ! ، أتصرف في مصلحة شعب المملكة ! ، هل تستخدم في رفع مستوى التحضر في المملكة ، هل تستغل في مشاريع هدفها مساعدة الدول الأسلامية التي حطمتها الحروب كسوريا ، أو تنفق في دول فتكت بها الأمراض وأنتشر بها الجهل كالصومال !!! ، الجواب لا .
3 – أن القدر الأكبر من هذه الأموال / عائدات الحج والعمرة ، تذهب الى العائلة المالكة ، وأن ما ذكر في ( الحقائق فقرة 3 أعلاه ) ، هو دليل على هذا ، وأن ماذكر هو يخص فقط ثلاث أفراد من العائلة المالكة لأل سعود ، والتي قدرت ثروتهم ب 710 مليار دولار ، فكيف الأمر مع كامل عدد الملوك ، والمئات من الأمراء !! .
4 – كما أن جزءا من هذه الأموال تستخدم في خلق الفتن المذهبية والطائفية ، والتحريض على الحروب الأهلية ، وتغذية التطرف ودعم المنظمات الأرهابية ونشر الوهابية .
خاتمة :
ان هذه الشعائر والطقوس الدينية / الحج والعمرة ، ذات المردود المالي الضخم لا تصب في قنوات الخير والأنسانية والنفع العام ، بل معظمها يصب في مجالات الترف والبذخ والترفيه والمجون لأل سعود ، فبما أنها غير موجبة ومختلف عليها / خاصة العمرة ، فأرى أن عدم الألتزام بها وارد وممكن ، وسيؤدي تركها ، الى أنقطاع الأموال التي تصب و تنهال سنويا على أل سعود وبعشرات المليارات من الدولارات سنويا ، والتي ينفقونها بشكل هستيري ومرضي (*4) ، وستعمل أيضا على تجفيف القنوات المالية التي تغذي الأرهاب والطائفية والتطاحن الفئوي والحروب والمؤامرات والفتن ، وتحجم أيضا من تدخلات السعودية في سوريا واليمن والبحرين والعراق ، وما تتطلبه من أموال ، أما لو أن المسلمين خافوا من عاقبة الأخرى من عدم القيام بهذه الشعائر أو الطقوس ، فأقول :
” أن اللـه غفور رحيم ” .
(*1) جاء في موقع / أهل القرأن ، أن القرأني ( هو كل من إكتفى بالقرآن وحدة مصدرا للتشريع مصداقا لقولة تعالى ” ذلك الكتاب لاريب فيه ، هدى للمتقين وقوله تعالى أولم يكفيهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ، فالقرآني لما سمع هذا الاستفهام الاستنكاري قال بلى ثم قال كفانا يارب الكتاب الذي أنزلته على عبدك ورسولك محمد .. ).
(*2) حسب موقع الويكيبيديا .
(*3) بُني الإسلام على خمسة أركان ، تمثل أساس الحياة اليومية للمسلم الحق : النطق بالشهادتين: وهي شهادة أن لا إله إلا اللـه وأن محمداً رسول اللـه . إقامة الصلاة: المواظبة على إقامة الصلوات خمس مرات في اليوم والليلة . إيتاء الزكاة: إخراج الزكاة للفقراء والمساكين.الصوم: صوم شهر رمضان الحج: حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ، مرة واحدة على الأقل في العمر . / نقل من موقع IPTEQ .
(*4) ورد في موقع / وطن ، مايلي ( إن عبد العزيز بن فهد هو أصغر أبناء الملك الراحل فهد ، ويقال أنه كان المفضل لديه ، ويعرف عنه حياة البذخ ، حيث ذكرت صحيفة ” ديلي ميل ” من قبل أنه ترك بقشيش 60 ألف جنيه استرليني في مطعم بجزيرة إيبيزا على البحر المتوسط . ) .