الكاتب: حمورابي الحفيد
ان الخروج من المحنة المدمرة التي تطحن سوريا اليوم كان يمكن تجاوزها لو ان النظام والقيادة في سورية تمكنت من قراءة صحيحة في الاسباب التي كانت وراء انهاء العراق كوطن وكدولة وكشعب وربما الى الابد.
لكن النظام السوري تبنى سياسة معاكسة تماما لما كان عليه اتباعها لانقاذ بلاده ونفسه من الكارثة التي تنهش عظام سوريا شعبا ووطنا منذ 6 سنوات واللـه اعلم ان كانت لها من نهاية.
لو ان النظام السوري تصرف وفق المستجدات على السياسة الدولية وقرءها قراءة واقعية بعيدا عن التهريج ومرض اليسارية الطفولي في التعامل مع مصير الاوطان لبذل قليلا من الجهد في طرح سؤال كانت اللحظة التاريخية تفرضه على كل مهتم بالشأن العام لبلده او لغيره والذي مفاده:
لماذا العراق؟؟؟
عندها كان التوصل الى السبب الرئيسي الذي اوجب الغاء هذا البلد من قائمة الامم وبكل يسر، كان يتم هذا بطرح الاحتمالات التالية:
1- هل لان له علاقة بالقاعدة كما يعلن؟
2- هل تمكن من الحصول او صناعة وانتاج اسلحة الدمار الشامل وهل هو متمرد على القرارات الدولية كما يشاع وهل يعمل ضد مصالح اميركا والغرب؟؟؟
3- ما هي التربية الجماهيرية التي يتبناها النظام وتوجهاته السياسية ومواقفه تجاه اسرائيل؟؟
4- نشر الديمقراطية الموهومة بالمرور على النقاط 1 و2 نجد انها مفبركة حتى مدعيها تنكروا لها، ولم يكن لها وجود على ارض الواقع، وليست من اهتمامات النظام وحتى ان كان منها في وقت ما، فان النظام تخلى عنها كلية وفتح حتى غرف نومه للتفتيش للتأكد من صدق نواياه.
والان ننظر على السبب رقم 3 ماذا كان دور النظام والدولة العراقية في هذا المجال، اذ هنا يكمن مربط الفرس؟
والمحزن في الامر ان دول البدو التي يهمها الامر اكثر من العراق ظلت بعيدة عن هذا الخط الاحمر، ولم يكن يوما من اهتماماتها ونجت بنفسها من الجحيم الذي حل بابطال التحرير من البحر الى النهر.
اما بلد كالعراق الذي لم تكن اصوله لا بدوية ولا اسلامية وحتى الاغلبية العظمى من مسلميه هم احفاد من حز البدو رقاب اجدادهم بذريعة اسلم تسلم ودخلوا دين اللـه وتبدونوا ثفافة وتفكيرا ونمط حياة، فالعراق كان من الاوائل من نادى بازالة اسرائيل وهو الذي ارسل جيوشه لتدميرها وهو الذي امطر مدنها بالصواريخ، وهو الذي اعلن مهددا ان اي اعتداء على مشيخة بدوية سيحرق نصف اسرائيل.
ليس هذا فحسب بل انه من اسس جيش التحرير الفلسطيني ومن دعم كل المنظمات الارهابية الفلسطينية تمويلا وتسليحا وتدريبا حتى ان المواطن العراقي اصبح مواطنا من الدرجة الثانية بعد الفلسطيني في بلده، أليس كل هذا ما يكفي لحصول ما حصل؟؟
لان العربدة والبطولات الوهمية والحماس الفارغ وان تصبح ملكيا اكثر من الملك فهناك مؤشر على خلل في تركيبة القوم الفكرية والنفسية.
ما لم تدركه دول الممانعة والصمود والتصدي هو ان العالم كله ممكن ان يزول واسرائيل لا تزول ولا يسمح لاحد حتى ان تنتابه احلام في هذا الاتجاه ليعيش ولو للحظات فرحة النصر.
فاذا نظرنا الى قائمة الدول التي تقرر ازالتها نرى المشتركات نفسها في التوجه الذي سار عليه العراق ونجا منه من ابتعد عن هذا الهوس الفاقد لرشده فمن هي الدول التي نالتها بركات سلامة اسرائيل:
العراق كما مر سرده.
ثم ليبيا القدافي الذي اختار دور البطولة رغم كونه حفيدا لام يهودية وشعب من البربر والامازيغ ادخلوا قسرا في حضيرة دين اللـه وبداوته اراد زعامة احياء امجاد البدو بفتحهم والذين رفضوا خدمته غير مشكورا، وأين هي ليبيا اليوم. نفس السيناريو العراقي والمصير ذاته.
لحقتها سوريا كذلك ولا زال الجرح ينزف ولا يعلم احد نهاية لها، كل هذا نتيجة السياسة الحمقاء التي انتهجها النظام السوري كرد فعل صبياني لزلزال العراق اذ سارعكس اتجاه القوى الدولية الفاعلة في العالم اذ اتخذ اخطر الاساليب بدافع حماية نظامه، وجند كل القوى الظلامية الاسلامية من جهاديين وانتحاريين واصبحت دمشق ممرا ومعسكرا لتدريبهم وتمويلهم وارسالهم الى العراق متصورا انه يبعد الخطر عن نفسه اضافة الى انه رفض كل النصائح والتحضيرات التي قدمت له مباشرة وبصورة حمقاء، ونفس القوي التي جندها واحتضنها لتدمير العراق هي التي تحرق سوريا اليوم، ولا بد من التذكير هنا ايضا ان هذا الحماس للدفاع عن جرائم الفتح الاسلامي رغم ان الشعب السوري بكل اطيافه ليست خلفيته بدوية بل من اجناس متحضرة وراقية لكن المؤسف حتى من لم يدخلوا حظيرة دين اللـه هم اكثر حماسا لاحياء امجاد من نحر اجدادهم.
كذلك مصر رغم انها تابت في معاهدة كامب ديفيد لم يشفع لها ذلك لهذا اراد الاميركان القائها في احضان الاخوان المسلمين وباي ثمن وان تكون تحت العبائة البدوية السعودية ولم يحسم الامر الى الان.
اما حالة اليمن فرغم انها لم تكن ضمن هيجان الاخرين لكن حرقها هو صراع اسلامي اسلامي وعلى بركة اللـه.
اما النظام التركي رغم ازعاجاته للغرب في تطرفه الاسلامي لكنه رتب اموره مع اسرائيل فلا خوف عليه ولا هم يحزنون.
اما ايران واذرعها في العراق وسوريا ولبنان والبحرين واليمن ان كان ما تعلنه من عداء لاسرائيل حقيقة فانها في قائمة محاور الشر فالدور قادم اليها لا محالة ربما بعد الانتهاء من داعش وعندها يبدأ الربيع الايراني.
اما ان كانت عربدتها بالاتفاق مع حاخامات اسرائيل لاحراج واسقاط الطرف السني فهذا بحث اخر وليس مستبعدا واحتماله وارد جدا.
والسودان هو الاخر ضمن قائمة الالغاء لانه له مشتركات في نفس اتجاه دول الصمود والخراب الذاتي.
4- اما لعنة نشر الديمقراطية في تربة اسلامية فهو سم مغلف بالعسل، فهذا وهم حتى اغبى المخلوقات يدرك انه مهزلة وكذبة بخسة ليس لها من يشتريها، لكن حتى لو فرضنا صدقها فنتسائل هل دكتاتورية سوريا ذات التوجهات الحداثية كانت احوج الى الديمقراطية من مملكة الشر البدوية راعية مدرسة الفكر الظلامي وممولته وابا شرعيا لكل ما هو حرب على الحياة والعقل والجمال والفرح، مجسدا بشريعتها الوحشية التي تفتخر بها في مساعيها لاذلال البشر ومحاربة كل نبض للحياة وتهدد بها امن وسلامة كل الحياة على الارض؟؟؟؟
فما كان يفترض بالقيادة السورية التمعن بالامر وللحفاظ على بلدها وشعبها ان تفتح وعلى الفور قنوات الاتصال مع الحكومة الاسرائيلية وتقدم ضمانات تقنع الجانب الاسرائيلي انها صادقة في تحسين سلوكها ولو تطلب الامر من رئيس سوريا الطلب الى اسرائيل لزيارة تل ابيب كما فعل السادات لكانت سوريا اليوم بكل الخير، لكن الرغبة في العنتريات والبطولات الوهمية لها ثمنها، والان تدهور الاوضاع تجاوز مرحلة اية مراجعة بغية اعادة ترتيب المواقف حتى لو اريد ذلك هنا ليس اللـه غفورا ولا رحيما.
هنا لا بد من سؤال ما هي مصلحة العالم في بقاء نصف اليابسة تحت العبائة البدوية التي لم تمنح البشرية خلال ما يربو على 14 قرنا من توحشها الا اسباب الموت والتخلف وازدراء الحياة، فما الذي جنته وتجنيه البشرية من وبائها الا الدمار الذي قضي على السلم والامن في كل ارجاء المعمورة؟؟
ومن جانب اخر هل من العقل والحكمة والمصلحة البشرية ان تزال اسرائيل لاجل نشر قيم البداوة المتوحشة في الوقت الذي تمثل اسرائيل نقطة الضوء الوحيدة في اوقيانوس الظلام المخيم على الشرق الاوسط، فما هي مصلحة العالم في اطفائها كونها بؤرة الديمقراطية والحرية وحكم القانون لتنشر محلها شريعة الموت في المنطقة حتى البدو بما انهم مجبولين على ثقافة العقم العقلي ومحاربة الحياة من مصلحتهم وجود ليس اسرئيل واحدة بل كل ما امكن من مشابهات لها في جيرتهم كاسرئيل هندية وصينية ويابانية وغيرها من الاجناس الحية التي تخدم الحياة والمعرفة.
فهل من المعقول ابادة شعب من 14 مليون نسمة يقدم للعالم من العلماء جهابذتهم اكثر من ما يقدمه ما يقارب 7 مليار بشر على الارض لمصلحة اقوام عقيدتها التوحش الذي كله بدافع سلوكيات غريزية بدائية ومن اوحش الدرجات دون كابح لها؟؟
انتصارا لمن يطالب بثقافة الذبح والرجم ومحاربة العلم والمعرفة، واعتبار المرأة من اللبائن او من الادات المنزلية وكيس قمامة سوداء، والتسلط القاتل عل الكائنات الى غير ذلك من الآفات البدوية التي تزخر بها مملكة الشر والمشايخ المنحدرة منها.
اتمنى ان يتعامل المتعلمين والمتنورين من القوم بعقلانية وموضوعية مع هذه الاسطر الجريئة لا بسلوكيات عنتر وعبلة والسيف البتار مدفوعين بثقافة قطع الرقاب البدوية بكل ما تزخر به من انحطاط اخلاقي ومعاد للانسان… تحياتي