بقلم: سمير الربيعي
المقالة ليست سلسلة في الخوض بتاريح العراق الحديث بقدر ماهي تسليط الضوء على جانب من سيرة حكام وشخصيات اثرة في مسيرة ونهضة العراق الحديث لما كان لها من دور بارز في الحياة السياسية
تأسيس العراق الحديث…
تأسست الدولة العراقية بموجب مؤتمر القاهرة الذي عقدته بريطانيا في اذار 1921 لبحث مأ اسمتة وزارة المستعمرات البريطانية، بشؤون الشرق الأوسط والمقصود به الولايات العربية التي كانت متحدة تحت حكم الخلافة واخرها العثماني وذلك بعد أحداث انتفاضة القبائل العراقية في جميع إمارات الولايات العراقية الثلاث، والتي سميت بثورة العشرين لانها وقعت في عام 1920 من القرن المنصرم.
وقد اقر إنشاء دولة ملكية في العراق وتشكيل مجلس تأسيسي برئاسة نقيب اشراف بغداد عبد الرحمن النقيب الذي تولى مهمة رئيس الوزراء للحكومة الانتقالية
وقد تم تكليف عدد من الشخصيات من اعضاء المجلس التأسيسي لهذا الغرض، حيث دون عضو المجلس التأسيسي عبد الوهاب بيك النعيمي محاضر على شكل مراسلات ومداولات عن المباحثات بشأن تأسيس الدولة العراقية، ويذكر بأنه في جلسة المجلس التأسيسي المنعقدة في 23 اب 1921اغسطس تم انتخاب الأمير فيصل بن حسين ملكا على العراق
تأسس العراق كدولة مستقلة من الولايات العثمانية الثلاث (الموصل، بغداد، البصرة حيث كانت بغداد هي الولاية الكبرى والمهيمنة على باقي الولايات في الرقعة العراقية، فكان كيانأ سياسيا واجتماعيا وجغرافيا متماسكا منذ دولة بابل التي كانت عاصمتها بابل التاريخية وكذلك في عهد الغساسنة والمناذرة وصدر الإسلام، حيث كانت تسمى هذه الرقعة الجغرافية والاجتماعية بالعراق بلد الثغور.
وبعد تاسيس الدولة العراقية والجهود التي بذلتها الحكومة في سبيل اعمار البلد ونهضته توحدت جميع مكونات المجتمع العراقي حيث يذكر المؤرخ عبد الرزاق الحسني في سلسلة “تأريخ الوزارة العراقية” ويؤيد ذلك المؤرخ جعفر الخياط في كتابة “تاريخ العراق الحديث” بان :
كان يرى الملك فيصل في العراق الأرضية الخصبة لإنشاء مملكة تحتضن عاصمة الخلافة من جديد في بغداد، بعد انهيارها في إسطنبول اقتفاءً لاثر والده الذي قام بالثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني. وكانت تنافسه في ذلك كل من مصر والسعودية في احتضان عاصمة الخلافة.
وقد اختلف المؤرخون في تقييم نظام الحكم الملكي، ولكن الشيء الاكيد بان الحكم الملكي كان يحمل بين جنباته النقيضين النزعة الوطنية من جهة وموالاة النفوذ البريطاني من جهة ثانية. ويتجاذب هاذين النقيضين استناداً لاهواء هذا الملك أو ذاك أو انتماءات وبرامج هذه الوزارة أو تلك+
الملك فيصل الاول 1921-1933+
الملك فيصل الأول بن حسين بن علي الهاشمي (20 مايو 1883 – 8 سبتمبر 1933) ثالث أبناء شريف مكة حسين بن علي الهاشمي وأول ملوك المملكة العراقيه (1921-1933) وملك سوريا (مارس 1920- يوليو ينتمي إلى أسرة آل عون الهاشمية،(1920)+
وهو مؤسس الدولة العراقية الحديثة . فضلا عن انه أحد أبرز الرجالات الذين قامت على أكتافهم النهضة العربية المعاصرة .وقد نال الكثير من الاحترام والتقدير ، وقد وضعه المؤرخون العرب والاجانب في المكانه التي يستحقها لما كان يتميز به من حكمة ، ودراية ، وغيرة ، وهمة لبناء الدولة العراقية الحديثة،+
في المؤتمر السوري العام في السادس من آذار سنة 1920 ، بويع فيصل ملكا على سوريا ، وتأسست المملكة السورية المتحدة . وعندما وقعت سوريا تحت الانتداب الفرنسي بموجب قرارات عصبة الامم في نيسان 1920 وحدوث الاصطدام بين القوات العربية والقوات الفرنسية في معركة ميسلون في تموز 1920 ، وسقوط المملكة السورية المتحدة ، واضطرار الملك فيصل الى ترك دمشق إتجه الى اوربا للدفاع عن “القضية العربية ” وخاصة أمام مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919 . وقد بذل الملك فيصل جهودا مشرفة من اجل تذكير الحلفاء بتعهداتهم للعرب قبل الحرب بأن يساعدوهم في إقامة الدولة العربية المتحدة.+
في البداية, كان من المقرر ان يتوج الملك عبد الله على العراق, ونادى بذلك العراقيون بعد اعلان الثورة العربية, وان يتولى الملك فيصل عرش سوريا الكبرى (سوريا ولبنان), والملك علي يخلف والده على عرش الحجاز+
لكن الملك فيصل,كان اول من توج وخلع من ملكه على سوريا بسبب احتلال الفرنسيين له+
فبعد ان زحف الجيش الفرنسي على دمشق يوم 24 تموز 1920 يقوده الجنرال (غورو) فقوض اركان الحكومة الفيصلية فاضطر فيصل للسفر الى (درعا) ولكن السلطات الفرنسية انذرته بمغادرتها فغادرها الى حيفا ثم الى بورسعيد ثم الى ميلانو في ايطاليا فمكث فيها.+
عندها قامت بريطانيا بتعويضه بعرش العراق بدلا عن عرش سوريا, الذي تقرر ان يعتليه الملك عبد الله, لكنه لم يعتل عرش سوريا بسبب رفض الفرنسيين وجود ملك عربي, بالتالي اقنعته بريطانيا بتخطيط دولة جديدة على الخارطة تقع على الضفة الشرقية لنهر الاردن تحت اسم امارة شرق الاردن ليتولى امارتها العام 1921, والتي استقلت في العام 1946 تحت اسم المملكة الاردنية الهاشمية.+
عقد مؤتمر القاهرة عام 1920 بحضور ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني انذاك و أعلنت بريطانيا عن رغبتها في إقامة ملكية عراقية، ورشح في هذا المؤتمر فيصل بن حسين بن علي ليكون ملكا للعراق، فتشكل المجلس التأسيسي من بعض زعماء العراق كنوري السعيد ، ورشيد عالي الكيلاني ، وجعفر العسكري، وياسين الهاشمي وعبد الوهاب النعيمي. وأنتخبت نقيب أشراف بغداد السيد عبد الرحمن الكيلاني النقيب رئيسا لوزراء العراق والذي نادى بالأمير فيصل ملكاً على عرش العراق.في 12تموز 1921 غادر فيصل ميناء جدة إلى العراق على متن الباخرة الحربية البريطانية نورث بروك، التي وصلت لميناء البصرة يوم 23 تموز 1921، فاستقبل الأمير فيصل استقبالا رسميا حافلا، وبعدها سافر بالقطار إلى الحلة وزار الكوفة والنجف وكربلاء، ووصل بغداد في 29 تموز 1921 واستقبله في المحطة السير بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني والجنرال هولدن قائد القوات البريطانية في العراق ورئيس الوزراء العراقي المنتخب عبد الرحمن النقيب.+
في 16 تموز 1921 توج الملك فيصل ملكاً على العراق باسم الملك فيصل الأول بعد تصويت حصل فيه على نسبه 96% من أصوات المجلس. وتم تتويجه في 23 آب من عام 1921، في ساحة ساعة القشلة ببغداد واطلقت المدافع في بغداد معلنة اعتلاءه العرش..+
فقد حظي بموافقة العراقيين بتوليه العرش, واول من ايده رجال ثورة العشرين المحتمين عند والده في مكة المكرمة, ووصل الى البصرة في 29 حزيران 1921+
بعد مبايعته ملكا على العراق وفي عام 1930 عقد معاهدة مع بريطانيا، سميت بمعاهدة 1930 أقرت بموجبها بريطانيا استقلال العراق عن التاج البريطاني وإنهاء حالة الانتداب، وضمنت الاتفاقية أيضا بعض التسهيلات لبريطانيا في مجال تسهيل مرور القوات البريطانية في أوقات العمليات الحربية، والتعاون في المجالات الاقتصادية.+
كانت ذروة احلام فيصل وخاتمة مطافاتها هو حصول العراق على استقلاله في حياته قبل ان توافيه المنية او تباغت صحته المعتلة وجسده الواهن وشرايينه المتصلبة، وهكذا لطفت به العناية الالهية حيث امهلته المنية حتى تحقق حلمه في حصول العراق على استقلاله وانضمامه الى عصبة الامم المتحدة وحصوله على كرسي الاستقلال صبيحة اليوم الثالث من شهر تشرين الثاني 1932 ليكون اول دولة عربية تنال استقلالها حتى ظهرت الصحف المصرية في اليوم التالي يتصدرها المانشيت العريض الاتي: العراق يدخل جمعية الامم فمتى تنضم مصر في سلكها؟+
كانت فترة حكم الملك فيصل مليئة بالكثير من التوترات داخل المجتمع العراقي، بما في ذلك الثورات القبلية والحركات الاحتجاجية، حتى أن الأمر وصل في وقت من الأوقات إلى حدوث أول إضراب عام في تاريخ منطقة الشرق الأوسط. ومما يحسب للملك فيصل هو قدرته على التفاوض في أغلب الأوقات للتوصل إلى نهاية سلمية وتقييد الاتجاهات القمعية لمساعديه، بما في ذلك رئيس الوزراء نوري سعيد باشا، الذي كان يتمتع بنفوذ قوي، وكذلك وزير الداخلية.+
ومع تقدمه في العمر واقتراب فترة حكمه من نهايتها، بالإضافة إلى تبدد حلم العودة إلى العرش في سوريا، حاول فيصل تقديم خارطة طريق للعراق. وجاءت تلك المحاولة في صيغة مذكرة مكونة من ثماني صفحات، حيث جرى إرسالها إلى عدد من الشخصيات «النافذة والمؤثرة» في المؤسسة الحاكمة..+
سافر الملك فيصل الأول إلى بيرن في سويسرا في 1ايلول 1933، لرحلة علاج وإجراء فحوص دورية ولكن بعد سبعه أيام أُعلن عن وفاته في 8 ايلول 1933.و يذكر طبيبه الانكليزي هاري سندرسن , بأن اخر اقوال فيصل كانت+
«لقد قمت بواجبي , فلتعش الامة من بعدي بسعادة و قوة و اتحاد »+
حُنطت جثته وأُرسلت إلى إيطاليا ومنها إلى ميناء حيفا ومنه إلى عكا ومنها إلى مدينة الرطبة العراقية عن طريق الجو، حيث وصلت بغداد في 15 ايلول 1933 ودُفن في المقبرة الملكية في منطقة الأعظمية في بغداد.+
وهكذا اسدل الستار على اول ملك في تاريخ العراق الحديث..+
——————————————————————————————–المصادر………………………….
الملك فيصل ودوره السياسي في العراق،ط1، تأليف علاء جاسم محمد الحربي بغداد0+
الملك فيصل الأول تاليف د. عبد المجيد كامل- دار الشؤون الثقافية العامة 1991.+
الملك فيصل الأول . الكاتب: رائد جعفر مطر+
حياة «سيمون بوليفار العرب» الملك فيصل «ملك العراق» – تأليف علي علاوي.+
قصة حياة الملك المؤسس للدولة العراقية .. فيصـــل الاول ..مخاضات ولادة امة ومشروع بناء دولة لم يكتمل.جريدة التاخي البغدادية.+
عبد الرزاق الحسني في سلسلة “تأريخ الوزارة العراقية” +
جعفر الخياط في كتابة “تاريخ العراق الحديث”