Articles Arabic

الخوري والتبرّعات

يوسف جريس شحادة

كفرياسيف_ www.almohales.org

مقدّمة

: “لَسْتُ أَقُولُ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ، بَلْ بِاجْتِهَادِ آخَرِينَ، مُخْتَبِرًا إِخْلاَصَ مَحَبَّتِكُمْ أَيْضًا. فَرَأَيْتُ لاَزِمًا أَنْ أَطْلُبَ إِلَى الإِخْوَةِ أَنْ يَسْبِقُوا إِلَيْكُمْ، وَيُهَيِّئُوا قَبْلًا بَرَكَتَكُمُ الَّتِي سَبَقَ التَّخْبِيرُ بِهَا، لِتَكُونَ هِيَ مُعَدَّةً هكَذَا كَأَنَّهَا بَرَكَةٌ، لاَ كَأَنَّهَا بُخْلٌ. كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي بِقَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ اضْطِرَارٍ. لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ.”.{ 2 كورن 8:8 و 7 ،5 :9 }.

في كل موسم ميلادي وعيد قيامة رب المجد، نقرأ وخصوصا في زمن الوباء الكوروني اللعين تنشر بعض الخوارنة عبر وسائل التواصل طالبين التبرعات لدعم عائلات مستورة الحال.

السؤال الذي يُطرح دوما: لماذا على الناس ان تتبرع للكنيسة وليس للناس مباشرة؟ لماذا الكنيسة من كونها مؤسسة مالية أصبحت وانجازيه بالبنايات لا تصرف الدخل على الأهل؟ هل من مقارنة بين وضع الكنيسة الأولى واليوم؟ هل سمعنا عن خوري يعطي بشكل دائم؟ هل سمعنا عن خوري يتبنّى طلاب جامعيين مثلا لتعليمهم؟ او يتامى لإعالتهم؟ صينية الكنيسة خلال السنة أين تذهب وخصوصا لدخل أغلبية الكنائس يصل لمئات ألوف الشواقل بالسنة؟

مراجعة النصوص التوراتية اللاويين 30 :27 والعدد 26 :18 والتثنية 24 :14 وأخبار الأيام الثاني 5 :31 كانت الغاية “ضريبة”.

بولس برسالته الأولى لأهل كورنثوس : “فِي كُلِّ أَوَّلِ أُسْبُوعٍ، لِيَضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عِنْدَهُ، خَازِنًا مَا تَيَسَّرَ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ جَمْعٌ حِينَئِذٍ.” ما تيسّر وليس عُشر او خُمس؟

استغلال بعض الخوارنة والمطارنة ويحددوا النسبة 10% يستندون على نص النبي ملاخي 10 :3 {انظر بتوسع لاحقا} وحتى التوراة لا تطلب من الفقير لا العشور ولا غيرها من نسبة بل تقدمات، {انظر لاويين 13 _11 :5 و 21 :14 و 8 :7 والتثنية 13 _12 :26 وملاخي 5 :3 واللاويين 35 _6 :25 و العدد 4 :36 والتثنية 21 _19 :24 واستير 22 : 9 وحزقيال 17 :46 }.

“كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي بِقَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ اضْطِرَارٍ” يقول بولس.

إلا ان بعض الخوارنة يستغل نص ملاخي ويفرض العشور وكأنه بقول إنجيل مجهول : “كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»!”{غلاطية 9 :1 }.

وردت “العشور في متى 23 :23 ولوقا 42 :11 و 12 :18 وعبرانيين 9 _8 ،6 _5 :7 ، وكلها تشير لاستخدامها بالتوراة وبالمفهوم التوراتي.

على المسيحي ان يعطي بمحبة وليس من باب اللزوم { يهوذا 3 :1 : “أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ.”

ليس من الواضح متى وأين تم اختيار العَشر ” للضريبة المقدّسة” رغم ان هذه العادة كانت واسعة الانتشار في العالم القديم. ربما أنّ اعتناق العشر كذبيحة للنظام القديم للعهد بالعشرات، نظام يتم سهلا بالأصابع العشرة لليدين والقدمين. لم يكن الرقم عشرة عددا كاملا مفصّلا تكوين 7 :31 : “وَأَمَّا أَبُوكُمَا فَغَدَرَ بِي وَغَيَّرَ أُجْرَتِي عَشَرَ مَرَّاتٍ. لكِنَّ اللهَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِي شَرًّا.” بل على ما يبدو كان أيضا عددا مقدسا مؤلف من رقمين آخرين مقدّسين على نحو خاص ثلاثة وسبعة.

لاحظ المرات الكثيرة في التوراة التي يبرز فيها الرقم عشرة في امور مقدسة مثل العبارات : ” وقال الله ورأى الله وبارك الله ” في سفر التكوين 1 ترد عشر وسبع وثلاث مرات على التوالي، وبالكاد مصادفة، يوجد عشرة بطاركة مذكورين قبل الطوفان {تكوين 5 } وعشرة من بعده {تكوين 30 _10 : 11 هذِهِ مَوَالِيدُ سَامٍ: لَمَّا كَانَ سَامٌ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ وَلَدَ أَرْفَكْشَادَ، بَعْدَ الطُّوفَانِ بِسَنَتَيْنِ. وَعَاشَ سَامٌ بَعْدَ مَا وَلَدَ أَرْفَكْشَادَ خَمْسَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَعَاشَ أَرْفَكْشَادُ خَمْسًا وَثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ شَالَحَ. وَعَاشَ أَرْفَكْشَادُ بَعْدَ مَا وَلَدَ شَالَحَ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَعَاشَ شَالَحُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ عَابِرَ. وَعَاشَ شَالَحُ بَعْدَ مَا وَلَدَ عَابِرَ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَعَاشَ عَابِرُ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ فَالَجَ. وَعَاشَ عَابِرُ بَعْدَ مَا وَلَدَ فَالَجَ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَعَاشَ فَالَجُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ رَعُوَ. وَعَاشَ فَالَجُ بَعْدَ مَا وَلَدَ رَعُوَ مِئَتَيْنِ وَتِسْعَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَعَاشَ رَعُو اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ سَرُوجَ. وَعَاشَ رَعُو بَعْدَ مَا وَلَدَ سَرُوجَ مِئَتَيْنِ وَسَبْعَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَعَاشَ سَرُوجُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ نَاحُورَ. وَعَاشَ سَرُوجُ بَعْدَ مَا وَلَدَ نَاحُورَ مِئَتَيْ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَعَاشَ نَاحُورُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَوَلَدَ تَارَحَ. وَعَاشَ نَاحُورُ بَعْدَ مَا وَلَدَ تَارَحَ مِئَةً وَتِسْعَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَعَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ. وَهذِهِ مَوَالِيدُ تَارَحَ: وَلَدَ تَارَحُ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ. وَوَلَدَ هَارَانُ لُوطًا. وَمَاتَ هَارَانُ قَبْلَ تَارَحَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ مِيلاَدِهِ فِي أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ. وَاتَّخَذَ أَبْرَامُ وَنَاحُورُ لأَنْفُسِهِمَا امْرَأَتَيْنِ: اسْمُ امْرَأَةِ أَبْرَامَ سَارَايُ، وَاسْمُ امْرَأَةِ نَاحُورَ مِلْكَةُ بِنْتُ هَارَانَ، أَبِي مِلْكَةَ وَأَبِي يِسْكَةَ. وَكَانَتْ سَارَايُ عَاقِرًا لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ”.

استُخدم العدد عشرة في قياس فُلك نوح {تكوين 15 :6 : “وَهكَذَا تَصْنَعُهُ: ثَلاَثَ مِئَةِ ذِرَاعٍ يَكُونُ طُولُ الْفُلْكِ، وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا عَرْضُهُ، وَثَلاَثِينَ ذِرَاعًا ارْتِفَاعُهُ.” ومرارا وتكرارا في قياس وتجهيز خيمة الاجتماع { راجع الخروج 26 }.

التعشير في التوراة

يبدو مفهوم العشر في التوراة انه تطور مع مرور الوقت، فمبكرا مكتوب ان أبرام أعطي ملكي صادق عُشر كل شيء { تكوين 20 :14 : “وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.”.

لكن كانت هذه غنائم حرب، وليست نتاج الأرض. لا يوجد ذكر لأي قانون يطالب أبرام بهذا، ولا أي تفسير للسبب الذي من اجله أعطاه.

نذر يعقوب ان يعطي عُشرا لله { تكوين 22 :28 : “وَهذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُودًا يَكُونُ بَيْتَ اللهِ، وَكُلُّ مَا تُعْطِينِي فَإِنِّي أُعَشِّرُهُ لَكَ». ” كان هذا أيضا فكرا تلقائيا على نحو واضح، وعْدا بشكر الله مشروط بازدهار _ الله له وعودته إلى وطنه مرة أخرى بأمان. لا توجد تفاصيل للطريقة التي كان سيُعطي بها هذا العشر او من كان سيستلمه نيابة عن الله.

ربما يُشار إلى العشر في الكتاب المعروف “كتاب العهد “ خروج من 1 : 21 ،إلى 19 :23 ،في القوانين التي تحكم إعطاء أول ثمار الأرض، الخروج 19 ،16 :23 و 26 _22 : 34 ، كان يُقدّم أول المحصول، وربما الأفضل، لله _ منَ المحتمل على اعتبار ان كل الأشياء تنتمي له للرب التثنية 10 :26 : “فَالآنَ هأَنَذَا قَدْ أَتَيْتُ بِأَوَّلِ ثَمَرِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتَنِي يَا رَبُّ. ثُمَّ تَضَعُهُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ، وَتَسْجُدُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ.” ربما كانت هذه العطية لأول الثمار لعُشر السابق، بحيث عهد العُشر الذي يقدم كمية أول الثمار التي يجب إحضارها بالضبط لكن هذا السؤال عن علاقة أول الثمار بالعشر لا يمكن الإجابة عليه بغير التباس، لان النصوص الكتابية يبدو أنها تساويها { التثنية 15 _1 :26 } وأيضا تميّز بينهما { نحميا 44 :12 }.

تصف التوراة مظاهر متنوعة من العُشر، ولا يكون واضحا دائما بالطريقة التي تتناسب بها الأجزاء المختلفة معا، كان معروفا من البداية ان عُشر نتاج الأرض_ بذور وأشجار وفواكه وماشية ذلك مُلك الرب بطريقة ما فريدة. لقد كان ” مقدّسا للربّ ” {لاويين 32 _30 : 27 : ” «وَكُلُّ عُشْرِ الأَرْضِ مِنْ حُبُوبِ الأَرْضِ وَأَثْمَارِ الشَّجَرِ فَهُوَ لِلرَّبِّ. قُدْسٌ لِلرَّبِّ. وَإِنْ فَكَّ إِنْسَانٌ بَعْضَ عُشْرِهِ يَزِيدُ خُمْسَهُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا كُلُّ عُشْرِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَكُلُّ مَا يَعْبُرُ تَحْتَ الْعَصَا يَكُونُ الْعَاشِرُ قُدْسًا لِلرَّبِّ.”.

كان الشخص مطالب سنويا بان يقدّم عُشر تقديم شخصي للحنطة والخمر والزيت الخ، إلى مكان معيّن ويأكله هناك مع أبنائه وبناته وعبيده واللاويين الموجودين { تثنية 17 ،11 ،7 _6 : 12 } إذا كانت المسافة إلى هذا المكان بعيدة جدا، فانه يمكن استبدال العشر بالمال ويصرف المال هناك في أي شيء تلتمسه الشهية، كان ينبغي هناك على المقدم وأهل بيته واللاوي ان يأكلوا أمام الرب ويفرحوا {التثنية 29 _22 : 14 وقارن 23 _19 : 15 }.

رغم ذلك، في كل ثالث سنة كان المقدّم لا يُخرج العشر من البيت ويستهلكه في احد الأماكن البعيدة بل كان يخزن في جماعات محلية ويستخدم لتسديد الاحتياجات المادية للاويين، والغرباء والأيتام والأرامل مع تلك الجماعة {التثنية 29 _ 28 : 14 و 12 :29 }.

يُعدّ الأمر الكتابي بان يُعطي الناس عشورهم إلى اللاويين والكهنة بدلا من إنفاقها، أصعب في التناغم، فاللاويين والكهنة لم يتسلّموا أرضا ليعولوا أنفسهم بها، لذلك كان لزاما ان تأتي حمايتهم وتلك الخاصة بالمقدس من عطايا الناس. هكذا يرشد الله الناس في العدد 21 : 18 : “وَأَمَّا بَنُو لاَوِي، فَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كُلَّ عُشْرٍ فِي إِسْرَائِيلَ مِيرَاثًا عِوَضَ خِدْمَتَهِمْ الَّتيِ يَخْدِمُونَهاَ، خِدْمَةِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ.” بان يعطوا للاويين: “كلّ عشر في إسرائيل ميراثا” كان ينبغي على اللاويين أنفسهم ان يشرفوا على جميع العشور من كل المدن الريفية وكان يصحبهم الكاهن _ سليل هارون _ في جولاتهم، وكان اللاويون يعطون الكهنة عشرا من ذلك العُشر { العدد 28 :18 ونحميا 39 _ 32 : 10} ومقابل ذلك كان يخدم اللاويون والكاهن في المقدس.

تجاهلت إسرائيل في أكثر من مناسبة التزامها فيما يتعلّق بالعُشر لذلك اجبر اللاويين على ترك المقدس لكي يعولوا أنفسهم بتفليح الأرض. كنتيجة لذلك سقط المقدس في العطب. حدثت إصلاحات على يد حزقيا 2 أخبار 6 _5 :31 ونحميا 12 :13 وملاخي 10 _8 :3 ملاخي: “هَاتُوا جَمِيعَ الْعُشُورِ إِلَى الْخَزْنَةِ لِيَكُونَ فِي بَيْتِي طَعَامٌ، وَجَرِّبُونِي بِهذَا، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ، إِنْ كُنْتُ لاَ أَفْتَحُ لَكُمْ كُوَى السَّمَاوَاتِ، وَأَفِيضُ عَلَيْكُمْ بَرَكَةً حَتَّى لاَ تُوسَعَ.”وأعطى الناس مرة أخرى عشرهم الملائم، وتم تجديد المقدس، وكان الكهنة واللاويون قادرين على إخضاع أنفسهم كلية للشريعة مرة اأخرى.

العُشر في اليهودية الهلينية وما بعدها

كان العشر في الفترة اليهودية الهلينية ما زال مصدر الدخل الرئيسي للكهنة واللاويين رغم انه كان لا يُدفع في الغالب_ كما في التوراة نظرا لأنه كان يُترك لضمير دافع الضريبة. ومن ثم وفي ذلك الوقت وفيما بعد حسب ما يكتب المؤرخ يوسيفوس تأكد الكهنة الطماعون من أنهم تسلموا دَيْنهم بإرسال جماعات من المجرمين اليائسين ليأخذوا العشر من مباني دراسة الحنطة مباشرة. تمّ زيادة العشر في القرون المتأخرة لما قبل المسيحية والمسيحية المبكرة ينبع من ضريبة الاقتراع لإعانة الهيكل وخدامه: ضريبة سنوية نصف شاقل متى 24 : 17 : “وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرَنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: «أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟»” كانت تجمع ليس فقط من اليهود في فلسطين بل من أولئك الذين من الشتات أيضا. بعد خراب الهيكل كان الرابيون لا يزالون يؤكدون على أهمية التعشير. لقد نظروا إليه كأحد ثلاثة عناصر التي يمكّن بها الإسرائيليين ان ينجوا من كثرة الشر.

يكمن العُشر بالفكرة الأساسية بان: ” للرب الأرض وملؤها” لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. الْمَسْكُونَةُ، وَكُلُّ السَّاكِنِينَ فِيهَا” {مزمور 1: 24 } فبالتالي ان إعطاء العُشر بالنسبة لإسرائيل كان يعني اعترافا ملموسا بملكية الرب لإنتاجها ونتاجها، ومن هنا كان فشل يهوذا في هذا معادلا لسرقة الله {أعلاه ملاخي 10 _ 8 :3 } ليس للأشياء المادية نفسها، هذا بالفعل كانت تنتمي لله {مزمور 1 :50 }: “لأَنَّ لِي حَيَوَانَ الْوَعْرِ وَالْبَهَائِمَ عَلَى الْجِبَالِ الأُلُوفِ.” لكن لأدراك ان هذه الأشياء المادية كانت ملكه على نحو مقصور. كان ينبغي ان ينظر إلى ممتلكات الشخص كعطايا يهبها الله، وكانت الإجابة الملائمة لها هو الاعتراف بالجميل. إذن فالعشور كانت أيضا تعبيرا عن الشكر لله والإيمان بالله لأجل جوده {تكوين 22 _ 20 :28 }: “وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْرًا قَائِلًا: «إِنْ كَانَ اللهُ مَعِي، وَحَفِظَنِي فِي هذَا الطَّرِيقِ الَّذِي أَنَا سَائِرٌ فِيهِ، وَأَعْطَانِي خُبْزًا لآكُلَ وَثِيَابًا لأَلْبَسَ، وَرَجَعْتُ بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِ أَبِي، يَكُونُ الرَّبُّ لِي إِلهًا، وَهذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُودًا يَكُونُ بَيْتَ اللهِ، وَكُلُّ مَا تُعْطِينِي فَإِنِّي أُعَشِّرُهُ لَكَ».

العشور في إسرائيل أعالت الكهنة واللاويين ولذلك الكهنة تأمر الناس بالعشور وتكرر أهمية العشور على أنها تجلب البركة الإلهية {حسب ملاخي 10 _8 :3 }.

العشور في الإنجيل

نظرا لان العشر لعب دورا هاما في التوراة، وفي الإنجيل من المدهش انه لا تُذكر ولا مرّة في أي من التعليمات المعطاة للكنيسة. يذكر يسوع معلمي الشريعة الذين يعشّرون، لكنه لا يوصي تلاميذه أبدا بتاتا بان يفعلوا ذلك. في الحقيقة فان الاستخدامات الثلاثة الوحيدة في الإنجيل {Apodekatoo} ترد في نقد يسوع للفريسيين { متى 33 :23 ولوقا 42 :11 و 12 :18 }: “أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالسَّذَابَ وَكُلَّ بَقْل، وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ” يقترح مثل الفريسي البارّ في عيني نفسه { لوقا 14 _9 :18 }: “وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هذَا الْمَثَلَ: «إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ. أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ.
وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلًا: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ.
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ».” انه لتعشير كل أنواع الدخل تخطى شريعة التوراة ولذلك وضع الله تحت دينه. كان المثل الممتاز لحماية الفريسيين بشان التعشير وتركوا ” أثقل الناموس” الحق والرحمة والإيمان.

حرصهم على ان يعشّروا حتى نباتات الحقول الشائعة المستخدمة كتوابل او أعشاب طبيّة، ممارسة ربما تطالب بها الشريعة الموسوية { قارن لاويين 32 _30 :27 والتثنية 23 _22 :14 }: “«وَكُلُّ عُشْرِ الأَرْضِ مِنْ حُبُوبِ الأَرْضِ وَأَثْمَارِ الشَّجَرِ فَهُوَ لِلرَّبِّ. قُدْسٌ لِلرَّبِّ. وَإِنْ فَكَّ إِنْسَانٌ بَعْضَ عُشْرِهِ يَزِيدُ خُمْسَهُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا كُلُّ عُشْرِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَكُلُّ مَا يَعْبُرُ تَحْتَ الْعَصَا يَكُونُ الْعَاشِرُ قُدْسًا لِلرَّبِّ. «تَعْشِيرًا تُعَشِّرُ كُلَّ مَحْصُولِ زَرْعِكَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْحَقْلِ سَنَةً بِسَنَةٍ. وَتَأْكُلُ أَمَامَ الرَّبِّ إِلهِكَ، فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَخْتَارُهُ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ، عُشْرَ حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ، وَأَبْكَارِ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ، لِكَيْ تَتَعَلَّمَ أَنْ تَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَكَ كُلَّ الأَيَّامِ.”

يكتب رسول الأمم بولس “وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْجَمْعِ لأَجْلِ الْقِدِّيسِينَ، فَكَمَا أَوْصَيْتُ كَنَائِسَ غَلاَطِيَّةَ هكَذَا افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا. فِي كُلِّ أَوَّلِ أُسْبُوعٍ، لِيَضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عِنْدَهُ، خَازِنًا مَا تَيَسَّرَ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ جَمْعٌ حِينَئِذٍ. وَمَتَى حَضَرْتُ، فَالَّذِينَ تَسْتَحْسِنُونَهُمْ أُرْسِلُهُمْ بِرَسَائِلَ لِيَحْمِلُوا إِحْسَانَكُمْ إِلَى أُورُشَلِيمَ.”{1 كورن 3 _1 :16 } و { 2 كورن 9 _8 واف 28 :4 }: “لاَ يَسْرِقِ السَّارِقُ فِي مَا بَعْدُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَتْعَبُ عَامِلًا الصَّالِحَ بِيَدَيْهِ، لِيَكُونَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ لَهُ احْتِيَاجٌ.”وان يعضدوا الخدمة المسيحية { 1 كورن 9 } ان يحث ويوصي بالسخاء { 2 كورن 5 _1 :8 و 6 :9 } لكنه لا يطالب ولا مرّة كوصية من الله بأنه يجب إعطاء كمية محدودة.

رغم ذلك طالب بولس بأخذ عطاء ” لأجل شعب الله” بمعنى لأجل المسيحيين في الكنيسة الأم اورشليم { 1 كورن 3 _1 :16 و 2كورن 4 :8 و 12 ،1 :9 }: “وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْجَمْعِ لأَجْلِ الْقِدِّيسِينَ، فَكَمَا أَوْصَيْتُ كَنَائِسَ غَلاَطِيَّةَ هكَذَا افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا. فِي كُلِّ أَوَّلِ أُسْبُوعٍ، لِيَضَعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عِنْدَهُ، خَازِنًا مَا تَيَسَّرَ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ لاَ يَكُونُ جَمْعٌ حِينَئِذٍ. وَمَتَى حَضَرْتُ، فَالَّذِينَ تَسْتَحْسِنُونَهُمْ أُرْسِلُهُمْ بِرَسَائِلَ لِيَحْمِلُوا إِحْسَانَكُمْ إِلَى أُورُشَلِيمَ. ثُمَّ نُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ نِعْمَةَ اللهِ الْمُعْطَاةَ فِي كَنَائِسِ مَكِدُونِيَّةَ، أَنَّهُ فِي اخْتِبَارِ ضِيقَةٍ شَدِيدَةٍ فَاضَ وُفُورُ فَرَحِهِمْ وَفَقْرِهِمِ الْعَمِيقِ لِغِنَى سَخَائِهِمْ، لأَنَّهُمْ أَعْطَوْا حَسَبَ الطَّاقَةِ، أَنَا أَشْهَدُ، وَفَوْقَ الطَّاقَةِ، مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، مُلْتَمِسِينَ مِنَّا، بِطِلْبَةٍ كَثِيرَةٍ، أَنْ نَقْبَلَ النِّعْمَةَ وَشَرِكَةَ الْخِدْمَةِ الَّتِي لِلْقِدِّيسِينَ. وَلَيْسَ كَمَا رَجَوْنَا، بَلْ أَعْطَوْا أَنْفُسَهُمْ أَوَّلًا لِلرَّبِّ، وَلَنَا، بِمَشِيئَةِ اللهِ. هذَا وَإِنَّ مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ، وَمَنْ يَزْرَعُ بِالْبَرَكَاتِ فَبِالْبَرَكَاتِ أَيْضًا يَحْصُدُ.”

نظرا لان اللفظة “Logeia” يمكن ان تعني جمع ضرائب وإسهامات طوعية تُجمع في العبادة للأعمال الخيرية نفقد اظهر البعض ان اختيار بولس لهذه الكلمة غير المعتادة يتضمن نوعا من الضريبة المطلوبة، مشابهة لضريبة الاقتراع التي تدفع سنويا من قبل اليهود. ومع ذلك فان جميع كلمات بولس الأخرى للعطاء :” أعمال خيرية او احسان ” 1 كورن 4 :8 و 1 :9 {Eulogia} ثناء او بركة 2 كورن 5 :9 وتعليمه الواضح عن الموضوع { رومية 28 _25 : 15 و2 كورن 9 _8 }.

ينبغي على المسيحيين ان يعطوا مقدارا مطلوبا بل كما قرروا في قلوبهم { 2 كورن 7 :9 } وكما أنعشهم الله اقتصاديا { 1 كورن 2 :16 } ينبغي ان نتذكر أننا عبيد الله { رومية 16 :6 و 1كورن 27 :7 واف 6:6 و 1بط 16 :2 } وانه ليس نحن ولا ممتلكاتنا ملكا لنا كي نستخدمها كما نشاء { 1كورن 20 :6 لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيِ للهِ.} وأننا وكلاء ومسؤولون عن بضائع سيدنا { 1 بط 10 :4 } وأننا نحاسب في يوم ما عما فعلناه بهذه البضائع { روم 12 :14 } نموذجنا هو المسيح { 2 كورن 9 :8 } لذا لا ينبغي القيام بعطائنا عن كره او إلزام ولا هو محدد بعُشر سنوي بل بالأحرى لا بدّ القيام به بفرح ،وبحرية وبانتظام وبسخاء { 1 كور 2 _1 :16 2كورن 9 _6 :9 }.

ان الإنجيل المقدّس يحثنا على :

+ الحاجة إلى السخاء التلقائي {لوقا 4 :21 أع 30 _28 :11 و 2 كورن 7 ،3 _1 :8 و 10 _5 :9 واف 28 :4 و 1 تي 18 :6 وعب 13 :13 ويع 16 _15 :2 }.

+ استجابة لعطاء الله غير المحدود { 1 كورن 9 _8 :8 و 15 :9 و 1يو 17 :3 }.

+ الحاجة إلى القرار الفردي { 1 كورن 2 :16 و اع 29 :11 } بعيدا عن الضغط الخارجي { 2 كورن 8 :8 و 7 ،5 :9 }.

+ بركة العطاء { اع 35 :2 }.

+ نتيجة العطاء ككونه مجد الله او المسيح { 2 كورن 19 :8 و 13 _12 :9 }.

العشور في الكنيسة الأولى

يقول القديس ايريناوس، ان العشور قانون يهودي غير مفروض على المسيحيين، الذين يجب ان يعطوا دون اضطرار خارجي.

نظر اوريجانوس إلى العشور على أنها شيء يجب ان يتجاوزه المسيحيون إلى حد بعيد في عطائهم.

من المحتمل ان الكنيسة كانت قادرة على إعالة رعاتها، وشيوخها غير العطاء الطوعي { 1 كورن 11 _3 :9 و 1تي 18 _17 :5 } رغم ذلك كان يقدّم العُشر فيما بعد كوسيلة لإعالة الكنيسة في ضوء فقرات ونصوص مثل متى 10: 10 ومر 7 :10 و 1كورن 4 _3 :9 .

Follow Us