Articles Arabic

طروحات و أسئلة حـول كـتاب المرحـوم الأب الـدكـتور يوسف حَـبّي  (( مجامع كـنيسة المشرق ))  

 الاب بيتر لورنس

منـذ زمن بعـيد عـنـدما كـنت طالباً في المعهـد الكهـنوتي ، درسنا جـزءاً كـبـيراً من هـذا الكـتاب عـلى يـد المرحـوم الأب الـدكـتور يوسف حـبّي ، وله الـفـضل الكـبـير في تطوّر عـقـليتـنا الكـنسية لاهوتياً ، وفـتح مجالات كـثيرة حول المفهـوم الكـنسي في العـصر الحـديث مقارنة بالـقـرون الأولى للكـنيسة التي تـقـترب من تعاليم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وتعاليم الرسل الـقـديسين .   

سوف نخـوض دراسة معـمقة في هـذا الكـتاب الـقـيّم من حـيث المعـلومات والتحـليل اللاهـوتي الـدقـيق لمفهـوم الكـنيسة في بُعـدَيها المنظور واللامنظور ، وكـيـفـية إقـترابها وإبتعادها عـن مؤسسها الرب يسوع المسيح عَـبر الزمن .  

المبحـث الأول : السلطة والشركة والمجـمعـية في الكـنيسة .  

أولاً: السلطة في الكـنيسة خـدمة :  

يطرح المؤلف في هـذا المبحـث من كـتابه قـضية في غاية الأهـمية وهي : هـرَمية الكـنيسة في بُعـدِها العـمودي المتحـدّر من الأعـلى إلى الأسفل ، وبـين فهم يأخـذ بالمنطلقات الوجـودية والوجـدانية والعلاقات الأفـقـية التي تـفـترض قاعـدة مشتركة بين الأطراف المعـنية (ص 13) .  

يقول المؤلف : لنوضح الأمر فـنـقـول : لـقـد قاد مفهـوم السلطة الكـنسية الـفـوقي إلى إعـتبار الكـنيسة ذاتها رئاسة وسلطة تـتمتع بحـق الأمر والنهي ، والحـل والربط ، وعـلى الشعـب واجب الطاعة دون مناقـشة وإعـتراض ، لأنها سلطة من الله ، وهل من إعـتراض عـلى أوامر الله ؟ (ص 13).   

 تحليل :  

بعـد طلب أم إبني زبدى في أن يجـلس إبناها واحـد عـن اليمين والآخر عـن الشمال ، إستـشاط الرسل البقـية غـضباً (متى 10/ 35 – 40) . الرب يسوع دعى تلاميذه وأعـطاهم درساً عـميقاً في مفهـوم السلطة قائلاً لهم : (مَن أراد أن يكـون كـبـيراً فـيكم ، فـليكـن لكم خادماً ، ومَن أراد أن يكـون الأول فـيكم ، فـليكـن لأجمعكم عـبداً . لأن إبن الإنسان لم يأت لـيُخـدَم ، بل ليَخـدِم ويفـدي بنـفسه جـماعة الناس). (متى 10/ 41 – 45).   

وأعـلن المجمع الـﭭاتيكاني الثاني في مقـرراته دستور عـقائـدي في الكـنيسة ، الـفـصل الثالث عـدد 18: ( لـقـد وضع السيد المسيح في الكـنيسة ، لرعاية شعـب الله وإنمائه ، خـدماً مخـتـلـفة تهـدف إلى خـير الجسد كله . فالخـدّام الذين يتمتعـون بالسلطة المقـدسة ، يخـدمون إخوتهم حتى يصل إلى الخلاص كل الذين هم من شعـب الله ، وبالتالي ينعـمون بكـرامةٍ مسيحـيةٍ حـقة ، وقـد تكاتـفـوا بحُـرية ونظام نحـو الهـدف ذاته ) .   

إنطلاقاً من تعـليم يسوع ، والكـنيسة المقـدسة في مجمعها أعلاه ، فإنّ يسوع وكـنيسته المجمعـية يُحـوّلان سلطة الكـنيسة الهـرمية الـﭘـروقـراطية الـفـوقـية ، إلى كـنيسة أفـقـية خـدمية ، متمثلة بشكـلها المنظور من الأساقـفة خـلـفاء الرسل خُـدّام شعـب الله المؤمن ، وليس سلاطنة العهـد الـقـديم الذين يجلسون عـلى عـرش موسى من الكهـنة والـفـريسيّـين .  

السؤال المطروح هـنا : هـل الكـنيسة اليوم ــ بعـد أكـثر من ألفي سنة ــ تعـيش متـزاهـية بسلطتها وحـلتها الكهـنوتية مؤمنة وعاملة بتعاليم مخـلـّـصها وكـنيسته المقـدسة ؟ لا نستطيع الإجابة عـلى هـذا السؤال بنعـم أو لا . لكـن الأمر هـنا مطروح لكل مؤمن داخل كـنيسته أو أبرشيته ، حـتى يستطيع أن يُـقـيّـم مفهـوم الكـنيسة بموجـب تعـليم الرب يسوع من جهة ، وتعـليم الكـنيسة المقـدسة من جهة أخرى .    

Follow Us