د. نزار ملاخا
كلنا يعلم ويعرف أن الكلدان المسيحيين اليوم منقسمين إلى فئات متعددة في مجالات مختلفة، فالبعض منهم مختلفون مع غيرهم بسبب اللغة، قسم يسميها سريانية والأغلبية المطلقة تسميها كلدانية، مستندين إلى شواهد التاريخ وأسم الشعب الكلداني ومصادره المتعددة دينية وتاريخية، والقسم الآخر يختلف على الهوية القومية، وهم قلة والحمد لله، والقسم الآخر يخالف كل هذا وذاك ويرغب في أن تكون التسمية الدينية هي الجارية، وهناك خلاف كبير بين الشعب الكلداني وقادته الدينيين، وهذا هو بيت القصيد
نحن شعب كنسي/ أي ما زال أغلبيتنا يؤمن بأن القائد الديني هو العالِم بكنه الأمور كلها، لا يمكن مخالفة رأيه أو قراره، ولا يمكن رفض أوامره، فرغبة الآمر أمر، وهنا الطاعة العمياء مطلوبة، لا بل يجب أن تكون كذلك، نقول مما لا يخفى على أي مسيحي سواء كان كلدانياً أو لم يكن، ما تعنيه رسالة يسوع من قيم التسامح والمحبة والخلاص وغيرها، ولكن هذه الصفات تبقى بغير ذات فائدة أو تأثير إذا ما أفرغت من محتواها بقصد المتاجرة بها، يقول يسوع (مَن آمن خلص)فالعلاقة بين رجال الدين والشعب هي علاقة رأس بجسد، وخسارة اي مؤمن هي خسارة للكنيسة كلها، وضمن هذا السياق فإن الشخص الذي يلكم قبضة يده اليسرى بقبضة يده اليمنى بالنتيجة سيكون هو الخاسر، أما إذا أستطاع بعلمه وفنه من أن يستخدم قبضتيه في إنجاز عمل ما سيكون هو الفائز، أقول قولي هذا وأنا أستذكر مواقف البطريرك تحديداً مع الكهنة والعلمانيين مع العلم أن الجهتين أبناؤه، والثلاث جهات(البطريرك والكهنة والعلمانيين) هم الكنيسة كلها التي رأسها يسوع المسيح. أضع أما أنظاركم بعض النصوص الكتابية كما جاء في متى 16 : 18 – 20 و18 : 18 ويوحنا 20 : 21 – 23 ورسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس الفصل 11 الآية 1 أقتدوا بي مثلما أقتدي أنا بالمسيح، أو تشبهوا بي … الخ
فهل بعض رجال الدين عندنا (شمامسة وكهنة ومطارنة) تذكروا هذه الأقوال؟ أم تناسوها عن عمد؟ أين هم من صفة المسامحة؟ وهل تشبهوا بالمسيح؟ هل مسك المسيح نفسه عن الغفران لخاطئ؟ تحضرني حالة أتذكرها اليوم ما حدث للأب فارس توما موشي من خورنة مار آبا الكبير الكلدانية في الدنمارك عندما أختلف مع أحد المؤمنين وتفوه عليه المؤمن بكلام أنا أعتبرته جارحاً وتجاوزاً على الكاهن، وفي اليوم الثاني أتصل بي هاتفياً الأب فارس وقال لي لقد زرتُ الشخص الفلاني وتصالحنا، فأجبته بعصبية أبونا كيف تفعل ذلك؟ قال جملة لم أسمعها من مطارنة اليوم، قال … لماذا أنا كاهن إذن!!!! يا للغرابة كاهن يعرف ما هي رسالة يسوع وكيف يطبقها ومطران لا بل بطريرك لا يستطيع أن يتصرف بجزء صغير مما تصرف به الكاهن، كيف يمكن تقييم ذلك؟ هل نستبدل الوظائف؟ أم ماذا!!!
الإنسان العادي إن كان بشخص الأستاذ مايكل سيبي أو بشخصي أنا إن عفونا عن أحد ما فإننا نفعل ذلك بأسمائنا الشخصية، وليس نيابة عن آخرين، أما الكاهن فإن عفا أو غفر أو سامح فإنه يفعل ذلك بأسم يسوع المسيح وذلك لأنه مدعو إلى خدمة النفوس.
نحن اليوم وبصراحة مطلقة على طرفي نقيض مع تصرفات الأب البطريرك وجزء كبير من السادة المطارنة، نقول لقد خلت قلوبهم من محبة يسوع أما شفاههم فهي تلهث ليل نهار بأسم يسوع وكلمات يسوع “هذا الشعب يكرمني بشفتيه أما قلبه فبعيد عني”
في إحدى المرات أرسلتُ بريداً الكترونياً للكثير من السادة المطارنة وبعض الكهنة الذين يتوفر عندي بريدهم الألكتروني مستفسراً عن سؤال ولربما يتذكرونه الآن، السؤال كان حول إمكانية تناول القربان المقدس بيد المؤمن أم من يد الكاهن لا سيما وأن البابا سيكستوس الأول ( 115 – 125) يحضر على المؤمنين حتى لمس القربان المقدس أو تناوله في اليد، المهم في ذلك لم يتكلف ولا مطران واحد أن يرد على سؤالي ومن أجابني أذكر أسمه هنا وبكل فخر هو الأب نوئيل فرمان السناطي فله شكري وتقديري، وفي مناسبة أخرى أرسلتُ تهاني بمناسبة العيد فلم يكلف اي من المطارنة نفسه لكي يرد على تهنئتي، ولكنهم يردون عندما يريدون، مثلاً عندما تم التعليق على صورة سيدنا البطريرك في رفع الأصبع البنفسجي مع يونادم كنا وعوائلهم رد عليَّ أحد السادة المطارنة والذي ينعتونه بالبروفسور فقال لي في كلمتين على البريد الألكتروني (يبدو أن هذه الصورة لا تعجب القوميين الجدد) والإيميل محفوظ عندي وأسم المطران كذلك، وفي مناسبات أخرى هدد غبطته وسكرتيره الشخصي والإعلامي قبل عدة سنوات قائلين إن أستمريت يا نزار بمراسلة البطريركية فسوف يتم تغيير البريد الألكتروني للبطريركية. هذا غيض من فيض.
اليوم وبعد أن جرى الذي جرى وصار الذي صار، خاصة في أبرشية مار بطرس الرسول وبالتشخيص بالنسبة لسيادة المطران الجليل مار سرهد جمو والأب الفاضل نوئيل، هل هناك خاسر في هذه المعركة؟ إنها الكنيسة بين أقطابها، إنها اليد الواحدة دخل اصابعها في صراع بين أنفسهم، فأنكسرت السبابة وتورم الخنصر وسال الدم من البنصر فهل نقول نعم لقد فاز الإبهام وفازت الوسطى!!! يا للغرابة
من كل ما تقدم أقول هل يستطيع أحداً أن يمتدح البطريرك ويعتبره الفائز ولو بصيغ أخرى مثل ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا،!!! أو أن السدة الرسولية وقفت مع الحق، أو كما نسمع أن البابا أستجاب لتهديد البطريرك وغير ذلك من الأصوات الصفراء ودقاقي الطبول، هل هناك فائز في هذه المعركة، لقد أستمر الأب نوئيل في تقديم خدماته الدينية للمؤمنين في نفس المنطقة ولا يوجد قانون ليمنعه من ممارسة حقه في ذلك، ولكن الإنشقاق بدا واضحاً، فهناك جهة ضد رغبة البطريرك وهناك جهة مع رغبة البطريرك وبهذا أنقسمت كنيستنا الكلدانية إلى مع وضد، فهل هناك عاقل يستطيع أن يصلح ما أفسده الدهر؟ وهل يستطيع رجل دين مهما كانت درجته ومنصبه أن يتنازل ويعفو ويسامح ويغفر ليس بإسمه بل بأسم سيده يسوع المسيح الذي يحمل هو كهنوته ويمثله ويقتدي به؟؟؟ عندما تقع المصالحة المطلوبة بين رجال الكنيسة أنفسهم يقع على عاتق غبطة البطريرك المصالحة الثانية من النوع المدني وهي أن يسحب نفسه كلياً من المسائل القومية ويتركها للأشخاص المتخصصين، ويكون حاضرا عند الإستشارة به أو يعمل مع القوميين والمختصين بالشأن القومي، أما موضوع الأستاذ مايكل سيبي فأتمنى على رئيس كنيستنا أن يكلف أحد الكهنة المتخصصين بالإعلام ويا ريت يكون خريج إحدى الجامعات الفرنسية المتخصصة بشؤون الإعلام، وهو متوفر عند غبطته ليقوم هذا الكاهن بجمع كل ما كتبه الأستاذ مايكل سيبي وتفنيده أما القراء وبكافة وسائل الإعلام ونحن لا نلومه(هذا إن كان ما ذهب إليه الأستاذ مايكل سيبي خطأ أو إتهام باطل) أما إذا كان حقيقة فأعتقد الطريق الأقصر للمصالحة هو الإعتذار عما بدا من تصرفات أو كتابات غير صحيحة ولا توجد شجاعة أعلى من شجاعة الإعتذار، وحينذاك ستعود المياه إلى مجاريها وسنصبح يداً واحدة وقلباً واحداً وقوة فاعلة مؤثرة في مجتمعنا العراقي وفي خدمة شعبنا العراقي الذي جزء منه هو شعبنا الكلداني بكافة مسمياته وأطيافه .
8/8/2016