أربيل ـ وكالات: عبر رجال الدين الإيزيديون ـ مع اقتراب موعد الذكرى الثانية لمحاولة إبادتهم في سنجار على يد تنظيم «الدولة الإسلامية» ـ عن قلقهم إزاء مستقبلهم في العراق مطالبين بتوفير حماية دولية للأقليات الدينية.
وقال بابا جاويش، وهو أحد أبرز رجال الدين الإيزيديين في معبد لالش إنه «بسبب استمرار العنف ضد الإيزيديين بعد مرور حوالي عامين على كارثة شنكال، والأوضاع المأساوية التي يعيشها الإيزيديون سواء كان ذلك في سجون تنظيم الدولة الإسلامية، أو حياة النزوح والبؤس في المخيمات، وعدم تحرك المجتمع الدولي تجاه هذه القضية، فنحن قلقون جدا على مستقبلنا في العراق».
وأضاف «نحن في القرن الحادي والعشرين، والأقلية الايزيدية تعرضت لإبادة جماعية من قتل وذبح وتهجير وسبي النساء وبيعهن في الأسواق، في ظل صمت محلي ودولي مخجل وغير مفهوم على الاطلاق». ومضى قائلا: «نحن نشعر بقلق شديد و نعتقد ان الديانة الايزيدية تواجه خطرا كبيرا لا لشيء إلا لأننا ايزيديون».
ومن جهته قال إسماعيل بحري، أحد رجال الدين، في سنجار: «لازلنا نعيش صدمة جراء ما تعرضنا له من مصائب وويلات بسبب الدين، في الوقت الذي لم نقتل فيه أحدا ولم نؤذ أحدا. لذا لا نعلم لماذا ارتكبت بحقنا كل هذه الجرائم».
واكد على «إصرار الإيزيديين، رغم الكوارث التي تعرضوا لها، على أن يتم الحفاظ على التعايش السلمي والأخوة بين جميع الأديان والأطراف في العراق. من حقنا ان لا تخفي بأنه لا يمكن لنا أن نعيش مع أناس تلطخت أيديهم بدمائنا. نحن صادقون مع أنفسنا ونطالب القانون بمحاسبة كل من ارتكب أو تسبب بارتكاب تلك الجرائم البشعة ضدنا».
يذكر ان الأمم المتحدة أقرت أول من أمس الخميس بارتكاب تنظيم «الدولة» إبادة جماعية ضد الايزيديين. وأفاد تقرير لمحققين دوليين مستقلين أنه ارتكب جريمة الإبادة الجماعية ضد الايزديين وفي العراق وسوريا.
واشار التقرير إلى انه سعى إلى تدمير الجماعة الدينية العرقية ـ التي تضم 400 ألف شخص ـ من خلال القتل والاستعباد الجنسي وجرائم أخرى».
وأضاف أن «الإبادة الجماعية للايزيديين مستمرة»، ودعا إلى إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وجاء في التقرير الدولي ـ الذي استند إلى مقابلات مع عشرات الناجين ـ أن مقاتلي تنظيم الدولة «يأسرون بشكل منهجي الإيزيديين في العراق وسوريا منذ أغسطس / آب 2014 سعيا لمحو هويتهم في إطار حملة تنضوي تحت تعريف الجرائم الواردة في ميثاق الإبادة الجماعية الموقع عام 1948». وأكّد التقرير أن «الإبادة الجماعية للإيزيديين مستمرة إلى اليوم».
وقال باولو بينهيرو، رئيس لجنة التحقيق، في إفادة صحافية إن «جرائم الإبادة الجماعية يجب أن تدفع لأفعال أكثر حزما على المستوى السياسي بما يشمل مجلس الأمن».
وقال فيتيت مونتاربورن، العضو في اللجنة، إنهم حصلوا على «معلومات مفصلة عن الأماكن والانتهاكات وأسماء الجناة» وبدأوا بتبادلها مع عدد من السلطات المحلية التي تقاضي المقاتلين الأجانب. وحث المحققون المستقلون الأربعة الدول الكبرى على «إنقاذ 3200 امرأة وطفل على الأقل ما زالوا قيد الاحتجاز لدى تنظيم الدولة الإسلامية، ولإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية من أجل ملاحقتهم قضائيا».
وقالت المحققة كارلا ديل بونتي: «لم يخف تنظيم الدول الإسلامية في العراق والشام نيته إفناء إيزيديي سنجار، وهذا أحد العوامل التي أتاحت لنا استنتاج أن أفعالهم ترقى إلى الإبادة الجماعية». وأضافت: «بالطبع نحن نعتبر هذا بمثابة خريطة طريق للملاحقة القضائية.. الملاحقة القضائية المستقبلية».
وقتل تنظيم الدولة الإسلامية وأسر واستعبد بشكل منهجي آلاف الإيزيديين عندما احتل منطقة سنجار في شمال العراق في اغسطس / آب 2014. وعثر منذ ذلك الحين على عدد من القبور الجماعية.
وسعى التنظيم المتشدد إلى محو هوية الإيزيديين عبر إجبار الرجال على الاختيار بين اعتناق الإسلام أو الموت، واغتصاب الفتيات ممن تزيد أعمارهن عن التاسعة، وبيع النساء في سوق النخاسة، وإرسال الصبيان إلى ساحات القتال في صفوفهم، وفق ما أورد التقرير.
وقال التقرير أيضا: «لم تتعرض أي جماعة دينية في المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق إلى الإفناء الذي عانى منه الإيزيديون».
واضاف أن «مقياس الفظائع التي ارتكبت، وطبيعتها العامة، وحقيقة استهداف الضحايا عن عمد وبشكل ممنهج جراء انتمائهم إلى جماعة معينة مقابل استبعاد أفراد من جماعات أخرى، كانت عوامل أخرى تمكنت اللجنة من خلالها من استنتاج نية ارتكاب الإبادة الجماعية».