بـقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ
في صبـيحة يوم الجـمعة 26 حـزيـران 2020 تـطـلـّـبَ الـواجـب الإجـتماعي أن أحـضر مع أصدقاء آخـرين قـداسَ الجـنازة في كـنيسة لاتينية كاثـولـيكـية أقـيم عـلى روح صديـقـنا سـامي ﮔـمّـو المنـتـقـل إلى الـديار الأبـدية . ولا شـك كان طابع الحـزن والـوقار يخـيّـمان في مناسبة كـهـذه إحـتراماً لعائلة الـفـقـيـد بالإضافة إلى قـدسـيّة المكان .
كانت طـقـوس الجـنازة منـتـظمة وفـقَ تـقالـيـد الكـنيسة اللاتينية ، ومن بـينها وعـظ الكاهـن اللاتيني حـيث تـكـلـّـم بلـباقة ورصانة معـبّـراً بكـلمات عـزاء ومحـبة للعائلة الحـزينة ، مع تـفاؤل يـبعـث الأمل في نـفـوس أفـرادها ونحـن الحاضرين أيضاً .
وفـيما هـو يتـواصل بـوعـظه ، وإذا بصوتٍ ناعم يـفاجـئـنا وكأنه موسيقى ينـطـلـق من بـيـن الحاضرين ، ومن نبراته عـلِـمنا أنه عـفـوي لـ ــ رضيع في حـضن أمه ــ وهـنا إبتـسم الكاهـن وربما تـذكــّـرَ في تلك اللحـظات قـول المسيح :
دعـوا الأولاد يأتـون إليّ ولا تمنعـوهم ، لأنّ لمثـل هـؤلاء ملكـوت السماوات
فـتحـوّل إتجاه وعـظه إلى الطـفـل الرضيع وأصبح يناغـيه من مكانه ويُـكـلـّـمه عـن بُـعـدٍ وكأنّ الطـفـل يستمع إليه بجـدّية ويفـهـمه … إن الـواعـظ لم يـرتـكِـب بـذلك أمراً ممـنـوعاً ولا زاغ عـن الآداب العامة ، بل كان أشـبه بعـطـر ينـثـره عـلى صنـدوق فـقـيـدنا لـيُـبـعِـد الحـزنَ عـن الحـضور بعـض الشي وكأنه يقـول : (( روس عْلايْ بْـزَوْﭘا ودّكــّان = رش عـليّ الـزوفا ونـظـفـني ….. )) فـما أجـمل العـفـوية والـبـراءة … ثم واصَلَ وعـظه المناسب لهـذا الـقـداس .
وعـنـدها راودتـني فـكـرة ! كأنها ومضة نـيـزكٍ لمحَـتْ أمامي ، وخـطـرَتْ بـبالي مَشاهِـدَ من الماضي القـريب في ساحـتـنا … فـتـذكــّـرتُ كـيـف كان ــ بعـض ــ المنافـقـين الضعـفاء أيام زمان كُـتــّـاب الـتـقاريـر السرية المخابراتية الـعـفـنة في وطـنـنا الأصلي العـراق والتي أودتْ بحـياة الأبـرياء ، والعـلة الرئيسية بالسيد الرئيس الـدكـتاتـوري ( قـليل التجـربة رغـم منـصبه ) والمعـتـمِـد عـلى الـوُشاة فاقـدي الضميـر فـيستـقـوي بهم ، دون فحـص نـواياهم ولا تمحـيص تـقاريرهم ، كل ذلك لـتـقـوية مكانـته عـلى حـساب الأكـفاء من أبناء وطـنه … والمثـل الألـقـوشي يقـول : ((( قـيسا إنْ لا هـويا إيـذح مِنّـيح ، لا كـيـثِ لِـتــْــوارا ))) !
وقارنـتُ كـل ذلك ــ بالـبعـض ، التافـهـين أيضاً في أستـراليا ــ الـذين لا تـزال نـفـوسهم المريضة تـراودهم لممارسة ذلك السـلـوك الـقـذر في ساحات لا سياسية!! .
حـقـيقة ، وأنا جالس في الـكـنيسة أتابع الـقـداس ، حـمـدتُ الـربّ وشـكـرته عـلى أن حـدث الطـفـل الـرضيع هـذا ، صار في كـنيسة غـربـية ــ لا شـرقـية ــ !!!! وإلاّ لكان الجـواسيس فاقِـدو الـقـيَـم ، المتـربّـون في المستـنـقـعات ، المتـقـرّبـون من السيد الرئيس ، يتـسابقـون في كـتابة تـقاريـرهم والروائح الـنـتـنة تـفـوح من أفـواههم ، لـيـقـدّمـوها إلـيه ، ومع كـل الأسـف يعـكس عـن نـفـسه إنـطباعاً سـيـئاً لـدى أبناء الله ، لا يـلـيق به كـشخـص ولا بمكانـته كـمنـصب ولا بمؤهـله كأكاديمي فـذ ، حـين يستـقـبل بأذن صاغـية أولـئـك المشار إليهم بكـل رحابة صدر دون تمحـيص إدّعائهم ، وهـو برتـبة جـنـرال فـيصدر فـوراً مراسيمَ جـمهـورية غـيـر مدروسة .
نـقـطة رأس السـطـر .