أميرة حمادة
برلين
أصدر معهد دراسات التاريخ المعاصر في ميونخ طبعة جديدة من كتاب “كفاحي” لهتلر وهي الطبعة الأولى من نوعها التي تنشر في المانيا منذ الحرب العالمية الثانية، وتتضمن النسخة الجديدة تعليقات وانتقادات، والهدف منها إظهار أن كتاب “كفاحي” غير متناسق وكتب بطريقة سيئة، وليس جذابا أو قويا، لكن رغم ذلك تصدر الكتاب قائمة المبيعات في المانيا.
برلين: بعد مرور ٧٠ عاما على وفاة الزعيم النازي أدولف هتلر، وانتهاء صلاحية حقوق نشر كتابه “كفاحي” وفقا للقانون الألماني، أصدر معهد دراسات التاريخ المعاصر في ميونخ طبعة جديدة من الكتاب وهي الطبعة الأولى من نوعها التي تنشر في المانيا منذ الحرب العالمية الثانية، وكان كتاب “كفاحي” الذي الفه هتلر وهو في السجن سنة ١٩٢٤ بعد محاولة انقلاب قد طبع أول مرة في عام 1925، أي قبل حوالي ثمان سنوات من وصول هتلر إلى السلطة، وهو ليس ممنوع قانونيا. لكن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحتفظ وزارة المالية في مقاطعة بافاريا بحقوق المؤلف الخاصة بهذا الكتاب الذي يحتوي على عناصر سيرة ذاتية بالإضافة إلى ايديولوجيا النازية المعادية للسامية، وتتضمن النسخة الجديدة تعليقات وانتقادات، والهدف منها إظهار أن كتاب “كفاحي” غير متناسق وكتب بطريقة سيئة، وليس جذابا أو قويا.
ما هو كفاحي؟
هو كتاب جمع بين عناصر السيرة الذاتية والشرح التفصيلي لنظريات هتلر النازية، نشر المجلد الأول عام 1925 والمجلد الثاني عام 1926. وقام بتحريره برنارد شتمبفل، كان هتلر قد أملى معظم المجلد الأول من كتابه في أثناء مكوثه في سجن لاندسبرج على نائبه رودلف هس، وكان عنوانه الأصلي «أربع سنوات ونصف من الكفاح ضد الأكاذيب والغباء والجبن». فنصحه ناشر الكتاب، ماكس أمان بتلخيصه إلى “كفاحي” فقط. وتضمن الكتاب عرض لسيرته الذاتية ومذهبه الإيديولوجي.
استراتيجية فاشلة
منحت ولاية بافاريا نصف مليون يورو لمعهد التاريخ المعاصر في ميونخ، التابع للدولة، لإنتاج طبعة تحتوي على تعليقات علمية للمؤرخين، وفي الوقت نفسه، هددت بسجن أي شخص ينشر الطبعة الأصلية من الكتاب والتي لا تحتوي على شروحات، وفي تطور آخر، حاولت الحكومة البافارية بذكاء خلق انطباع يتمحور حول سحب الدعم المالي للطبعة الجديدة وبالتالي ترك المعهد يقف وحده في المواجهة.
ومع اقتراب يناير 2016، وهو الموعد الذي ستنشر فيه النسخة الحديثة من الكتاب، اعترى المسؤولين في المعهد وفي الحكومة الالمانية التوتر والعصبية من ما سيحدث، وعبر المعهد في ذلك الوقت عن مدى خطورة هذه الخطوة خاصة إذا ما تحول كتاب كفاحي إلى أكثر الكتب مبيعا في ألمانيا.
وصرح مدير المعهد أندرياس ويرشينغ أنه غير مسؤول عن اصدار اي نسخة أصلية من الكتاب والخالية من حقوق الطبع والنشر والتعليق، لأنه في هذه الحالة يستطيع الجميع أن يفعل كل ما يريد مع كتاب هتلر.
استحالة الحصول على نسخة
لعدة أسابيع كان أقرب إلى المستحيل شراء نسخة من الكتاب، لأن المعهد وزع عدد قليل جدا من النسخ، الا ان هذا النهج للحد من الانتشار فشل فشلا ذريعا وتحول الى اكثر الكتب مبيعا، فكان كل ما فعلوه هو تأجيل ظهور كتاب هتلر في قوائم أفضل الكتب مبيعا في ألمانيا، وبحلول منتصف ابريل، تمكن كفاحي من الانتقال الى قائمة أكثر الكتب مبيعا في قائمة شبيغل الألمانية واستمر لعدة اسابيع، أما الان فيحل في المرتبة ١٤ رغم انه غير متوفر في كافة المكتبات، ولا توجد دلائل تشير إلى أن الغالبية العظمى من الناسيشترون الكتاب لأي سبب اخر غير الفضول والاهتمام، ومن المتوقع أن يحصد شعبية في المانيا أكثر مما كان عليه في بريطانيا واميركا.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل من الأفضل اتباع نهج الأنجلوسكسون (هم قبائل جرمانية تركوا أوطانهم الأصلية واتجهوا نحو بحر الشمال على متن مراكب خشبية، واستخدم هذا المصطلح (انجلوساكسون) للتفريق بين الغزاة وبين سكان بريطانيا الذين كانوا فيها قبل مجيء هؤلاء الغزاة)، في المانيا ام النهج الأبوي (هو سلوك من قبل شخص أو منظمة أو دولة ، يهدف إلى الحد من حرية أو إستقلال الشخص أو المجموعة المعنية لما فيه مصلحته) الذي لا يثق به المجتمع المدني؟
وفي الواقع قد يتساءل المرء أيضا ما إذا كان كفاحي أصبح من أكثر الكتب مبيعا، هل الألمان يلمون بكيفية التعامل مع ماضيهم، وهل هذا شيئا سيئا، في وقت يستشهد الكثير من السياسيين بهتلر، والشعبوية السياسية اقرب الى العشرينات.
وقد انتشر هذا القلق من جراء ما أعلنه اليميني المتطرف سكيلم عن أن دار النشر الألمانية ستصدر نسخة من كفاحي دون شرح. وطلبت ولاية بافاريا النيابة العامة لاتخاذ الناشر إلى المحكمة، في وقت ينبغي أن ينظر إلى إعلان سكيلم بأنه حيلة دعائية، على غرار قرار الأسبوع الماضي من صحيفة الجورنال الايطالية لتسليم نسخ مجانية من كتاب هتلر.
ولقد كان كتاب كفاحي لسنوات عديدة متوفر على شبكة الإنترنت ومن السهل لكافة النازيين الوصول اليه، لكن الخطر يكمن الأن في النهج الأبوي الألماني لإعادة نشر الكتاب بطريقة مختلفة بدلا من نشره بالنسخة الأصلية.
تجدر الإشارة الى ان المفكر الألماني نلس مينكمار كان قد حذر في صحيفة دير شبيغل من الغطرسة الثقافية و”الغطرسة تجاه الطبقات الغير متعلمة” والتي سوف تؤدي الى عزلة الطبقة المتدنية من المجتمع الليبرالي، وبالتالي العودة الى الشعبوية اليمينية في البلاد والتي هي احدى ديماغوجية هتلر.
اعدت ايلاف المادة عن صحيفة البي بي سي عبر هذا الرابط:
http://www.bbc.com/news/world-