هذا الفصل (3: 1- 21) من كرازة مار يوحنا هو مخصص (“نقيا”– بالكلدانية) ومختار من الإنجيل ليُقرأ في رتبة العماذ حسب طقسنا الكلداني اذ نحن الآن في موسم الدنح – دنحا الذي بدأ بعد عماد يسوع على يد يوحنا المعمدان. ونحن أيضاً نولد مع يسوع أطفال في العماذ، ولكننا ننمو في الحكمة والإيمان لأن طقسنا الكلداني يأخذنا خطوة بخطوة من مسيرة حياة يسوع على الأرض ويدخلنا في الكنيسة الممجدة.
هكذا بدأ الأب نوئيل كوركيس موعظته للأحد الخامس من الدنح حسب طقسنا الكلداني، وقرّب الذبيحة الإلهية حسب القداس التقليدي والكلداني الأصيل، وذلك في الساعة 4:00 عصراً من يوم الأحد 5 شباط 2017، وكل يوم أحد في كنيسة مار يوحنا المؤجرة في الكهون. وأضاف قائلاً:
يأتي نيقاديموس الى يسوع ويقضي معه وقتاً (تعليلة) في هدوء الليل كي يصل الى ما يفتش عنه فيجد الجواب وهو ان عليه ان يرجع مرة اخرى الى قبل البداية. كيف تكون هذه الحالة مع نيقاديموس الذي يُعتبر شخصاً له مقام ومركز بأن يرجع كطفل كي يتحقق ما يبحث عنه؟! انه لأمر غريب ان يكون هذا بعد ان قضى كل هذه المدة الطويلة بما حققه في الحياة ونجاحها ولربما بعض المرات إخفاقاتها.
هذه تكون فقط في حياتنا الروحية، وحتى في حياتنا العملية ان تكون في المعمودية التي في المسيح كي نرجع الى البنوة الحقيقية للّـه الذي خلقنا أنقياء بدون الخطيئة الأصلية، فبعد ان سارت البشرية وتكونت الحضارات وارتفعت الى اعلى تحقيقاتها، ثم اندثرت ولم يبقى منها الا الأطلال، ومنها مملكة بابل العظيمة* ام الممالك والحضارات التي تتغذى البشرية من تحقيقاتها لحد اليوم، ولكن إنسانها الأصيل هو في سبات عميق ولا يعي الى ما يجري حواليه كي يأخذ دوره في المجتمع.
لهذا نحن اليوم في هذه الكنيسة علينا ان نسمع جيدا قول يسوع على ان “نرجع ونولد مرة اخرى” كي نحيا ونأخذ دورنا الفعّال في المجتمع مرة اخرى.
بالطبع اذا سؤل اي واحد منا لو تمكنا من ان نرجع كالأطفال نقول: يا ليت. كيف، وكم تريدني ان ادفع كي ارجع الى الطفولة وخاصة اذا لم تكن تعيسة بل وفرة كما نشاهدها اليوم في اميركا مع أطفالكم وأحفادكم الأعزاء.
ان كل لحظة مرت من حياتنا غير ممكن ارجاعها، لأنه من المستحيل “الدخول الى بطن امنا ونولد ثانية”، فماذا علينا ان نفعله ونحن نقرأ ونسمع يسوع يقول لنيقاديموس:عليك ان تولد ثانية؟
ان الولادة التي يتكلم عنها يسوع هي ولادة روحية بالماء والروح، بهذين العنصرين ومع الإيمان بيسوع المسيح يولد الإنسان وحتى إن كان شيخاً بأن يرجع الى الطفولة.
اليوم نحن الكلدان في وضعنا الحالي وفِي هذه الكنيسة بالذات (كنيسة مار يوحنا المؤجرة) نطبق علينا هذا القول كي نولد كأولاد اللّـه احراراً من الخطيئة والعبودية (من الفكر والاشخاص والرئاسات المنحرفة)، اي احرار وأنقياء (الحق يحرركم) ولنا الأمل في الحياة لمستقبل ناجح متكل على الخالق الذي قال بعد ان جبل الإنسان من (الطين) لآدم وحواء ونفخ فيهم بأن ينموا ويكثروا.
اذن معمودية المسيح هي الرجوع الى الإنسان الأول قبل الخطيئة.
* في ختام مراسيم العماذ حسب طقسنا الكلداني يصفع الكاهن خدّ اليسار للطفل، وهذه العادة ترجعنا ايضا الى زمن تتويج ملوك الكلدان في مملكة بابل رمزاً للخضوع الى القوة الإلهية. (فيا أيها الأخ والأُخت، انكما منحدرين من شعب له ميراثه الأصيل والذي جُبِل الإنسان من تربته، فما بالكم تائهين هائمين غير مبالين بما يجري حولكم من الخراب والتدمير؟؟؟).
لهذا أيها الإخوة والأخوات كلنا أمل بأن نحقق في مسيرتنا ما سلمنا اللّـه من الإيمان القويم والميراث الأصيل، تلك الوديعة التي يجب المحافظة عليها بكل أمانة اذا كان اتكالنا على الرب والسير نحو الأمام حسب تعاليمه وحسب مشيئته.