Articles Arabic

الجزء الثاني: البعد اللاهوتي لزيارة البابا فرنسيس للعراق دراسة وتحليل

المقدمة :

كلما حاولت ان اتملّص من تسجيل هذا الموضوع كلما كان الضغط عليّ يشتد فلم أعد احتمل تجاهلي له إلى ان قررت الرضوخ لمشيئة الرب يسوع المسيح ليس فقط للخلاص من محاكاة الضمير اللاهوتي وتبكيته لي وانما تنفيذاً للوعد ان أكون خادماً مطيعاً للرب على الرغم من معرفتي انني سأواجه تيارات وحروب واضطهادات شديدة جداً اكبر من صحتي وسني وقابليتي على التحمل … لكن بما انني حملت صليبي ونذرت نفسي لأكون ذاك الخادم الأمين فليعينني الرب على حمله وانا على ثقة عظيمة به لهذا تأخرت في اصدار هذا الموضوع … وكما الهمني الرب يسوع المسيح ان اخرج كتابي ( المسيح بين استعمارين الكهنوتي والتقني ) بعد اكماله بمشيئته لهذا سأستعين بهذا الكتاب …

البعد اللاهوتي للزيارة :

لكي نصمت افواهاً مرائية نقول … لا زلنا ندين بالعقيدة الكاثوليكية لغاية كتابتنا هذه السطور فلا يتشاطر علينا المراؤون … كل ما نقدمه من خلال الضمير الإيماني بالسيد يسوع المسيح رباً ومخلّصاً وقائداً ورمزاً للعالم اجمع باختلاف العقائد والأديان وهو الحل لجميع مشاكل البشرية وليس آخر …

في الجزء الأول تكلّمنا عن الأبعاد السياسية لزيارة البابا للعراق وخلصنا انها كانت بدفع من ( مهندسها ) غبطة البطريرك ساكو لأنها ستخدم من قريب او بعيد مصالحه واتجاهاته السياسية وستقوي من فعله في العراق لخدمة أجندة لا علاقة لها بالشعب المسيحي ومصالحه كذلك ستدر على المؤسسة الكنسية بفتات الخبز الساقط من موائد البطريرك الكاردينال وبذلك ستعزز مكانته السياسية ليستخدمها في ( اخضاع الأكليروس اولاً ليضمن بقائه على كرسي المؤسسة ” يصير عنده ظهر “ كما طلبها بفمه واخضاع السياسيين لأرادته وخاصة من الذين تجاهلوه ، وبالحتمية سيقع ذلك على الشعب المؤمن وخاصة من يعيشون الآن في دول الانتظار … وان يسكت جميع الأفواه التي كشفت قناعه المزيّف ” لاهوتياً وسياسياً “ كذلك لا ننسى مجلس الكنائس الذي رفض تسيّده عليه …. من هنا سنشهد عمليات انتقامية فيما لو حققت تلك الزيارة مقاصدها السياسية ).

كذلك اشرنا إلى ان الزيارة ستحمل معها مشروع ( حوار الأديان ) مع العقيدة الإسلامية الشيعية لكونها قد حققت ذاك الحوار مع العقيدة الإسلامية السنيّة على الرغم من ان جميعهم المشاركين في الحوار يعتبرون من ( النظام الكهنوتي العالمي ) والأقرب منهم للكاثوليكية هي أيديولوجية ( دولة الفقيه الشيعية ) لكون العقيدة الكاثوليكية هي بالتالي تحمل ذات المواصفات ( دولة الفقيه ) بل سبقت الشيعة بذلك …. لا ننسى ان جميع المشاركين في هذا الحوار هم من ( المنظومة الكهنوتية ) أي ( مؤسسات دينية يحكمها الكهنة )… من هنا كان تحفظنا على تسمية تلك اللقاءات بـ ( حوار الأديان ) ومنذ البدء كتبنا عنه واسميناه في بعض مواضيعنا ( حوار الطرشان ) لأنه يخاطب واحدة منهم فقط اما الباقي غير مشمولون به وسنشرح ذلك لاحقاً … كان من الأجدر ان يطلق على هكذا حوارات ( حوار الإنسانية نحو السلام العالمي ) لكون الأديان لا يمكن ان تتحاور لكونها تمتلك عقائد ثابتة مختلفة عن الآخر فإن تحاورت ووصلت إلى نتيجة إيجابية فسيكون ذلك على حساب الأخريات … لذلك فإن أي حوار بينهم سيؤدي الى تخلي الأضعف فيهم عن الكثير من مبادئه الدينية وان كان يعزوها للسلام وهذا ايضاً ضرب خيال. وهنا لابد ان نشرح ذلك بشئ من التركيز :

زيارة البابا إلى المغرب وحوار الأديان … هلل لها الإعلام العالمي واعطاها صبغة السلام والعيش الإنساني الآمن المشترك لأنهاء حقبة اضطهادات لاحقت المسيحيين في جميع انحاء العالم .. باركها كثيرون من اخوتنا المسلمين الرائعين ورقص عليها ( السذّج من المسيحيين ) متصوّرين أنها ستنهي معاناة شعوب اكثر من نصف العالم … لكن كان هناك طرف ثالث لم يوافق على تلك الاتفاقات والعهود وهم من جماعة ( الإسلام السياسي المتشدد ) فماذا كانت النتيجة … ؟ زيادة عمليات الإرهاب والقتل والسلب والاعتداء على كل ما يمت بصلة للمسيحيين من البشر ودور العبادة والذين ابرموا المواثيق ( لا حول ولا قوّة بل ولا حتى استنكار ) فماذا فعلت تلك المواثيق على ارض الواقع …. لا شيء وهنا لا بد ان نشير إلى الطرف المستفيد من تلك المواثيق ( انه النظام الكهنوتي الإسلامي ) حيث بهذا التوثيق حصل على ( ثقة ) العالم بدون ان يقدم أي شيء !! …

من جانب آخر انظروا ماذا قدّم ( النظام الكهنوتي المسيحي ” دولة الفقيه المسيحية ” ) لقد قدمت اعظم تنازلاتها وهو التنازل عن اعظم مبدأ بل الركيزة الأساسية للإيمان المسيحي وعليه قامت المسيحية وعلى لسان سيدها الرب يسوع المسيح (( اذهبوا وبشروا العالم كلّه باسم الآب والأبن والروح القدس )) الذي قال عنه رسول الأمم … ( آمنت بالمسيح فأمرت ان ابشر ” فالويل لي ان لم ابشر ” ) بكلمة بسيطة جداً تحمل معاني كبيرة جداً قالها البابا (( ارجوكم لا تبشروا … !! )) هذا كان التعهّد لتوقيع تلك الوثيقة ( وثيقة حوار الأديان ) وهذا هو نتاج تلك الوثيقة … ويا ريت اثمرت … وكما اسلفنا فان الأضعف هو من يقدم التنازلات ” هذه الإستماتة من اجل السلام “ حتى وان كانت غير مجدية وغير فاعلة تؤدي إلى فقدان ( كرامة المبادئ ) لقد أوقعت تلك الكلمات الهرج والمرج في صفوف الأكليروس فمنهم من حاول ان يعطيها غير قصدها ومن حاول ان يحمّل الترجمة جريمة كبيرة والذي حاول ان يفسرها من عندياته ولكن الأقوى من ذلك كلّه لم يصدر من البابا ما يوضّح القصد وبقيت الكلمة هي الكلمة وبقى القصد هو القصد هو القصد ” نتخلى عن المبادئ في سبيل السلام العالمي “ فلا المبادئ سلمت ولا السلام تحقق جزء بسيط منه … نعم لقد كتبت عن هذا الموضوع مقالات منها ( عذراً سيدي البابا … الويل لي ان لم ابشر ) واخريات شرحت فيها لمن قال البابا ارجوكم لا تبشروا وأسباب قولته تلك … فواجهت الكثير من الصعوبات بسبب ( القداسة المؤسساتية )… وهنا لا بد لنا ان نتساءل :

1 ) ما هي التنازلات التي سنقدمها لو تم توقيع أي اتفاقية ( حوار بين الأديان ) وهنا نقصد ( تنازلات لاهوتية ) اكثر مما قدّم وكذلك تنازلات عن حقوق مشروعة بسبب اننا الطرف الأضعف والذي عنده كامل الاستعداد لتقديمها … ؟

2) ماذا سيكون بجعبة ( المهندس ) تقديمه بعد كم ( التجديف والاستهزاء بالرب والكتاب ) … ؟

3 ) هل سنصل إلى مفترق طرق بيننا وبين اخوتنا المؤسساتيين … ؟

4) ألا يجدر ان يكون هناك ( حوار الأديان ) بين المؤسسات الدينية الكهنوتية المسيحية كون كل واحدة منها تؤمن بمسيح ( لاهوتي وقومي بل والأدهى من ذلك اصبح هناك مسيحاً مناطقياً وعشائرياً ) يختلف عن الأخرى وبذلك فهم كل واحد منهم يمثل ( ديناً بحد ذاته ) … فمتى سنشهد هكذا حوارات على الأقل لتوحيد مسيحنا … ؟

ملاحظة مهمة جداً : نحن لسنا بصدد اثارة أي نعرات دينية او سياسية … الخ بل هذا الموضوع هو من نتاج الدراسة والتحليل لواقع حال مفروض علينا ولا نملك غير الإشارة إليه … لذلك نعتذر عن أي إساءة يعتقدها البعض تشير إليه شخصياً او عقائدياً … لا بد لنا ان نعرض الحقيقة كما نراها في ميزان عقلنا وعمل الروح القدس فينا … تحياتي الرب يبارك حياتكم واهل بيتكم

اخوكم الخادم حسام سامي 25 / 2 / 2021

About the author

Kaldaya Me

التعليق

Click here to post a comment
  • أخونا الحبيب وأستاذنا النجيب حسام
    سلام الرب لك ولعائلتك ولجميع رواد وقراء وكتّاب موقع الحق.
    بوركت على هذا التحليل الواقعي والحقيقي والمبني على أساس علمي بعيد عن التزلف والافتراضية. كلنا نعلم أو لنكون اكثر مُحَددين عقلنا الباطن يعلم ان ” حوار الأديان ” هو مسرحية هزلية يلعب أدوارها ممثلين محترفين ويشاهدها الجميع ويصدقها السذّج فقط. بالنسبة للدين الاسلامي فكل حوار عن عقيدة وفكر فيه هو خطٌ أحمر لايمكن المساس به أبداً. وهنا تأتي الهزليات فكلما كان القدر الذي أتنازل به أنا المُحاوِر من الديانه الاخرى تزداد المسرحية تشويقًا!!.
    يا أخي انا لا أفهم اذا كان فكر الدين الإسلامي يرفضك رفضًا قاطعًا فلماذا هذا التملق والتزلف وتحت رايه الإخوه والسلام والتحاور.؟ المسأله بسيطه جدًا ولكنها أصبحت سلعه رائجة هذه الأيام فالتحاور وإلتقاط الصور والاجتماعات وقص الشرائط أحلى من ياعزيزي لك معتقدك ولي معتقدي . من وجهة نظري التركيز على الجانب الإنساني في كل ديانه سيجعل التعايش أكثر مصداقية وواقعية.

    • الأخ العزيز صباح الشيخ المحترم
      لقد كان من ضمن ما قدمته في كتابي الأخير ( المسيح بين استعمارين الكهنوتي والتقني ) عندما تطرقت إلى الخطر الذي يواجه الأستعمار الكهنوتي من انحدار في شعبيته واتجاه عموم الشعوب إلى النظام التقني العالمي لأسباب كثيرة من ضمنها ان الأستعمار الكهنوتي قديم يعتمد على الغيبيات ويعتمد ( الجهل ) كمادة اساسية لديمومته واستمرار استعماره لعقول الشعوب المتخلّفة وبالتالي لا يقدم اي حلول لمعالجة المشاكل المتنامية التي تترافق وحالة التطوّر الإجتماعي على عكس ما يقدمه الإستعمار التقني الذي يسعى لبناء ( العالم الجديد ) على اساس الفصل بين ( قيادة النخبة من التقنيين ) للعالم الجديد بينما يرغب الإستعمار الكهنوتي ارجاع عجلة التقدم إلى الجهل ليبقى يعشعش في عقول الجهلة … من هنا كان لا بد ان يفكر هذا الإستعمار بتوحيد صفوفه تجاه تنامي التطوّر التقني الذي ( سيبتلعه ) وهنا تبدأ حالة التنازلات عن المبادئ لكونها ( غير راسخة ) حتى في عقلية النخبة من رجالات الدين …. وهنا لا بد ان نعرف ان المسيحية ( ليست ديانة ) ولا تدين بالنظام الكهنوتي … ولم يكن الرب يسوع المسيح ولا تلاميذه كهنة بل من انشأ الكنائس على اساس الشعب هو ( الرسول بولس ) وجعل الشعب هو من يختار كهنته وهو من يشرف على عدم انحرافهم … وهذا عكس ما نراه اليوم …. للحديث بقية … تحياتي الرب يبارك حياتك واهل بيتك وخدمتك
      اخوكم الخادم حسام سامي 27 / 2 / 2021

Follow Us