Articles Arabic

الرسول والأسلام المبكر .. أضاءة في الصميم

يوسف تيلجي

أستهلال

لا بد لنا أن نهتم بنظرية المعرفة / الإبيستيمولوجيا ، عندما نتعرض لهكذا موضوع أساسي وجوهري للرسول وبداية الأسلام المبكر كمعتقد ، ومن الضروري أيضا ، أن لا نسلم بما روي من أحاديث وما كتب من سرديات وما تداول من حكايات أو أساطير أو معجزات عنهما ، هذا الأمر بالمطلق ، فبالرغم من حساسية الموضوع فهو لم يكتب عنه الكثير ، وبما يستحق من أهتمام من الجانب العقلاني والحداثوي معا ، وفي هذا البحث المختصر سألقي أضاءة شخصية متواضعة في هذا الصدد

النص

المحور الأول / مصادر الأسلام

أن القارئ والمطلع ، سيقف مشدوها عن تشكيلة الأسلام كمعتقد ، لأن الأسلام كدين نهل من أكثر من مصدر ! ، وسوف نعرض بعضا منها ، دون الدخول في حيثيات الأمر / وللاستزادة يمكن الرجوع للمصادر ذات العلاقة

أن الأسلام أخذ من اليهودية بالأساس ، فيحدثنا موقع / مؤمنون بلا حدود ، بقلم الكاتب / معاذ بني عامر ، عن ماذا أخذ محمد عن اليهودية ؟ فقد عرض الكاتب عامر أطروحة ل ” أبراهام غايغر ” وفقاً لكتاب اليهودية والإسلام ، فبين مايلي ، بخصوص نهل الأسلام من اليهودية ( أن النصّ القرآني في مجمله اقتباسات عن الديانة اليهودية . والكتاب

في أصله أطروحة دكتوراه باللغة الألمانية حملت عنوان

 Was hat Mohammed aus dem judenthume aufgenommen ،

 ماذا أخذ محمد عن اليهودية؟  فـ “مهمتنا – على ما يقول غايغر – هي أن نثبت أنه كم كانت مرتبطة روح محمد ، نضاله وأهدافه ، مع عقل زمانه ودستور محيطه ، ومن ثم إثبات حقيقة أنه حتى إذا كنا حرمنا من جميع البراهين التي تظهر على نحو لا يمكن إنكاره أن اليهودية مصدرٌ للقرآن ، فإن التخمين بأن استعارة من اليهودية كانت قد حدثت لا تزال تمتلك احتمالية عظيمة .. )

بعض المصادر تبين ، أن الأسلام مسيحي المنهل والمصدر ، ولكنه أنشق عن المعتقد الأم / المسيحية ، فوفق موقع / الويكيبيديا – نقل بأختصار ، يتكلم عن أصل الأسلام بما يلي ( يرى بعض الباحثين غير المسلمين بأن الإسلام هو انشقاق عن النسطورية أو الآريوسية المسيحية .. ، ويربطون ذلك بزوجة محمد الأولى خديجة بنت خويلد/ المسيحية ، وقرابتها من القس ورقة بن نوفل ، أو ربطه بقس بن ساعدة – يذكر أحمد أمين أن أدباء العرب ذكروا أن ابن ساعدة كان نصرانيا وأنه أسقف كعبة نجران ، وآراء أخرى ترى بأن محمدًا تأثر بتلك الاتجاهات الدينية ولكنه لم يُنشِئ امتدادًا لها بل أنشأ دينًا جديدًا بالكامل ، وتعود بعض هذه النظريات إلى فترة مبكرة من التاريخ الإسلامي ، ففي العهد الأموي مثلاً كتب الراهب يوحنا الدمشقي مزاعم بأن الراهب بحيرى النسطوري قام بمساعدة محمد في كتابة القرآن نافيًا ألوهية مصدر النص القرآني ! )

ومصادر أخرى تبين أن الأسلام هو نسخة من المانوية ، وذلك لتطابق الكثير من المعتقدات الأساسية بينهما ، ففي موقع / موسوعة تاريخ أقباط مصر – بقلم المؤرخ عزت اندراوس ، كتب التالي ( فلقد شهدت بلاد العرب ومصر وسوريا وآسيا الصغري رواجا للديانة المانوية وانتشرت أفكارها انتشارا كاد يهدد المسيحية من القرن 3 الي القرن 13 الميلادي . لذلك عندما ظهر محمد في أواخر القرن السادس وبداية القرن السابع ، كانت المانوية معروفة لاكثر من 300 سنة . لذلك نجد في عقائد الاسلام صدى واضح لما زعمه مانى. ومن المشتركات الأساسية بين المعتقدين ، على سبيل المثال وليس الحصر التالي ” مانى ومحمد ظهر ملاك لهما كوحى ، مانى ومحمد هما خاتم الأنبياء والمرسلين ، مانى ومحمد أنبياء الهداية والحق ، مانى ومحمد بشارة المسيح بنبي يأتي من بعده ، مانى ومحمد والمحافظة على الصلاة والصوم والزكاة والسجود ، مانى ومحمد الوضوء والتيمم .. ” ) . ويمكن القول أن من أهم المشتركات بين الأسلام والمانوية ، هي مفردة  ” الفارقليط ” فقد جاء في / مدونة محمد الحجيري ، ما يلي ( أن أوجه للشبه ، وربما للخصومة أيضا ، بين المانوية والإسلام هو قول ماني بأنه هو : ” الفارقليط ” أو النبيّ الذي بشر به يسوع  ، ولقد رجّحت بأن هذه البشارة بنبيّ يأتي بعد المسيح قد وردت فعلاً في بعض الأناجيل على الأقل ، في إنجيل يوحنا ، وهو أحد الأناجيل الأربعة المشرعة من الكنيسة ، تَرِدُ هذه البشارة في أربعة مواقع ، تحت اسم ” المعزّي ” ، وهي الكلمة التي يبدو أنها قد وردت بأكثرَ من صيغةٍ حسب نسخ الترجمات القديمة أو الحديثة.. ) . وفي موقع أخر ( قال مانى ان المسيح لم يصلب لانه كان ذا طبيعة روحانية ، وقد أنكر مانى موت وعذاب المسيح على الصليب لانه كان فى اعتقاده أن المسيح روح كان يلبس جسدا ظاهرا وهميا – نقل بأختصار من موقع / المسيح ألهي ، للكاتب مايكل سعيد )

المحور الثاني / سيرة الرسول

لم يعرف عن رسول الأسلام أي سرديات الى أن جاء الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (95 هـ/714 : 158 ـ775 م ) وهو الخليفة العشرون من خلفاء الرسول – الخليفة العباسي الثاني ، حيث طلب المنصور من ” ابن إسحاق ” كتابة سيرة محمد رسول الأسلام ( 85 – 151 هجري ، 703م- 768م ) ، وهو مؤرخ من العصرين الأموي والعباسي . وكان جده يسار من سبي قرية عين التمر حين أفتتحها المسلمون في خلافة أبو بكر الصديق ، سنة 12 هـ ، وقد وجده خالد بن الوليد في “كنيسةعين التمر” من بين الغلمان الذين كانوا رهنا في يد كسرى فأخذه خالد بن الوليد إلى المدينة ..  والسؤال الذي يتبادر الى الذهن ماذا كان يفعل جد أبن أسحق في الكنيسة !! ، فهل كان كاتب سيرة رسول الأسلام مسيحيا !! أم كان يهوديا ! ، ويرى بعض المستشرقين إن مدى صحة الحقائق التأريخية لكتاب أبن أسحق قد يكون مشكوكا فيها لانقضاء ما يقارب 120 سنة بين وفاة الرسول محمد وبداية جمعه للروايات الشفهية وأيضا يشكك البعض في حيادية بعض المواضيع التي قد تكون غير منصفة لبني أمية لأن الكتاب كتب في عهد الخلفاء العباسيين والذين كان لهم خلافات مع من سبقهم من الأمويين.  ، علماً إن ابن إسحاق نفسه ذكر في مقدمة كتابه أن

” الله وحده عليم أي الروايات صحيحة

* السيرة النبوية لابن هشام أو سيرة ابن هشام/ كتاب في السيرة النبوية لمحمد رسول الإسلام ، ويعد من أهم كتب السيرة النبوية ومصادرها الرئيسية ، وهو كتاب لأبي محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري البصري المتوفي 218هـ ،  يرويه عن محمد بن إسحاق، وقد أجرى ابن هشام علي ابن إسحاق بعض التعديلات إضافةً وحذفًا ، حيث قام بتهذيبها ، وحذف ابن هشام كثيرًا من قصص الإسرائيليات ، والأشعار المنتحلة حتى عرفت السيرة باسم ابن هشام ، / المادة الأساسية نقلت من موقع الويكيبيديا مع أضافات الكاتب

 المثير للأنتباه الجملة التي وضعها أبن أسحق في بداية السيرة ، وهي ” الله وحده عليم أي الروايات صحيحة”. ، التي أراها أنها تنسف معظم من كل ما كتب ! ، ، علما أن أبن أسحق الذي كتب سيرة الرسول ، لم يعايش الرسول ! ولم يعايش أصحابه ! ولا حتى أصحاب أصحابه ! ، لأنه كتب السيرة بعد أكثر من 120 سنة من وفاة الرسول ! ، والأشكال أن أبن هشام الذي ألتزم سيرة أبن أسحق ، أنه ألتزم سيرة غير موثوقة وغير موثقة في الوقت نفسه ! وفي موقع / الملتقى الفقهي ، أنقل التالي حول عدم دقة سيرة أبن أسحق ( ويمكن اجمال عثرات إبن إسحاق في السيرة في النقاط الآتية :  الاسهاب في الرواية ، قلة الضبط و رواية الغرائب )

أن أبن أسحق متهم بأنه كذاب بشهادة كبار الفقهاء ، منهم مالك بن أنس وغيره ، فقد جاء في موقع / سحاب السلفية – بهذا الصدد .. التالي أنقله بأختصار ( روى مالك عن هشام بن عروة قوله : أشهد أنه كذاب عيون الأثر 1 \ 12. ) ، ( وقال الأثرم : سألت أبا عبد الله عن ابن إسحاق فقال : هو حسن الحديث ثم قال : قال مالك : وذكره ، فقال : دجال من الدجاجلة سير أعلام النبلاء 7 \ 38، تاريخ بغداد 1 \ 223، ميزان الاعتدال 3 \ 469.  ) ، ( ولم يكن يقدح  مالك في أبن أسحق من أجل الحديث إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي عن أولاد اليهود الذين أسلموا وحفظوا قصة خيبر وبني قريظة ) ، (وقال ابن المديني : سمعت يحيى يقول : قال إنسان للأعمش : إن ابن إسحاق حدثنا عن ابن الأسود ، عن أبيه بكذا وكذا ، فقال : كذب ابن إسحاق ، وكذب ابن الأسود ، حدثني عمارة بكذا وكذا سير أعلام النبلاء 7 \ 52. . )

من كل ما سبق ، أرى أن كل ما ورد وكل ما روي أو حدث عن الرسول ، نقلا عن أبن أسحق ومن بعده أبن هشام ، لا يمكن الرجوع أليه كمصدر أو وثيقة مؤكدة ، لأنها تقبل الشك وتحتمل الخطأ ، وأنها من أختراعات العصر العباسي ، الملئ بالمغالطات ! ، وبأعتراف الكتاب أنفسهم

المحور الثالث / أحاديث الرسول

ومن أشهر مصنّفات كتب الحديث النبوي هو صحيح البخاري / لمحمد بن أسماعيل البخاري المولود سنة 193 هجرية – 810 م ، وهو المعتمد عند أهل السنة والجماعة كمرجع مقدس بعد القرأن . وقد مكث البخاري في تصنيفه وترتيبه وتبويبه ستة عشر عامًا . قال البخاري في سبب تصنيفه للكتاب «كنت عند إسحاق ابن راهويه ، فقال : لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله . فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع هذا الكتاب »وقد جمع فيه البخاري حوالي 7593 حديثاً حسب عدّ محمد فؤاد عبد الباقي ، اختارها الإمام البخاري من بين ستمائة ألف حديث يحفظها .. / نقل بتصرف من موقعي نداء الأيمان والويكيبيديا

هذا الموضوع ليس صدد بحثنا المختصر ، ولكن ما وددت أن أضيف من أضاءة هي للفقرة التالية ( وقد جمع فيه البخاري حوالي 7593 حديثاً حسب عدّ محمد فؤاد عبد الباقي ، اختارها الإمام البخاري من بين ستمائة ألف حديث يحفظها / نقل من الأعلام – خير الدين الزركلي – طبعة دار العلم للملايين :  ج 6   ص 34  )

أن البخاري وقع أختياره أو أعتمد على 7593 حديثا من مجموع 600000 حديثا كان يحفظه ، وسؤالي هنا : هل من قرينة أو دليل أو وثيقة تؤكد أن ما أختاره البخاري من أحاديث للرسول هو المؤكد وهو الصحيح !! ، علما أن الرسول ولد عام 571 ميلادية والبخاري ولد سنة 810 ميلادية ، أي أن بين الأثنين فترة زمنية تقدر ب 240 عاما !! . فأنا أرى أن الأحاديث كلها غير مؤكدة وغير صحيحة وغير دقيقة ، ولا يمكن الركون أليها كمصدر لأحاديث وسنن الرسول / ويمكن الرجوع الى الكثير من المحاضرات واللقاءأت والكتابات ل : أسلام بحيري والمستشار أحمد عبدة ماهر ود . أحمد صبحي منصور وغيرهم ، الذين يؤكدون عدم صحة أحاديث البخاري .

القراءة

أولا – أن كل ما كتب عن الرسول والأسلام هي كتابات تفتقر الى الثبوت والصحة والتأكد ، وكما هو معلوم أن التأريخ / مصادر وقراءات وتدوينات وروايات ، لا يمكن الركون أليها دون أستخدام العقل ، لأن التاريخ يجب أن يكون ” نقلي وعقلي ” في الوقت نفسه ، وأن أي أهمال في هذين الركنين نكون قد جانبنا الصواب في معرفة حقيقة أي نص

ثانيا – أن الأسلام المبكر كان يفتقد الى كلمة مسلمين ! وذلك مثبت حتى في مسكوكاتهم ، وحتى أن معاوية بن أبي سفيان (41- 60هـ /  660- 680م) الذي ضرب النقد في دمشق ، وإلى ذلك يشير ابن خرداذبة الجغرافي المعروف في كتابه الموسوم ( المسالك والممالك ) الذي بدأ بتأليفه سنة (232 هجرية ـ- 846 ميلادية ) ، وكتب معاوية على مسكوكاته أمير المؤمنين وليس أمير المسلمين ، ويعتبر معاوية بن أبي سفيان أول من سك النقود الإسلامية ، وإلى ذلك أشار المؤرخ المشهور ( المقريزي )  في رسالته المعروفة بـ ( شذور العقود في ذكر النقود )  فيقول  “وضرب معاوية أيضًا دنانير عليها تمثال له متقلدًا سيفه”. / نقل بتصرف من موقع / الألوكة

وتعليقي لم كتب معاوية أمير المؤمنين وليس أمير المسلمين ، فهل المقصود ، كل المؤمنين / اليهود والمسيحيين والصابئة ، هذا تساؤل ! ألم تكن مفردة مسلمين معروفة في تلك الحقبة ، هذا من جانب ، ومن جانب أخر ، لم وضع معاوية في مسكوكاته تمثال ! علما أن التصوير محرم بالأسلام ، والدليل على ذلك ، التالي : النص الأول – روى البخاري ومسلم عن عائشة عن رسول الله ، أنه قال  «أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله ، » النص الثاني – روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن أن النبي ، قال: إن اصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، يقال لهم : أحيو ما خلقتم .. والتساؤل هنا هل كان معاوية بن أبي سفيان مسلما أم لا !! ، فأذا كان كذلك لم خالف حديث الرسول ! ، وهو الصحابي الجليل ! وأحد كتاب الوحي

خاتمة

أن كتابة التأريخ شأن معرفي ، أذا لم يرتكز على الموضوعية سيفقد كونه عملية حقيقية لتسجيل الحوادث والوقائع ، و سيصبح مجرد تدليس للحقائق ، وفي شأن متصل كتب السيد ياسين في موقع / الأهرام الألكتروني ، مقالا بعنوان ” كتابة التاريخ بين الذاتية والموضوعية ” ، أنقل منه الفقرة التالية ( فى هذه النشأة حدث تركيز على مطلب الموضوعية تحت تأثير مؤسس علم الاجتماع الفرنسى ” زإميل دوركايمس ” / وهو بالمناسبة الأستاذ الذى أشرف على رسالة « طه حسين » فى السوربون عن ابن خلدون ، والذى قرر فى عبارة قاطعة « على الباحث العلمى ــ حين يتصدى لمشكلة بحثية ــ أن يتخلى عن تحيزاته وأهوائه ، وعليه أن يدرس الظواهر الاجتماعية وكأنها أشياء».  ) .. وهنا يتبادر لي / شخصيا ، التساؤل التالي ، من كل ما كتب من روايات وأحداث وما نقل من أحاديث وسنن ووقائع عن الرسول والأسلام والمبكر معا ، هل كان الكتاب والناقلين والرواة يتسمون بالحيادية وبالمنطق ، وهل أتسموا بالحيادية ، وهل كان نقلهم للأحداث والوقائع والأخبار والسير و .. نقلا عقلانيا ! ، وهل أتبعوا الموضوعية والعلمية  في الكتابة ! ، فاذا كان الأمر غير ذلك فسنكون نحن أمام ما يسمى  ” حكاية من حكايات الحكواتي ” أيام زمان ، ولا بد لنا في هذا المقام أن نذكر دور وسلطة سيف الحاكم في كتابة التأريخ !! وسأختم البحث بجملة مرادفة لما قاله أبن أسحق في كتابه عن سيرة رسول الأسلام  : ” الله أعلم بالحقائق

Follow Us