Articles Arabic

العشاء الأخير: “هذا هو جسدي، هذا هو دمي”

يوسف جريس شحادة

كفرياسيف _ www.almohales.org

إذ كانوا يأكلون الفِصح اليهودي الرمزي “أحضر يسوع الخبز، وبارك وكسَّر وأعطى التلاميذ، وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدي، وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلًا: اشربوا منها كلّكم، لأن هذا هو دمي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا”.

يُعلّق القديس كيرلس الكبير على العشاء الأخير، قائلًا: {بأيَّة وسيلة يمكن للإنسان الذي على الأرض وقد اِلتحف بالمائت أن يعود إلى عدم الفساد؟ أجيب أن هذا الجسد المائت يجب أن يشترك في قوّة واهب الحياة النازلة من الله. أمّا قوّة واهب الحياة التي لله الآب فهي الابن الوحيد الكلمة، الذي أرسله إلينا مخلّصًا وفاديًا. كيف أرسله إلينا؟ يخبرّنا يوحنا الإنجيلي بكل وضوح: “والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا” {يو }… عندما نأكل جسد المسيح المقدّس، مخلّصنا جميعًا، ونشرب دمه الكريم ننال الحياة فينا، إذ نكون كما لو أننا واحد معه، نسكن فيه وهو يملك أيضًا فينا… لا تشك فإن هذا حق مادام يقول بنفسه بوضوح: “هذا هو جسدي، هذا هو دمي” (يو 6)، بل تقبل كلمة المخلّص بإيمان، إذ هو الحق الذي لا يقدر أن يكذب}

لقد تحقّق ذلك في المساء وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: {المساء علامة أكيدة عن تمام الأزمنة، وأن الأمور قد جاءت الآن إلى ذات النهاية.}

إذ أكمل السيِّد الفِصح حتى لا يُحسب متراخيًا في الشريعة، قدّم ذاته فِصحًا جديدًا عن البشريّة كلها، معلنًا أن ذبيحة الصليب لم تتم اعتباطًا وإنما بإرادته يسلّم نفسه للصليب. قام بتحويل الخبز والخمر إلى جسده ودمه الأقدسين ذبيحة حقيقيّة واهبة للغفران. لقد قدّمها لكنيسته لكي تتمتّع بها عبر الأجيال تأكيدًا لاستمرار ذبيحة الصليب، كذبيحة حيّة وفريدة خلالها ينعم على المؤمنين بجسده ودمه الأقدسين كسِرّ حياتهم… يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: {كثيرون يقولون الآن أرغب في رؤية هيئته وملابسه ونعاله، آه ها أنت تراه وتلمسه وتتناوله! حقًا أنت تريد ملابسه وها هو يعطي لك ذاته، لا لكي تراه فحسب بل تلمسه وتتناوله وتقبله في داخلك}

يكمّل السيِّد كلماته: “وأقول لكم إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرْمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبي”. ما هو هذا الجديد الذي نشربه معه في ملكوت أبينا إلا تمتّعنا بشركة الاتّحاد مع الله في ذبيحة ابنه في السماوات على مستوى جديد. إنه اِمتداد لليتورجيّة الحاليّة ولكن بطريقة لا ينطق بها!

بعد التناول “سبَّحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون”. لقد تمَّت ذبيحة الشكر لتختم بالتسابيح، الأمر الذي تعيشه الكنيسة في كل قداس إلهي حيث تختم ليتورجيَّا الإفخارستيا بالتسابيح المفرحة خاصة المزمور}

Follow Us