مقدمة: ان السمنير البطريركي الكلداني مار شمعون كيبا بكل أسف يكمل مسيرة معهد مار يوحنا الدومينيكي.
إلى أن يرحل ساكـو بعـد عمر طويل، يجب إنقاذ ما يمكـن إنقاذه من الـتـدمير الذي سوف يعمله في الكـنيسة الكلدانية من تهـديم المـذابح المقـدسة، والأشـد خـطـورة تحـطيم الإنسان الذي يصعـب إصلاحه فـيما بعـد.
إن أفـضل حـل هـو تركه لـوحـده لأنه إنحـرف عن تـوصية إنجـيل متى ليكـون الـوكـيل الأمين! ومن غـير الممكـن إصلاحه من الـداخل ما دام هو المسؤول والوكلاء الـبقـية صامتين خانعين ومؤيـدين له، لا بل يساعدوه ويدهم على المعـول.
الكـنيسة الكلدانية الـيـوم تـدفع ثمن الفـتات الذي قـبلتْ أن تتغذى به من عـلى مائدة الأجـنبي الدخـيل.
إنّ للإستعمار أوجهاً عـدة أخـطرها الإستعمار الثـقافي لـشعـب متحضر له كل مقـومات الأمة الحية كالأمة الكلدانية التي تمتـد حضارتها إلى آلاف السنين حـين كانت رائدة في عـلـومها وإبداعاتها والتي يـدين لها عالمنا الـيـوم.
لـقـد دخل الاستعمار الثـقافي الفرنسي بتأييد ودعم كامل من دولة الفاتيكان في كـنيستـنا الكلدانية من بابها الواسع المهم، الذي دائماً يستعمله المستعمر، وهـو باب التقـوى والعـبادة بحجة حـرية الأديان وحماية الشعـوب.
إنّ معهد مار يوحنا الدومينيكي في الموصل كان بمثابة قاعـدة لغـزو كـنيستـنا الكلدانية، مموّلاً من دولة فـرنسا ومعتبراً كأحـد معاهـدها لذلك كانت لغـتهم أولى بالإستخـدام داخـل المعهـد، ومن يتلـفـظ بلغته الكلدانية كان يُعاقـب عـليها. لهـذا لا تـتعجـبوا ممّن تخـرج من معهـد أجـنبي حـين يزدري لغة الآباء العـظام لأمتـنا الكلدانية وتبديلها بالدخـيلة، وحتى التواطؤ إلى التحـذيـر من الإعـتـماد عـلى اللغة الكلدانية في السنهادس من قـبل الآباء المطارنة في عهـد البطريرك ساكـو الذي زاغ تماماً عن نهج أسلافه البطاركة الأصلاء بـدلاً من أن يكـون أمينا على الميراث الحضاري والثـقافي والروحي والرسولي لكـنيستـنا الكلدانية، فأَدْخلَ ــ بإسم التأوين والتجـديد والتحـديث ــ لغة غـريـبة هي لغة الـقـرآن.
إنّ بطاركة الكـنيسة الكلدانية الأصلاء (البطريرك الشجاع مار يوسب اودو وعبو يونان وعبدايشوع الخياط وعمانوئيل يوسب تومكا) كان لهم تحـفـظ وحساسية كـبيرة إزاء هـكـذا تـوجّهات كـونها ستجـعـل أبناءها يزيغـون عن مبادئهم التراثية والحضارية الأصيلة لامة الكلدانية، لذا قاوَموه كي يغـلق أبوابه الى الأبد في عهد المثلث الرحمات البطريرك ـ كـلذايا ـ الأصيل مار بولس شيخـو في الثمانينات من الـقرن الماضي. ومع كل الأسف ان السمنير البطريركي الكلداني يكمل مسيرة معهد مار يوحنا الدومينيكي اليوم في عهد البطريرك ساكو بازدراء الطقس واللغة والميراث الذي اُسس من قبل البطاركة العظام لكنيستنا الكلدانية. هذا وتمر علينا هذه الأيام ذكرى مرور 150 سنة على تأسيسه.
إن أبناء أمتـنا وإنْ كانوا قـليلي العـدد، لكـنهم يحـتـفـظون في عـروقهم بنبتة الأصالة بحـياتها وحـيـويّـتها، حـتى يزول الدخـيل والأجـنبي المستعمر.
فلا تـفـقـدوا الأمل أيها الإخـوة والأخوات في ديمومة وجـودنا وثـباتـنا، فـلابد من أن ينـتـفـض الشباب الواعي يوماً لإرجاع الأصالة، ولخلق جـيل يفـتخـر بهـويته ولغـته وميراثه وفـنه، ويساهم بـنفس الوقـت في نهضة الـبلد الذي يعـيش فـيه بعـد أن وصلنا آلى قـناعة ان وجودنا في العراق ماضٍ الى الزوال حالياً … فالحـل المؤقـت هـو الهـروب (الهجرة) منه الى بر الأمان كي لا نـُـقـتل ونـُمحى من الوجـود هباءاً. ان نقطة دم كلدانية زكية لا تعوض بمال الدنيا.… ومن ثم نـقـوم بمحاكاة اليهود، وتجـربتهم الناجحة في الحـفاظ عـلى وجـودهم منـذ خـراب أورشليم في سنة ٧٢م، وإذا كان اليهود يُعـتبرون أحـفاد الكلدان، فـلنـتـعـلم منهم الدرس لحـفـظ وجـودنا الى أن تسنح الـفـرصة لـنا لـتـقـريـر مصيرنا بالأسلـوب الـذي يخـدم شعـبنا لأنه لنا كافة المقومات ان ننهض في المستقبل.
اما اليوم يجب سماع صوت الله الذي قاله لأخينا الكبير إبرام (أبا راما) إبن امتنا الكلدانية: اترك أرضك … واذهب الى الأرض التي سوف أُريك. وكذلك سماع صوت الملاك الذي قاله لمار يوسف أن يأخذ الطفل وأمه ويهرب الى مصر ويبقى هناك الى أن يزول الخطر…. ثم ظهر له الملاك وقال ان الذي كان يطلب نفس الطفل قد مات.
كادر الموقع