إسطنبول ـ «القدس العربي»: يعاني إقليم كردستان العراق من المشاكل والأزمات السياسية والتحديات الاقتصادية لعدة أسباب منها إيقاف حصة إقليم كردستان العراق من الميزانية العامة للدولة العراقية من قبل الحكومة المركزية؛ لوجود خلافات بين الطرفين منذ سنتين، فضلا عن الاستمرار في محاربة تنظيم الدولة، واستقبال أكثر من مليون ونصف من النازحين و المهجرين العراقيين وهذا ما أثر سلبيا على الوضع الاقتصادي للإقليم وتسبب في جمود السوق و زيادة نسبة البطالة وإفلاس العديد من الشركات و تراجع الحركة الاقتصادية في الإقليم.
تراكم هذه المشاكل في الإقليم تسبب في عودة موجة الهجرة من جديد بين الطبقات المختلفة في المجتمع الكردي، حيث هاجر ما يقارب الـ (40) ألف شخص من إقليم كردستان العراق إلى الخارج خلال سنة و نصف السنة الماضية، 30٪ منهم أصحاب عائلات و 70٪ منهم من فئة الشباب، ومن هذا العدد توفي منهم 160 شخصا و 52 مفقودا إلى الآن حسب المنظمات المهتمة بموضوع الهجرة في إقليم كردستان العراق.
وفي هذا السياق كشف مدير عام صحة محافظة دهوك (وهي المحافظة الثالثة في إقليم كردستان العراق) عن إغلاق ثلاثة مشافي في المحافظة نتيجة هجرة الأطباء، وقال إن هجرة الأطباء تسبب في إجبار صحة المحافظة إلى إغلاق عدد من المستشفيات وعدة مراكز صحية بسبب العجز الموجود، ويعتبر هذا الحدث تطورا خطيرا في إقليم يسعى للسير نحو الاستقلال والاعتماد الذاتي بينما يعاني من هجرة العقول وخاصة أن موجة الهجرة ليست مقتصرة على طبقة معينة.
وفي لقاء لـ «القدس العربي» مع مجموعة من الشباب الأكراد الذين وصلوا إلى إسطنبول كأول محطة من محطات طريق الهجرة إلى جنة أوروبا كما يصفونها قالوا: «فقدنا الأمل بالتغيير والإصلاح، نحن أصحاب شهادات وعائلاتنا ضحت بكل شيء حتى نكمل التعليم و نحصل على الشهادة، وفي النهاية وجدنا أنفسنا عاطلين عن العمل ولا نرى أملا للتغيير، فقررنا الهجرة و البحث عن حياة أفضل حتى بوجود خطر الغرق أو الموت في الطريق.
وفي السياق نفسه قال الكاتب و الناشط الكردي يحيى نوزر جاف لـ «القدس العربي»: أن الشباب في إقليم كردستان العراق يعيشون في نفق مظلم، و يشعرون بالحرمان من أبسط حقوقهم الطبيعية، وعندما يتابعون أحوال الشباب في أوروبا وهم يعيشون بحرية و كرامة وفي رفاهية دائمة ويشاركون في تحديد مصير بلدانهم، حينها يدركون الفرق الشاسع بينهم وبين الشباب في باقي الدول، وبسبب عدم قدرتهم على التغيير أو التأثير على الواقع الداخلي يختارون طريق الهجرة.
وقال أيضا: المشكلة الكبيرة أن الطبقة السياسية و الثقافية التي من المنتظر أن تبادر لإصلاح هذا الوضع و تحسين أحوال الشباب أصبحت جزءاً من المشاكل و عائقاً أمام التغيير و تسببت في فقدان الأمل لدى طبقة الشباب رغم أن مفاتيح الحل في يد هذه الطبقة الفاسدة.
يذكر أن هذه ليست الموجة الأولى للهجرة من كردستان إلى أوروبا، فالموجة الأولى بدأت بعد إنهيار إنتفاضة على بغداد عام 1975، و الموجة الثانية و التي كانت أكبر حصلت في التسعينات عندما نشبت حرب أهلية بين الحزب الاتحاد الوطني الكردستاني و الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي أدت إلى انهيار البنى التحتية و مقتل المئات من الطرفين.