Articles Arabic

!!الحلقةُ الأولى: وَاخْجَلتْاهُ مِنْ “ساكو” وَا وكستاهُ

الأب يوسف جزراوي
كنيسة مار أدي الكلدانية الرسولية/أمريكا

نَشَرَ موقع أنا كلداني وثيقة تاريخيّة مُهمة ونادرة تعود إلى أرشيفي الشخصي عن مذابح الأتراك بحق المسيحيين في تركيا ولا سيّما الكلدان؛ كتبها البطريرك يوسف عمّانوئيل الثّاني يومًا بيوم؛ إذ فيها الرِّدُّ البّليغ الذي يفنِّدُ تصريحات بطريرك بغدادَ غبطة لويس ساكو، يَوْمَ أدلى بها مِن تركيا، فعكفت على كتابةِ هذا التفنيّد المُوسّع للتّأريخ؛ فإِنّني هُنَا لا أودُّ نقد البطريرك دون بينةٍ، ولا أُحققُ؛ وإنّما أدفعُ بالقرّاء لكي يتحققوا، فالبطريرك ساكو ما بَيْنَ الهُيَامِ بالجلوسِ على الكُرسي البطريركيّ والاِنتقام مِن تاريخِ قومه، نجد لهُ سيلاً مِنَ التَّصرِيحاتِ والسُّلوكيات الإداريّة غيرَ المُتّزِنةِ؛ بل هي حمّالة أوجه؛ لِذَا ليس هُنَاكَ مِن مثلبةٍ في ردّي هذا.

قد يعلمُ المُطلّعونَ بأنَّ السفيرَ الأمريكي في بلاد الأتراك السّيّد Henry Morgenthau للفترةِ (١٩١٣-١٩١٦) ذُكَرَ في كتابهِ (قتل أُمة) جانبًا مقتضبًا مِنَ الحقيقةِ عن الإبادة التي ارتكبها الأتراكِ بحقِ الأرمنِ وغيرهم مِن الأقوام وبضمنهم الكلدان… فضلاً عن الآلاف المُرحلينَ مِنَ الأرمنِ والآشوريين والسريان والكلدان الى سوريا والعراق ومصر وغيرها مِنَ الدول.

البطريرك ساكو في الرابطِ أدناه جَاملَ وجمّلَ تاريخ الأتراك!! وعوضًا عن تصفحه لتاريخهم المُظلم الدامي وفضح جرائمهم، راح يصافح يدهم المُلطّخة بدماءِ أبناء شعبه الكلداني وغيرهم مِنَ المسيحيين والعرب و…. بل عملَ كعادته بالتّستُّرِ على جريمة الإبادة التي ارتكبوها، لهذا فصورتهُ لم تصغر في نظري وحسب، بل سقطت أَرْضًا مِنْ عيني، تحطمت وتناثرت مِن غيرِ رجعةٍ، لأنَّ معرفة الإنسان لتاريخه وتجذرهِ بأصوله، وحدهما يسمحان للمرء بالامتداد في أفقٍ واسعةٍ دون ضياعٍ واستلاب واغتراب؛ لا بل يسمحان له بِقولِ الحقيقةِ والحقِّ بوجه أعتى الطُّلام دونما خوفٍ أو تزييفٍ.

لَسْتُ مِن أصحابِ الذهنيةِ المغلقة الاحاديّة التّفكير على غرار غبطته؛ وإنّما مِنَ المؤمنين بِالتَّنوُّعِ وتعدديّة الرأي الآخر؛ شريطة ألّا يكونَ كاذبًا أو مزورًا ….لهذا أتساءل مَن خوّل البطريرك ساكو بالتّصريحِ باسم الكلدان قاطبة ً؟! ومَنْ ساق لَهُ الأكاذيب أنَّ الكلدانَ المعاصرون جالوا بنظرهم عِن مذابحِ أجدادهم في القرن الماضي بتركيا؛ فياليتهُ اكتفى بالتعبيرِ عن وجهةِ نظره الشخصيّةِ، دُونَ أن يكون لسانَ حال الكلدان والمسيحيين….

يا ترى لو كانت تركيا المُعاصرة موطنًا للتعايش السلمي المشترك على غرار وطننا العِراق ولبنان وسورية ومصر؛ لماذا لاقى المسيحيون الأهوال على يد أتراك البارحة؟ ولماذا تُحجَّمُ حريتهم الدينيّة اليوم؟ ولماذا وطأة قدما بطريرك بغداد لويس ساكو تلك الأرض الغارقة بِدماءِ أجدادنا الشُّهداءِ، وهو بِزيٍّ علمانيٍّ؟ راميًا عنه حلّتُه البطريركيّة وثوب الكردينال؟. وهل يحقُ للمسيحيين هُنَاكَ المُجاهرةِ اليّومَ بالصلبانِ فوق صدروهم والتَّبشِير بالمسيح المُخلص في تركيا التّسامحِ على حدِّ قول غبطتهِ؟ وهل يتعاملُ الجيل المُعاصر للأتراك بإنسانيّةٍ دونما عنصريّةٍ معَا لقومياتِ الأخرى؟ رغم أنَّ في تِلكَ الأرض آثارٌ أصيلةٌ باقيةٌ مِنْ أبناءِ بابلَ العظماء….

البطريرك ساكو الذي أمتدح تُركيا أردوغان؛ ألم يتسأل بضميرٍ مستقيمٍ: لماذا أستولى اردوغان على آيا صوفيا، وقام بنفس البشاعة التي اقدم عليها سلفه الدّموي الفاتح بن مراد؟!.

لهذا، عندما يدور الكلام عن شُهدائنا في تركيا هُنَاكَ اشارات حمراء يجب التوقف عندها، لا بل تتوافدُ إلى ذاكرتي ابرشيتي العزيزة (الجزيرة) وأبرشيات أُخر كاماردين وآمد وسعرد، فتلمع فيها وتلوح صورتان مختلفتان كُلّيًا، واحدة قاتمة والأُخرى مشرقة.

الأولى: سوداوية دموية قاتمة، تذكرنا بمذابح الدولة العثمانية البائدة.

الثانية: صورة مُشرقة، وإن غابت عنّا، لكنّها لم ولن تعرف الغروب؛ صورة تُذكرنا بأبرشياتنا العريقة التي كان فيها أهم المراكز الثقافية وأعرق المطرانيات …. فيتوافد إلى مُخيلتنا رجال عظام نموا وترعرعوا في تلك الأرض أو خدموها لسنوات، وهم أشهر من نار على علم، يعرفهم القاصي والداني. فمن منّا يجهل جبرائيل دنبو مجدد الرهبانيّة الكلدانيّة في ديارنا، وروفائيل مازجي الذي بهمته ودعمه تأسسس معهد شمعون الصفا الكهنوتي في الموصل وأُفتتح سنة 1868، فضلاً عن المطران إيليا ملوس، الذي بصم بصمته في القضية الملبارية، والمطران الشهيد يعقوب اوراها خطاط الرهبانيّة الكلدانيّة، والباحث الشقلاوي الدؤوب ادّي شير، الذي كان منكبًا على المخطوطات يُطالعها ويحقق مافيها، ناهيك عن الكنائس الأثرية والأديرة العريقة والمراكز القديمة…. فالوجود الكلداني لم يتضاءل في تركيا حَتّى القرن 19م.

وعن تِلكَ الإبادة بحقِ الكلدان وغيرهم كتب اللورد بريس كلمةً للتّأريخِ في ديباجةِ كتاب الأب جوزيف نعيم (هل ستُفنى هذه الأمُة؟) الذي نُشِرَ سنة 1920 باللغة الانكليزية ما يلي:

“…..إن خطط إبادة المسيحية لم تقتصر على الأرمن رغم أنهم كانوا الأكثر تأثرًا بل شملت أيضًا الأقليات المسيحية كالنّساطرة الكلدان وآشوريين حيث كانوا هم أيضًا ضحايا المخطط الإجرامي الذي كان هدفه إفناء المسيحيين جذورًا وأغصانًا؛ علمًا أن الأتراك لم يستطيعوا يومًا إثبات أي اتهام أو أعمال معادية لسلطانهم من قبل تلك الأقليات” .

ويزيد اللورد في مقدمته قائلاً: قبل بدء الحرب العالمية الأولى، كان عدد الكلدان والسريان والاثوريين والأرمن كبيرًا. وكانت مناطق سكناهم في قرى عديدة انتشرت هنا وهناك في ربوع تركيا ومنطقة (وان) المتاخمة لبلاد فارس والقوقاز. سكنَ هؤلاء المسيحيون في تلك المناطق منذ قرون طويلة وأجيال عديدة. كانوا يتمتعون بنوع من الحرية والحكم الذاتي إذا ما قورنوا بإخوان لهم سكنوا السهول الفسيحة.

كانوا يعيشون تحت نظام إداري بدائي مجزأ يرأس كل جزء رجل يدعى بـ”الملك“….. كان العالم كلّه يشهد الفاجعة التي حلّت بالشعب المسيحي في تلك الربوع ولا يُحرك ساكنًا. هجم الأتراك والأكراد هجمة شرسة قطعت أوصال الشعب المسكين وفرقته شذرًا مذرًا، فضربوا الرقاب بالسيف وحرقوا المساكن ودور العبادة من كنائس ومزارات ودمروا الحقول والبساتين. وقع الهاربون العزل المختفين في مضايق الجبال أو المتحصنين في كهوف فريسة ضعيفة بأيدي الطغاة الذين لا يرحمون لأنّهم عصابات خارجة على القانون. لقد كانوا حقًا شعبًا سباه أعداء لا  يعترفون بحقوق للإنسانية ولا للعدل من وجود لديهم……ذُبحت أعداد غفيرة من الجماهير الهاربة في الطريق. استطاعت أعداد قليلة منهم فقط الوصول إلى خطوط القوات الروسية المتواجدة على الحدود التركية الفارسية بعد مرور بأهوال ومخاطر لا تُوصف. هكذا استطاع الناجون من الحصار المضروب اللحّاق بإخوانهم من مسيحيي سهول أورميا وسلامس وخووي”.

أمّا شهادة الأب دان جيلمونييه (حول المذابح التركية للمسيحيين وبضمنها مذابح الجزيرة العمرية) يقول:

“طائفة الكلدان وحدها خسرت ثلاثة من مطارنتها الشجعان وثلثي أبناء الطائفة”.

About the author

Kaldaya Me

التعليق

Click here to post a comment
  • ملاحظة: وا وكَستاه… في اللغةِ العربية مِنَ الوكَسةِ- المصيبةِ – الخسارة
    لهذا اقتضى التنويه.

  • كل قطرة دم لكلداني سُفِكَت بالماضي وستسفُك بالمستقبل
    هي برقبة المجرم روفائيل ساكو ابن موشي الاصطبلاني
    بما انه من الاصطبلاني فأكيد هو تابع لأسياده هؤلاء الذين يدافع عنهم
    ويعفيهم من جريمتهم
    فهو من بزر الحرام بشرفكم هل هاي شخصية بطرك لو شخصية واحد عفطي ابن الشوارع
    شوفوا بالصورة
    https://i.postimg.cc/NfS2N4vB/791×1024.jpg

Follow Us