اجتمع المؤمنون الكلدان الكاثوليك في الأحد الثالث من سابوع الدنح لحضور الذبيحة الإلهية التي قرّبها الأب الفاضل نوئيل كوركيس وذلك مساء السبت 21 كانون الثاني 2017 في كنيسة مار يوحنا المؤجرة والقريبة من قلب مدينة الكهون. وابتداءً من الأحد الأول من شهر شباط سوف يتبدل موعد القداس الإلهي من ايام السبت الى ايام الآحاد وذلك في الساعة 4:00 عصراً وبعد صلاة الرمش.
كانت القراءة لذلك اليوم من انجيل يوحنا 1: 29-42 ، حيث تكلم الأب نوئيل في كرازته قائلاً:
كشف يوحنا المعمدان عن نفسه للشعب الذي كان يأتي عنده عبر الأردن أن يعتمذوا منه لمغفرة الخطايا، حيث كان كثير من الناس يأتون ويعتمذون منه ومن ضمنهم يسوع.
يقول مار يوحنا المعمدان انه لم يكن يعرف يسوع (يو 1: 31)، ولم يكن يعرف شخصه، ولكن يقول: الذي ارسلني لأعمّذ بالماء أعطاني علامة، الذي تحل عليه حمامة – روح القدس – هو ذاك الذي يعمّد بالروح القدس. وهذا الذي يعمّد بالروح القدس (يو 1: 32) هو حمل اللـه.
حمل – خروف في الهيكل: في الإيمان والأديان هو الذي يُقرَّب كذبيحة. لهذا فان معمودية يسوع هي ذبيحة الذي يقرب نفسه على الصليب لخلاص العالم، كما هي معمودية يوحنا لمغفرة الخطايا، واما معمودية يسوع فهي لمحو الخطيئة الأصلية، ونهاية الكل هي في القيامة، ولكن قبلها هو الصليب.
يوحنا المعمدان كان كاهن ومن بيت الكهنة، أبوه زكريا كان قد بُشِّر من ملاك الرب في الهيكل ان يكون له ولد، هذه هبة في عمر الشيخوخة، فواجب يوحنا ككاهن هو ان يكون في الهيكل، ولكنه لم يقدر ان يبقى فيه، بل تركه وهرب الى الصحراء كي يحفظ نفسه وينقذ الهيكل، لأنه وجد في الهيكل وبين الشعب اليهودي هناك فساد كبير، بحيث ان الإنسان النقي والقريب من الرب الإله هو انسان يريد أن يعبد ربه بصفاء ونقاء، لهذا لم يقدر يوحنا المعمدان الكاهن ان يبقى في الهيكل إلا وان يتركه.
تصوروا ان في الهيكل نفسه الذي كله قداسة وهو مسكن الرب يكون فيه فساد وخراب؟؟! فكيف يكون العالم؟؟؟
اذا كانت الكنيسة في خراب، كم يكون هناك فساد في جماعتها؟؟؟ واذا كان المكان المقدس فيه خراب، فكم يكون العالم فاسداً؟؟؟ لذا يقول يسوع المسيح ان العالم فيه فساد، فيه شيطان. فإذا كان في العالم فساد، فأين نذهب ونحن في العالم؟؟؟ يجب أن نعيش فيه، لهذا كثير من البشر ينسحبون بأنفسهم من هذا العالم الذي فيه فساد كي ينقذوا الحقيقة والأصالة، وواحد من هؤلاء كان كاهناً وهو يوحنا المعمدان الذي ترك الهيكل الفاسد وهرب الى البرية في الأردن* الذي يبعد كثيراً عن اورشليم التي فيها الهيكل، وهناك كوّن وجمع بعضاً من التلاميذ وسار في حياته على الرجاء والأمل. ان اللـه لا يترك الإنسان الذي يتكل عليه وهو يرى هذا العالم يخرب أمام أعينه، ذاك الإنسان الذي أعطى للـه كل ارادته، هل يترك اللّـه ان يخرّب هذا العالم؟؟؟ لهذا يجب ان يكون للإنسان رجاء لا يخمد. ويوحنا كان ينتظر هذا الرجاء- حمل- خروف- هو الذي يخلِّص.
وكما يقول الإنجيل هنا في كرازة مار يوحنا الإنجيلي انه كان هناك تلميذان ليوحنا المعمذان ساروا وراء يسوع في اليوم الثاني من بعد عماد يسوع بعد ان سمعوا من معلمهم يوحنا وهو يقول: هذا هو حمل اللـه. وكان من هؤلاء التلاميذ اندراوس اخ شمعون والآخر (يتوضح انه) كان مار يوحنا الانجيلي نفسه، ولكنه ككاتب هذا الإنجيل لا يقول انه هو، انما يقول كان هناك تلميذان واحد له اسم، اما الآخر (من يكون؟؟؟) بعد ان اعطى تفاصيل دقيقة بأنهم ذهبوا عند يسوع وكانت الساعة العاشرة بعد ان سألوا اين يقيم قال لهم “تعالوا وانظروا”. هذا كما كانت العادة في قرانا الكلدانية عندما كان الناس يذهبون عند الآخرين ليلاً ونسميها “تعليلة”. وهناك توصل اندراوس الى الحقيقة التي كان يبحث عنها وهي تحقيق رجاء اليهود بمشاهدة يسوع المسيح (المخلص) امام عينيه.
هكذا كان التلاميذ الأولين ليسوع من تلاميذ ذاك الشخص الذي كان له رجاء، بأن اللـه سوف يخلص شعبه، لهذا فان يوحنا المعمذان، ذاك الكاهن الذي ترك الهيكل، هو ذاك الشخص الذي اختاره اللّـه “ليحضِّر الطريق” لمجيء المسيح، وهو “الصوت الصارخ” الذي جاء لنسمعه، ولكن الصوت الأصيل والنقي هو صوت يسوع الذي يقول: أنا هو حمل اللـه.
فليتكل كل واحد منا على الرب بالطريق الذي نسيره بإيماننا، وباتكالنا نقرب نياتنا الصافية للـه. يا اللـه انظر لكل واحد منا على ضيقاتنا وبلايانا واسمع طلباتنا ونياتنا وانظر الى بيوتنا وكنيستنا، واحفظ العالم وكل شخص، واستجب دعاءَنا وآلامنا، وساعدنا باتكالنا عليك ان نعيش حسب وصاياك وحبك وسلامك ومشيئتك.
*في الستينيات من القرن الماضي تم اكتشاف أديرة في قمران لجماعة الأسينيين، ويقال ان يوحنا المعمدان كان قدعاش هناك.